مقالات عام 2007 - 102
متي أسلم ! كي يكون مرتدا ؟!(!)
هذه صفحات من كتاب " مذكرات مسلم " علها تبين لنا تلك الملهاة المأساة المسماة : ردة ، ومرتد . والفتل للمرتد
! :
* * * * *
(( صفحة 8 : لم أعلم بما حدث الا عندما منحونا استمارة التقدم لامتحان القبول ، لكي نملا بياناتها ونلحق بها عدة صور تمهيدا لامتحان نهاية المرحلة الابتدائية . ودخول المرحلة الاعدادية في حالة النجاح ..
فقد فوجئت وأنا أملأ الاستمارة بما لم أعرفه منذ التحقت بالمدرسة الابتدائية من ست سنوات مضت ، يوم اصطحبتني جدتي من يدي للمدرسة . لغياب والدي في السفر . و بيدها دوسيه به شهادة ميلادي . وبالطبع لم أكن أعرف بعد لا القراءة ولا الكتابة . ولم أطلع علي شهادة ميلادي . ولكن عندما أمسكت بتلك الشهادة للمرة الأولي وأنا في الصف السادس الابتدائي . وأجيد القراءة والكتابة وكان مطلوبا من كل تلميذ أن يكتب بياناته بالاستمارة سالفة الذكر من واقع شهادة الميلاد تماما وبالضبط - وتحت اشراف المدرس - يومها باطلاعي للمرة الأولي علي شهادة ميلادي عرفت أشياء لأول مرة أعرفها !
اتضح أن اسم " متولي " الذي كنت قد عرفت أنه اسم جد والدي غير مدون بها - ووجدته فيما بعد مدونا ببطاقة والدي العائلية – وانما اكتفي في شهادة ميلادي بتدوين اسم الجد الأكبر : أي جد جدي .. حيث هو اسم العائلة ، - ولعل السبب هو اختصار في الاسم والا سيكون طويلا جدا - وكذلك اكتشفت بأن اسمي أنا المدون بشهادة الميلاد مكون من كلمتين " صلاح الدين " وليست كلمة واحدة " صلاح " كما كان يكتب بالمدرسة وينادوني به طوال السنوات السابقة التي مضت ولا أدري لماذا ؟، وهو ما لم يكن يعرفه كل التلاميذ زملائي
الا أنني كنت مطالبا بأن أكتب اسمي بالضبط كما هو بشهادة الميلاد وليس كما كان يكتب بالمدرسة من قبل
وعرفت أيضا لأول مرة اسم الحارة التي ولدت بها بالقاهرة . حيث لم أولد بتلك القرية التي كنت أعيش بها مع الأسرة وأدرس بمدرستها . :" حارة البلاسي " - قسم الخليفة – والتي تركتها الأسرة انتقلت للعيش بالقرية . ولم أعرف أين تقع تلك الحارة بالضبط الا بعد 20 سنة بمحض الصدفة من زميل كان يعمل معي بالعراق . وقال لي انه من حي الخليفة بالقاهرة بالقرب من ناحية القلعة . بجوار مسجد و ضريح السيدة سكينة فعرفت منه موقع مسقط رأسي بالضبط .
ومن شهادة الميلاد أيضا وأنا في نهاية الدراسة الابتدائية عرفت لأول مرة اسم والدتي حيث كانوا ينادونها يا أم صلاح ، واحيانا كانت جدتي لأبي . وهي خالتها في نفس الوقت تناديها ب جميلة .. ولأول مرة أعرف بأن اسمها " جمالات " .
كل هذا الجديد الذي عرفته من شهادة ميلادي . عادي .. وكلها أمور بسيطة ومقدور علي مفاجآتها.. اسمي زاد كلمة .. ، اسم أمي زاد بعض الحروف أو ونقص بعض الحروف .. اسم جدي أبي ليس موجودا بالشهادة ..اسم الحارة التي ولدت بها عرفته بعد أن كان مجهولا لي . .. كل ذاك الذي وضعوه بشهادة ميلادي عادي ويمكنني احتماله ..
