يوم القيامة - ومحاسبة كبير الايزيديين بالعراق


يوم القيامة - ومحاسبة كبير الإيزيديين بالعراق
(الذي عاصر ظهور منظمة داعش الاسلامية  )
------  
تأليف : صلاح الدين محسن 
15-9-2016
-----
قاعة المحكمة ( يفتح عنها ستار )
قفص  حديدي ، يحتجز فيه كبير الايزيديين ، في يديه الأغلال  , ومنصة القضاء )
----------- 
حاجب المحكمة ينادي :
محكمة .. جاء يوم الحساب ...
( يكمل ) : هنا سدرة المنتهي .. بقيادة رب العزة والجلالة تبدأ محاكمة كبير الايزيديين العراقيين ، وقت وقوع الطائفة تحت سطوة داعش ...

حاجب المحكمة : المتهم .. كبير الايزيديين .. أقبل

(  الملاك المرافق له يصحبه من القيد الحديدي ، يفك القيد من يديه ، ويتقدم به امام هيئة المحكمة )
رئيس المحكمة : كيف تركت رعيتك للقتل , وسلب ممتلكاتهم ، ونسائهم للأسر والاغتصاب ، والبيع في سوق للجواري ، والأغلبية للفرار الي شعاب الجبال بلا ماوي ولا طعام ولا شراب ؟
المتهم - كبير الايزيديين - :
يا سيدي ان داعش طلبوا منا , ترك ديننا ، أو حرق بيوتنا وفعل الأفاعيل بِنَا ، فكيف نترك ديننا يا سيدي ؟
رئيس المحكمة : عندما يخير الانسان العاقل ، بين ترك دينه واعتناق آخر ، او ترك كل شيء ، أملاكه وشرفه و كرامته ، ونسائه وأطفاله ،، كل شيء ،، فالعاقل  يختار ترك الدين ،،،
رئيس المحكمة : ( يشير الي رأس كبير الايزيديين ، ويسأله ) :
ماذا يوجد برأسك هذا ؟ عقل ؟ أم مكنسة ؟ ألا يجب عليك أن تشغل عقلك ؟
المتهم - كبير الايزيديين - :
يا سيدي ، ان الناس يضحون بكل شيء لأجل دينهم وربهم ...
رئيس المحكمة :
صاحب العقل ، أي دين يأمره بما لا يجوز ، لا يمكنه أن يطيع دينه .. وأي إله ، يطلب منه ما لا يجب وما لا يجوز ، يعصيه علي الفور ، ولا يستمع لطلبه .. كيف لعقل أن يتصور ديناً يطلب من الناس التضحية بكل شيء لأجله !!؟ وكيف لإله رحيم حكيم ، أن يطلب من الناس أن يضحوا بأي شيء وبكل شيء لأجله !؟؟ كيف صور لك عقلك ذلك ؟

المتهم ( كبير الايزيديين ) ينكس راْسه دون اجابه .. والدموع تتساقط من عينيه .
رئيس المحكمة :
أتبكي علي حالك الآن ؟ أم تبكي علي الفظائع التي لقيتها رعيتك ؟ ألم تعرف كيف كان صراخ النساء الايزيديات ، بينما جنود داعش يجرونهن جراً للأسر والنكاح ؟ 
ألم تسمع عويل وتشهد ذُل النساء , وهن مقيدات مربوطات بالحبال ، يعرض للبيع في سوق الجواري ؟ 
ألم تسمع بكاء الأطفال رعباً مما حدث لأمهاتهم وآباءهم وبيوتهم , ومشيهم بين شعاب الجبال تاركين بيوتهم وكل شيء وراءهم  لأجل دين ! ولأجل رب ! .. !!؟ أي دين هذا , وأي ربٍ ذاك .. وأي عقل يتصور أو يطاوع ديناً بذاك الشكل , أو يؤمن برب بذاك الحال !.
المتهم : ( كبير الايزيديين .. وسط نحيبه ، يسال ) :
ماذا كان يمكنني ان أفعل ؟

رئيس المحكمة :
في مثل تلك الظروف ، كان عليك حماية رعيتك ، وعلي الدين حماية نفسه بنفسه ، وعلي رب الدين ان يحمي دينه ..  في مثل تلك الظروف .. علي كل واحد أن يحمي نفسه ورعيته ، حيث لا يقدر علي حماية دين ، ولا حماية رب ... كيف لدين أن تبقي له كرامة أو وجود حقيقي ، وقد فقد أتباعه آخر ذرة من الكرامة , وآخر قطرة من الشرف , بان يحدث لأتباعه مثل ما حدث للايزيديين !؟ وكيف لإله أن يستسيغ تمجيدأ , أو يستعذب حمداً او شكرا, من اناس مسحوقين تماماً بعدما جري لهم , مثل ما جري للايزيديين علي أيادي الدواعش ..؟؟
المتهم ( كبير الايزيديين .. والدموع تملا عينيه ) :
لا أدري ! لا أدري ماذا كان يجب عليّ أن افعل !؟

رئيس المحكمة :
كان يجب عليك التصريح لرعيتك باتقاء ما حدث لهم ، باتباع ديانة داعش  .. وتخرج أنت الي حيث يمكنك عقد مؤتمر إعلامي عالمي ، تعلن فيه " أن الدين الاسلامي ، الذي يمثله " داعش " بالعراق ، بموجب نصوص مقدسة مؤكدة اسلامياً ، أجبرونا إجباراً علي إختيار : إما الإنتماء للدين الإسلامي ، أو الدمار والتشرد والقتل وسبي وإغتصاب النساء ومصادرة كل الممتلكات ، ولأن الحكومة العراقية قصرت في حمايتنا , والمسؤولين بالمدينة توطاوا ، ودول تآمرت , أو تواطأت لإنشاء ولادخال داعش  للعراق ولسوريا ، ولأن الجميع تخلي عنا ، وحرصاً علي سلامة رعيتي ككبير للايزيديين ، صرحت لهم باعتناق الاسلام ليس إيمانا بالاسلام ولا قناعة به , وإنما طلبا للسلامة ، ولتشهد الدنيا كلها علي ذلك " .. .. و تبقي انت بدولة أو بمدينة بعيدة ، لأجل سلامتك . وهكذا تكون قد أديت واجبك كما يجب نحو رعيتك .
رئيس المحكمة يواصل :
هذا يسمونه في السياسة : استسلام تكتيكي .. لحين تغير الأحوال ، وتبدل الأمور ..

