من جيولوجيا تاريخ العلم
مما أسميه " جيولوجيا تاريخ العلم " إخترت هذا المقال . ل كاتب - كاتبة - اسم جديد
في عالم النشر بالانترنت - وأضفت الصُور المرفقة - صلاح الدين محسن . 8-4-2018 -
--------
الطوسي: داروين القرن الثالث عشر
مقال : أريج بطّة
الحوار المتمدن 2018 / 4 / 8
الطوسي داروين
في عالم النشر بالانترنت - وأضفت الصُور المرفقة - صلاح الدين محسن . 8-4-2018 -
--------
الطوسي: داروين القرن الثالث عشر
مقال : أريج بطّة
الحوار المتمدن 2018 / 4 / 8
داروين القرن الثالث عشر
وجهة نظر الطوسي عن "التطور"
ولد نصير الدين طوسي في عام 1201 م في طوس- خرسان المعروفة اليوم بإيران.(( داروين : ولد في 1809 - توفي 1882 . بانجلترا )
عُرِف الطوسي كعالم فذٍّ وعبقريٍّ موسوعيٍّ في مجالاتٍ واسعةٍ، ساهمت إنجازاته في ذياع صيته واشتهار اسمه، ومن أبرز إنجازاته: تأسيس مرصد في مراغة (المركز الثقافي القديم في مدينة مراغة الواقعة شرق تبريز المدينة الإيرانية المعاصرة)، وتفسير وتطوير رياضيات اقليدس، والتنبؤ بوجود أرض غرب المحيط الأطلسي، فضلاً عن كتابة أكثر من ثمانين كتاباً هاماً باللغتين العربية والفارسية في علم الفلك والهندسة والجغرافيا والفيزياء والقانون والتاريخ والطب والفلسفة والمنطق والأخلاق. يحظى الطوسي اليوم بتبجيلٍ وتشريفٍ عظيمين في أذربيجان؛ حيث سميّت العديد من المراكز التعليمية باسمه، بما فيها معهد الطوسي التربوي في باكو.
رغم اتساع شهرته، إلّا أنّ عدداً قليلاً من الناس يعرف عن نظريّة التطوّر التي طوّرها الطوسي قبل داروين بستمئة عام.
الطوسي داروين
==================عرض نصيرالدين لتلك النظرية في مؤلّفه الشهير "الأخلاق النصيرية"؛ وهو أطروحة عن الأخلاق في التقاليد اليونانية مبنية على مؤلف ابن مسكويه في القرن الحادي عشر "تهذيب الأخلاق". وضع الطوسي مسودتها حين كان في أسْرالحشاشين (جماعة إرهابية دينية،) ثمّ نقحها وراجعها لاحقاً لسيّده المغولي (حيث ساهم الإحتلال المغولي في تحرره من أسر الحشاشين.) ترجمت الأخلاق النصيرية إلى الإنجليزية من قبل ج.م. ويكنز ونشرها جورج ألين وأوتوين عام 1964م.
تتحدث "الأخلاق النصيرية" عن كمال البشر. ويقسّم الطوسي هذا الكمال إلى جزأين: الكمال المادي والكمال الروحي، ويستخدم مصطلح "تكامل" باللغة العربية (من الكمال). في اللغة الأذيريّة الحديثة يدل هذا المصطلح اليوم على "التطوّر".
نهج مختلف:
زخر تراث ومعتقدات بعض الشعوب الشرقيّة السالفة لعصر الطوسي، مثل البابليّين والمصريين والميديين (حضارة قديمة في إيران) بأفكار ونظرات عديدة عن التطوّر. إلّا أنّها كانت نظرات أسطوريّة أكثر منها علميّة، تبنّاها علماء اليونان القدامى لاحقاً وأضافوا إليها. ومنهم إمبيدوكليس (490-430 ق.م) وأرسطو (384-322 ق.م)، الذي كتب:"تتطوّر الطبيعة تدريجيّاً وخطوة بخطوة من مواد غير حيّة إلى كائنات حيّة". عمل علماء مسلمون مثل أبو ريحان بيروني (972-1048 م) وابن باجة (1070-1138 م) وابن طفيل (1110-1185) في وقت لاحق على تطوير نظرات أرسطو عن التطوّر.