أما الشيء الذي دهشت له وظلت دهشتي منه تتعاظم مع مرور الأيام وخطورته علي تزداد أيضا دونما دخل لي .. فهو أنهم قد كتبوا بشهادة ميلادي وقتما كنت طفلا وليد لا أعرف اسمي ولا اسم أمي أو اسم أبي ولاأعرف شيئا مما حولي، ولا أعرف شيئا عن أية نظرية فلسفية أو سياسية أو عن أية عقيدة من العقائد الدينية أو مذهب من المذاهب ، ولا حتي أعرف أية كلمة من أمور الكلام كرضيع بالمهد – سوي كلمة واحدة فقط أقولها وأكررها ككل الأطفال الرضع كلما شعرت بالجوع أو العطش أو البرد أو الحر . هي كلمة : واء واء
ورغم ذلك فقد كتبوا لي يومها بشهادة ميلادي : الديانة مسلم ..(!) !
بينما أنا وقت ملء استمارة الامتحان وكان عمري 12 سنة لم أكن أعرف بعد الفرق بين المسلم السني وبين المسلم الشيعي وعرفتها فقط بالسنة الثانية من المرحلة الاعدادية بمادة التاريخ الاسلامي . ولكن وقت ملء الاستمارة وعمري 12 سنة لم أكن أعرف شيئا عن عن معتقدات الدنيا كلها التي اتضح لي فيما بعد أن الأديان الأخري تعد بالمئات ..! الا أنهم كتبوا لي بشهادة ميلادي وأنا وليد بالمهد : أن ديانتي : مسلم . !
ولم يكن أمامي وأنا أملأ الاستمارة سوي أن أنقل وأكتب ما هو مكتوب بشهادة الميلاد أي أن ديانتي وقتما ولدت هي : مسلم .. (!) .
* * * * *
صفحة 21 :
عام 1964
للمرة الثالثة أوقع علي استمارة وأملأ بها خانة لا علم لي بأغوار مضمونها سوي ما كتب بشهادة ميلادي وأنا وليد بالمهد . وهي أنني أعتنق الديانة الاسلامية . كان ذلك قبيل التقدم لامتحان السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية – وكنت قد وقعت علي استمارة مماثلة لها في السنة الأخيرة من المرحلة الاعدادية قببيل الأمتحان . ومعني توقيعي علي تلك الاستمارة كاتبا فيها : الديانة مسلم .. ، أنني أقر ضمنيا باعتناقي عقيدة دينية لا أعرف عنها ولا عن حيثياتها – لا هي ولا غيرها من الديانات – ولا عن أغوارها التي يختلف كبار الفقهاء حولها ويكفرون بعضهم البعض أحيانا بسبب اختلافهم حول تفاصيل وتفاسير هذه الديانة . فاذا بي وأنا طفل وليد يكتبون لي بشهادة ميلادي أنني أؤمن بتلك العقيدة وأعتنقها رسميا .. !
صوت المدرس كان يعلو فينا للتعجيل بملء الاستمارة والنقل نقلا مضبوطا ما هو مكتوب بشهادة الميلاد والتوقيع في نهاية الاستمارة علي صحة البيانات .
علي أية حال وقت توقيعي علي تلك الاستمارة المدون بها كذبا أنني أدين بدين لا أعرف شيئا عن تفاصيله وفقهه وعلومه وتفاسيره اسمه " الاسلام " كان عمري أقل من 21 سنة .
• * * *
صفحة 21 :
في 20/2/1968 التحقت بوظيفة للمرة الأولي وملأت استمارة الالتحاق ووجدت بها أيضا خانة للديانة وكان واجبا علي أن أملأها ولا أدري ما الذي كان يمكن أن يحدث لي ومعي لو أنني كنت قد كتبت ما خطر ببالي ساعتها . أمام خانة الديانة /// ( لا يوجد حاليا لحين دراسة الديانة واعتناقها عن فهم وقناعة ) ولكنني فكرت في كيف سيكون رد فعل المسئولين علي فعلتي تلك؟ وكيف سيكون رد فعل زملائي من المتقدمين للوظيفة ؟ وهل كان من الممكن أن يقبلوني موظفا ..- كان ترتيبي الثالث في المسابقة علي الوظيفة من تعداد المتقدمين 600 ستمائة طالب - ؟ وهل لو تجاوزا عن مسألة كتابتي " لا يوجد حاليا " أمام خانة الديانة أفلن تبقي تلك مرتكزا للسخرية والضحك مني طوال تعاملي مع الجميع ؟ والتعليق الدائم ، وتوجيه الأسئلة المحرجة لي مثل : كيف يكون الانسان بلا دين ؟! ، وهل يؤتمن الي من لا دين له أو يوثق فيه ؟! وغير ذلك كثير من التقريعات والتوبيخات والنكات.. هذا لو .. تجاوز المسئولون بهذه الوظيفة عن موضوع عدم ذكر عقيدة دينية لي باستمارة التوظيف . مالم يقوموا بالغاء توظيفي نهائيا وهو الاحتمال الأرجح ، ما لم يكن الأكيد ..
