انسانيات وشجون من حياة المبدعين

انها رسالة قديمة أرسلها الشاعر والفنان نجيب سرور  لصديقه الأديب الكبير يوسف ادريس .. قبل وفاته بشهور قليلة  - أواخر عام 1977 -  تضمنت معاناة الشاعر , والأحوال البالغة الصعوبة التي واجهت حياته وحياة أولاده ..
تقديم :
نجيب سرور: شاعر , وأديب , وناقد , ومؤلف مسرحي , ومخرج  وممثل مسرحي , ومناضل سياسي .. وهو في كل تلك النواحي . مبدع فوق العادة ..
محمد نجيب محمد هجرس - ولد بقرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية في 1 يونيو 1932 وتوفي يوم 24 أكتوبر 1978 م). شاعر مصري، لقب ب"شاعر العقل".
من أعماله : مسرحيات : قولوا لعين الشمس , بهية وياسين , منين أجيب ناس .. الخ 
ومن مؤلفاته الشعرية : رباعيات نجيب سرور , بروتوكولات حكماء ريش ... الخ
قرب نهاية الرسالة يشرح ما تعرض له من المآسي هو وأسرته , وفضل " يوسف ادريس "  في مساعدته ..
-------   ------
 منقول من صفحة " نجيب سرور .. علي الفيسبوك " :
 Yaser Akram Dudin
9 septembre, à 18:05

#تلك_الرساله
من #نجيب_سرور_الى_يوسف_ادريس =
 الصديق والكاتب الكبير يوسف ادريس مع حفظ الالقاب يعلم جيدا مدى اعجابي به وحبي له،ولعله يذكر تلك الجلسة التي جمعتنا ذات مساء في "اتيليه القاهرة"وجرؤ بعض احد الصعاليك على ان يتطاول على يوسف ادريس كان واضحا ان الاخير مستاء داخليا الى درجة كبيرة وان كان قد فضل الصمت بما عرف عنه من ادب ورقة ولم اتحمل انا تلك الاشارات
ومن ذلك الصعلوك المتردد على المقاهي والمقاهي ولا علاقه له بالادب او بالثقافة ولا باي شيء،كأنه يسير على قاعدة اذا لم تستطع ان تكون عظيما فلتحترف التطاول على العظماء...!
وانا قرأت كل يوسف ادريس مرات ومرات ولا احتفي في حياتي بشيء(وأعترف)..,
كما احتفي بمجموعة قصصية جديدة تصدر ليوسف ادريس كما لا يسعدني مثل ان تضمني واياه جلسة،انه حين يكتب قصة يصبح مقاتلا شرسا من الدرجة الاولى انه هنا شاعر وناقد وفنان تفوق بصيرته بصائر الشعراء والنقاد والفنانين ...,
هنا يخوض فارس ورائد وقمة القصة القصيرة العربية في مصر اقول يخوض فيما يعنيه،ويجول في ميدانه ويحارب باسلحته التي يجيد استخدامها بعبقرية فذة.
ولكن المصيبة ان الصديق يوسف ادريس مولع احيانا بالتخلي عن اسلحته..!
لكي يفقد طريقه او تتخبط به الطريق او يفقد مهارته او يخنق عبقريته....،
وهو يفعل هذا كثيرا اما تطوعا احيانا واما تحت ضغط واجبات الوظيفة احيانا اخرى،او ربما لسبب غير مفهوم الا في التركيبة النفسية لكاتبنا الكبير...!
قصدت ان اشير بذلك الى ما يكتبه هذه الايام وفي جريدة الاهرام خاصة والمجلات العربية عامة ،
هنا مرة ثانية يتخلى عادة عن نفسه وعن عبقريته وعن ميدانه وعن اسلحته ..,ليمسك باسلحة وهمية او دمى خشبيه يلعب بها لعب الاطفال او لعب الشهيد دون كيخوت..!
ابدا لم تستطع اي سلطة ان تعبث بيوسف ادريس الفصاص الكبير فهو هنا اقوى ما يكون،انه فوق السلطة بكل انواعها،ولكن السلطة تعبث به وبكل مقدساته الممثلة فيه حين يفقد طريقه ...,وهو لا يفقد طريقه الا حين يحارب باسلحة لا يجيد استعمالها وهي كتابة المقالات فكتابة المقالات فن اخر له كُتابه من الصعاليك وغير الصعاليك...!
ولا احد يستطيع ان يفوق يوسف ادريس او يبارزه بسلاحه ككاتب قصة،اما حين ينقلب الى طفل كبير فانه كما قلت اصبح كمن يلعب بسيف خشبي.!
ويبدو انها غريزة لعينة باطنه ...كالامراض المستوطنه في اعماق النفس المصريه هي ذلك الضعف الذي يكاد ان يكون انثويا ازاء السلطه من قريب او بعيد ..!
