مقالات عام 2007 - 157
العمال المصريون في اسرائيل
شاهدت حلقة برنامج " القاهرة اليوم " عن المصريين العاملين في اسرائيل .. وهذه انطباعات سريعة :
1 -أعتقد في أنه لم يذهب عامل مصري واحد للعمل في اسرائيل الا بعد أن زارها رئيس الجمهورية بنفسه وعقد معها معاهدة سلام واتفاقية تطبيع علاقات وكان معه سياسيون وصحفيون ومفكرون ووزراء ورجال أعمال ..
2 - لم يذهب عامل مصري واحد للعمل باسرائيل الا بعد أن فتحت الحكومة المصرية سفارة لاسرائيل في مصر وصار اثنان من رؤساء مصر وليس رئيسا واحدا يستقبلون الرؤساء والمسئولين الاسرائليين .. الرئيس اسابق – السادات - والرئيس الحالي – مبارك - الذي ذهب لآداء واجب العزاء في رئيس وزراء اسرائيلي مات . ويلتقي من حين لآخر برؤساء ومسئولين اسرائيل ..
3 – لم يذهب عامل مصري واحد للعمل باسرائيل الا بعد أن صار هناك رجال أعمال مصريون كبار يتبادلون الأشغال مع اسرائيل يصدرون ويستوردون ..
4 – لم يذهب عامل مصري فقير للعمل باسرائيل الا بعد أن أصبح بمصر الآن اسرائيليون يفتتحون مشاريعا كبري بالمناطق الصناعية بالمدن الجديدة ...
5 – لم يذهب عامل مصري فقير عاطل لايجد عمل بمصر ولا يجد فرصة عمل بالسعودية أو الخليج . لم يذهب للعمل باسرائيل الا بعد عودة العلاقات وصارت مصر تفتح أبوابها لآلاف السياح الاسرائليين يزورون مصر ويعودون بأمان . بعد أن يستقبلهم ويقوم علي خدمتهم - والانتفاع منهم - عمال مصريون بالجوازات والمطاعم والفنادق ودور السبنما والملاهي والآثار ومحلات السوبر ماركت والتاكسيات ..الخ .
6 – أظن أن الأستاذ مقدم البرنامج - عمرو اديب ، وزميله أحمد – كانت الأسئلة التي وجهاها لبعض العاملين باسرائيل . أقرب الي استجوابات بوليسية وكلها سخرية واستنكار وتقريع وتوبيخ ..أسئلة خالية من الحيادية الاعلامية الواجبة لأجل الحصول علي المعلومة أو الراي من ضيف البرنامج دون ممارسة دور بوليسي تحقيقي أو لوم وتوبيخ واهانة ..!
7– هل يجرؤ مقدما البرنامج توجيه مثل تلك تلك الأسئلة المشحونة ايذاء ولوم وتجريح للرئيس مبارك المسئول الأول بالدولة عن وجود علاقات مع اسرائيل تفتح الباب للشباب للسفر والعمل والعيش بمنتهي الشرعية ؟!
8 – هل يجرؤ المذيعان – مقدما البرنامج – علي توجيه تلك الأسئلة وممارسة تلك الطريقة المؤذية البوليسية في الحوار . مع أحد الأدباء والمفكرين المرموقين المؤيدين للتطبيع – معروفون بالاسم - بعد استضافته بالبرنامج وبنفس الطريقة التي آذي بها عمال فقراء شباب مساكين بسطاء سدت في وجوههم كل ابواب الرزق في مصر ؟! بل كان الأستاذ علي سالم موجودا أما م وبجانب المذيعين مقدمي البرنامج . وقال انه زار اسرائيل عشر مرات .. فهل جرؤ المذيعان علي استجوابه واحراجه وتوبيخه ومساءلته بتلك القسوة التي مارسها علي العمال البسطاء الفقراء العاملين في اسرائيل الذين استسهل المذيعان أن يستأسدان عليهم دون الكبار ! ؟!!
9 - هل استضاف المذيعان مقدما البرنامج أحد كبار المستثمرين ورجال الأعمال المصريين الذين يتبادلون الأعمال والسلع مع اسرائيل وحاوراهم بتلك الطريقة موبخين مقرعين مستهزئين محرجين له ؟؟! قائلين له كما قالا للعمال الفقراء المساكين : ما شعورك عندما ؟! .. وما شعورك عندما ؟! وما شعورك عندما ..! الي آخر ما مارسه المذيعان علي العاملين المصريين البسطاء من اساءة واهانة وتقريص وايذاء ؟!
10 - هل المقارنة التي أجراها بلال فضل الكاتب والصحفي . وساوي فيها بين الداعرة التي تبرر عملها بظروف واجهتها .. وبين مبررات الظروف التي دفعت عمال مصريين للذهاب والعمل باسرائيل ..؟! هل كان هناك وجه للمقارنة بين عمل ودعارة الا أن تخرج تلك المقارنة من متشنج أصولي ارهابي مشحون بكراهية ودينية لاتنفذ وعداء عقائدي لايزول الابقيام القيامة !!!
