مقالات عام 2007 - 127


عبد الناصر في نقابة المحامين .. وغيرها !



كان عبد الناصر خطيبا بارعا من أصحاب الحناجر
والانسان ليس حنجرة فقط . ولا قدرة علي الخطابة وشد الناس اليه وجرهم خلفه فقط ..
وانما بالاضافة الي ذلك والأهم من ذلك ان يكون عنده فكر سديد وراي رشيد وحكمة من دروس لسابقين والحاليين
شاهدت - فيديو – علي الانترنت لحفل افطار نقابة المحامين المصريين .
وللمرة الثانية أستمع لنقيب المحامين الاستاذ سامح عاشور
كانت المرة الاولي . عقب فوزه لأول مرة برئاسة النقابة . وكان حفل نقله التليفزيون . ويومها خطب خطبة كانت روح عبد الناصر تتقمصه فيها تماما فلم يتكلم كلمة واحدة – أو يكاد – عما سيفعله للمحامين الذين انتخبوه رئيسا لنقابة مهنية وليس زعيما للأمة لعربية الواحدة من الخليج للمحيط!! فتكلم كلاما كبيرا من ذاك الذي كان يكلمنا عنه عبد الناصر .. وهو يتمتع بحنجرة وموهبة خطابية كعبد الناصر . وتكلم عن فلسطين وتحريرها كلاما لم يرق لعلوه الشاهق " ياسرعرفات " نفسه . وللم يبلغ قدر مغالاته لا عبد العزيز الرنتيسي ولا خالد مشعل ولا غيرهما من قيادات حماس – الفلسطسنية ..!! بينما هو يتكلم بمناسبة نتيجة اختيار نقيب للمحامين المصريين الذي فاز هو فيه ..!
كانت تلك هي المرة الأولي التي أستمع فيها اليه ..
أما المرة الثانية فهي منذ أيام في شهر رمضان وعلي مائدة افطار نظمتها نقابة المحامين . ودعت اليها بعض الصحفيين . وعلي المائدة . أثار الصحفيون أزمة المحبوسين منهم بالجملة وكيف أن مقدمي البلاغات لحبسهم هم محامون ! اي أنه ليسوا فقهاء الجهل والظلام وحسب الذين يحاربون حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وانما محامون أيضا ! . كما أثيرت قضية التمييز الطائفي وخطورته علي الوحدة الوطنية
فسمعت نقيب المحامين يتكلم للمرة الثانية .. فماذا قال :
نفس ما قاله أول مرة .. وزاد .. مما خيل الي أن الرجل كان قد نام عقب ومنذ آخر خطاب لعبد الناصر .. واستيقظ فجأة منذ أيام ووقف ليتحدث بنقابة المحامين ورأسه لا يحمل سوي ما نام عليه منذ ما يقرب من 40 عاما بعد آخر خطاب ألقاه عبد الناصر وما حفظه من خطبه السابقة !
ما قاله معناه يحمل تكرارا لتفكير عبد الناصر . من أن الدنيا كلها بل وبعض دول معادية موجودة بكواكب الزهرة والمريخ وكوكب عطارد . جميعها تتآمر علي مصر والأمة العربية . ويجب أن يكون كلامنا عن المعركة والقضية !! ويحمل معني شعارات عصر عبد الناصر وتفكيره : : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وما تقول ايه اديتنا مصر وقول حندي ايه لمصر ؟؟!! واحنا ما بينا وبينك تار يا استعمار .
وكأن شعب مصر لا يزال لديه ثمة شيء يعطيه بعد ..!!
وكأن هناك معركة لمصر أبدي أو أولي أو أكثر الحاحا من معركتها الداخلية ضد السرقة والنهب والفساد والفقر والتعذيب والقهر والمعتقلات والاغتصاب ...!!!