...فحتى عبقرية فذه غلابه مثله ..تحتفي بباقة زهور تهدى اليه وهو مريض في المستشفى
فيكتب ثمنا لهذه الباقه مقالا في الشكر والحمد ؟؟!!
باقة زهر ؟..ماذا يا دكتور ؟؟!..حتى لو جاءتك من زوجة قيصر او كسرى ؟!
...لقد جئناك وزرناك في المستشفى ولم يكن احد منا يملك ثمن باقة زهر ..., تماما مثل الملايين من المعجبين بك ..والذين تعيش في قلوبهم في مصر وفي كل ارجاء الوطن العربي !
باقة زهر ماذا يا دكتور ؟!...نحن لو ملكنا ونحن بالملايين ..,لفرشنا تحت اقدامك الورود والرياحيين ..!..يا رجل انت ملء القلب والعين ..,ولكننا جميعا مثلك اسرى ..,الا اننا لا نتخلى
عن اسلحتنا لنمسك باسلحة خشبيه ..لاننا لا نحب ان نكون اطفالا ..!!
------ لست صادقا ...,
فثم هناك مقالك المنشور في مجلة "الدوحة"تعليقا على محاولات تجريحك من الصعاليك المرتزقة جرذان الصحافة في مصر ، وهو بعنوان "تعليق على حفلة تجريح" المنشور في عدد نوفمبر 1977 من مجلة الدوحة، وفيه مرة ثانية من عشرات المرات تتخلى عن سلاحك لتقع في الغيبوبة والتخبط. وتجرنا معك الى هذا التخبط مع انا نعلق عليك الآمال باعتبارك-كما وصفتك مرة –"هرمنا الرابع" ،تقول في المقال المذكور((...فأنا لا احس بأن لي نفسا او وجودا محددا واضحا أستطيع ان أسميه ((أنا))...بل لا أحب هذه الأنا ةاكرهها لأني ببساطة لا أعرفها وما رحلتي ان كانت لي رحلة إلا للعثور على .....ألا لكي أضبط نفسي ذات مرة متلبسا بنفسي –بوجود محدد.انها مشكلة،مشكلتي هذه الأنا ...انني احسد هؤلاء الناس الذين يبدون لي انهم بالضبط ما يريدون،وما يعرفون وما يقولون وما يفعلون.كائنات تتمتع بالابعاد الاربعة للقياس :الوزن والحجم والشكل والزمن.ولا انا حتى ذرة هباء مجهولة الجنين في واحد من أفلاك هذا الكون .فأحيانا احس بانني الكون كله وأحيانا أحس أنني خارجه تماما.وأحيانا احس انني معدوم الوجود الى زمن غير محدود)).
يا رجل : اولا انت هنا لست صادقا مع نفسك وانت تعلم ذلك،انك لا تكتب هناك نوعا من الاعترافات او السيرة الذاتية انما تكتب مجرد خاطرة وردت عليك في لحظة يأس او تعب
او ما الى ذلك،....ولكن هذا بالضبط ما تتوقعه منك ومثل هذه الخواطر بالذات هي
التي يجب ان نتجنبها ، لا لان الإنسان لايضعف او يضيق بوجوده كله احيانا ..,
فمن منا لا يخلو من لحظات ضعف عابره ؟؟!
لكن ليس من حقنا ان نعمم او نءيد تلك اللحظات العابره ..! وان نجعل منها قانونا ولكن
مهمتك اشق واقسى ..فانت يوسف ادريس ..!
والملايين من احبائك يصرون على ان يروك في الصورة التي تجمع ملامحها اعمالك منذ مشرق "ارخص ليالي "..حتى "بيت من لحم "..
ما ذنبهم في انهم اعتبروك وما زالو يعتبرونك منبعا من منابع الامل والصمود والمقاومه ..,مهما كانت الاسباب ..!!!
احقا لا تحس بنفسك ولا تعرف لك "انا "..؟
اذن ماذا نفعل نحن زملاؤك منذ مطلع الخمسينات حتى كتابة هذه السطور ؟
فما ابشع الاسى الذي يحسه قراؤك على مدى الثلاثين عاما ؟
ثم تقول : ماذا يهم انسانا كهذا اذا كرمه احد او لم يكرّمه ,ان كان عمره خمسين
او لحظة زمن ؟..,بما يوحي ان شيئا لم يعد يهمك ؟!!
..وتقول للصديق "رجاء النقاش"="هوّن عليك يا صديقي رجاء ولا تحزن وانت من من اعظم النقاد ..فانت الاخر لم يكرمك احد ولم تتلق الاّ الصفعات والمنغصات ..,
فلو كنا نحيا حتى في ارقى الدول التي نفخر بكتابها وفنانيها اكان يهمنا ان يكون هناك فرق او لا فرق ؟!..تكريم او لا تكريم ؟..