علي أية حال كان لزاما علي أن أملأ خانة الديانة بالاستمارة كي لا أدخل نفسي في جدل لا وقت له وسيضربني في صميم حياتي .. .. وقعت علي الاستمارة بما فيها مما يعني ضمنيا أنني أؤمن وأعتنق عقيدة دينية لا أفهم أصولها ولا زلت أبحث وأقرأ للتأكد من صحتها ولم أتأكد بعد ، ولم يكن أحد من زملائي المتقدمين للوظيفة يعرف شيئا أكثر مني أو علي دراية زائدة عن درايتي بعقيدة دينية اعترف وأقر باعتناقه لها باستمارة التوظيف . بل حالهم جميعا مثل حالي ..!
* * * *
صفحة 22 :
استلمت الوظيفة . ووجدت أن الشهور تمضي وعمري يقترب من ال21 عاما – سن الرشد – سن تحمل المسئولية القانونية ..
لذا رأيت أنه من الواجب علي خاصة بعدما توظفت وأصبح بمقدوري شراء كتب علي نفقتي الخاصة حيث حصلت علي استقلالي الاقتصادي . وباستطاعتي أن أحضر ندوات ثقافية وأنهل من الثقافة ، وأتنزه بين العلوم والآداب والفنون بكامل الحرية .. فلا شيء يشغلني بعد انتهاء عملي . ورأيت أنه بالاضافة الي القراءة في الشعر والأدب - الهواية التي تشدني – فان علي أن أسعي لفهم العقيدة الدينية المكتوبة لي بشهادة ميلادي وببطاقتي الشخصية . تلك العقيدة الدينية التي أقررت ووقعت مرات عديدة علي اعتناقي لها – بالمرحلة الابتدائية ، والاعدادية والثانوية ، واستمارة البطاقة الشخصية ، واستمارة الوظيفة - دونما المام أو معرفة كافية بتلك العقيدة . مما يعد تزويرا بأوراق رسمية سواء مني أو، وممن كتبوا بشهادة ميلادي أنني مسلم ! ، وخاصة من طبع علي شهادة ميلادي خاتم شعار الدولة .! تصديقا منه علي أن الطفل الوليد " صلاح الدين محسن " الذي عمره يمان فقط . يعتنق الديانة الاسلامية ..(!) - وكذلك اشترك في التزوير كل من وقعوا باعتماد والتصديق علي كل استمارة وقعت أنا عليها قبل بلوغي سن الرشد وفيها خانة تقول بأنني أعتنق ديانة فقهاؤها ومفسروا كتابها لديهم من الاختلافات حول تلك الديانة أكثر مما لديهم من الاتفاق، وتلك الديانة منذ بدايانها انشقت علي نفسها الي مذهبين – سنة وشيعة – وكل مذهب منهما يعتبر الآخر كافرا في العلن تارات وفي السر باستمرار ..! - !
ومن هنا رحت أشتري الكتب وأقرأ لعبد الرزاق نوفل - أحد نجوم التأليف الاسلامي في ذاك الوقت -، والدكتور أحمد شلبي ، والدكتور مصطفي محمود ، و الشيخ محمود شلتوت –شيخ الأزهر في ذلك الوقت - ، وللشيخ الغزالي ، وللشيخ الباقوري وغيرهم كثيرين . ومضيت أناقش في قضايا الدين كل من ألمس فيه ثقافة دينية أو مجرد رغبة في مناقشة قضايا ذاك الدين – الذي كتبوا لي وأنا في المهد ، أنني أعتنقه وأعتقد فيه : مسلم ! - .
* * * *
صفحة 34
عام 1971 : أخيرا وصلني خطاب من القوي العاملة لتوظيفي عن طريقها وكنت قد توظفت عن طريق مسابقة – كما قلت من قبل - ، وصلني الخطاب بعد 4 سنوات وأنا أعمل بالريف موظفا . لحين توظفي عن طريق القوي العاملة حتي أتمكن من الانتقال للعمل بالقاهرة حيث تقيم الأسرة .
