مقالات عام 2007 - 115
من مخاطر عمل الصحفي
من أكثر من 10 سنوات كنت في رحلة لزيارة الآثار بالصعيد - آثار ملوي وضواحيها العامرة بالتاريخ والآثار المصرية القديمة . رافقني فيها صحفي من الفاهرة ( ب . قنديل ) وكان دليلنا اثنين من أهل ملوي .
وبينما نحن نزور آثار احدي القري شرق النيل - تابعة لمدينة ملوي . . عرف بعض الأهالي من أصحاب المزارع المستصلحة بالصحراء بتلك القرية بوجود صحفي .. فهرعوا الينا متوسلين للاستماع لشكوي لهم . ودعونا لتناول الشاي ليحكوا لنا شكواهم التي كانت مع أكثر من جهة حكومية تعطلهم عن استصلاح واستزراع صحراء مهجورة . وبدون مبرر قانوني من أي نوع . ولديهم الأدلة الكاملة علي مشروعية طلبهم - مجرد بيروقراطية وتعقيدات موظفين حكومة .
تعاطفنا معهم جدا وخاصة أنني وصديقي من المؤمنين بضرورة توسع المصريين في الصحراء بزراعتها والسكن فيها .
طلبنا منهم كتابة شكوي والتوقيع عليها . وكتبت الشكوي ووقعوا عليها جميعا أمامنا .
سعي الصديق الصحفي لنشر الشكوي في أقرب وقت . وعرضها علي صحفية زميلته . تعمل بجريدة الأهالي ( وما لم تخني الذاكرة هي الصحفية ": ايمان امبابي " ) وأكد لها أن الشكاة وقعوا أمامنا . وهذا صحيح . ولأنها تثق في كلام زميلها ولتعاطفها مع هؤلاء المزارعين ضد مماحكات ولكاعة موظقفي الحكومة . الذين نعرفهم جميعا .. نشرت الشكوي بالجريدة - طبعا باسمها - وكلها ثقة من عدالتها وصحة وجدية أصحاب الشكوي .
وفور نشرها .. علمت الجهات الرسمية . المشكو في حقها . فثارت علي المزارعين وهددتهم بأن الموافقة كانت في سبيلها اليهم ولكن ستوقف للأبد ما لم يرسلوا للجريدة ولعدة جرائد كبري وينفون أنهم قدموا شكاوي لتلك الجريدة !!!! ولم يكدبوا خبر خوفا من السلطات التي يمكنها فعلا الغاء مصلحتهم تماما .. فسارعو بارسال نفي للجريدة ولعدة جرائد أخري من أن تكونوا قد قدموا أية شكاوي لأية جريدة ! . ولا علم لهم بها وأن المشكو في حقهم هم اناس غاية في الكمال والجمال والتفاني في خدمة المواطنين (!!!) واديني عقلك ...! تصور أنت عزيزي القاري ء وتخيل ما موقف الجريدة التي نشرت الشكوي ؟! وما هو مصير الصحفية ؟ أو ما تأثير ذلك علي مركزها لدي الجريدة وعلي مصداقيتها في العمل الصحفي بعد ذلك ؟ وما موقفنا نحن - صديقي وأنا - مع تلك الصحفية التي تحمست لنصرة مواطنين مظلومين ووقفت بجانب حق !! فكان هذا جزاؤها .! صحيح أنني وصديقي الصحفي متأكدون من صحة الشكوي ومتأكدون من امضاءات الناس أمامنا ونقلنا أرقام بطاقاتهم بأنفسنا .. ولكن الموضوع لن يصل للقضاء . لكي نضعهم أمام المسئولية ونظهر براءة الصحفية وكذبهم ويأخذ كل حقه .. كلا وانما هو عيار لن يصيب ولكنه يدوش - كما يقول المثل الشعبي - يدوش أكبر دوشة ..! تلك قصة من قصص مخاطر العمل الصحفي التي يتعرض لها الصحفي الذي تفور الدماء في عروقه ان رأي مظلوما وسارع بالكتابة لنصرته وايقاف الظالم عند حده . الا أنه كثيرا ما يلقي جزاء سنمار ..
والصحفيون دائما ان كان هذا جزاؤهم . فانهم يتقبلونه عن رضي فهذا عملهم الذي يحبونه وذاك قدرهم مع مهنة البحث عن المتاعب - الصحافة - ولا ينسي الصحفيون أن شعبنا شعب بسيط مغلوب علي أمره . فقد يضطر المظلوم الي توقيع صلح يتنازل فيه عن كل حقوقه التي ضاعت أو سرقت أو نهبت أو تم احراقها .. قد يضطر للتوقيع علي صلح كاذب واضطراري .. ويتنازل فيه عن كل حقوقه دون أية ضمانات بعدم تكرار ما حدث له . لمجرد تهديده بايقاع المزيد به !!! وخوفا من هذا المزيد ...!! فكان الله في عون الجميع .
== الحوار المتمدن 2007 / 10 / 1
تعليقات
إرسال تعليق