ان الذي يكتب ليكون كاتبا هو انسان عظيم ..,اما الذي يكتب لان اخر شيء يريده ان يكون كاتبا ...,وان يعامله الناس على انه كاتب ..,فهو انسان لا حيلة له في ان يكون او لا يكون
..يبدع او لا يبدع ..!!!
---- انت ونجيب محفـوظ ---
____________________:
المصيبه يا عزيزي الدكتور انك هنا غير صادق مع نفسك ..!والمصيبه انك تعرف من انت ..,وتعرف ان لك دورا محددا ووجودا محددا ..,وتعرف انك تستحق التكريم والتقدير الكثير وما فوق الكثير !!
وكل كثير امام امجادك يا هرمنا الرابع ويا معلم ..,يصبح اقل من القليل ..!!
ولكن..., دعنا نتساءل لحظه وبصدق : أي تكريم يا رجل ؟ وممن ؟ ومن اين ؟!
التكريم في عصر الصحافه الجرذانيه وفي مصر ؟؟!...من السلطة التي ذبحت
وما زالت تذبح كل قلم شريف ؟..وكيف تطمح من مثل هكذا سلطه الى تكريم ؟!
فاذا لم تنل منه شيئا حزنت ..واغرقت نفسك واغرقتنا معك حتى في السدم الفلكيه ؟!
ثم تخيل نفسك انك نلت حظك من هذا التكريم "المعرص" "الرسمي "..وفهل ستكون سعيدا راضيا متفائلا ؟..وانت فوق كل سلطه ؟!!
فكّر جيدا ..كما تفكر وانت تصوّب صواريخك القصيه مثل تشيخوف ..!
انك مهما كتبت من مقالات تظل في نظرهم كاتب قصه او المجموعات القصصيه
= المقاتل الشرس , الخصم الصعب المراس ,العدو الذي "لا يوثق به" او الوحش
الذي يستحيل ترويضه او استئناسه او امتطاؤه ..!!..وهم – صدقني ارجوك –
يحاولون وبجميع الصور الخبيثه والوسائل الحربائيه ان يمتطوك ...,
وان يجردوك من سلاحك ليدفعوا بك الى خدمة الحريم السلطاني ..!!
حتى صورة "باقة الزهور " ..,ملآى بالافاعي ..!
انت لن تنال منهم اكثر من هذه الباقه كلما اشرفت على الموت ..,وستظل دائما
بعيدا ..بعيدا ..وعمدا ..! من ثمن حفلات التكريم ومن جوائز الدولة التقديريه –
حسبك ...,مجرد باقات من زهور ..هي غسالة ذنوب القوم - !!
طالما يوسف ادريس هو يوسف ادريس : الرجل والكاتب ..والزعيم والمعلم ..الذي يعرف وجوده ويعرف دوره ومهمته التاريخيه ..الرجل الذي لم يعد ملكا لنفسه بحق ..,بل هو ملك للتراث وللملايين وللتاريخ ..!
------ يا عزيزي يوسف :
أي تكريم هذا ..,بعد ان تم ذبح فرسان الكلمة على مدى ثلاثين عاما ؟؟!!
وبعد فرض الحصار على فرسان اخرين اختفوا او ماتوا غيظا وقهرا ..,
او جُنّوا او انتحروا ؟؟!!..وبعد ان حُرّم على الخيول الصهيل ..,وقطعوا الرقاب ..,
وسوق بعضها وشدوا لُجُمـها الى بعضها فلم يعد لها الا ان تمضغ الحديد
على حد قول الشاعر المعلم ابي العلاء :
وسروا على الخيل العتاق ...واصمَتوا نواطقها الا تَحْمِ هائب
وشدوا لسان الطرف خوف صهيله ...فقد الجموا افواهها بالسبائب
ألم يخطر لك ونحن معا نكتب في مجلة "الدوحة" ان تقرأ واحدا
من مقالاتي عن "ابي العلاء" لتعلم انني في الواقع انما اكتب عن
جيلنا –جيل الخمسينات والستينات والسبعينات وربما عنك انت بالذات ؟؟
ما علينا...., لنعد الى ما كنا فيه !
المصيبة ايضا هي انك تعي وتفهم وتعلم جيدا الاسباب الكامنة
وراء "الظواهر" المتناقضة والوحدة التي يجمعها في وقت واحد الى
آخره ...ف لحساب من تحاول ان توهمها بأن لا شيء يساوي أي شيء.؟!
وبأن لا فرق بين أي شيء و أي شيء ،حتى ذلك الذي يكتب ليكون كاتبا
عظيما هو نصاب عظيم ...
