آراء




                   قراءة أولية في أداء الحكومة القَسَم أمام الرئيس السيسي!

كم وددت وتمنيت أن يصيبني التفاؤل كما أصاب الكثيرين، على الأقل ليستريح الذين يتهمونني بأنني سيءُ الظن، ولا أرىَ إلا السلبيات، وأن اختيارات الرئيس هذه المرة ستكون مذهلة بحُكم خبرته المتجددة.
الطيبون ينتظرون مني كلمات طيبة تطبطب عليهم، وتفرز لهم عبقرية الرئيس في الاختيارات الجديدة.
حاولت أن أخدع نفسي، وأرى كل الألوان الرمادية تميل إلى البياض، وأشاهد مصر تقفز في الهواء لتسقط في مستقبل بديع ومبهر.
وللأسف فإنني لم أتمكن من أن أُخرج لساني السليط لنفسي الأمّارة بالسوء، والتي لا تثق قيد شعرة في الرئيس السيسي واختياراته المبعثرة والعشوائية والتي تشبه ثقته بعلي عبد العال وأحمد أبي الغيط.
وكما ذكر لي مسؤول مصري كبير .. كبير جدًا بأن أعضاء الحكومة يختارهم سامح شكري ويعرض الأسماءَ على الرئيس مع الإيحاء بأنهم الأكثر حماية له، وخضوعا لأوامره، وتنفيذا لأحلامه.
وطبعا اختار مصطفى مدبولي رئيسا للوزراء بعد سلسلة فضائح في الإسكان والتعمير وهدر الأموال.
الحكومة الجديدة ولو كانت كلها من الملائكة فهي أصفار متراصة ولا يستطيع أي وزير أن يدخل الحمّام أو يحلم في فراشه بغير ما يريد سيد القصر، فإذا أضفنا رئيس وزراء متهما بفضائح وعن يمينه رئيسا للبرلمان تساوي كفاءاته وثقافته ولسانه وتاريخه طفلا في السنة الثالثة الابتدائية فستعرفون لماذا امتنعت ذرة تفاؤل عن اقتحام صدري وعقلي وقلبي.
في نفسي حُزن لأن الذين يتابعون كتاباتي غاضبا على السادات ومبارك وطنطاوي ومرسي والسيسي يتملكهم ضيق، فهم يطلبون مني أن أصفق مرة واحدة ليهنأ نومهم.
لم أعهد نفسي في مصيدة العبودية البلهاء، فأنا لا أثق في الرئيس السيسي وفي اختياراته العبثية، وفي قدراته العقلية، وفي كفاءاته الذهنية، وفي صدقه لنور عينيه .. الشعب المصري؛ فهو كاذب من أم رأسه إلى إخمص قدميه.
أنا أكثر من غيري أتمنى أن أفرح، وأبتهج، وأغتبط، وأرى مصر في مقدمة الأمم كلها، في الثقافة والتعليم والصحة والعلاج والاقتصاد والسياحة والكتاب والتنوير والإعلام والعدل والأمن وخلو المعتقلات من الأبرياء وتدمير مشاعر النفاق واعتلاء الشباب والعلماء والفلاسفة والإداريين العظماء والمثقفين الموسوعيين سدة قيادة الدولة، فقد أرهِقْت بما فيه الكفاية منذ معارضتي للسادات وانتقاداتي لأربعين عاما خلتْ حتى الآن، باستثناء 18 يوما أمسك فيها المصريون الشباب الشمس فجاء العسكر والإسلاميون ليعيدوا تصدّر المشهد المظلم، ويخفوا نور الشمس وراء ظهورهم.
أحيانا أتمنى أن أصفع وجهي متحديا تشاؤمي، ثم أفتح فمي كالبلهاء وأضحك وأبتسم وأرقص وأبرر كل جريمة وخطأ من أجل أن يفرح بي أصدقائي وأحبابي وقرائي الذين يضايقهم انتقادي للرجل الذي يدير شؤون وطن من أغلى الأوطان وأعرقها.
لا أثق في رئيس الدولة قيد أنملة، ولا أريد أن أغادر الدنيا وأنا أحتقر نفسي وقد بصقتُ على قلمي بعد عدة عقود من قول الحق!
هذا الرجل يتجه بمصر إلى المهلكة، ويُحسن اختيار الأسوأ، وعبقري في ثقب جيوب الفقراء، ويهدر الأموال من أجل الأثرياء، ويحكم بقانون الطواريء، ويبريء القضاءُ في عهده أعتىَ المجرمين والطغاة، وينتقم من شباب ثورة 25 يناير الذين رفعوا رأس مصر .. فأذلها السيسي.
في عهده صعد المتسلقون والإعلاميون القردة والدعاة الدينيون المهبولون والمتخلفون والسطحيون، وانتشر الفساد، وتراجع العدل، واختفى في أقبية السجون خيرة شباب الوطن.
معذرة فلو جاء بمئة حكومة جديدة كل يوم فأنا أرتاب فيها، وأشك في قدراته وسامح شكري وعلي عبد العال لقيادة أعظم الأوطان بشهادة الأهرامات وأبو الهول.
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك، وحما الله مصر وشعبها وجيشها وأرضها وجُزرها من كارهيها ولو كانوا منها.
معذرة فأنا أكتب هذا الكلام وأنتم تحتفلون بالعيدين: عيد الفطر ووصول الفريق المصري لروسيا، ولا أريد أن أعكّر عليكم صفو هذين العيدين.
وسلام الله على مصر
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 14 يونيو 2018

تعليقات