مقالات عام 2008 - 12 الهوس السياسي والديني افساد للرياضة والفن
الهوس السياسي والديني افساد للرياضة والفن
المفروض أن هناك شيء اسمه روح رياضية .. فما معني ذلك ؟
لعله السمو فوق الأنانيات والتعصبات والتشنجات بكافة أنواعها.. . ليسود الود والحب الانساني بين الرياضيين فلا يتدنوا ولا ينجروا خلف حزازيات من أي نوع .. لا عائلية ولا قبلية ولا سياسية ولا دينية .. يتركوا كل تلك الأشياء ويدعوا الرياضة تسموا بهم فوقها ..
وكذلك الحال بالنسبة للفن .. نفس الشيء ..
ولذلك فان الفن والرياضة بامكانهما تأليف وتجميع وتقريب ما تتسبب السياسة والعقائد الدينية والقبليات و العرقيات في ابعاده و تفريقه ..
ولذا .. وبحكم طبيعة الرياضة السامية . فانها كانت الجسر والمعبر الذي فوقه تهادت المصالحة بين قوتين عالميتين كانتا متربصتين كل منهما بالأخري وذاب جليد سنوات من القطيعة بينهما – الصين وأمريكا – ومن خلال مباراة رياضية جرت مفاوضات لاقامة علاقة تقارب .. فتقاربا .. وكان جسر التقارب لا التنافر هو الرياضة ..
فماذا لو أن كل رياضي ذي خلفية سياسية له قضية تشغله وجاء بالملعب وأقحم شاغله السياسي في الرياضة ..! ؟
وماذا لو كان هناك رياضي آخر في نفس المباراة هو علي النقيض سياسيا من هذا الذي أقحم السياسة في حرم الرياضة ؟! ورفع هو الآخر فانلته أو عقيرته وأطلق صراخا سياسيا في معبد الرياضة ؟؟!!!
حينئذ قد يتحول حرم الرياضة التي تسمو بالانسان . الي معركة سياسية بين الطرفين .. !
هنا تخرج الرياضة عن مسارها ويهبط بها من السمو بالروح الرياضية والأخلاق الرياضية الي درك المشاحنة والعراك بسبب الهوس السياسي الذي لا يعرف صاحبه أين ولا متي يخرج ما عنده .. فيريد أن يسيس كل شيء في الحياة لتكون النتيجة هي افساد الحياة برمتها .. !!
ماذا لو كان بين اللاعبين لاعبا درويشا ينتمي ويتعصب لعقيدة دينية ما ولوح في الملعب بشارة من شارات أو استخدم طقسا من طقوس تلك العقيدة الدينية مقحما اياه في حرم الرياضة التي هي فوق كل التعصبات والعصبيات ؟!!
وماذا لو كا بنفس المبارة لاعب آخر ينتمي لعقيدة دينية أخري تتناحر وتتعارك مع عقيدة اللاعب الأول فتصرف هو الآخر علي نفس النحو معتديا علي حرم ولوائح وروح وأخلاقيات الرياضة ؟!!
هنا قد تتحول المباراة الي معركة دينية بين اللاعبين ويمكن أن تمتد للجمهور !!
ولكن ما يجب هو : عند دخول الحرم الرياضي يجب أن تتجمد وتتوقف عند عتبة الملعب كل العصبيات والتعصبات والحساسيات ولا يحضر سوي الروح الرياضة والسمو الانساني الذي يساهم في تهدئة تلك العصبيات والتعصبات للتقريب بين الانسان والانسان لا للمشاركة في اشعال تلك الحرائق الكامنة في الصدور ولا لمد حروب السياسات وحروب الأديان ضد بعضها الي حرم الرياضة أو حرم الفن ..
فلا يقدر الانسان حينها لا علي خدمة الحياة ليواصل الانسان والانسانية مسيرتها نحو سلام وازدها ولا يقدر الانسان بذاك الهوس السياسي الذي سمم به كل مكان بالحياة أن يكسب قضية سياسية .. !! وكيف يكسب انسان ما قضية وهو مهووس .. لا يعرف موقع العمل لأجل القضية بالتحديد ولا يميز بين ميدان العمل للقضية وبين ميادين الحياة الأخري .. فيخلط ويغلط ويفسد كل مجالات حياته فلا يصلح ولا ينصلح منها شيء !!
من حق اللاعب الرياضي أن يكون له انتماء دينيا يمارس شعائره في معبده وصحف عقيدته ..
ومن حق اللاعب الرياضي أو الفنان ان يكون له انتماء سياسي يعمل لخدمته ويدعو اليه ولكن من خلال الحزب السياسي وصحف الحزب ..
أما في حرم الرياضة أو في محراب الفن .. فتلك أماكن هدنة . استراحة .. يلتقي فيها الجميع في سمو بالحب والتسامح والرحمة .. لذا فللرياضة لوائح تراعي ذلك .. وكذلك للفن أصول وآداب وقواعد . مهما كان فنا ملتزما بقضية ما يعمل في خدمتها . فالفنان يضع في حسابه أن محراب الفن ليبث الفنان الملتزم من خلاله فنه بثا رقيقا رحيما لا يمكن أن يقود لصدام سياسي أو عقائدي .. فالرياضي والفنان يختلف عن السياسي المقاتل وحتي عن المفكر المقاتل .. – وكلاهما .. السياسي المقاتل والمفكر المقاتل بقلمه .. مالم يفهم كل منهما أن حرم الرياضة والفن يجب أن ابعادهما عن حدة معاركهما .. فذاك هو الهوس الذي كما قلنا يضر بالحياة برمتها ويفسد كل مجالاتها
بما في ذلك النضال .
نقول هذا تعليقا علي ما يفعله لاعب مصري يرفع شارات سياسية بالملعب ! مخالفا للوائح وتقاليد وأخلاقيات الرياضة ! وكان آخرها منذ أيام في المباراة التي جرت علي كأس افريقيا ..
واللوم لا يقع عليه وحده ولا علي المسئولين الرياضيين الذين لم يطبقوا عليه اللوائح الرياضية ويعاقبونه علي مخالفته تلك . ولا وحسب يقع اللوم علي النادي الذي ينتمي اليه ذاك اللاعب ولم يحاسبه ويعاقبه من أول مرة خرج فيها عن اللوائح و انشق عن الروح الرياضية . .. بل العيب الأكبر علي أولئك الذين يصفقون له لكونه يشاركهم في هوسهم السياسي ! ويعدونه بطلا يعبر عن جموع من الملايين ! وليس رياضيا غير منضبط . فاقد للالتزام مسيئا للروح الرياضية ..!
-------
تعليقات
إرسال تعليق