لا يا عزيزي يوسف فأنت كاتب عظيم ...ونعم يا عزيزي يوسف
اذا كنت تعني الجرذان في العصر الجرذاني وفي الصحافة الجرذانية...
لن تستطيع هذه الجرذان الطوفانية ان تقضم كعبا لغلاف هرمك القصصي
يوما وحتما سيأتي صاحب المزمار الشهير ليجرها واحدا واحد من
الساحات والجحور والشطآن الى البحر ،ومن الخليج الى المحيط ..ويومها
تمجد الجماهير اسمك وتهتف لك .
-------- أتشك يا عزيزي يوسف ؟
أهو حلم طوباوي لشاعر او لشعراء .؟! لا ..انه حقيقة نراها رأى
العين والقلب ...وان هذا الحلم اقرب إلينا من مطلع الفجر من أجله تعيش ..
ومن أجله نموت ! والا فلتذهب دماء موتانا عبثا ومجانا وسدى ولتستر
الظلمات والنور والذئاب والحملان والافراخ والثعابين !
وتقول :انك جربت الموت مرة ...فمن منا نحن ابناء الخمسينات
لم يجربه مرارا ؟!...انت تعلم كم و من ؟ وهناك آخرون لم يكتب تاريخهم بعد !
وعلى ان اسوء وسائل "الاغتيال" هي مؤامرات الصمت والتجاهل"
التي تضرب حول هذا الكاتب و ذاك وخصوصا حين يكون عبقرية فذة
كيوسف ادريس ؟! وما أكثر من طاردتهم مؤامرات الصمت هذه..,
ضد من صمد ...، وتخاذل واستسلم من تخاذلواستسلم ،
ولاذ بالخرس من لاذ ،والقى بالقلم من بين يديه وهو حسير..,
أو غير حسير ،وانقلب البعض الى مجرد خونة او ذيول او دعاة انهزامية
او استسلام ..,او الى مجرد جرذان في الصحافة !
ام انك تريد ان تنال من التكريم والتقدير مثل ما نال نجيب محفوظ ؟!..
لا يا يوسف انك فوق نجيب محفوظ !!
ثم انت تعلم لماذا وكيف حصل نجيب محفوظ على هذا التقدير
وذلك التكريم ...ومهما قيل عن " ثورية " نجيب محفوظ فهو لم ولن يكون
ابدا ثائرا ، وانت ثائر من الرأس حتى القدمين – وهذا قدرك .ومهما قيل
عن عالم نجيب محفوظ فسيظل عالما محدودا في حدود الطبقة الوسطى
أما عالمك فلا تحده حدود ..إن عالمك هو كل العالم !..
ثم ان نجيب محفوظ هو القمة ككاتب الطبقة الوسطى المصرية
المستعدة دائما لخدمة أي سلطة في أي عهد واي نظام . ..!
أما انت فكاتب الجماهير والملايين !!
ثم ان "نجيب محفوظ"محايد ورمادي ولامبال – او هكذا يدعي
مع أنه في الداخل منتم الى اعمق اعماق الانتماء الى السلطة الحاكمة مهما
كانت نوعية السلطة ..!
اما انت كما قلت سابقا فخصم السلطة مهما كانت نوعيتها !!
واخيرا نجيب محفوظ مثال للموظف المصري الروتيني البيروقراطي
أما أنت فمثال الكاتب الثائر ...
أيمكن اذن يا عزيزي يوسف ان تنال جوائز التقدير والتكريم ؟!
اننا –على العكس- نتمنى لك ان يعفوك من تلك الجوائز الملونة ،
والتي يوشكون ان يعطوها حتى للمطرب المنتشر احمد عدوية صاحب اغنية
آخر زمن وآخر "موضة" :
" كله على كله
ولما نشوف قول له
هوه فاكرنا مين
داحنا معلمين " !!
لذلك نتمنى لك هذا الاعفاء مستلهمين صوت أبي العلاء :
توجتني الفتيا فتوجني غدا
تاجا بإعفائي من التتويج !
---------- يوم اخذتك الجلالة ..؟! --------
كنت أرجو ان يتسع النطاق لمراجعتك في مقالك الشهير القريب :
"إني اتهم وأريد أن انتقم "ذلك الذي كتبته يوم ان اخذتك "الجلالة
في ضجة الجنازة "الحارة وهو أسوء ما كتبت في حياتك دون استثناء
أكثرها عشوائية ...ولا اشك في انك خسرت به كثيرا و كثيرين ! فقد
جعلت من الخونة ابطالا ومن الابطال خونة ومن الشهداء قتلة ومن القتلة
شهداء !..ومن كهنة السلطه طوال ثلاثين عاما فرسانا ..!ومن الفرسان كهنه
حتى ليصدق عليه قول بديع الزمان الهمذاني =
"فكم رأينا الشمال هبّت جنوبا ..,
ووجه الخير قد اصبح مقلوبا ..,
وسمعنا بالقاتل فوجدناه قتيلا "..!!
