مقالات 2005 - 16 = اصلاح الحكام ، أم المثقفين العرب ؟


اصلاح الحكام ، أم المثقفين العرب ؟ - 1




في مقالنا السابق بيننا ، استشهادا بأقوال مفكرين ، و قراء عرب ، نقلا عن أكبر الصحف العربية الالكترونية ، كيف أن الفساد قد شمل الحكام والمثقفين أيضا، من خلال مواقف أغلب المثقفين العرب – غير المعقولة – من قضايا بالغة الخطورة ، وكيف أن هؤلاء – الغالبية مع الدهشة والأسف – قد اتحدوا ( وهم الصفوة !) مع السوقة والجهلاء ، والحكام الفاسدين المطلوب استئصالهم – أو اصلاحهم - ، في موقفهم من تلك القضايا ، وفي غير صالح الأمة .. !! 
وختمنا مقالنا بالقول " ان المثقفين هم عقل وضمير كل أمة ، وو صول الفساد حتي العقل والضمير ، هو كارثة يجب أن تدق لها كل أجراس الخطر " .
وفي هذا المقال نواصل القاء الضؤ علي تلك الكارثة القومية .. نكبة أمة في عقلها وضميرها ( مثقفوها ..) .
كنت أظن أن تلك الكارثة تحط وحسب علي رأس مصر وحدها في مثقفيها دون باقي الدول العربية ، عندما كشف عنها ومنذ النصف الثاني من التسعينيات من القرن الماضي –10 سنوات تقريبا- بعض الكتاب والمفكرين ، منهم الكاتب والصحفي الكبير " صلاح عيسي " الذي كتب سلسلة مقالات – ولعله كان بابا ثابتا في مجلة " أدب ونقد " احدي اصدارات حزب التجمع الوطني – في مصر – وترأس تحريرها الناقدة والمناضلة فريدة النقاش ، تحت عنوان " كلام مثقفين " يكشف فيه أحوال المثقفين – عقل الأمة وضميرها .. –
وتعبير " كلام مثقفين " هو علي وزن " تعبير مصري عام : " كلام جرايد " الذي يقصد به المصريون أنه كلام يخلو من الصدق والأمانة ويجب ألا يؤخذ علي محمل الجد ..! 
وكذلك كتب الكاتب والصحفي اللامع " ابراهيم عيسي – ولا أدري ان كانت بينهما صلة قربي أم هو تشابه في الأسماء – تلميذ مدرسة روز اليوسف والذي حاربته السلطات – وربما لا زالت – مقالا نشره في مجلة " أخبار الأدب " التي تصدرها مؤسسة أخبار اليوم ، ويرأس تحريرها الأديب الكبير " جمال الغيطاني "، كشف فيه فساد المثقفين ، وناشدهم في نهاية مقاله الاسراع باصلاح أنفسهم ، لكي تنهض الأمة .. .. وقبل ذلك بسنوات كتب الشاعر الكبير " أحمد فؤاد نجم " قصيدته الشهيرة التي ينتقد فيها المثقفين ، وكلهم يحفظونها عن ظهر قلب (!) والتي يقول فيها ( بالعامية المصرية ) :
يعيش المثقف .. علي قهوة رش ( مقهي بوسط القاهرة ، يرتاده المثقفون )
محفلط ، مألفط ، كثير الكلام ..
عديم الممارسة ، عدو الزحام ..
بكم كلمة فارغة ، وكم اصطلاح :
يفبرك حلول المشاكل قوام .. (!!) .

وفي عام 1999 – حسبما أذكر - استيقظ الوسط الثقافي في مصر علي دوي هائل لاحتجاج مروع للمثقفة المصرية " أروي صالح " التي كان احتجاجها في المقام الأول يأسا من أن يلحق الاصلاح با لمثقفين ، فضلا علي احباطها – ضمن العموم – من أن يتحقق الاصلاح السياسي - اصلاح السادة الحاكمين.. - ، وعبرت عنه في كتابها " المبتسرون " ... ، ولم يكن احتجاجها كاحتجاج سيد القمني باعتزال الكتابة والتبرؤ من الكتب .. ، بل باعتزال الحياة كلها ، والتبرؤ منها برمتها : بالانتحار .. بالقاء نفسها من أعلي المبني الذي تسكنه..(!) وتركت كتابها ، وثيقة ادانة.


أما الناقد المصري الأستاذ أحمد الخميس ، فقد كتب يوم 27/6/ 2006 في مقال له ، نشر بموقع " الحوار المتمدن " :
" .. وشهدت السنوات الخمس الأخيرة خمس محاولات لتجميع الكتاب - المصريون طبعا - ، لم يكتب لواحدة منها الاستمرار .." (!!)
عزيزي القاريء : انتبه من فضلك ، الكلام السابق للناقد الخميسي ليس عن الحكام العرب الذين نضحك من أمورهم وأمور اجتماعاتهم ونقول القول الذي صار مشهورا : " اتفقوا علي ألا يتفقوا .. " 
كلا ، وانما ما قيل سابقا كان عن ا لمثقفين .. .. 
أي أن هؤلاء كأولئك .. ..(!)
ان المعركة التي تخوضها الشعوب العربية وفي طليعتها المثقفون العرب لأجل الخلاص من الحكام الفاسدين ، رغم وعورتها وشراستها هي مجرد: جهاد أصغر.. .. 
فماذا أعددنا للجهاد الأكبر؟ : الجهاد مع النفس .. ..(!)
يجب أن تعد له العدة من الآن .. ..
---
الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29

تعليقات