مقالات عام 2008 - 16 تحفيظ القرآن والاعتداء علي الطفولة


تحفيظ القرآن والاعتداء علي الطفولة



في عهد محمد كان الذي يحفظ قرآنه عدد من أصحابه . . ولم تظهر فكرة حفظ القرآن الا في عهد صهر محمد – نسيبه – زوج ابنتيه . عثمان بن عفان . وبسبب كثرة الحروب ضد شعوب الدول المجاورة . حيث وجد عثمان أن من يحفظون قرآن محمد يتناقصون . فخشي من أن يموتوا كلهم ويضيع القرآن . فتشاور مع من حوله في الحكم ورأوا ضرورة حفظ القرآن . ولم يفكر أحد منهم في حفظه الا بالتدوين . النسخ . بكتابته فيحفظ مكتوبا . ولم يفكر أحد منهم في احضار الأطفال الصغار وتحفيظهم القرآن كرها وبالزجر والضرب . وممارسة الارهاب التعليمي التحفيظي الببغاوي عليهم . مثلما يحدث الآن مع الصغار .!
وأيام عثمان بن عفان لم تكن المطبعة قد اخترعت بعد . وكان التدوين كله بالكتابة واستنساخ النسخ بخط اليد . وكان ذلك طبعا يأخذ وقتا كبيرا في كتابة النسخة الواحدة . وخاصة أن عدد سور وصفحات القرآن كثيرة ومنها سور طويلة .
والآن بعد اكتشاف المطبعة . صارت النسخ المطبوعة من القرآن بالملايين وربما بالمليارات .
وبعد اكتشاف تسجيل الصوت علي اسطوانات . صار القرآن مسجلا بأصوات قراء لا حصر لهم وبأصوات مختلفة بلا عدد .
وفي بلد كمصر توجد اذاعة خاصة لا شغلة لها ولا مشغلة سوي تلاوة القرآن ليلا ونهارا
والمزايدة في كل شيء عند الناس ولاسيما أصحاب المصالح كمن يريدون اثبات أنهم ملكيون أكثر من الملك نفسه ! وكمن يظهرون أنهم مسلمون أكثر من الاسلام نفسه ومن المسلمين الأصليين انفسهم ! وأكثر من مخترعي الاسلام وأهله ومواطنيه ذاتهم !. اما لغرض التقية أو للمصلحة . . هذا شيء وارد .. المزايدة ..
ولكن أن تصل المزايدة لحد حشو ذاكرة الأطفال الغضة بكتاب ضخم . معانيه قل أن يتفق حولها رجال الدين أنفسهم ..! واكراه أطفال أبرياء علي حشو أدمغتهم كما تحشي الأجولة .. وبالضرب والترغيب والترهيب من مدرسين شرسين تعلموا وينقلون تلك الشراسة المغموسة في قداسة من أسلاف سابقين ..
فتلك جريمة في حق الأطفال والطفولة .. .
تكلمت في مقال سابق - 17-4-2007 - عن لقائي في مؤتمر بسويسرا و ناشط كردي لا يعرف كلمة واحدة من لغة القرآن . وقال لنا – بترجمة من الكاتب الكردي الناطق بالعربية الأستاذ - هوشناك بروك – أنه كمسلم كردي لا يعرف حرفا من اللغة العربية . حفظوه القرآن بأكمله وهو طفل صغير . وحتي الآن لا يعرف حرفا واحدا من اللغة العربية ..! (!) .
تلك جريمة ..
فذاكرة الطفل – والكبار أيضا - كأي شيء له حدود واتساع ، وقدره . حتي الكمبيوتر نفسه الذي لا يقدر الانسان علي مجاراته في قدرته علي الحفظ واستدعاء المعلومة .. الكمبيوتر نفسه له طاقة له اتساع محدد ( يسمونه " جيجا " ) ..
الكمبيوتر نفسه . اذا استخدمته لمدة طويلة نشعر بأنه قد تعب .. نعم يتعب ! فاذا أغلقت صفحة تجدها تغلق انهيارا ..! لا تختفي بسرعة وخفة ورشاقة بل انهيارا ..! لأنه تعب ..! واذا انتقلت بالكمبيوتر من موقع لموقع فانه ينتقل ببطء – لأنه تعب ..! – كما تتعب آية آلة لكثرة تشغيلها أو تحميلها فوق طاقتها..