وهكذا تورطت في موقف مقلوب ب "انسانية معكوسه "..!
وجعلت من الاخوة اعداءا ومن الاعداء اخوه ..ورحت تعرض خدماتك الانتقاميه تماما كما عرضها الصهاينة الذئاب ..ووقفت بحسن نيه مع "مناحم بيجين" على مستوى واحد ..! هو على مستوى "عنصري" ..وانت على مستوى "شوفيني" !
...,و ما اقرب الموقفين !
هل نحن شعب طيب القلب وابله وسريع النسيان ؟؟؟!
لا لا يمكن ..ولا يمكن باي حال من الاحوال ان يكون الامر كذلك ...,
ويبدو ان اجهزة الاعلام استطاعت ان تخدعك ا وان تستثمر فيك "مصريتك"
وان تنشر امامك الذئاب والضباب والظلمه رغم انك تملك كفاءه عيني
صقر حورس !...فرحت تخلط بين الاعداء الحقيقيين والاصدقاء الحقيقيين !!
هون عليك يا رجل ..فلا يكفي ان يكون القتيل مصريا .....,
فهناك قتلة مصريون كثيرون .!...,ولا يكفي اان يكون القاتل "غير مصري "
..,حتى اصب عليه اللعنه ..فهناك كثيرون غير مصريين وليسوا قتله ..!
واذا صح – وهو صحيح – ان العروبة لا تقوم ولا تنتصر الا بمصر ..,فالصحيح
ايضا ان مصر لا تقوم الا بالعروبه ..ولا تنتصر الا بها ..!
هذا قدرها ..ولهذا قال ابو العلاء =
اذا نال من مصر قضاء نازلٌ ....
فمصير هذا الخلق شر مستطير ..
وقال ايضا =
تذرى الملوك ومصر في تغيرهم ....
"مصر" على العهد والاحساء إحساءُ
------- يا عزيزي يوسف ..:
لقد نال القضاء من مصر بما لم يحدث له مثيل في تاريخها الطويل..
وخصوصا في السنوات الاخيرة..وان من هم مفترض انهم يدافعون عن شرف
مصر داسوا كل العهود والمواثيق وزرعوا الانهزامية والاستسلام والهروبية.
اقول ليس من يفعل هذا بالقاتل ولا الارهابي!
كيف للصقور ان تفقد الرؤية وتفقد الطريق وتفقد الهدف؟!
اننا نواجه عدوا عنصريا ... الانسانية غير المقلوبة ..وباسم العدل غير المقلوب..ستكون العن من العنصرية الى ...,
ان ندفن العنصرية في البحر او في الصحاري ...,
وهنا اهديك هذه الرباعية من ديواني الاخير:
عنصري انا حقا يا زعيمي
طالما نحفر قبر العنصرية
فمن الغفلة ان القى غريمي
بشريا وهو ذئب البشرية
لا يا عزيزي يوسف.لكم دينكم ولي دين!..
ثم ما رأيك الان بعد مذابح جنوب لبنان؟!ما رايك في قتل الاطفال والنساء والعزل ..ما رايك في محاولات الابادة للبقية الباقية من شعب كامل عريق وشقيق ؟؟
من يكتب عن هذه الملحمة..هذه التراجيديا الدامية سواك؟!
من الارهابيون ومن الفدائيون؟
انهم يحاربون ويقاومون ويجب ان يفعلوا حتى اخر فلسطيني،واخر قطرة دم فلسطينية!!
------------ مستشفيات المجانين ---------
وتقول بانك جربت الموت مرة وانت تعالج في لندن ..,
وهناك-من ابناء الخمسينات والستينات والسبعينات من جرب الموت مئات المرات.
ثم انت تعلم انني جربته مرارا حتى مات فيّ الموت!
بل ولا بد انك قرأت نعيي وانا حي لا ارزق في روز اليوسف..!
ثم في صحف لبنان الحبيب،لقد تلقفوني فور عودتي من دمشق وارسلوني الى ..لكن مهلا..ليس في معتقل من المعتقلات الحكومية المعروفة والمزدحمة بالنزلاء.وانما في مستشفيات المجانين ،مستشفى الامراض العقلية بالعباسية!!
وهناك قسم سري-قسم اول-مارسوا معي احدث افانين ووسائل التعذيب..
