كتابات - عن : المخللات


                                 

 المِخَلِّلَات المصرية




ما حدش عارف تاريخ المخللات فى العالم, و أعتقد إنها إختراع و إبتكار مصرى 100%, و ده واضح و ظاهر كويس جدا فى مجال مخللات المصريين عبر التاريخ و لغاية النهاردة ..
والمخللات جمع مِخَلِلْ و باللهجة القاهرية إسمه طُرشى, و المقصود بالطُرشى بعض أنواع الخضروات المحفوظة عن طريق غمرها فى ماء و ملح لعدة أيام لحفظها بعد تغيير بعض صفاتها و ملامحها و طعمها, أما كلمة المخلل فهى كلمة أعم و أشمل لأنها لا تشمل بعض أنواع الخضروات فقط زى الطرشى؛ لكن كمان أى حاجة عايز تحفظها و كله بالملح, و المخلل من كلمة " خَلِّيه " يعنى إبقيه زى ما هو أو إِبقيه على ما هو عليه .. (( مداخلة : ممكن تكون معناها المحفوظ بالخل .. اذ يضيفون الخل أيضاً .. وهكذا : خل .. مخلل = محفوظ أو معالج بالخل )) 
وعمل المخلل إختراع و إكتشاف مصرى قديم من أيام أجدادنا الفراعنة و منذ فجر التاريخ ..
بدأت الحكاية لما بَعت واحد من الفلاحين البخلاء إبنه بعشر خيارات حسب عدد أفراد أسرته ( كل واحد خياراية ) ..
الواد كان لِعَبى؛ ماشى يبص يمين و شمال؛ ما أخدش باله من طوبة كانت فى سكته؛ الواد إتكعبل؛ و هوبا نزل على بوزه زرع بصل, و قُفة الخيار طارت فى الهوا و إتبعزق إللى فيها ..
الواد قام مذعور؛ ماهمهوش الجروح اللى علّمِت فى جِتتُه؛ لكن كان كل تفكيره فى العشر خيارات ..
الأب كان معلم إبنه إنه أعطى له خيارات بعدد أصابع يديه؛ يعنى كل صوباع كان مقابله ثمرة خيار ..
الولد قام يِدَوَّر على الخيار, و المصيبة إنه إكتشف ضياع واحده منهم, و من خوفه من أبوه فكر إنه يقطع لنفسه صوباع علشان يستقيم كلام أبوه له مع عدد الخيارات, و لكن لقى إن الأسهل إنه يقول له إنه أكل الخيارة بتاعته ..
ولأن الولد كان حا يموت و ياكل خيار قعد يدَوَّر كل يوم و التانى على الخيارة المفقودة فى نفس مكان الوقعة إياها, و ما فقدش الامل فى إنه يلاقيها ..
و أخيرا بعد شهر؛ لقى الخيارة واقعة فى بركة مَاية؛ لونها إتغير شوية لكن شكلها و حجمها زى ما هو, أكل منها؛ طعمها مالح لكن لطيف؛ بَص فى البركة؛ لَقَى على حروفها ملح, و الماية طعمها مالح؛ رجع البيت و جاب أنواع تانية من الخضار و سابها فى بركة الماية و رجع بعد أيام و لَقَى نفس النتيجة؛ فعجبته الفكرة, و خَلِّل كل حاجة وقعت تحت إيديه؛ حتى أبوه البخيل لما مات خَلِّلُه و عمله مِخَلِل, و ده إللى العالم كله سماه تحنيط ..
و بقى لَمَّا تِخَلِّل بنى إدم يبقى إسمه تحنيط, ولَمَّا تِخَلِّل سمك يبقى إسمه فسيخ, ولَمَّا تِخَلِّل لحمة يبقى إسمها بسطرمة و هكذا, و من يومها و المصريين هم أعظم مِخَلِلَيلاتية فى الدنيا, ما سابوش أى حاجة إلا و خَلِلُوها ..
الجديد بقى يا حضرات؛ إنك ممكن تِخَلِّل بنى آدم صاحى, و هو مِتخلل يكلمك و تكلمه, و ياكل, و يشرب, و يعمل بىبيى زى البنى آدمين العاديين بالظبط ..
زمان كان ممكن تِخلل بنى آدم ميت, و جثتة تعيش آلاف السنين, لكن البنى آدم الحى تخليله أقل بكتير, و المصريين وصلوا لغاية دلوقتى لأكتر من تلاتين سنة تخليل, والموضوع لأنه مُكلف جدا فهو حتى الآن قاصر على فئة معينه من البنى آدمين المصريين, و بقى تلاقى عندنا - فقط فى مصر - مدير مِخَلِّل, و رئيس مجلس إدارة مِخَلِّل, و وزير مِخَلِّل, وأخيرا رئيس جمهورية مِخَلِّل ..
و ربنا يخليكم و تخللوا أكتر وأكتر
و تخليل البنى آدمين صاحيين شعوب أخرى نقلت عن المصريين إكتشافهم و أبدعت فيه فى منطقة الشرق الأوسط, زى مخلل ليبيا السابق معمر القذافى ( 42 سنة تخليل ), و مخلل سوريا السابق حافظ الأسد ( 29 سنة تخليل ) و مخلل اليمن السابق على عبد الله صالح ( 36 سنة تخليل ), و إنتقلت الفكرة عبر البحار و شوفنا مخلل كوبا السابق فيدل كاسترو ( 49 سنة تخليل ) و غيرهم, و طبعا فى مصر منبع المخللات و رئيسها السابق مبارك ( 30 سنة تخليل ) .. 


و بخصوص تخليل الملوك؛ حدث و لا حرج و ما فيش داعى نذكر تواريخ و مدد تخلليلهم منعاً للحسد ..
و فى فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك؛ الوزرا فى مصر تعدوا العشرين سنة تخليل ..زى آمال عثمان, و ماهر أباظة, و كمال الشاذلى, و كثيرين و آخرهم فاروق حسنى .. و كل المخللات السابقة يا ماتوا يا بقوا خارج السلطة؛ يعنى مدة صلاحيه تخليلهم خلاص باظت .. و إن كان مجال تخليل بعض الشخصيات فى مناصبها ما زال قائما و معمول بيه فى مصر صانعة المخللات و صاحبة إبتكار و إكتشاف أصول علم المخللات فى العالم ..
و طبعا ما نقدرش ننكر أو نضيَّع تعب تخليل الوزراء عند شعوب أخرى؛ زى وزير دفاع كمبوديا الجنرال" تيا بانه " إللى بيشغل منصبه منذ عام 1979 وحتى الآن؛ تخيلوا !! ..
و عاشت المخللات فوق رؤوس شعوبها مستقرة ..


============

تعليقات