استخدم الطوسي أعمالهم كقاعدة لأحد فصول "الأخلاق النصيرية"؛ مبشّراً بنظريات العلماء الأوربيين اللاحقين مثل جان باتيست دي لامارك (1744-1829) وتشارلز داروين (1070-1138)
يفرق نهج الطوسي عن "أصل الأنواع" لداروين فروقاً أساسيّة.ففي حين استخدم داروين المنطق الاستنتاجي، للإنتقال لتحويل الحقائق -التي حصّلها عبر جمع العيّنات من النباتات والحيوانات- إلى نظريّات، استخدم الطوسي منهجاً نظريّاً. استند علماء المسلمين أمثال الطوسي على الاستدلال الاستقرائي بالإنتقال من النظريّة إلى الحقائق وليس العكس. يبتدئ بتطوير نظريّة ومن ثمّ استخدامها في شرح الحقائق. عندما كتب الطوسي عن نظريّة التطوّر (أطلق عليه اسم الكمال أو الاكتمال) لم يمحّص تفاصيلها؛ فعلى سبيل المثال: لم يكتب عن الإنتقاء الطبيعي أو عن صراع البقاء. باللغة الحديثة: كان فيلسوفاً أكثر من كونه عالماً.
حفظ المادة:
في حين تبدو هذه الفكرة متخلفة بالنسبة للعقل الغربيّ الحديث إلا أنّ بعض نظريات الطوسي استحقّت االجدارة، فمثلاً: اعتقد الطوسي بإمكانيّة تحوّل الجسم الماديّ واستحالة فنائه، يقول:" لا يمكن للمادة أنْ تختفي كليّاً، فهي فقط تغيّر شكلها وحالتها ولونها وتكوينها وغيره من الخصائص وتتحول لمادة مختلفة أكانت مركبّة أم أولية". اتفقت نظراته هذه مع نظرات الفيلسوف اليوناني هيراقليطس (530-470 ق.م).
بعد خمسمئة عام، اكتشف م.لوموسوف (1711-1765 م) وأنطوان لوران لافوازييه (1743-1794 م) قانون حفظ الكتلة، مرسخين بذلك فكرة الطوسي.
المرحلة الأولى من التطور:
اعتقد الطوسي بلحظة كان فيها العالم يتألّف من عناصر متماثلة؛ كتب: " لقد كانت متساوية ومشابهة لبعضها، لم يدخلها التمايز؛ فقد تكوّنت جميع هذه الجزيئات من مادة أوليّة مشتركة".
يمكن تعريف مادة الطوسي الأوليّة بلغة العصر على أنّها الذرات أو الجزيئات الأوليّة. بحسب الطوسي، في المرحلة الأولى من التطوّر، كانت جميع الجزيئات متماثلة وساكنة.
ثم ظهرت التناقضات الداخلية تدريجياً في هذا العالم الساكن؛ كتب الطوسي: "نتيجة لذلك، انهار التوازن، وبدأت التباينات الجوهريّة تنمو في قلب العالم الأوّل، ومن ثمّ تطوّرت بعض العناصر أسرع وأفضل من غيرها".
التنوّع:
أوضح الطوسي أنّ التنوّع الوراثي قوّة محركة لعمليّة التطور. كتب أنّ جميع الكائنات الحية قادرة على التحوّل، وأنّها تطوّرت تبعاً لتنوّعها الوراثي: "الكائنات الحية القادرة على كسب الخصال الجديدة بشكل أسرع تكون أكثر تنوّعاً. وبذلك تتمايز عن الكائنات الأخرى". هذا يبدو بوضوح وكأنّه شكل بسيط من أفكار داروين عن الطفرات.
لماذا تتغير الأجسام الماديّة؟ كان الطوسي على حق إذ افترض أنّها تتغير نتيجة لتفاعلات داخليّة وخارجيّة (التأثيرات البيئية).
التكيّف:
لاحظ الطوسي أنّ الكائنات الحية تمتلك طرقاً فريدة للبقاء. يقول: إذا كانت بنية الكائن تتوافق مع البيئة فإنّ هذا الكائن كامل. اعتقد الطوسي أنّ مجمل الحيوانات والنباتات في العالم كانت كاملة لأنّها جميعاً امتلكت الخصائص اللازمة للبقاء. كتب طوسي: "انظر مملكتي الحيوان والطير؛ إنّها تمتلك كل ما هو ضروري للدفاع، والحماية، والحياة اليومية، بما فيها القوّة والشجاعة والأدوات المناسبة [الأعضاء]".
كما كتب الطوسي أنّ الكائنات الحيّة تتكيف بطرق مختلفة مع البيئة. بداية بإمكانها تغيير شكل وبنية أجسامها. بحيث يكون لكل جزء في الجسم وظيفته الخاصة. "بعض هذه الأعضاء هي أسلحة حقيقية، فالقرن رمح، والأسنان والمخالب سكاكين وخناجر. والأقدام والحوافر هراوات، والشوك والإبر سهام".
