برافو بوتن
بالموازين الدقيقية .. كل زعماء الدول العظمي - ومنها روسيا - أداؤهم ومستواهم لا يزيد كثيراً عن مستوي زعماء دول العالم الثالث .. ولو انهم كانوا أفضل .. لكان حال الدنيا أسعد بكثير مما هي عليه ..
أما بالموازين العادية .. فاننا نقول : لقد أحسن " بوتن " بالانسحاب من مستنقع سورية . وهو مستنقع كل الذين شاركوا فيه ليسوا أطهر من داعش , فلولا وجودهم لما تدعش الداعشيون ولما خربت سورية ولا تشرد شعبها .. جميعهم .. ابتداء من الأسد وايران ونصرالله وتركيا والسعودية واسرائيل , وأمريكا وحلفائها , وحتي بوتن روسيا ..
هناك من يسمون دخول القوات الروسية في سورية بالغزو الروسي .. ولكنهم لا يضعون وصفاً لدخول القوات الايرانية في سورية .. ! والذي كان أسبق .. !
ان كل ماحدث لسورية ولشعبها , وكل ما هو جاري حدوثه , تقع مسؤولية في المقام الأول علي عاتق الديكتاتور , ولد الديكاتور , سليل عائلة الطغاة "الأسد - بعثي -علوي " بشار ولد حافظ الأسد . وجوقته وزبانيته في الحكم . ومطيتهم السياسية المسماة : حزب البعث العربي الاشتراكي " ذاك الحزب الشوفيني .. ذو الخطورة علي سورية وشعبها وعلي لبنان وباقي دول المنطقة , وبشكل نسبي : علي السلام العالمي , أيضاً
منذ فترة , وددت لو أن " بوتن " قد سارع بالانسحاب من سورية . قبل هذا الوقت , ولو فعل لكان خيراً لروسيا .. وحقناً لدماء .. سواء بتدخله في سورية وبدون تدخله .. هي دماء وأرواح مهدرة مهدرة , ومدن مدمرة مدمرة . وبالتأكيد ..
لماذا أحسن " بوتن " بقرار سحب قواته من سورية .. الذي يعتبره كثيرون هزيمة . ومدعاة للشماتة فيه ..؟
باختصار , وبلا اطالة .. لقد قال منذ البداية . انه يريد أن يثبت للعالم . ان داعش هي من صناعة أمريكا وحلفائها دول الغرب .. وانهم يسعون لتدمير البلاد , ويتحسب لوصول الدعش.. حتي عقر داره في روسيا - ودول الاتحاد الروسي - ..
وقد أثبت ما أراد اثباته , وباستحقاق أخجل دول الغرب بقيادة أمريكا ... ولذا - وصوناً لماء وجوهها .. بدأت تلك الدول تغير موقفها من داعش , وتحاربها بجدية وليس تمثيلأً - كما كانت تفعل .. ولاسيما عندما اكتشفت دول الغرب أن " داعش " سوف ترتد عليهم وسيدور الدعش فوق رؤوسهم أيضاً .. وليس وحسب فوق الأهداف التي قصدوا دعشها ..
وبعدما حقق " بوتن " هدفه .. فهذا يكفي .. سواء انتهت داعش تماماً أو لم تنته .. فان بوتن لو أبقي قواته أكثر من ذلك - وبعدما نجح في تحقيق هدفه بجدارة عالية - فسوف يجد نفسه أمام حرب عالمية .. لا يحارب داعش وحدها .. بل سيواجه مباشرة دولاً أخري كانت تتخفي من وراء ظهر داعش .. وستظهر بكل قواها تلك الدول . وقد يصل الأمر لحد حرب عالمية ثالثة .. وهذا ما كان الجميع يخشاه . من أن تمتطي الحماقة رأس " بوتن " ويورط نفسه وبلاده وجيشه وشعبه والعالم كله في كارثة حرب أممية ثالثة ..
ان ما جري في سورية كان حرباً بين الاسلام الشيعي ( ايران وحزب الله اللبناني الشيعي , في ملعب نظام علوي لعائلة الأسد ) من ناحية , والاسلام السني ( السعودية وتركيا , ومن ورائهما الدول المستفيدة من تدمير سورية وأيدلوجية نظامها : اسرائيل وأمريكا وحلفائها ) ..
الي حد كبير نجح " بوتن" في دحر داعش .. وفضح كل من هم ورائها ... الذين صبروا وأطالوا صبرهم علي " بوتن " , وثابروا في مفاوضته وتفعيل الدبلوماسية , والضغوط الاقتصادية . لتفادي دمار العالم في حرب عالمية يصعب التكهن بكيفية نهايتها ..
ماذا لو لم يتدخل " بوتن " بقواته في سورية - وأبقي علي مساعداته للأسد . مثلما يبقي غيره في تلك الحرب القذرة مع الطرف الآخر - مساعدات غير منظورة تارة , ومفضوحة تارة أخري ؟؟؟ هل كان الدمار سيقل لو لم يتدخل بوتن عسكرياً في سورية ؟ وهل الأرواح والدماء , التي أريقت وأزهقت من جراء القصف الروسي .. كان يمكن أن تحفظ , وتحقن ؟؟
كلا .. بل - في تقديرنا - كانت ستزيد - ما لم تكن النتيجة واحدة .. ولا فرق الا بين الحسم السريع .. والضرب الرادع الجاد .. وعكسه..
لو افترضنا ان انسحاب " بوتن " ليس متفقاً عليه . مع أمريكا . وضمن خطة لتجفيف مستنقع الدم والدمار في سورية . وانما انسحب فراراً وهزيمة - والأمر لا نظنه كذلك - بانسحاب بوتن .. أمريكا وحلفاؤها هم الآن .. أمام الاختبار .. إما أن يكمل الحلفاء مهمة فض مهزلة وكارثة " داعش " وانهاء الحكاية تماماً .. و إما سقوط ورقة التوت .. التي تركها لهم " بوتن " تستر عوراتهم ..
فسواء تركها مختاراً - لدواعي الحكمة - أو تركها مضطراً ومهزوماً , أو بالاتفاق علي برنامج لحل كامل لتجفيف ذاك المستنقع الدموي الكريه والشديد القبح ..
ومن هنا ( وكما قلنا , بالموازين التقليدية للسياسة , وليست الموازين الدقيقة ..) نقول لقرار سحب القوات الروسية من سورية : برافو " بوتن " .. أحسنت .
==== ======
تعليقات
إرسال تعليق