مقالات حرة



كيف ولماذا اختفت سوريا من الوجود؟



في الواقع، انتهت سوريا التاريخية ولاّدة الحضارات والتاريخ والشعب العريق من الوجود عمليا مع غزو دواعش بني أمية الوثنيين واحتلالهم لها في ثلث القرن السابع الميلادي والقضاء على حضارتها وتراثها الإنساني وطمسه نهائيا لصالح تاريخ الوثنيين الزناة السباة الذين تحدثوا عن ظهور نبي عندهم وجب على السوريين عبادته وتقديسه دون أن يروه ودون أن يعرفوا عنه شيئاً سوى المرويات التي نقلها المحتلون الوثنيون، وكان عليهم التسليم بتلك الرواية دون أي أي قيد أو شرط وتحت طائلة القتل والسبي والسحل أو دفع الجزية وهم صاغرون، هكذا بالضبط حدثت وتمت أسلمة سوريا وحلت محل الثقافات السورية التقليدية التي غلب عليها طابع الخصوبة والعطاء نظراً لبيئتها الطبيعية المعطاء والخصبة حيث الماء والغلال الوفيرة ثقافة القحط والجدب والجفاف ويباس وتحجر العقل التكفيري القادم من الصحراء والذي أطلقوا عليه فيما بعد دين الإسلام..

كان على أولئك السوريين القدماء الاستسلام والإقرار بالثقافة الجديدة وتقمصها وإتباعها حكما وغصياً رغم عدم قناعة البعض فيها نظراً لغرابتها وعدم مواءمتها واتفاقها مع الفطرة البشرية وقد عبـّر مؤسس الإسلام عن ذلك ينفسه حين قال: " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء " وصار اتقاء شر الغزاة وبطشهم همّ السكان المساكين فتوارثوا الثقافة الجديدة وأصبحت جزءاً منهم وصاروا جزءاً منها لا بل صاروا من أشرس المدافعين عنها، وممن يبررون تلك الجريمة التاريخية والغزو والاحتلال الوثني العربي الإسلامي لسوريا ومحوها من الوجود وشطبها تماماً وصار اسمها لاحقها بعد الانقلاب على سايكس بيكو ومشروع الدولة الوطنية و"بعث" الخلافة من جديد "الجمهورية العربية (أي الإسلامية حسب عفلق) السورية، وصار هناك حزب عربي (إسلامي) فاشي متشدد اسمه حزب البعث يحكمها بالحديد والنار ويتابع جريمة التطهير الثقافي وغسيل الدماغ وسياسة الاسلمة والتعريب التي بدأها الغزاة الأمويون الوثنيون العرب لسوريا، ولذا نرى معظم رموز النظام والناطقين باسمه يتغنون بالعروبة وينسبون سوريا للغزاة الأمويين بكل زهو وافتخار في واحدة من أغرب ممارسات الرق السياسي بالتاريخ والتجسيد المطلق لمتلازمة استوكهولم بعشق وتقديس العبيد للسادة والغزاة ورموز الاستعمار.

ومن غرائب ما يحصل اليوم هذه الهجمة الإسلامية السلفية الظلامية الغريبة بسوريا التي تجلت بسلسلة من الإجراءات والقرارات التي باتت تحدث تباعاً في استمرار لسياسة الأسلمة والتعريب وتحويل سوريا لدولة دينية فاشية متزمتة ومغلقة على النمط السوداني والإيراني والسعودي والأفغاني.

وقد أحدث قانون مجهولي النسب الأخير عاصفة عارمة عند السوريين سواء عند إقراره تحت قبة البرلمان السوري (مجلس البعث)، أو بعدما وصل للجمهور السوري وأشعل موجة حادة من الانتقادات التي ما كادت تنطفئ منذ اقتحام وزير الأوقاف لذات المجلس المذكور ليقرر ويفرض على قمة هرم المشرّع السوري فلسفة ورؤية سيء الذكر والصيت وإمام التكفيريين وسيد الدواعش ابن تيميه طالباً منهم (أي من زمّاري وطبالي مجلس البعث وعلى فكرة كلهم تقريباً معينون ومعتمدون ومختوم عليهم من المرجعيات الأمنية الشهيرة في سوريا التي تقبض على الهواء وأوكسجين الشعب السوري) اعتماد تعاليم ابن تيميه كمنهج وخارطة طريق لهم عند مناقشة أو إقرار أي شيء يتعلق بالشأن السوري.

