مقالات عام 2008 - 7 فن استخدام الألوان


فن استخدام الألوان



لا يوجد لون بلا أهمية .. كلها مهمة . سواء المشرق منها أو المعتم . الزاهي منها أو المطفأ .. كلها مهمة ولكن
الأهم هو معرفة كيفية استخدامها في مواضعها واوقاتها ومناسباتها وبمقاديرها الصحيحة ..
دون أن ننسي عامل اختلاف الاذواق .. الا أن هذا لا يعني أن هناك قاعدة عامة للذوق .. مع احترام حق أصحاب الذواق المخالفة للذوق اللوني العام . فتلك مسالة شخصية ..
اللون الأسود الحالك الذي يصدم الناس .. سوف يختلف امره اذا تواجد في بنطلون حالك السواد ومعه قميص أيض ناصع البياض فانهما يصنعان معا ديالوجا جميلا يحبه من ينقبض من اللون الاسود ! ..اذن المهم هو أن نعرف كيف نضع اللون الاسود الحالك في موضعه ..
وحتي الزهور .. كلها زهور الا ان الوانها قبل رائحاتها المختلفة تجعلنا نحب بعضها عن البعض الآخر ..
ولو وضعت الزهور بتنسيق .. أين وكم من الزهور البيضاء نضع ؟ وأين وسط الباقة وكم من الزهور نضع ؟ الزهور الحمراء ؟ في الوسط أم علي الحواف ؟ يمينا أو يسارا ؟ واحد ة أم أكثر ؟ وكذلك الحال بالنسبة لباقي الزهور ..
بالتأكيد سوف يختلف الوضع والاحساس والجمال كثيرا عما لو جمعنا صحبة زهور ارتجالا معا بدون تنسيق ألوانها وعدد الزهرات المستخدمة من كل لون ...
أتذكر درسا في كتاب اللغة الانجليزية الذي كان مقررا علينا في الدراسة الاعدادية كان عن فن من الفنون التي تدرس عند اليابانيين واسمه فن تنسيق الزهور ..
وطبعا ليس تنسيقا حسب الروائح بل هو تنسيق حسب ألألوان .. لأن ألوان الزهور هي التي سنراها عن بعد .. بينما الروائح لن نحس بها الا لو اقتربنا منها - في الغالب - . أي أن تنسيق الألوان هو مهم حتي في الزهور التي هي جمال خالص أو يكاد .. ليزداد الجمال جمالا بالتجميع المنسق ..
تصلنا مواقع اليكترونية – وتجديداتها – من قرائنا الأعزاء ومن بعض الصحف الالكترونية . ومنها من يستخدمون ألوانا كثيرة فيها ما هي موفق جدا ومنها ما يحتاج للتوفيق .. رغم أن كلها ألوان .. ولكن الفرق بين الموفق وغيره هو : التنسيق .. تنسيق الألوان ..
منها ما هو كالمرأة التي تعرف كيف تضع مكياجا علي وجهها خفيفا وساحرا ..
ومنها ما لا يحتاج وجهها لماكياج .. ويتسبب الماكياج في اضاعة قدر من جمالها الطبيعي الذي لم تفطن له ولم تعرف كيف تتعامل معه ..
ومنهن من تلطخ وجهها تلطيخا بالوان زاعقة مبهرجة ظنا نها أن الجمال في الألوان .. وخاصة الزاعقة ..!
ومواقع أو مدونات تكتب صفحات بها بأرضية ذات لون معتم وفوقه كتابة بلون آخر معتم أيضا ! فأري عتمة بداخل عتمة ..! لا أستطيع تبين شيء منها وأنا راغب في القراءة ..! فأنصرف عنها .. والسبب عدم استخدام الألوان بشكل جيد .. وهذا أجده بموقع شاعرة مصرية صديقة – وكذلك بموقع جريدة سياسية مصري هي غاية في الجرأة والثراء .
وشاعرة من احدي دويلات الخليج . أفتح رسالة بها تجديد لموقعها فيتلقفني سواد حلك عريض المساحة وكأن برميلا من النفط قد انسكب منها فوق الصفحة ..! فأصدم بالطبع ..
أقرأ بعضا من مادة موقعها وأحاول قراءة البعض الآخر فلا أتمكن لأن لون الصفحة ولون المكتوب فوقها عبارة عن عتمة بداخل عتمة أخري .. فلا أري شيئا سوي العتمة .. فتضيع فرصة الاستمتاع بالقراءة .
أعرف أن الشاعرة المصرية الصديقة تصمم ألوان موقعها بنفسها . لذا أقول : ربما . ربما وراء العتمة الكثيرة بألوان موقعها ترجع لظروف اجتماعية خاصة بها . أعرفها .. – مجرد احتمال - .
وأما أختنا الشاعرة العربية .. فغلبا هي تصمم موقعها أيضا بنفسها وربما – وأقول ربما – وراء ذاك السواد الحالك الصادم - من وجهة نظرنا علي الأقل – مأساة وطنية أو قومية – استنتاج .. - . وسواء كان الميل للعتمة السواد الحالك مكتسبا أو موروثا كصفة بداخل الانسان ولا حيلة له ولا ذنب عليه فيه .. سواء هذا أو ذاك .. فلا حرج من أن نقول انطباعنا نحن المتلقين . واحساسنا .. فقد يؤدي الي تغيير أو محاولة التغيير ولو من باب الاشفاق علي المتلقين . واضاء البهجة علي ما يحيط بالانسان بالخارج من الممكن ان يزيح أو يقلل من كآبة ما بداخله وكذلك اشاعة النور والألوان الزاهية والناصعة من حول الانسان من الخارج من الممكن أن يزيل أو يقلل عتمة ما بداخله أيا كان سببها ظروف اجتماعية أو وطنية أو حس موروث جينيا . وكل تلك أشياء يمكن ان نتعرض لها أو لشبيه آخر بها – وربما كان لدينا - . نحن أو أي انسان .
أتذكر فنانا تشكيليا مصريا . رأيت معرضا له بأتيلييه القاهرة منذ سنوات . فرح كثيرا عندما كتبت له في دفتر زوار معرضه :
شكرا للفنان . معرضك عرس بهيج من الألوان . استطعت أن تقول فيه كل ما يمكن أن يقوله في هذا الصدد فنانون آخرون يلطخون لوحاتهم بالعتمة والقتامة والسواد الجالب للاكتئاب واليأس وكراهية الحياة . فشكرا لك لانك تركت لنا بابا للابتهاج يبقي علي شمعة الأمل .
==

تعليقات