مقالات عام 2007 -105



ذكري شخصية مع 11 سبتمبر 2001



يوم حدوث ذاك الدمار الرهيب لأعلي مبني مدني في العالم - - برج التجارة العالمية ، ومقتل حوالي 4000آلاف نفس ... في ذاك اليوم كنت في السجن السياسي بالقاهرة . وجاءني بالخبر عدد من السجناء الزملاء الاسلاميين وهم في غاية الغبطة والسرور .. ويقولون لي بفرح غامر شفت يا أستاذ صلاح ؟ ! شفت ربنا عمل ايه ؟!
ماذا أقول لهم ؟ لقد شعرت بالفرع لأن :
ناطحة السحاب تلك - برج التجارة العالمية – مبني مدني ..
و لا توجد دولة بالعالم الا ولها رعايا في أمريكا . هجرة . أوللدراسة . أو لعمل بيزنس ، أو للعلاج .أو للزيارة
أي لا توجد دولة اسلامية واحدة ليست الها رعايا مسلمين في أمريكا ..
وهذا مبني مدني ..تجاري .. أي لابد وأن من كانوا به وقت الدمار هم من كافة أجناس الكرة الأرضية مسلمين وغير مسلمين ..
رحت أحسب وأخمن : كم يا تري : عدد المحجبات وذوي اللحي الذين كانوا بالمبني لقضاء مصالح وقت الدمار ؟
كم مسلم مقيم بأمريكا كان قد أرسل لأمه وحضرت للعلاج . وهو يتنزه معها رأت برج التجارة وذهلت من ارتفاعه . وأراد أكرام أمه فدعاها لتناول الغذاء بكافيتريا فخيمة بالطابق الستين أو السبعين من البرج ليدخل السعادة علي قلب أمه الذي انهار وقلب ابنها وراحت حياتهما معا بانهيار البرج ؟!!
برج كهذا مدني تجاري : كم عدد المسلمين العاملين الدائمين به ؟ وكم منهم كان موجودا وفقد حياته وقت الانهيار والدمار؟ وكم منهم كان في اجازة وفقد وظيفته بالبرج وفقد زملاء أعزاء علي قلبه ؟
هذا برج مدني . تجاري . يدخله بشر من مختلف الأعمار : كم عدد النساء الحوامل اللائي كن موجودات بالبرج وقت تدميره وكم منهن مسلمات ؟ وماذ ذنب الأجنة البريئة التي كانت ببطون أماتهم وناهيك عن الأمهات البريئات ؟!
هذا برج مدني تجاري يرتاده مختلف الناس من مختلف الأعمار : كم عدد الأطفال الذين كانوا بصحبة آبائهم وقت تدمير البرج ؟! وما ذنب هؤلاء الأطفال ؟!
هذا برج مدني يرتاده الناس من كافة الأعمار والأجناس : كم كان عدد كبار السن والمعوقين المساكين وقت انهيار البرج ؟ وماذا جني هؤلاء كي يعاقبوا عمدا ويعيشوا دقائق أو ساعات الموت المقرون بالرعب الشبيه بيوم القيامة من قبل قيام القيامة ؟!!!
تلك الحسابات التي دارت برأسي لم يحسبها الأخوة الاسلاميون – الجماعات الاسلامية - الذين زاملتهم في السجن .. بل كان البشر والفرح يملآن كل كيانهم ..
سألني بعضهم بخبث عن رأيي .. وأنا أعرف بأنني لو عبرت له عن أسفي علي الضحايا الأبرياء المدنيين . من المسلمين علي الأقل لو اعتبرنا أن غير المسلمين ليسوا بشرا يجب أن نحزن لمصابهم ! .. لو عبرت لهم عن أسفي لراحوا يقولن انه متعاطف مع أمريكا (!) انه متعاطف مع الصهيونية (!) انه خائن . عميل ..(!) ...
كان معنا مدرس معتقل من احدي الطوائف الدينية لتركه الاسلام واعتناقه ديانة أخري رأي أنها أكثرحقا رحمة
.. فقال لي والألم يبدو عليه : تري لو أن أمريكا تصرفت الآن مثلما حدث لها في الحرب العالمية من قتل 3600 بقطع أسطولها البحري علي يد اليابان ؟ لو ردت أمريكا الآن بالقنابل الذرية علي عدة دول ممن تري أن الفعلة جاءوا منها – الدول المفرخة والمصدرة للارهاب وهي دول معروفة ببالاسم ؟ . لو ضربت أمريكا تلك الدول بالقنابل الذرية الآن وفي مدة لا تزيد عن أسبوع ، لا أظن أن أحد في العالم سوف يفتح فمه ويلومه . فالعالم كله في حالة ذهول وأسي شديد من بشاعة الجريمة اللاانسانية .
ورغم مرور 6 سنوات علي تلك الجريمة .. الا أن هناك حسابات أخري لدي لا زلت أحسبها وهي :
بعد قيام أمريكا بالرد عل طالبان وبن لادن بغزو أفغانستان واسقاط النظام بأكمله ..
كم عدد الملايين من المسلمين الأفغان الذين فروا من هول قصف الطائرات والمدافع الي حدود حوالي 4 دول مجاورة لأفغانستان ؟!. وكم منهم عادوا الي ديارهم . وكم مليونا لا يزالون في الخيام علي الحدود مع الدول المجاورة ؟ ؟! وكم عدد الأفغان الذين قتلوا في الغزو بسبب ضرب برجي التجارة ، وكم عدد الأطفال الأبرياء الذين قتلوا وكم عدد النساء وكم عدد الشيوخ . وكم عدد المعوقين ؟!
تلك الحسابات لا زالت تدور برأسي كما الحسابات السابقة .
وأنا لا أسأل عن تلك الحسابا ت ولا أطالب بمراجعتها السادة الذين لا يعنيهم قتل وجرح وتشريد كل أبناء البشرية ولكن يهمهم الجهاد في سبيل الله ! ( القتل والذبح والتشريد وترويع أمن العباد هو عندهم جهاد ! وهو سبيل الله ! )
كلا .. لا أسأل هؤلاء عن مثل تلك الحسابات . وانما أسأل الآدميين الذين يحسون ويشعرون بالآدميين مثلهم أيا كانت دياناتهم أو جنسياتهم .. هؤلاء هم من أطالبهم بوضع تلك الأسئلة أمام ضمائرهم وعقولهم .ما دامت لهم ضمائر وعقول . .

الحوار المتمدن  2007 / 9 / 12

===============

تعليقات