سافرت من القرية التي أعمل بها الي القاهرة لمبني الوزارة التي عينت بها . فقدموا لي بعض الاستمارات لملئها ، رحت أتأمل البيانات . من اسم وعنوان و.. و... حتي وصلت الي خانة : الديانة ..!
الآن مطلوب مني تحديد كتابة الديانة والتوقيع أسفل الاستمارة ، والاقرار بصحة البيانات، وعلي مسئوليتي..وها أنا قد بلغت سن الرشد ، والاستمارات السابقة التي وقعت عليها من قبل كان عمري أقل من 21 سنة . اي لم أكن قد بلغت سن الرشد..!
توقفت ودار بذهني بسرعة أسئلة كثيرة . منها : ما هي علاقة الديانة بقدرة وكفاءة الموظف أو عدم كفاءته ؟! وهل الأجر حسب الديانة ؟!وهل المسلم أكفأ من الهندوسي أو البوذي أو المسيحي أو الشيوعي اللاديني ؟ لماذا تكتب الديانة بشهادة الميلاد ؟!
ولماذا نكتب الديانة بعد شهادة الميلاد باستمارات الامتحان واستمارات استخراج الهوية واستمارات التوظيف ؟!
وقلت لنفسي :أنا لا زلت أبحث في الدين وعمري 23 سنة ولم أتوصل لشيء بعد.. حيث أقرأ في الدينواناقش بعمق ، وبدأت أقرأ في الديانات الأخري وأقارن بينها حتي اذا استقريت وكتبت اسم ديانتي في استمارة ما . كتبتها عن قناعة و صدق مع نفسي ومع الناس ..
وبينما أنا بتلك الحالة من التفكير والشرود ، أفقت من حيرتي و تساؤلاتي علي صوت الموظف المسئول يستعجلني :
- ايه يا أستاذ ؟! كل ده بتملي في الاستمارة يا أستاذ ؟!!
- ومرة أخري وجدت نفسي مضطرا اضطرارا ، لأحد أمرين : اما أملأ الاستمارة حسب ما هو مكتولب ببطاقتي الشخصية التي كتبت بناء علي شهادة ميلادي التي تقول كذبا وافتراء بأنني عندما كنت وليدا في المهد كنت أعتنق الديانة الاسلامية ..(!) .
- اما هذا .. واما أن يلغي توظيفي اذا تركت خانة الديانة فارغا لحين وصولي لقناعة بدين معين وكتابته ببطاقتي الشخصية – - ..
- مرة أخري صاح فيا الموظف المختص مستعجلا كتابة الاستمارات ، فاضطررت لملئها حسب ما هو مكتوب في بطاقتي كذبا .. خوفا من ضياع وظيفة انتظرتها طوال 4 سنوات .
- * * * * *
- صفحة 61 :62 :
- تحت عنوان : الغفلة والاستغفال . جاء بالكتاب :
في حديث مع أحد السوريين تعارفنا ، علي المقهي بالصدفة بوسط القاهرة -1994 – علمنا منه أن في سوريا لا يكتبون الديانة بالهوية – البطاقة - ..
أحد الجالسين : معظم الدول المتحضرة والراغبة ولو في قدر يسير من التحضر . هكذا تفعل .
شخص آخر : لا ضرر من كتابة الديانة بالبطاقة ..
ثالث : الدين عقيدة بالقلب لا أحد يعرف وجودها من عدمه ..ولا أحد يعرف صدق مدعيها من كذبه .ز ولذلك لا تكتب بالبطاقة وانما تكتب بالقلوب . ان كانت موجودة بها ..
- ولكن الاسلام دين الفطرة .
- - كيف ؟!
- الانسان يولد مسلما
- - ( يضحك باندهاش ) يولد مسلما ؟!! كيف ؟!!
- - معني ذلك أنك كمسلم لو تركت أولادك دونما تعلم أركان وشعائر الاسلام حتي يبلغون سن الرشد .. فهل ستجدهم ينطقون الشهادة، ويصلون ويصومون لحالهم ويتبعون باقي التعاليم من تلقاء أنفسهم بالفطرة ، لأنه دين الفطرة ؟!!
- - ( زاغ ببصره وراغ ، وتلعثم )
- - ( يضحك وهو يقول ) : والله منطق دين الفطرة هذا منطق فيه تغفيل وتدجيل
- = من حق الانسان أن يدافع عن دينه ولكن ليس من صالح أي دين أن يستغفل الناس أو يرهبهم لكي يربطهم به كما الدواب بالحظائر..!
