"اوتزي" رجل الثلج يكشف أسرار الحياة قبل آلاف السنين


مونت كارلو الدولية - 19/09/2016
رجل الثلج "اوتزي" الذي عاش قبل الاف السنين، والذي تم اكتشاف المومياء الخاصة به في جبال الالب الايطالية، قبل 25 عاما، أصبح منجما علميا للباحثين.
في التاسع عشر من ايلول/سبتمبر من العام 1991، اكتشف متسلقان المانيان، هلموت واريكا سيمون، هذه المومياء على ارتفاع ثلاثة الاف و210 أمتار، وكانت الجثة في حالة جيدة لدرجة أثارت شبهات الشرطة التي ظنت أنها حديثة العهد، وفتحت تحقيقا بالأمر، قبل أن يتبين أن الجثة التي كشف ذوبان الجليد النقاب عنها، بسبب ارتفاع درجات الحرارة بفعل الاحتباس الحراري، تعود في حقيقة الامر الى خمسة الاف عام.
هذه المومياء أثارت عددا كبيرا من الأسئلة، ومنها أفكار سيتم بحثها في مؤتمر علمي افتتح يوم الاثنين في ايطاليا.
أطلق على هذه المومياء اسم "اوتزي"، وهو اسم الوادي الممتد على الحدود الايطالية النمساوية حيث عثر عليها، وسمحت الظروف الطبيعية الباردة بين طبقات الجليد في هذا الوادي للجثة بالصمود عبر آلاف السنين.
وتقول انجيليكا فليكينغر مديرة متحف بولتسانو في إيطاليا، حيث تحفظ المومياء، التي تجذب أكثر من 260 ألف زائر سنويا "رجل الجليد هذا واحد من المومياوات الأهم في تاريخ البشرية"، موضحة أن رجل الجليد "فتح بابا فريدا من نوعه لدراسة أحقاب ما قبل التاريخ، ولدينا بفضله كم كبير من المعلومات".
في العام 2001، توصل الباحثون الى تحديد سبب وفاة رجل الجليد هذا، الذي مات بين العامين 3350 و3100 قبل الميلاد جراء نزيف تسبب به سهم اصاب كتفه الايسر، كما تبين للعلماء، أيضا، أنه أكل لحم وعل قبيل وفاته، وحددوا ان الوفاة وقعت في فصل الربيع بسبب وجود حبيبات لقاح ازهار.
وفي العام 2012، كشفت فحوصات عملية حديثة أن لون عينيه كان بنيا، وان لون شعره كان اسود، وانه ينحدر من جماعات ذات خاصيات مشابهة لسكان سردينيا وكورسيكا، وكان عمره 46 عاما عند الوفاة، وطوله متر و60 سنتيمترا، وكان يزن خمسين كيلوغراما.
وتمكن العلماء من الذهاب إلى ابعد من ذلك، إذ توصلوا الى أنه كان مصابا بحساسية ضد منتجات الحليب، وأنه كان عرضة للإصابة بأمراض القلب الوعائية، علما ان الرأي العلمي السائد كان يقول ان هذه الامراض سببها نمط الحياة الحديثة.
وعزز تحليل البكتيريا في معدته الرأي القائل بوقوع هجرة كبيرة من الشرق الاوسط الى أوروبا في وقت مبكر عما كان يعتقد العلماء، وأثار العثور على جرثومة المعدة أو "الملوية البوابية" في أمعائه اهتماما خاصا بين العلماء، علما ان هذه البكتيريا منتشرة كثيرا اليوم وهي مسؤولة عن الاصابة بالقرحة والامراض السرطانية، وفقا لالبرت زينك مدير المؤسسة المعنية بالابحاث حول "اوتزي"، الذي قال "ربما كانت هذه البكتيريا مفيدة في ما مضى، تسهل هضم اللحوم، ثم اصبحت ضارة بعد ذلك".
لكن الغموض ما زال يلف شخصية رجل الجليد، حيث أظهرت الدراسات أن لباسه كان متقن الصنع، ويضم خمسة انواع من جلد الحيوانات، وعثر بحوزته على جعبة كاملة من المعدات، منها فأس نحاسي، وهي الاداة الاكثر تطورا في ذلك الزمن على الارجح، وخنجر حجري، وأداة لاشعال النار، وادوات طبية.
وتحوم الاسئلة الكثيرة حول ما إذا كان "اوتزي" مشعوذا ولاسيما لوجود 61 وشما على جسمه، ام كان منبوذا من مجتمعه؟، وماذا كان يفعل عند هذا الارتفاع؟، ولماذا قتل؟، ولماذا لم يدفن؟

ويحاول العلماء المجتمعون في مؤتمر بولتسانو الاجابة عن هذه الاسئلة، فيما يأمل البعض في ان يؤدي ذوبان الجليد الى اكتشافات جديدة مماثلة.

صورة لـ "أوتزي" عند اكتشافه عام 1991

تعليقات