وهكذا عقولنا نحن البشر .. تتعب بأكثر مما تتعب الآلة . .. حتي نحن الكبار لو كنا في محاضرة أو مؤتمر أو ندوة أو جلسة .. ان طالت بعض الشيء أحس المجتمعون أن عقولهم قد أجهدت ولا تقدر علي مزيد من الاستيعاب .. لذا جعلت فترات استراحة . لتستريح العقول وليست وحسب الأبدان .. فكلها لها طاقة وقدراتها لها حدود ..
فالانسان الذي يحفظوه وهو طفل صغير كتابا ضخما بلغة لا يفهم منها شيئا – أو حتي يفهم - .. لا بد وأن هذا سوف يأخذ من جيجا ذاكرته مساحة تحمل ما لا معني له علي الاطلاق لأنه لا يفهم منها شيئا ! وستكون تلك المساحة
علي حساب شيء آخر .يريد صاحب تلك الذاكرة حفظه بها فلا يتمكن . ومع تقدمه في السن . سيكون هذا له تأثير سلبي علي صحته وقدرته الذهنية .. انها جريمة في حق الطفولة .. ويدفع الطفل ثمنه أكثركلما تقدم به العمر ..
ان القرآن موجود علي الانترنت بمواقع لا عدد لها . والكمبيوتر الآن موجود بكل مكان . مالم يوجد ببيوت التلاميذ فهو موجود بالمدرسة وان لم يوجد بالمدرسة فهو موجود بالمكتبة العامة وان لم يوجد بالمكتبة العامة وجد بمحلات تأجير الانترنت بالساعة ..
وباستطاعة أي انسان أن يعرف أي شيء بالقرآن بدون أن يحفظه . من علي الانترنت في دقيقة واحدة . بفتح أي موقع للقرآن والبحث . ان يريد عن الحج أعطاه علي الفور نصوص كل الآيات التي تتكلم عن الحج .. ان يريد عن الصوم .. نفس الشيء .. وفي دقيقة واحدة يعطيه كل ما يكون في حاجة لمعرفته ..
فان كان باستطاعتنا بالفعل أن نسافر بالطائرة .. فما هي الدعوة للاصرار علي السفر بالجمل ؟!
وان كان لدينا كمبيوتر يحفظ لنا ما نريده من معلومات ونحصل عليها منه بسرعة خارقة .. فما هو الداعي لحفظها وتستيفها بعقول الأطفال الصغار والاصرار علي ذلك كل الاصرار ؟!
ان الأطفال النوابغ الاستثنائيين الذين لديهم القدرة علي حفظ القرآن بأكمله في سن مبكر للغاية - 6 : 8 سنوات – الأجدر بنا أن نملأ عقولهم بجرعات مناسبة ومحسوبة من العلوم المفيدة العصرية الحديثة المتنوعة .. لتخرج منهم عبقريات مثقفة علي مستوي علمي وانساني راقي .– لا عقليات محدودة التعبئة والتخزين ! -
فما هي دواعي تحفيظ الأطفال الصغار بالضرب والزجر وارهاب تعليمي .. هل لكون ذلك قد أضحي سبوبة .. مؤسسات ومدارس ومعاهد ومدرسون يكتسبون الرزق من وراء تلك ارتكاب الجريمة ! ورؤساء دول – كمصر – يسلمون جوائزا بعشرات الملايين لببغاوات صغار نظير حفظ غير واعي .! وميزانيات وجهات تتبرع طمعا في ثواب وحسنات من وراء اعتداء علي الطفولة بزعم تحفيظهم كلام جاء من عند الله ! ؟؟؟!!
وليدرك القراء أبعاد تلك الجريمة التي ترتكب في حق الطفولة .. :
المقال القادم سوف يكون عن التكرار الكثير والحشو في القرآن . من أيات مكررة عدة مرات ومعاني واحكام مكررة عدة مرات !! وقصص مكررة عدة مرات !! بدون أي مبرر سوي الحشو ..! ولو حذفنا ذاك التكرار غير المبرر وغير اللازم لما بقي من القرآن أكثر من الثلث فقط .. لعلنا ندرك هنا حجم جريمة تحفيظ الأطفال وحشو عقولهم الغضة . بكتاب ضخم لا يلزم منه سوي الثلث فقط ! – لو كان ذاك الثلث لازما حقا أو يخلو من تحفظات أخري كثيرة .. - !
فالي المقال القادم " الحشو والتكرار بالقرآن " .
== == ==

تعليقات