وكان معي ظلاب في الجامعة واوائل الثانوية العامة وعمال في مصانع النسيح واساتذة في الجامعة ومهندسون وفلاحون وعلماء ذرة منهم الدكتور "امام"
استاذ الذرة بجامعة الاسكندرية.ولا ادري لماذا كان يثق بي ويستريح لي ،هو الذي كان يشك حتى في نفسه!ويقول انه-وهو بالولايات المتحدة رفض عقود عمل هائلة وخيالية وعروضا جهنمية وعاد الى الوطن لانه يحب بلاده ويريد ان يضع علمه وخبرته في خدمة البلاد ...,ولان تلك العروض صهيونية ..,
ولان وطنه في خطر ولان عدونا قوي واخطبوطي وان الامر بالمعكوس او المقلوب.ليست امريكا هي التي تحكم الصهيوينة وانما الصهيونية هي الي تحكم امريكا والدول الغربية عامة...
ولاننا ضعاف .., ولان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ..!
ولان المراد لشعب فلسطين وللامة العربية جمعاء ان تنتهي الى مصير شعوب الهنود الحمر ما لم تتداركنا رحمة الله وقدرتنا الذاتية !
فقد كان يرجوني ان اظل ساهرا بجواره حتى يظفر بساعة من النوم..,
اذ يحتمل ان يجيء الزبانية في أي ساعة ويأخذوه ليفعلوا به ليلا ما فعلوه بالنهار .وكان يلمح كثيرا الى ان الصهاينة حاولوا قتله في امريكا..,
كما يشير الى ان هذا ما حدث فعلا للكثيرين من علمائنا ومبعوثينا في امريكا خاصة والدول الغربية عامة...,
ويؤكد ان"على مصطفى مشرفه " زميل"اينشتين"ونده قد مات مسموما .
وكذلك عالم الاثار الكبير"الدكتور سليم حسن"..,وهذا هو مصير أي طاقه
او موهبة ..واي عبقرية في مصر خاصة.., وفي الوطن العربي الكبير عامة
ومن النيل الى الفرات..!
------- يا عزيزي يوسف:
ان على يقين من انهم نجحوا في تدمير عقل"الدكتور امام"ولكنني لست على يقين من انه حي او ميت ولكن ما الفرق؟
اتذكر سؤالك لي وانا ببيتك بالمنيرة،وانت من كتاب "الغد"وانا ابدا خطواتي الشعرية والنقدية في "الاداب "اللبنانية، وكنا في مطلع الخمسينات:
انت:لماذا نحن بلد الرجل الواحد ..والعمل الواحد؟
انا:لم افهم!
انت:لماذا نبدا نحن جميعا وفي أي مجال ومن أي موقع مشعين ولامعين ومبدعين..ثم ننطفئ فجأة ونختفي؟!
ها هو الدكتور "امام" قد اجابك على السؤال القديم...!!
المهم انني اتذكر دائما قول الدكتور امام من "بروتوكولات حكماء صهيون":
"ولسوف نطرد أي ذكاء غير يهودي من الارض "
يقصدون ارض الميعاد ...من النيل الى الفرات..!
ويؤكد ان هذا ما حدث وما يزال يحدث من الخليج الى المحيط، وكان
بذكر قول عبد الناصر :
"ان الشر الذي وضع في قلب العالم العربي لا بد ان يقتلع "
ويقول "وايزمن":
ان يهوديتنا وصهيونيتنا متلازمتان متلاصقتان ، ولا يمكن تدمير
الصهيونية بدون تدمير اليهودية "!
ويقول :الى متى نظل طيبين، متسامحين ،مسالمين ،الى متى ننسى ،
ونغفر ؟!،ان هذا هو الانتحار بعينه ، بل الجنون !
ثم انه كان يلمح بخجل الى انهم هتكوا عرضه على طريقة " العسكري الاسود " اياها ، وانهم اجبروه مرارا على ان يكتب تقارير عن تلامذته وزملائه ...!!
و...و... وكان يقول دائما :
ان اليهود لم يخرجوا ابدا من مصر .انهم هنا ...في داخلنا في جميع
الطبقات وجميع الحرف وجميع العقائد والملل والنحل وجميع المذاهب
والاحزاب والجمعيات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ومن يسار اليمين
الى يمين ووسط اليسار وما شئت فقل..,
انهم في جميع الجنسيات و الاشكال والالوان والاصباغ والمساحيق
انهم هذا الخليط العجيب المذهل من المهجنين والمولدين...,
او على حد تعبيرك " المخططين"..!
انهم هم الذين مرغوا انف "عبد الناصر " في تراب هزيمة الخامس
من يونيو (حزيران ) وسحبوا الارض من تحت قدميه واذلوا الكبرياء
المصري الذي هو الكبرياء العربي...!
انهم قتلة"عبد المنعم رياض " العبقرية العسكرية النادرة.