المتهم ( كبير الايزيديين ) :
لو اضطررنا لاعتناق الاسلام يا سيدي ،  لما تركونا أيضا ، بل سيقولوا لنا ، ما دمتم قد أسلمتم ، تعالوا للجهاد معنا ..
رئيس المحكمة :
بل ستكونوا حديثي الاسلام ، لن يأمنوا إشراككم في حربهم ، بل يطلبوا منكم دفع زكاة فقط . وكان يمكنكم التفاوض في ذلك .
 المتهم - كبير الايزيديين - : وكانوا يا سيدي ، سيقولوا لنا " ما دمتم قد أسلمتم ، هاتوا نساءكم لممارسة جهاد النكاح " !!

رئيس المحكمة :
لن ياخذوا كل النساء ؟ بل سيسري عليهن ما سري علي نساء المسلمين بالمدينة - سواء كرها أو طواعية - فهل كل النساء المسلمات بالموصل أجبرن علي ممارسة جهاد النكاح !؟ .. و بعد تحرير الموصل وغيرها من داعش ، يكون من حقكم أنتم الايزيديين , العودة لدينكم الذي لم يحميكم ! , والصلاة لربكم الذي لم يدافع عنكم ! .. لأنك باعتبارك كبيراً للايزيديين ، قد سجلت علنا بمؤتمر إعلامي عالمي ، إن إنتماء رعيتك للإسلام كان إجبار وإضطرار .. ولكن بإصراركم علي بيع كل شيء لأجل دين وإله . خسرتم كل شيء , بدلاً من خسارة بعض الشيء .. أخذوا كل النساء ، وكل الفتيات الصغيرات ، وقتلوا من وقعوا تحت أياديهم من الرجال , وتشرد ومات كثير من الاطفال  وكبار السن ، في شعاب جبل سنجار..

المتهم - كبير الايزيديين - ( يبكي ) : هل أنا وحدي المسؤول عن تلك الجريمة الفظيعة  البشعة النكراء ؟

رئيس المحكمة :
لست وحدك ، ولكنك المتهم الاول ، ذنبك اكبر من ذنب المتهم الاخر زعيم داعش ، شخصياً .. اذ كان باستطاعتك توفير قدر كبير من الحماية لرعيتك  .. ولكنك تركتهم يفقدون ممتلكاتهم وحياتهم وأعراضهم وأموالهم ، ومعابدهم

المتهم -  كبير الايزيديين – وهو يمسح دموعه  :
يا سيدي حتي المعابد أحرقوها ودمروها ، فكيف كان يمكنني حماية رعيتي منهم ؟

رئيس المحكمة : كان يمكن إقناعهم ، بألا يمسوها بشيء ويستخدمونها كمساجد إسلامية بدلاً من حرقها ، ووعدهم بأنك ستغير فيها من مظاهر الداخل ومن الخارج ، بحيث يمكن استخدامها مساجداً لهم .. كل هذا اسمه : استسلام تكتيكي ، بلغة السياسيين والعسكريين ، وبعد تحرير المدينة من داعش ، وبما انك قد سجلت إعلاميا و عالميا ، ان اعتناق طائفتك للإسلام ليس عن قناعة أو إيمان ، بل هو إجبار وإضطرار .. .. بعد التحرير ، طال الوقت  أم قصر ... ستجدوا معابدكم ، دون هدم أو حرق ، وتعيد داخلها وخارجها لما كان عليه ... الم تسمع ان إمبراطور اليابان قد قبل الاستسلام لامريكا ، ووقع علي الوثيقة وهو واقف مثلما أنت واقف الآن ، لم يُسمح له بالجلوس ... كان استسلامها تكتيكيا ، ثم بدأ اليابانيون النضال الحضاري الاقتصادي ، حتي استطاعوا غزو أمريكا صناعياً .. فسيارة الرئيس الامريكي كانت صناعة يابانية .. واليابان كانت متقدمة عن أمريكا في العديد من المجالات .. ومستوي معيشة الانسان الياباني ، كان الأمل لمعظم شعوب الدنيا .. نضال وانتصار ، وتفوق ، بعد استسلام تكتيكي ..
المتهم  - كبير الايزيديين .. وهو ينتحب - :
لا يكفيني عذابي في الدنيا ، تعذبت بسبب ذلك ، ولكن حماقتي كبيرة ، وخطيتي عظيمة
رئيس المحكمة - يسال المتهم - :
  انت مذنب ، ام غير مذنب ؟
المتهم - كبير الايزيديين - ( يرتفع صوته بالبكاء ، ويقول و هو يصرخ ) :  انا مذنب ، انا مذنب .. - ويتمتم بصوت مسموع " والكلام لك يا جارة .. والكلام لك يا جارة "
( ثم يعود ليعترف ، بصراخ أكبر  ) :
انا مذنب ، انا مذنب ...

رئيس المحكمة :  
الحكم بعد المداولة ، رفعت الجلسة .
----- 
رؤية فنية سياسية : صلاح الدين محسن
=============



تعليقات