مقالات عام 2006 - 4


الاخوان المسلمون ونجيب محفوظ 2

صلاح الدين محسن 
الحوار المتمدن  2006 / 1 / 13

قلنا في مقالنا السابق أن أستاذنا الكبير نجيب محفوظ عندما قال لمن زاروه من جماعة الاخوان المسلمين ، في الأيام القليلة الماضية .. أن الرسول ( محمد ) أهدي بردته لشاعر .. كان يجامل زواره الذين كان أبرزهم دكتور عبد المنعم أبو الفتوح – القطب الاخواني الذي تعرفت عليه بالمعتقل السياسي في عام 2000 " سجن طرة " وهو انسان جم الأدب ، كريم الأخلاق ، ومجامل للغاية ..- 
وقلنا أن اهداء محمد ، بردته لشاعر " كعب بن الزهير " ليس حبا منه في الشعر والشعراء ..حيث لمحمد نظرة غير ايجابية للشعراء عامة – عدا الاستثناء الذي لا يلغي القاعدة ، كشاعره الخاص .. المداح له -
وذكرنا حقيقة قصة اهداء محمد بردته للشاعر ، وهي حكاية موجودة بالكتب المدرسية لطلاب الثانوية .. ضمن مادة الشعر العربي ..هكذا كانت في منتصف الستينيات .. وموجودة بأي ديوان للشاعر ، ولا يمكن أن تخلو كتب السيرة من سرد حدث هام بهذا الوزن .. – نقول ذلك لبعض القراء الذين سألوا عن المصدر -
وقلنا أن الهدية كانت ابتهاجا من محمد بدخول الشاعر الاسلام – مضطرا .. مكرها – خوفا من قتله بقرار أصدره محمد. .. بتهمة عيب الشاعر في الذات النبوية المحمدية ( الشريفة جدا ..) ..
وتجلي خوف الشاعر في البيت الشعري الذي يستعطف فيه محمدا قائلا له في نفس القصيدة :
فلا تأخذني بأقوال الوشاة فانني .. أري وأسمع ما لا يحمل الفيل (!)
واليوم رأينا أنه من الضروري أن نذكر قضية ، واتهام مماثل وقع لشاعر معاصر يعيش بيننا الآن وكانت التهمة هي " اهانة رئيس الجمهورية " الذي هو الرئيس الراحل " أنور السادات " .
فقد أهان الشاعر المصري " أحمد فؤاد نجم " الرئيس السادات وجعل منه أضحوكة في قصيدة طويلة له بالعامية المصرية ، لا يملك من يقرأها ، أو يسمعها سوي أن يضحك من أولها حتي آخرها – بل ويقهقه .. سخرية من الرئيس السادات طبعا ..
فتري ماذا فعل السادات بالشاعر ؟ وما هو الفارق بين الحادثتين ؟!
لعل المقارنة تكون كالآتي : 
= في الحادثة الأولي - كما قلنا من قبل – أصدر محمد ، قرارا بقتل الشاعر - كعب بن الزهير - بينما في الحالة الثانية : أصدر السادات أمرا بتحويل الشاعر – نجم - للمحاكمة العسكرية ، ( ولم يصدر حكما من المحكمة باعدامه ) .. وكان بمقدور السادات أن يطلب من أجهزته الخاصة بتصفية الشاعر جسديا - دون حس ولا خبر – ولكن السادات لم يفعل .. 
= كانت لدي السادات بالتأكيد العديد من الوثائق والمستندات ، فهو يعيش في عصر مطابع والقصيدة تطبع وتنشر ، وكذلك عصر أجهزة تسجيل وتصوير سري ، ورجال مباحث في كل مكان سجلوا للشاعر بالصوت والصورة – بينما الشاعر يلقي قصيدته بالجامعة – كما كان يفعل وقتها بدعوات من الطلاب -.. ، أو في ندوة أو مؤتمر بحزب التجمع - الذي ينتمي اليه ، أو يصادقه - ، أو في جلسات ا لشاعر مع محبيه من جمهور الشعر ..، كل ذلك سجلته علي الشاعر مباحث السادات – صوت وصورة -
ولكن بالنسبة للحا لة الأولي - حادثة الشاعر كعب بن الزهير - فانه لم تكن تلك الأدوات الحديثة موجودة و مهما كانت مكانة الشخص الذي وشي بالشاعر – من أصحاب محمد ، ومهما كان عدد الوشاة ( الخباصون .. رضوان الله عليهم .. ) - فيما لو كان أكثر من واحد – فان ذلك – وتحريا للعدالة - - لم يكن ليغني عن التحقق والتحقيق من المتهم نفسه – الشاعر كعب - ، ولكن لم يحدث لا تحقق ولا تحقيق ، بل صدر حكما غيابيا فوريا من محمد بقتل الشاعر ، بناء علي كلام الوشاة ( الأجلاء ..) " من قابل منكم كعبا بن الزهير فليهدر دمه "– هكذا .. (!) 
لذا فقد كان السادات ، أقل طغيانا ، وأقل ديكتاتورية ، وأكثر رحمة ...
فتري من اذن الذي يتساوي مع تلك الحالة من : الطغيان والديكتاتورية ، واللا رحمة ..؟!!
الجواب : لعله ذاك الذي – وبسبب نفس التهمة - أمر بقتل الصحفي : رضا هلال ( نائب رئيس تحرير الأهرام السابق ) 
=======

تعليقات