مقالات عام 2006 - 5
الاخوان المسلمون ، ونجيب محفوظ -1
صلاح الدين محسن
الحوار المتمدن 2006 / 1 / 10
زار ممثلون لجماعة الاخوان المسلمين - أبرزهم دكتور عبد المنعم أبو الفتوح – ، أديب مصر الكبير " نجيب محفوظ " .. وهذا ما تناقلته الصحف في الأيام القليلة الماضية..
وقد جاملوه بكلام هو من قبيل التصريحات الشديدة التساهل التي عرفت عنهم مؤخرا..وهي تصريحات مريبة وغريبة علي قناعاتهم المعروفة للجميع .. ومن ضمن ذلك أنهم عبروا عن رأيهم في ضرورة اعادة نشر روايته الاشكالية المعروفة " أولاد حارتنا " فرد الأديب الكبير بأنه لا مانع من نشرها بعد موافقة الأزهر .. - ومن المعوف أن الأزهر يرفض - فاذا بهم يعبرون عن رأيهم في نشر الرواية بدون حاجة الي موافقة الأزهر .. – طبعا موضوع غريب ، ومريب أيضا ..(!!)
فرد الأديب الكبير لهم المجاملة بمجاملة أخري في سياق حوارهم معه بأن قال لهم " الرسول أهدي برديته لشاعر .. " بما يعني أن محمد والاسلام ليس ضد الشعر والأدب والشعراء والأدباء ، بل العكس وها هو دليل .. (!)
ولكن الحكاية في حقيقتها لا تخرج عن كونها مجاماة ومجاملة للمجاملة .. تبادل مجاملات كما قلنا ..
فما هي حقيقة أن محمد أهدي برديته لشاعر ؟(!)
الحقيقة المرة في حكاية اهداء محمد برديته لشاعر هي كالآتي :
في البداية نقول : لم يكن محمد يعترف سوي بشاعر واحد فقط هو" حسان بن ثابت " الذي كان متفرغا لمدح محمد والاسلام وسمي ب " شاعر الرسول " . علي غرار : شاعرالقصر ، شاعر السلطان ، شاعر الأمير ، شاعر الديوان...
وقد قال محمد عن الشعراء في قرآنه " الشعراء يتبعهم الغاوون , ألم تري أنهم في كل واد يهيمون .. الا الذين .. " هذا هو الرأي العام للاسلام في الشعراء عامة وان كان قد استثني " الا الذين .. ." الخ . فقد كان مجرد استثناء فقط ، ربما جعله لأجل شاعره الاستثنائي .. المداح .. – حسان بن ثابت –
ثم نعود لشاعر البردة وحكايته الحقيقية وهي :
أن محمدا قد بلغه من أحد الوشاة أن الشاعر " كعب بن الزهير " وهو نجل الشاعر الكبير الزهير بن أبي سلمي
.. قد سب محمدا ودينه الجديد – الاسلام - ..
فما كان من محمد سوي أن تجاهل قرآنه القائل " ان جاءكم فاسق بتبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة " .. وبلا تحري أو تقصي أوسؤال الشاعر عما نسب اليه .. نظر محمد لأتباعه الجالسين حوله وقال لهم بمنتهي البساطة ..وكان قد أصبح بيده الحكم علي الناس : " من قابل منكم كعبا بن الزهير ، فليهدر دمه ..أمر شفهي باعدام الشاعر – بناء علي وشاية (!)
وهذا معناه أن أي من أتباع محمد كان مفوضا وله الحق في قتل هذا الشاعر بدون مساءلة .. وبحكم من محمد غير قابل للنقض ..
وبلغ الأمر للشاعر ..
فأصابه الهلع بالطبع لعلمه أن الحكم سوف ينفذ علي رقبته .. ولن ينجيه أحد من محمد فقد أصبح هو الحاكم بأمر الله !
فماذا يفعل لكي ينجو بحياته ؟
لم يجد أمامه سوي أن يعلن اسلامه ( مكرها .. ) حيث لم يكن قد أسلم بعد ..
وبالفعل .. كتب قصيدة عصماء يعتذر فيها لمحمد ، معترفا به كرسول ، آملا في عفوه ..
وحمل قصيدته وتلثم كي لا يعرف شخصيته أحد في لطريق من أصحاب محمد ، فيقتله ..
ومضي الي حيث يجتمع محمد بأتباعه ودخل عليهم مثلما وجلس بينهم ، ثم خلع اللثام من فوق وجهه وراح ينشد قصيدته التي مطلعها : " بانت سعاد فقلبي اليوم متبول "
والتي جاء فيها " والعفو عند رسول الله مأمول "
وهكذا اعتذر واعترف بنبوة محمد وطلب منه العفو .. ( مكرها ..اكراه في الدين ..)
ففرح محمد بذلك جدا بالطبع .. فها هو شاعر كبير بن شاعر كبير يسلم وينضم الي دينه ..
وقام من مجلسه خالعا برديته ، مهديا اياها لكعب بن الزهير ، ابتهاجا منه بالمناسبة ..
تلك هي قصة اضطرار الشاعر " كعب بن الزهير " لدخول الاسلام – بالاكراه – لينجو من القتل ..
و هذه حقيقة اهداء محمد ، برديته لشاعر..(!) التي جامل بها أستاذنا الكبير نجيب محفوظ " الاخوان المسلمون " ردا علي مجاملتهم له ..
=====
تعليقات
إرسال تعليق