11 – العامل الذي قام بتهريب أولاده كيدا في زوجته اليهودية.. برر اللواء مساعد وزير الداخلية فعلة ذاك العامل بأنه حصل علي تصريح رسمي مسبق للأولاد بزيارة الأهل في مصر- وبذلك لا يكون تهريبا !!- هههههههه ( اسمحوا لنا بأن نضحك ..! وهل عاد الاولاد بعد انتهاء الزيارة ؟ أم أن الزيارة لن تنتهي ؟! طبعا لم يعد الأولاد ولذلك حدثت المشكلة لأن العامل لم يرسل أولاده بنية الزياة وانما بنية التهريب للكيد من الأم بدون ذنب للأطفال!.. ! اذن استخراجه لتصريح زيارة كان تحايلا لتهريب الأولاد وانتزاعهم من أمهم وتلك جريمة انسانية بشعة – حرمان أم من أطفالها ولو كانت نمرة متوحشة .. . ما لم يكن القانون يجرمها .. لماذا نحيد عن الحق ؟!
12 – لم يتصل بالبرنامج أحد من رجال الاعمال الكبار المعارضين للتطبيع مع اسرائيل . أو ممن يؤيدن التطبيع ليعلن عن تقديمه عدد من عقود العمل لهؤلاء العمال بمرتب شهري مجزي . لنري رد هؤلاء العمال . ولم يتصل أحد من كبار المستثمرين المعارضين للتطبيع مع اسرائيل ليعرض عقود عمل جاهزة لهؤلاء العمال مساهمة منه في مساعدتهم علي العودة لمصر والعمل بها بدلا من العمل باسرائيل . لم يحدث ذلك !
ولم يعلن المذيع علي العاملين المصريين وعلي المشاهدين عن وصول 5 عقود عمل بمبلغ 2000 ألفي جينها شهريا من أحد رجال الأعمال - مثلا - مقدمه لهؤلاء العمال المصريين الخمسة – أو الأربعة – باسرائيل . ومدة العقد عامان قابلة للتجديد . ويعرض الموضوع علي الهواء علي هؤلاء العمال لنري ردهم . لا شيء من هذا حدث !
كلا كلا لم يعرض احد حل مشكلة العمل لهؤلاء المصريين تلك المشكلة التي تمشكلت بعد أن مشكلها ويمشكلها من لا يحلون مشاكل شباب مصر العاطلين والمتعبين الضائعين ويلقون باللوم عليهم ويحرمون عليهم ما حلله قادة البلاد ! -.. بل يريد المذيعان فقط محاكمتهم وتوبيخهم واتهامهم ضمنيا من لهجة الحوار بالخيانة والعمالة والنذالة و.. و.. – بينما هم عمال بسطاء فقراء لم يخط واحد منهم خطوة واحدة للذهاب لاسرائيل – كما قلنا - الا وراء اثنين من رؤساء مصر ووزراء خارجية وبتأشيرة من سفارة اسرائيلية موجودة في مصر تعترف بها الحكومة ورؤساء وزاراء وكبار من المفكرين والادباء ! . وكلام المذيعين يفهم منه مطالبة العمال بالعودة للمجهول في مصر ! حيث لا يضمن لهم المذيعان مصدر رزق ولا يملكان لهم فرصة عمل بدولة عربية – والمذيعان يسألونهم باستنكار " لماذا لم تذهبوا للعمل بدولة عربية كالسعودية أو الكويت ؟! "
وكأن فرص العمل بالدول العربية أو غير العربية معروضة علي الرصيف كما الخبز لكل من يريد ! – بل الخبز نفسه لم يعد يحصل عليه بسطاء المصريين عامة الشعب الا بالمشقة والهوان . – مذيعون لا ينتمون للتاس الشبعانة ولا دراية لهم بجوع الملايين من الشباب العاطل . ويتكلمون علي طريقة ملكة فرنسا عندما تظاهر الشعب لفقدان الخبز فسألت بسذاجة من لا يدري شيئا عن الشعب : ولماذا لا يأكلون بسكويتأو الجاتوه ما داموا لا يجدون الخبز؟؟!!
13 - – هلا استضاف السيد عمرو أديب وزميله المذيع بعض زملائهما الاعلاميين الذين ذهبوا مع الرئيس السادات في زيارته لاسرائيل لتغطية الحدث وكذلك زملائهما الاعلاميين الذين ذهبوا مع الرئيس مبارك لاسرائيل لتغطية عزائه في رئيس وزراء اسرائيلي سابق . وسأل زملائه الاعلاميين نفس الأسئلة القارصة الواخزة التي وجهها للعمال البسطاء الغلابة وكأنه يتهمهم وحدهم بالخيانة للوطن لأنهم سافروا لاسرائيل للعمل سعيا وراء الرزق المسدودة أغلب أبوابه في مصر في وجوه أبنائها ؟!