وكأن مصر وشعبها بحالتها وحالته الراهنة يمكنهما دخول معركة خارجية بلا نكسة أخري لن يكون لها مثيلا أو شبيها بين النكسات !!
وللأمانة . ولشدة سؤ حظ مصر . أن نقيب المحامين ليس حالة فردية في مصر ولم نكتب هذا المقال لأجل رجل واحد حتي ولو كان نقيبا لمن يدافعون عن العدالة وحقوق الناس .. كلا ..
بل همو نموذج من ظاهرة يكن تسميتها : " أصحاب الحناجر الذهبية .." تلك المواهب الخطابية . فرسان القول والكلام والحديث .
فمنذ أيام أيضا شاهدت لقاء تليفزيونيا يقدمه الاعلامي " مفيد فوزي " مع الدكتور مصطفي الفقي . وهو نجم من نجوم الحناجر الذهبية ونجم من نجوم مؤسسة الرئاسة والبرلمان .. ورجل قادر علي وضع قدم مع السلطة وحزبها الحاكم الظالم - وشدة القرب من السلطان الجائر– وقدم آخر في الفكر والثقافة وسط كبار المفكرين وكبار المثقفين !
سأله مقدم البرنامج عن رأيه في الرئيس مبارك .. فقال فيه كلاما رومانسيا . لم يقل مثله نزار قباني أو قيس ولا جميل بن معمر ..! ويعلق علي مثل ذاك الكلام أحد القراء متسائلا :
-الراسل: عجبي
لما كل الصفات الحلوة دي في الرئيس لية حال مصر مايل لية ربع قرن
وأركان الكارثة تكتمل . عندما يجمع أصحاب الحناجر الذهبية موهبة الخطابة والكلام والشخصية المسيطرة مع : العنترية والديكتاتورية . والأحلام الشخصية في انشاء امبراطورية . .. كما كان حال عبد الناصر
وعبد الناصر كواحد من أبرز أصحاب الحناجر الذهبية والكلام والخطب العنترية . لم يبتلي مصر فقط بحروب متتالية وحسب .. كلا بل ابتلاها بما هو أسؤ من حروبه الخارجية وعنترياته المهلكة :
فقد قام بتسليم مصر لمن يسلمها لحسني مبارك // من ضابط الي ضابط الي ضابط // !. فأكمل مبارك مسيرة الحروب الخارجية المدمرة بحروب داخلية امتدت 26 عاما متواصلة فاتت علي مصر وشعبها . مصر بأكملها – الأخضر واليابس -.
وأصحاب الحناجر الذهبية في مصر كثيرون .. فتجدهم في السياسة وفي الثقافة وفي الاقتصاد .// وفي المؤسسات الدينية أيضا // !!
ألا يكفي أصحاب الحناجر الذهبية الرنين . ما لحق بمصر من جراء حروب الخارج وحروب الداخل علي أيدي الضباط ؟؟!!
ان سيناء أضاعتها حروب الضباط مرتان وعادت في الأولي بتنازلات فادحة . وعادت في المرة لثانية بدماء وأرواح وشروط بالغة الاهانة ..
ولو ضاعت سيناء مرة ثالثة في حرب أخري .. فلن تعود الي الأبد ..!
ومن جراء حروب الداخل : شباب مصر عاطل عن العمل وبناتها أدركتهن بارومة العنوسة . وعمالها يصيحون في مصانع مدينة المحلة " موش لاقيين العيش الحاف " !
وهؤلاء .. – أصحاب الحناجر الذهبية الرنين – هم الأقدر علي شق الصفوف نحو كراسي القيادات واعتلائها ..
فماذا لو ستطاع أحد الحناجر الذهبية الرنين . شق طريقه حتي مقعد رئاسة الدولة ؟!
وهل لا تزال الأقدار تخبيء لمصر اناسا من عينة عبد الناصر ومبارك ومن كان بينهما ؟!
رحماك أيتها الأقدار .. رحماك بمصر وبشعبها . فقد فاض بهم الكيل ...
رحماك أيتها الأقدار .
***الحوار المتمدن 2007 / 10 / 22

تعليقات