مقالات عام 2006 - 119


لا لهدم مستشفي الشاطبي بالاسكندرية



عندما يفكر مسئول كبير بمستشفي بأهم مدينة في مصر بعد العاصمة المصرية. – بالاسكندرية . في أن الحل الوحيد للتوسع في نشاط وامكانيات وطاقة المستشفي وجامعة الاسكندرية هو : بيع مبني عريق من طراز نادر يعبر عن عصر ، مبني دخل في حرم التاريخ ويجب أن يكون في محمياته . .! ليتم هدمه علي يد أحد مقاولي عصر الخراب لاستثماره علي طريقة المقاولين والبزينس الذين لا دين لهم سوي المكسب ولو ببيع الوطن كله ،.. عندما يفكر مسئول كبير بهذه الطريقة العاجزة والمخجلة فهو أشبه بمواطن فقير بسيط عديم الحيلة محدود الوعي . لا يجد في عقله ثمة مخرج لعبور مشاكله الاقتصادية سوي : بيع احدي كليتيه ، ليحسن بثمنها مستواه المعيشي !!
أما المسئول الكبير ،فبما له من عقل أكبر وسلطات وقدرات . فهو أقدر علي تفكير أرقي وأكبر . لذا فانه يفكر بشكل مختلف تماما .. هذا مبني تاريخي وصرح تعليمي تخرج منه علماء ووزراء وربما رؤساء وزراء .. وهذا الصرح يخدم وطنا يأتي اليه لتلقي العلم أو العلاج مواطنون من أسيوط الي العريش وحلايب وشرم الشيخ ..لذا فاحتياجاته لزوم تطوير أو توسيع . يجب أن يكتتب فيها الشعب ولاسيما من تخرجوا من هذا الصرح . ولابد وأن تدعمه الدولة بأقصي ما تستطيع ..
أما أن يتصرف مسئول في عداد العلماء .. كما يتصرف فقير يبيع كليته ليفك أزمته ! فيقترح بيع الصرح التاريخي ليشتريه مقاول يهدمه ويقيم مكانه برج سكني تجاري ..! فتلك ليست عقلية مسئولين يقدرون ويعون ما يفعلون ..! كلا وانما هي عقلية رجل بيزنس . ، بل ويثير الشك والارتياب في ذمته وأمانته .في زمن نظام حكم خربت فيه الزمم وانعدمت الضمائر ..
ولا غرو لو قلنا أنه ليس ببعيد أن يكون وراء تلك الجريمة واحد من رجال البيزنس ( الواصلون والمتصلون ..!) عديمي الاحساس بأية قيمة تاريخية أو جمالية يحملها صرح من تلك الصروح التي تعد تحفا معمارية كنوز قد لا تتكرر وتحمل بصمات عصر وتاريخ ..
لا نستبعد أن يكون هناك مقاول بناء أبراج وسوس في أذن أحد أو بعض أنصار تلك الفكرة الشيطانية ( وضبطوا وربطوا واتقفوا مع المقاول ...! )
ولعله محافظ المدينة . وأظنه ضابط ككل المحافظين . ضابط من هؤلاء الذين أفسدوا كل شيء في مصر وأفسدوا كل الشعب وكال المسئولين طوال 55 سنة حكم عسكري .. ربما كانت أصابع المحافظ وراء السعي لاقتراف تلك الجريمة .. فمن يفكر بمثل تلك العقلية المدمرة سوي الضباط بالتواطؤ مع المقاولين الذين هم من عينتهم ( وربما قرأ الفاتحة مع المقاول الذي سيرسي عليه مزاد البيع ( الصوري ).. لاقامة مدينة سكنية والمتاجرة في أزمة الاسكان لتزداد تفاقما ) !؟!! وقد يكون وراء تلك الصفقة وزير الصحة ..، وربما رئيس الوزراء .. ولماذا لا يكون وراء تلك العملة الغبراء . رئيس لجنة البزنسات والسياسات بالحزب الوطني الحاكم . وقد يكون كل هؤلاء شركاء في تلك الجريمة .ولكل نصيبه حسب مكانته .
من عدة سنوات مضت فوجئنا ذات صباح بأستاذة كلية الزراعة يقررون – وبموافقة الجامعة أخذ مساحة من مزرعة الكلية !!! لتحويلها الي مساكن للأستاذة !
شيء مذهل طبعا . أشبه بقطة جاعت فشرعت في أكل واحد من أولادها أو رجل من رجولها !!
صحيح أن هناك أزمة اسكان طاحنة جدا .. ولكن أوليست الصحراء قريبة جدا جدا من الجامعة ومن المزرعة التي يريدون أكلها !! ومساحة صحراء مصر 96% من مساحة الدولة !
وكذلك الأمر بالنسبة لمستشفي الشاطبي وجامعة الاسكندرية . الصحراء قريبة جدا جدا من المستشفي والجامعة . ويمكن الحصول علي الأرض مجانا للمنفعة العامة . وتكاليف البناء بالاكتتاب العام بالاضافة لمساهمة الحكومة ..
كان من أجمل هواياتي عندما كنت أسير بشوارع القاهرة أو الاسكندرية أو احدي المدن المصرية الكبري . الاستمتاع بمشاهدة المباني القديمة . لكونها لوحات جميلة في المعمار والهندسة .
المباني والفصور القديمة بمصر هي تحف معمارية وتاريخ لحقبة من تاريخ مصر . سواء كانت تلك المباني في الاسكندرية أو القاهرة أو بالصعيد - كتلك التي رأيتها بجرجا ونجع حمادي . وغيرها من مدن الصعيد وهذا ما قد لا يتصوره المصريون أبناء الوجه البحري ممن لم تسمح لهم الظروف بزيارة الصعيد .من تحف معمارية هي ثروة يجب الحفاظ عليها ووجودها يزين كل تلك المدن . والسماح بهدمها لأي سبب كان هو جريمة . اعتداء علي الفن والجمال والذوق والتاريخ .
حسنا أنه لا يزال بمصر عقول واعية ومخلصة تتصدي بكل قوتها لمعاول هدم مصر
الي أن يخلص الله مصر من سرطان طال عمره في جسدها .. حكم العسكر والفساد والمفسدين والخراب والمخربين لكل ما هو جميل وأصيل في مصر .
*****الحوار المتمدن  2007 / 10 / 6

تعليقات