تحقيق ومحقق ديموقراطي

صلاح الدين محسن

18-9-2916

المحقق : اطمئن , أنا محقق ديموقراطي , وسأتعامل معك كما لو كنا أصدقاء ..

المتهم : حسناً سيدي المحقق

المحقق : س .. سؤال : لماذا تركت الإسلام , وأصبحت ملحداً ؟

المتهم : سيدي .. أنا لم أتعاقد مع الإسلام ولا غيره . علي الايمان به .

المحقق : ماذا تقصد بلم تتعاقد مع الإسلام ؟؟

المتهم : لقد ولدت , فكتبوا لي وأنا طفل رضيع , انني مسلم الديانة ..  وبعدها كتبوها لي رغم أنفي  , بكل مستنداتي الرسمية ..

المحقق : وضّح لي أكثر

المتهم : أنا لم أبرم عقداً مع الإسلام علي الايمان به .. ولست مسلماً , ولا ملتزماً بما كتب في شهادة ميلادي , وقتما كنت طفلاً رضيعاً ..

المحقق : فهمت .. ( يهمس له بلهجة أخوية ) : أنت لم تتعاقد , ولكننا تعاقدنا .. تعاقدنا مع المملكة .. (  - بهمس -.. عقد غير مكتوب )..

المتهم : أية مملكة يا سيدي ؟

المحقق : المملكة العربية السعودية ..

المتهم ( مندهشاً ) تعاقدتم معها علي ماذا يا سيدي ؟!

المحقق : تعاقدنا معها علي حماية الإسلام .. من أمثالك , ممن يتركون الإسلام , وممن لا يرغبون في دخول الإسلام  بالتي هي أحسن ..

المتهم : في مقابل ماذا يا سيدي تعاقدتم  ؟

المحقق : طبعاً ليس من حقك هذا السؤال , لكن كما قلت لك , أنا محقق ديموقراطي , وأتعامل مع المتهم , كأخ وصديق .. أرأيت كم أنا ديموقراطي ؟!

المتهم : رأيت يا سيدي , رأيت ..  فما هو مقابل قيامكم بحماية الإسلام , لصالح السعودية ؟

المحقق : هذا لصالح الدخل القومي ..

المتهم ( باندهاش ) : الدخل القومي !؟ وما علاقة الدخل القومي بذاك التعاقد !؟

المحقق : أيضاً ليس من حقك هذا السؤال , ولكن كما قلت لك , أنا محقق ديموقراطي ,.. وسأقولك لك بأخوية , هذا كلام في سرك ..

المتهم : نعم يا سيدي .. في سري , وسيبقي السر في بئر ..

المحقق : السعودية ترسل لنا بنفحات من المكرمات الملكية , من خادم الحرمين الشريفين .. بضعة ملايين من الريالات اللذيذة , تساعدنا علي إنعاش اقتصاد عائلاتنا ,, أنت تعرف ان أعباء المعيشة صعبة , والغلاء فظيع .. فلابد وأن نستعين بالمكرمة الملكية السعودية. وبالحلال. أليس كذلك ؟

المتهم : حلال زلال .. لكن أخشي يا سيدي أن تكون تلك رشوة , وتتهمون في يوم ما بتلقي أموال من جهات خارجية , لأسباب غير مفهومة ..

المحقق : هيه ..؟ هيه .. ؟ لا , لا .. انها ليست كذلك .. بل هي كما يقول هؤلاء المسمون مثقفون : بضاعتنا ردت الينا ..

المتهم : بضاعتنا ردت الينا ..! أعرف تلك النظرية الحمدانية , لشيخ مشايخ المثقفين " جمال حمدان " .. لكن سيدي , عفوا .. كيف تكون منحة سعودية يعتبرها البعض مشبوهة . هي بضاعة مصرية وردت لمصر ؟؟

المحقق ( هامساً ) انها من فلوس الحج والعمرة , التي تدخل خزينة السعودية من جيوب المصريين ..

المتهم : يعني كما يقول المثل الشعبي " من ذقنة , واقتل له " ..

المحقق الديموقراطي ( ضاحكاً ) عليك نور ... بس كل حاج وكل من أدي العمرة , بتحسب له في ميزان حسانته , فوووق , عند ربنا .. فالحجاج والمعتمرون يكسبون حسنات . ونحن في جهاز الأمن , والرئاسة , والقضاء , وباقي الأجهزة المعنية .  نكسب مكرمات من خادم الحرمين الشريفين .. وهذا يفيد خزينة الدولة .

المتهم ( تبدو عليه علامات الذهول , ويكاد يهم بالانفجار غاضباً , ولكنه يتماسك ) ....

المحقق : شفت أنا محقق ديموقراطي ازاي .. لكن .. ( يعلو صوته ) حِسك ..عينك , ان الكلام دا يطلع برا .. مفهوم !؟

المتهم ( بصوت تطميني ) هون عليك يا سيدي .. فكثيرون يعرفون ما قلته لي , وليس سراً ..

المحقق : لا يهمنا انهم يعرفوا .. لكننا ننكر ذلك تماماً ولا نعترف به لأحد .. فقط لأنني محقق ديموقراطي , وأحب أن أتعامل مع المتهم كأخ , كصديق .. ألم تشعر بذلك ؟

المتهم : نعم نعم أشعر ..

المحقق : نعود لموضوعنا : لماذا تركت الإسلام , ولماذا تزدريه بالإعلام .. ألا تعرف أن القانون يحرم ويجرم , وهكذا تعرض نفسك للسجن ؟

المتهم : سيدي أنا لا أزدري . أنا أعبر عن رأيي , أتكلم بالحجة وبالمنطق وبالأدلة الدامغة  , وهذا حق دستوري , ومادة  تحريم وتجريم انتقاد الأديان . الإسلام بالذات ,هي مادة غير دستورية , ومخالفة لمواثيق حقوق الانسان الدولية ..

المحقق ( بشيء من الاستياء ) .. لا لا .. انت هكذا .. سوف تقضي عقوبتك .. كما ينص القانون , وبعدها تكون عملت مراجعة , وغيرت قراءاتك .. و ربنا يهديك , وتعود الي رشدك . واعلم بأننا مادمنا قد أخذنا المكرمة الملكية.. فمن أخذ الأجر حاسبه الله علي العمل , وملزمون بأن نؤدي عملنا . فلا تلومنا ,, ( بصوت خفيض ) أكل العيش مر ..
المتهم : ( يتمتم بصوت يسمعه المحقق ) : أُحرس القصب بالقصب , وأُحرس الإسلام بالمكرمة الملكية السعودية , التي هي من فلوسنا , فلوس الحج والعمرة . ونحرس لهم بها اسلامهم .. !

المحقق : ( يتجاهل ما قاله ) والآن سأعيدك الي محبسك ...

====