او تذكر الشائعات التي ترددت يوم الخامس من يونيو وما بعده من ان
كثيرين من المصريين الحقيقيين كانوا يقتلون من الخلف لا من امام
ومن اليهود والمهودين الواقفين معهم في نفس الخندق ..,
المحسوبين على مصر وجيش مصر وعلى عبد الناصر ..؟!!
كما اتذكر الآن قوله " طيب الذكر " "محمد حسنين هيكل" من أن
الرصاصة لم تكن في حرب اليمن لتخطئ رأس مصري !...
والمفروض أن الجيش كله مصري ..,
ولكن هذا يعني بمفهوم المخالفة ان الرصاص كان يخطئ
رأس غير المصري !! أليس كذلك ؟!
ثم تذكرت ان واحدا من اول القرارت التي اصدرها "عبد الناصر"
هو القرار بإغلاق جميع "المحافل" الماسونية..,
ولكن الماسونية – بهذه الطريقة لا يمكن ان تغلق بقرار..,
وهي التنظيم السري لليهود منذ أقدم العصور ومنها "جمعية شهود يهوه"
تمرح علنا في مصر والوطن العربي كله وتصدر نشرتها وتواصل خطف وقنص الذكاء المصري والعربي !...
وبناء على هذا .., دعني أتساءل وخاصة مع الفقر والجهل والمرض وأعلى
نسبة وفيات في العالم بين المواليد – بعد الهند-ثم الحروب منذ 48 حتى
1977...كيف أصبحنا أكثر من أربعين مليونا ؟
ثم كم هو عدد المصريين حقيقة؟
انهم لا يمكن ان يزيدوا وبأي منطق –عن سبعة ملايين !.منالباقون اذن ؟!
ثم كم هو عدد العرب حقيقة ؟! احقا مائة مليون ؟! دعني
اضحك او ابكي !...سيان فشر البلية ما يضحك ! والهاكم التكاثر حتى
زرتم المقابر !
اذن كانت حرب اليمن لاستنزاف دماء المصريين تمهيدا للاجهاز عليهم
بهزيمة الخامس من يونيو . واتذكر الآن الشائعات التي ترددت من أن
عبد الناصر مات مسموما ، واننا ابناء عبد الناصر ...وهذا هو السبب
اذن فيما تعرضنا له من عذابات !!
ولهذا اذن يدمر عقل الدكتور "امام"..,بينما الصهاينة اليهود والمهودون والماسونيون والنازيون يضحكون علينا وعلى " عبد الناصر " بصاروخ
"الظافر" و " والقاهر" وأتذكر قول
الدكتور "امام" من "بروتوكولات حكماء صهيون " : والاقواس من وضعي :
"لسنا بحاجة الى ما يحيط بنا بلاد الاعداء (أي نحن ومن النيل الى الفرات )
لأكثر من ثلاثة أشياء :
*جيش ضخم (أي مجرد ديكور للتشريعات)!
*طبقة من الصعاليك =
(أي من الاغنياء والمترفين وعشاق السلطة وخدامها واتباعها )!!
*وبوليس مخلص في تنفيذ اغراضنا!!
....وهكذا ولهذا اذن تعذبنا عذاب المسيح !!
المهم أنني خرجت من مستشفى الامراض العقلية بمعجزة ..,
حطاما أو كالحطام !
خرجت الى الشارع... الى الجوع والعرى والتشرد والبطالة والضياع ..,
والى الضرب في جميع اقسام البوليس المخلص في تنفيذ اغراض الاعداء والمحسوب علينا من المصريين او نحن العرب!!
خرجت ادور.., وادور ..كالكلب المطارد بلا مأوى ..بلا طفلي وزوجتي ..!
وظللت مجمدا محاصرا موقوفا وبعيدا عن مجالات نشاطي كمؤلف مسرحي ومخرج وممثل،وبعيدا عن ميادين النشر كشاعر وناقد وزجال ومؤلف اغان.
ثم وجدتني فجأة في مستشفى الامراض العقلية للمرة الثانية ..!
وبلغ مجموع المدد التي قضيتها في مستشفيات الامراض العقلية حتى مستشفى "بهمان"اليهودي النازي.., اربع سنوات ونصفا!
اذكروا "اسماعيل المهدوى"الذي تم تدمير فعلا..وعشرات ومئات المآسي والملا.. والقصص .. وشنق"خميس "و"البقري" الخ،اليس لها الا قلمك الصقر ؟!
-------- ... لا تكتب يا يوسف
ولك مني يا عزيزي يوسف مواقف مشرفة وكريمة في سنوات التشرد
ولك علي يد اخري كريمة ..,يوم انقذت حياة ابني الاكبر"شهدي"ونحن لا نملك ثمن رضعة الوليد الصغير "فريد" !!