- * * * *
- بصفحة 63 تحت عوان " دائرة الخطر "
- 15 /7 /2007 : اليوم تأكد لي الفأل غير الحسن الذي سبق أن تنبأ لي به كاتب وصحفي مرموق – الراحل الكبير صلاح حافظ – في مقاله الأسبوعي باحدي أكبر الصحف المصرية بوصفه لي انني كاتب ومفكر – أخبار اليوم 7/7/1990، - من خلال مداخلة لي وردي علي أديب كبير معروف " وبذلك يكون قد كرر ما قاله رئيس تحرير احدي المجلات العلمية الثقافية - الفصلية -. وهو عالم مرموق في تخصصه . عندما افتتح حواراه حول كتاب من تأليفي " الزمن والمكان " -1984- مرحبا وقائلا ": أهلا يا سيدي المفكر الجريء " ، وكذلك الأديب والكاتب المصري العملاق - ملك القصة القصيرة باللغة العربية . كما كان يلقب . الذي ترك مساحته بجريدة الأهرام لنشر مقال أرسلته له 12-6-1989، وقدمه قائلا .انه قد اختاره من مقالات ورسائل كثيرة وصلته ليس من قراء وحسب وانما من سياسيين ومسئولين حاليين وسابقين .. ! كل هذا جعلني أشعر بالخوف ، واحسسني بالاقتراب من دائرة ا خطر الاقتراب من أن أكون مفكرا فعلا أو كاتبا صاحب رأي ..
- أما اليوم فقد تأكدت بأنني قد أصبحت فعلا بداخل دائرة الخطر . اذ نشرت لي احدي أرقي المجلات الثقافية التي تصدر بالعربية بمصر مقالا يتصدي لقضية تاريخية هامة وحساسة للغاية .. وقالت المجلة في تقديمها للمقال ، انها اختارته من عشرات المقالات ، ونشر لي مقال سياسي هام – مقرونا بصورة شخصية لي . بأهم صفحات ثاني أكبر صحف الدولة .. وهنا احسست بالخوف الحقيقي ، وبات واضحا أنني قد دخلت دائرة الخطر دون أن ادري وأنني أمارس دون ان أنتبه وبدون احتراف . دور المفكر . يا للهول . انها كارثة حقا . فمعني ذلك أنني من الممكن أن أثور مثل ثورات بعض االمفكرين وأتمرد تمردهم واخرج خروجهم بجديد - صح أو لم يصح – من الفكر والرأي يخالف العقيدة السياسية التي تدين بها الدولة ، أو العقيدة الاقتصادية . وربما العقيدة الدينية التي يدين بها أغلب أهل وطني .. فهكذا حال مفكرين كثيرين وهنا تكون كارثة علي . واخاصة ان كان صدامي مع العقيدة الدينية . اذ سأواجه تهمة الردة وعقوبتها القتل .. ! وحينها ماذا أفعل ؟!
- انني لم أوقع عقدا مع أحد – لا موثقا ولا عرفيا - باعتناقي عقيدة دينية ..
- لا يوجد أي مستند رسمي أو عرفي أحاسب بموجبه علي اعتناقي عقيدة دينية ما سوي شهادة الميلاد التي حرروها وأنا طفل رضيع ولا يوجد بطلب استخراج تلك الشهادة أي توقيع لي . وكافة المستندات الأخري المكتوب بها انتمائي لعقيدة دينية معينة بنيت علي ما كتب بشهادة ميلادي التي ليس لي توقيع عليها و ولم يكن لي اختيار سوي الالتزام بما فيها من كذب وتزوير يقول أن طفلا رضيعا . له عقيدة دينية يؤمن بها واسمها مكتوب : الاسلام ..!
- فتري : ما مدي دستورية وقانونية أن يكتب لي شيئا هكذا بشهادة ميلادي وأنا حينئذ لم أكن أعرف شيئا بعد من أمور الدنيا وعقائدها المتطاحنة مع بعضها ؟!
=======
ما سيق هو مقتطفات من كتاب " مذكرات مسلم " لكاتب المقال
المطبوع عام1998 بالقاهرة
رقم الايداع بدار المحفوظات : 97770/98
=====
الحوار المتمدن 2007 / 9 / 8
تعليقات
إرسال تعليق