هكذا غيّرت بعض الحيوانات بنيتها متكيّفة مع بيئتها. وبعض الحيونات غيّرت سلوكها كلون من ألوان التكيّف. كتب الطوسي: " الحيوانات التي لا تمتلك وسائل دفاعية (مثل الغزال والثعلب) تلجأ للمكر والفرار".
وصف الطوسي أيضاً بعض الحيوانات التي تلجأ للتجمّع معاً في سبيل الاحتماء من مخاطر الطبيعة، كتب: "بعض الحيوانات مثل النحل، والنمل، وبعض أنواع الطيور اتحدت في مجتمعات للحماية والتعاون".
أصول النبات والحيوان:
قسّم الطوسي الكائنات الحياة إلى ثلاثة مجموعات: النبات، والحيوان، والإنسان. ما الذي يفرقها؟
وفقاً للطوسي:"الحيوانات أعلى من النباتات لقدرتها على الحركة الواعية، والسعي خلف الغذاء، والعثور على أشياء مفيدة وتناولها".
تحوز الحيوانات المتطوّرة (الأعلى) ملكات بدائية في التفكير وقدرة على التكيف مع بيئتها بسهولة. وتغيّر الحيوانات العليا أيضاً من سلوكها مع تغيّر الظروف البيئية.
يقول: "هناك العديد من الاختلافات بين أصناف الحيوان والنبات؛ فأوّلاً مملكة الحيوانات أكثر تعقيداً. ناهيك عن قدرتها على التفكيروهي الميّزة الأكثر نفعاً؛ فالحيوانات مدينة للتفكير بتعلمها أشياء جديدة وتبني قدرات جديدة غير متأصلة. على سبيل المثال: الخيل المدربة أو صقور الصيد تقع في مرحلة أعلى من التطور في مملكة الحيوانات، خطوات الاكتمال البشري الأولى بدأت من هنا".
أصل الإنسان:
اعتقد الطوسي أنّ الإنسان تطوّر من الحيوانات العليا، وكتب عن الأشكال الإنتقالية المختلفة بين عالم الحيوان والبشر قائلاً: "إن هؤلاء البشر [ ربما القرود شبيهة البشر] يعيشون في غرب السودان وفي أرجاء بعيدة أخرى من العالم، ويشبهون الحيوان من حيث العادات والأفعال والسلوك".
قال الطوسي أنّ البشر يرتبطون بجميع الكائنات الحيّة وغير الحيّة في الطبيعة: "إنّ للإنسان سمات تميّزه عن غيره من المخلوقات لكن هناك سمات أخرى توحّده مع عالم الحيوان ومملكة النبات وحتّى مع الأجسام غير الحيّة".
كتب الطوسي بالنسبة للإختلافات، فالبشر ليسوا كائنات بيولوجية فقط بل كائنات اجتماعية أيضاً: قبل [خلق البشر] كانت جميع الاختلافات بين الكائنات الحية ذات أصل طبيعي. ستكون الخطوة التالية مرتبطة بالكمال الروحي، الإرادة، الملاحظة والمعرفة.
يرى طوسي أن البشر يتميزون عن الحيوانات بقدرتهم على صنع الأدوات المهنية (المعدات). كتب في الختام: "كل هذه الحقائق تثبت أن الإنسان وضع على الدرجة الوسطى في سلم التطور. بسبب طبيعته الفطرية يرتبط الإنسان بالكائنات الأدنى وفقط بمساعدة إرادته بلغ مرحلة التطور العليا.
خيال أم علم؟
لماذا لم يعرف الطوسي على نطاق واسع بإيجاده نظرية التطور؟ليس السبب فقط أنّه كان من الشرق وكتب بلغة فارسية. نظرية الطوسي مبنية على الفلسفة والإسلام. آمن الطوسي أنّ الرب خلق العالم وبعد الخلق تطوّر العالم بمفرده تحت إشراف وتوجيه الإله.
يميل علماء الشرق الذين يعرفون آراء الطوسي المتعلقة باكتمال أو كمال العالم لتفسيرها من وجهة نظر دينية أو فلسفية، نتيجة لهذا كثير من المسلمين لا يتفقون مع نظرية التطوّر كما يفعل كثير من المسيحيين لكونها تتعارض مع اللاهوت الرسمي. على الرغم من أنّ الطوسي يشير إلى بعض المباديء نفسها التي أوجدها داروين، إلا أنّ علماء الشرق ينظرون لآراء الطوسي على أنها أقاصيص من الخيال عن اكتمال النفس البشرية كنظرية طبيعية
تعليقات
إرسال تعليق