14 – ما يدعو للعجب حقا هو أن كل من المذيعين معا – عمرو ، أحمد – راحا يسألان العمال المصريين الذين يشتغلون باسرائيل عن محل اقامتهم في مصر بالتفصيل مع الاصرار والالحاح ! ولا ادري هل تلك دعوة تحريضية منهم للغوغاء ..؟! أم أنهما يفتقران معا لحد ادني من الوعي يساعدهما علي الانتباه الي أن ذكر عنوان أحدهما قد يكون له رد فعل غوغائي ؟! كما لا ادري لماذا لا يعرف الكثيرون من المذيعين المصريين الفرق بين المذيع والمحقق الأمني أو الشرطي ؟! هل يرجع ذلك لأصولهم المهنية – كانوا ضباط شرطة أو ضباط أمن ؟ أم ماذا؟!
15 – هلا استضاف السيد عمرو أديب وزير الخارجية المصري الذي زار اسرائيل وصلي بالمسجد الأقصي وانهال عليه بما انهال به علي العامل المصري الغلبان وسأله نفس الأسئلة القارصة الواخزة التي وجهها للعمال الغلابة البسطاء وكأنه يتهمهم وحدهم بالخيانة والعمالة للوطن ! بينما أحد منهم لم تطأ رجله اسرائيل الا وراء اثنين من رؤساء مصر والعديد من الوزراء ورؤساء الوزراء وعلماء وأدباء ومفكرين مصريين ؟!!
16 – الموقف الانساني في البرنامج كله أظنه كان طبيعيا أن يخرج من الأستاذة الجامعية . أستاذة علم النفس ( لا يحضرني اسمها مع الأسف . ربما دكتورة نادية. ولا أتذكر باقي الاسم فمعذرة ) –التي استضافها البرنامج – والتي استنكرت أن يتعرض هؤلاء العمال البسطاء الفقراء لمثل تلك المحاكمة وذاك الاستجواب من مذيعي االبرنامج ويجب تقدير ظروف الحياة الصعبة في مصر التي دفعتهم للذهاب للعمل والعيش بأرض الله الواسعة ..
– أوليس اكتساب الرزق واجب ولو من شبهة ؟!–
تري : بماذا تذكرنا تلك المحاكمة العلنية والاساءة للعاملين المصريين الغلابة في اسرائيل – هؤلاء البسطاء الفقراء – دون مساءلة واحدة لرئيس من الرؤساء أو وزير من الوزراء أو أديب من كبار الأدباء أو سفير من السفراء المصريين الذين عملوا في اسرائيل ؟؟! الذين تصالحوا مع اسرائيل وتعاقدوا علي سلام وتطبيع والذين رافقواهم في الرحلة والذين شاركوا والذين باركوا والذين زغردوا من الكبار في مختلف المجالات ؟!! وانما وحسب العمال البسطاء الفقراء ؟!
بماذا تذكرنا تلك المحاكمة والاساءة العلنية لصغار فقراء أبرياء كافحوا في معركة العيش لأجل البقاء وتفاديا للوقوع في هوة الاتحراف نحو ا لجريمة أو الارهاب . ؟!
كل جنايتهم ان كانت لهم ثمة جناية قد اقترفوها أنهم ساروا مطمئنين خلف اثنين من رؤساء مصر و رؤساء ووزراء ومسئولين كبار من كافة التخصصات ومنهم من هم من كبار العلماء . مصدقين أن الصلح والتطبيع ليس تمثيلية ولا مجرد مسرحية ، وانما معاهدة دولية ينفذها فعليا أكبر المسئولين بالدولة ؟!!
بماذا يذكرنا ذلك ؟
لعله يذكرنا – مع الفارق في التشبيه - . بما يحدث كثيرا في مصر عندما يكون هناك بضائع مهربة دون جمارك أو تهريبة مخدرات كبيرة ويكون المسئولون عن ضبطها يعرفون تماما القائمين عليها – وربما كانوا من كبار رجال السلطة التنفيذية أو التشريعية أو السلطة السياسية أو من كبار القيادات الأمنية أو الشرطية . أو من أقارب أو محاسيب أحد هؤلاء - وميعاد وصولها ومكان تخزينها بالضبط وتليفونات وأرقام سيارات وأرقام بطاقات وعدد أولاد هؤلاء المهربين الكبار .. ثم يتركوا المهرب الكبير للعلاقه الحميمة والشراكة التي تربطه بالسلطات وكبار المسئولين . ! ويتربصوا بوكيل من وكلائه أو ببائع صغير عند خروجه من عند المهرب – ببراءة ودون علم منه أنها بضاعة مهربة - ببيعة صغيرة ليقبضوا عليه . أو يدخلوا محلا صغيرا يعرض بعضا من تلك البضائع المهربة – دون علم منه بأنها مهربة - فيقبضوا عليه ويضعوا الحديد في يديه ويعلنوا بالجرائد عن المعركة العظيمة التي خاضوها لحماية البلاد والقيام بشرف الواجب .. (!) .
قليل من العدل . وقليل من الأمانة . قليل من الرحمة . يرحمكم الله ..
حوار المتمدن 2007 / 12 / 24
تعليقات
إرسال تعليق