من مقالب الزمن وتقلباته

إعداد صلاح الدين محسن
20-2-2018

للزمن مقالب ! وتقلبات , وانقلابات عجيبة .. ومنها حالة أختنا الكاتبة التي ننشر واحداً من مقالاتها اليوم :
تقدم نفسها : كاتبة من فلسطين - تعيش في الجليل الأسفل . ((  بالويكيبيديا : منطقة الجليل الأسفل هي الجزء الجنوبي لمنطقة الجليل تقع شمال إسرائيل، تعتبر إمتدادًا لسلسلة الجبال المركزية في البلاد. ويظهر فيه التنوع في المناظر الطبيعية وجبال عالية مثل: جبل حذوة (584 م) وجبل الطور (588 م). ))   

ولكن الكاتبة أصلاً " شركسية " . من القفقاس - القوقاز -  تقع بين آسيا واوربا  . والتابعة لروسيا الآن  . وتعرضت القفقاس , طويلاً للاحتلال من العديد من الشعوب والدول الاخري . وحدثت عمليات طرد وهجرة لاناس  قفقاسيين .


المفارقة العجيبة :  فلسطينيون هُجِّروا ويعيشون بالخارج , ويحلمون بالعودة

ومُهجرون " شركسيون " من القفقاس  يعيشون لاجئين في فلسطين ! . تابعون لشمال اسرائيل .. ويحلمون بالعودة للقفقاس .. 
... !
ويوجد في اسرائيل الآن - مشكلة ثالثة - أو رابعة - : عشرات الآلاف من الأفارقة هجرة غير شرعية , وصلوا اليها بالتسلل .. وجاري ترحيلهم . وتوجد أصوات باسرائيل تطالب بمنحهم الجنسية وعدم طردهم .. 
بينما يوجد مئات الآلاف من الفلسطينيين لاجئين بالخارج . ولم يتمكن عشرات الآلاف منهم , من التسلل لاسرائيل للعيش فيها , مثلما تسلل أفارقة , بعشرات الآلاف .. !
--- انها مقالب الزمن - كما قلنا - وانقلاباته وتقلباته ,.. العجيبة ..

وجدود الكاتبة " الشركسيون " الذين اضطروا لأن يهجروا - أو طُرِدوا - من بلدهم الأصلي " القوقاز - أو القفقاس - الي : الجليل الأسفل - من الواضح ان ذلك حدث قبل حرب 1948 .. وربما الجيل الأول , الذي هاجر لم يعد منه أحد الآن علي قيد الحياة . والموجودون هم أولادهم وأحفادهم - ربما ولدوا جميعاً ببلد المهجر - فلسطين - وليس بالقفقاس .. 


أصغر جيل من فلسطينيي عام 1948 اللاجئين بالخارج ويحلمون بالعودة , أعمارهم اليوم 70 سنة - وربما منهم من جاءوا أجنة ببطون أمهاتهم , وولادتهم كانت ببلد اللجؤ .. ولكنهم يحلمون بالعودة ..


الاحلام جميلة ..  لكن يا تري : لو جاءت ساعة تحقيق تلك الاحلام بالعودة .. 

كم من الفلسطينيين اللاجئين بالخارج , وكم من القفقاس اللاجئين بفلسطين .. اذا قيل لهم : دقت ساعة العودة .. هيا للعودة :
واعلنت روسيا ,, ان علي أهالي  قرية " كفر كما "بالجليل الأسفل . الشركس القفقاسيين . أن يتوجهوا لسفارة روسيا , في تل أبيب - حيث يقيمون - ليحصلوا علي تأشيرة بالعودة . وسنقدم لهم التسهيلات اللازمة للعيش عند الوصول . 
ولو اعلنت اسرائيل , عن مصالحة تامة مع الفلسطينيين والاتفاق علي العيش معا , في اتحاد فيدرالي . وبامان وسلام .. وعلي اللاجئين الفلسطينيين بالخارج , التوجه لأقرب سفارة اسرائيلية للحصول علي تأشيرة . وعند الوصول ستقدم لهم التسهيلات اللازمة للعيش ..
...
فتري كم من الطرفين - الشركس القوقازيون بفلسطين , والفلسطينيون بالشتات العالمي .. سيسارعون بالعودة .. ؟؟
وكم منهم سوف يتقاعسوا عن مغادرة أرض اللجؤ ! التي ولدوا فوقها , وتربوا وكبروا وتزوجوا وأنجبوا هم وأولادهم .. - وربما صار لأولادهم أحفاد - .. ولن تطاوعهم أنفسهم علي اقتلاع جذورهم التي امتدت في عمق تربة أرض اللجؤ والغُربة .. ومعها كل ذكريات أعمارهم .. !؟ ..  
--- ربما إختيار العودة أو البقاء بأرض اللجؤ سيحدده . أي الأرضين المعيشة فيها أيسر واكثر رخاءً .. 
وربما فضل البعض , الاستقرار , دون الطمع في رخاء ليس بكثير .. 
وبعض ثالث , قد ياخذ المسألة من حيث المبدأ .. ويقول : بلدي وان جارت عليّ عزيزة , وأهلي وان ضنوا عليّ كرام .. 
 و ربما فريق رابع , يقرر : ان بلده .. حيث وُلِد وتربي فيه هو وأولاده وأحفاده .. أياً كان البلد  .. 
بينما يري  فريق خامس : ان بلده هو : بلد الجدود , وبلد اللغة التي لا يزال يحافظ عليها ويتكلمها بالمنزل هو وعائلته.. ! الوطن عنده لغة .. ... !

كما ذكرنا : المفارقة العجيبة :  فلسطينيون هُجِّروا ويعيشون بالخارج , ويحلمون بالعودة
ومُهجرون من القفقاس - القوقاز -  يعيشون لاجئين في فلسطين . تابعون لشمال اسرائيل .. ويحلمون  .. 
... !
-----  والي مقال الكاتبة :

أنا شركسي... أنا شركسية

حوا بطواش  - كاتبة من حيفا - *


أنا شركسي
أنا شركسية
نعيش في الجليل الأسفل
في أحلى قرية
نسميها كفر كما
وهي هادئة وجميلة
نحبها ونحافظ على نظافتها
كما نحافظ على هويتنا وخصوصيتنا
نتحدّث بيننا اللغة الشركسية
نحافظ عليها... لا ننساها
ولا ننسى وطننا القفقاس
أمنا الحلوة الغالية
نحبّها ونحِنّ إليها
ونحلم يوما أن نعود

حوا بطواش
27.5.15
كاتبة من فلسطين. خريجة جامعة حيفا لقب اول في علم الإجتماع والتربية. أسكن في قرية كفر كما في الجليل الأسفل. أكتب القصة القصيرة والرواية. لي مجموعة قصصية واحدة بعنوان "الرجل الخطأ" صدرت عن دار الغاوون في بيروت عام 2012 وهي تتضمن قصصا قصيرة وقصتين طويلتين ومعظمها نشرتها في الحوار المتمدن في السنوات الأخيرة. 
http://www.ahewar.org/m.asp?i=3189
---  

تعليقات