المهم العلمانية والتنوير تتراجع ويضيق أفق الحداثة وتتراجع النهضة ويوأد الإبداع وتذبح التعددية التنوع وتموت أماني الكثيرين وتنعدم الأحلام بوطن حر منفتح متنوع متعدد عزيز كريم...

وشخصياً أنا مع إقرار قانون تجنيس مجهولي النسب رغم أن هذه الجنسية البائسة لم تعد مغرية لأحد وصارت مصدر شؤم ولا تطعم ولا تغني من جوع وقد حدث معي من أيام عملية إذلال ومهانة لا توصف على يد الأمن العام اللبناني في معبر العريضة وكنت مدعواً لعمل إعلامي حيث رددت على أعقابي من الحدود بعد انتظار 10 ساعات عانيت فيها، كما كثيرون، شتى أنواع الإذلال والمهانة والتعذيب النفسي بسبب "جنسيتي السورية"(العربية البعثية)، أقول أنا مع إعطاء الجنسية لهؤلاء الأطفال الضحايا ومع الجانب الإنساني والعدلي والقانوني الإنساني الدولي، لكن أن تختار دولة ونظام سياسي ما الديانة لـ"لقيط (وعذراً جداً لضرورات استخدام التعبير)، وتفرض عليه طائفة ومذهباً ما، وتحديداً "السني" (والعذر مرة أخرى لضرورات استخدام المصطلح والكلمة)، فهذه فاشية لم تسبقنا لها دولة في العالم وهو انحطاط بكل معنى الكلمة وانحدار وإهانة يجب ألا يرضى عنها أصحاب المذهب المعني بالموضوع، لإلصاق تهمة الإرهاب والزنا والسفاح و"الحرام" افتراضياً به وأول من يجب أن يتصدى ويرفض الموضوع هو وزير الأوقاف العبقري قائد ورمز ورأس حربة مشروع أسلمة ووهبنة وقبسنة وبدونة وطلبنة وأفغنة وسعودة وأظلمة وتصحير وتفخيخ سوريا، ناهيكم عن احتمال ألا يكون هذا "اللقيط"، مسلماً من الأساس فكما نعلم أنه كان هناك ضباط إسرائيليون ومرتزقة أوروبيون ومن مختلف الجنسيات وأمريكيون غير مسلمين ضمن المدربين والدواعش "ثوار سوريا" في عز احتدام واستعار أوار الحرب. (كل هذه المعطيات الواردة طبعا من الإعلام المقاوم ورجاء عدم المسخرة والضحك)...

ومع إقرار قانون مجهولي النسب، البشرى لكم أيها السوريون، سيكون لمجهولي النسب، هؤلاء شأن عظيم في القادم من تاريخ سوريا وتذكروا فقط المماليك والسلاجقة وكافور الأخشيدي وقد يكون أحد قادة سوريا المستقبل صيني "إيغوري" الدم واللحم والشحم، ومن زرع نطفته في رحم مجاهدة الاستنكاح المقدس من إقليم "جينغيانغ"Xingyang) ) حيث الأقلية التركمانية الذين استقدمهم الفاتح بأمره الخليفة سيدهم أردوغان لنصرة "ثوار سوريا" وشكـّلوا لاحقا النويـّات الأساسية الضاربة للفصائل والفيالق التركية "الثورية"، ولم لا فالعـِرق دسّاس كما قالت الأعراب؟

ولا تنسوا تتذكروني أنا بعد عمر طويل....

تعليقات