فاقبل من محب لك هذه الكلمات وتقبلها بحب مهما كان فيها ما يضايقك!
ومن اجلك ومن اجلي،ومن اجل الملايين من قرائك ومحبيك ارجوك..,
منذ الان الا تكتب اية مقالات في اية مناسبة مهما كانت الدوافع طيبه..,
والنيه حسنة والموضوع لا يقاوم ..ولا في اية مناسبة...!
لاتطوعا ولا تحت ضغط التزامات الوظيفة في"الاهرام"..,
ولا في لحظة يأس او تعب عابرة ولا اندماجا في مأتم ولا انخراطا في عرس...!
أجدى من ذلك وأقيم وأبقى للزمن ان تفّرغ ما بنفسك في قصة..!
انك حين تكتب قصة تحاسب نفسك حسابا شديدا وتراقبها مراقبة قاسيه ..,
وتشعر بثقل المسؤولية عن كل كلمة وكل حرف ،
اما حين تكتب مقالة.., فأنت كثيرا ما تقول بلا ادنى شعور بالمسؤولية!
وما هكذا شأن الكاتب الكبير العظيم وانت كبير وعظيم!
فاذا كنت مصابا "بداء" المقالات اللعين فاليك قصة "اسماعيل المهدوي"
فمن غيرك يستطيع ان يكتبها خاصة وانه كتب ومازال يكتب لك انت بالذات كثير من الرسائل!
واليك قصة الدكتور "امام" وهي قصة نموذجية!
ثم لماذا لا تكتب عن"تجربتك في عالم القصة"؟
انك عندئذ تقدم مادة ضخمه غنيه يستفيد منها تلامذتك والاجيال الصاعدة واللاحقة ويستفيد منها النقد!ا
او..لماذا لا تكتب سيرتك الذاتية؟
وفي ظل الحصار ومؤامرات الصمت لماذا لا تكتب انطباعات سريعة عن عشرات المجموعات القصصية التي صدرت للناشئن والطلائع والبراعم ،وفيها اشياء كثيرة ومواهب ناضجة وطاقات مبشرة وواعدة وكلهم ابناؤك...؟!
انك عندئذ تستمد الفرح والعزاء والاصرار على الصمود وعبور لحظات اليأس والتعب والضيق..ارجوك ،وحتى لا تفقد الصقور طريقها في الضباب والدخان!
واخيرا تقبل هذه الرباعية من ديواني الاخير ايضا:
هذه الارض لنا كالمصيدة
ليس فرق بين شيب وشباب
ان تكن منا تمد المائدة
فلنكن فيها ذئابا للذئاب
ثم الم تكتب انت مجموعتك الرائعة المهولة"بيت من لحم"
التي اعدك ان اكتب عنها قريبا!
ثم الا تخطئ مرة..عشان خاطري فتزورني في مسكني المتواضع؟
فانا طريح الفراش منذ اكثر من عام:نصف كسيح ونصف ضرير وانوء باعباء المرض بل تحالف الامراض،ولا املك امكانية العلاج في مصر ولا في لندن ولا حتى في موسكو ولا في أي بلد من بلدان الوطن العربي...,
وانوء باعباء الاطباء وبالاسعار الجنونية للادوية واعباء الاسرة والولدين..لا لن اطلب منك اكثر من ان تشرب معي الشاي على الاقل لترى"شهدي"ذلك الصبي وقد اصبح رجلا والصبي " فريد"الذي يتمتع بذكاء مخيف يفوق ذكاء الكبار ..والذي يجيد العربية والانجليزية والروسية والذي يضحك ويسخر من كل شيء ..,
والذي يكره اليهود،والذي يسأل عن اخر اخبار الحرب في لبنان والذي يحب جميع الضيوف وينصت الى حكاياتهم ويقص عليم الحكايات...
..اقسم بشرفي انني وعدته بان احضر له "ملك القصة والحكايات"وهو انت ..
ومنذ ذلك اليوم وهو يسأل عن عمه الدكتور يوسف ادريس!
الان تذكرت،سأطلب منك بعد الشاي ،ان تتدخل بنفوذك لدى احد الناشرين الخصوصيين هنا في مصر ..,او في أي مكان من الوطن العربي ،اكي يشتري مني كتبا او مجموعة شعرية او حتى الجزء الثالث والاخير من ثلاثيتي الشعرية"ياسين وبهية"،"واه يا ليل يا قمر",او"ولوا لعين الشمس"..بدلا من رقادها في حبال العنكبوت!
...انني في حاجة الى أي مبلغ ......
#نجيب_سرور
(اواخر عام 1977 قبل وفاته بشهور قليله )
نقل = #صلاح_عيسى بعد وفاته
الضبط والطباعه واللوحه = #ياسر_اكرم_دودين

تعليقات