من دعوات المتآمرين الغادرين



دعوة للحوار بقناة الجزيرة (  عام 2008 ) وإعتذار عن قبولها)
صلاح الدين محسن
  2008 / 5 / 3 

  وصلتنا دعوة كريمة من قناة الجزيرة تقول
تحياتي استاذ صلاح
انا اسمي معن الشريطي من قناة الجزيرة برنامج الاتجاه المعاكس
اود التحدث معكم بشأن حلقة في برنامجنا
يرجى التكرم بارسال رقم هاتفكم على الاميل او عبر الهاتف
رقم هاتفي
(...........)
ونقول للأخ الفاضل الأستاذ معن الشريطي : لا نظن كاتبا أو مفكرا الا ويتلقف دعوة من قناة الجزيرة . ولا سيما برنامجها الأشهر – برنامج الاتجاه المعاكس – وذلك لكي تراه خالته ، وزوج عمته ، وامرأة خاله .. ، ويفرح به زوجته وأولاده ، وعيال الجيران ، ويكبر في أعين المعارف والأصدقاء ، ولكي يتساوي مع مشاهير من المفكرين والكتاب والسياسيين ، وأهل الرأي والحل والربط والمشورة ..
لا تظنني أبالغ عزيزي الاستاذ معن . أو أهزل . بل صدقني لو قلت لك ان لي قراء محبين أصدقاء يتمنون ألا أدع تلك الفرصة تضيع . لكي يهتفوا في معارفهم : الكاتب صديقنا . ظهر في قناة الجزيرة يا رجالة .. ..
وطبعا ليس من البر أن أضيع تلك الفرصة وانكد علي كل هؤلاء الناس – الأهل والجيران والقراء والمحبين الأصدقاء - . بل يجب أن أسارع بادخال السرور علي قلوبهم .. أليس كذلك ؟
ولكن يا عزيزي الفاضل . لنا مقال سابق انتقدنا فيه الطريقة التي تجري بها المناظرات بين ضيوف البرنامج . حيث تبادل الشتائم بين بين مفكرين وكتاب ودعاة ونشطاء . فضلا علي غوغائية النقاش وصخبه بشكل غير لائق . ومن النادر أن يحدث مثله في جلسات مناقشة الخلافات عرفيا بين العامة في القري و العزب والكفور والنجوع , اذ تكون اكثر هدوءا ونظاما ولياقة وانضباطا واقل صخبا ..! كل ينتظر حتي ينتهي غيره من كلامه ويعقب الحكم في الجلسة وينتظر الطرف الآخر حتي يطلب منه التعقيب أو الرد علي ما قاله خصمه ..ويحرص علي ألا يرتكب خطا في حق غريمه في الجلسة فالخطأ معناه العيب في المحكم نفسه. وذاك أمر مشين للغاية . والمفروض أن مقدم البرنامج حكم بين طرفي النقاش المختلفين في الراي . أشبه بالقاضي في المحكمة فكيف لا يفهم رجال دين ومفكرون و كتاب ذلك فلا يخطأ أحدهما في حق الآخر في برنامج الاتجاه المعاكس - أو غيره – كأنه قد أخطأ في حق مقدم البرنامج .. وكيف لا يشدد مقدم البرنامج علي كل متحاور . انه لو ارتكب خطأ ولو صغير في حق محاوره فان ذلك خطأ في حق مقدم البرنامج شخصيا ولن يسمح بذلك ؟؟
وأشرنا في المقال الي نماذج من تبادل الشتائم بين دكتور سيد القمني المفكر المعروف ن ناحية وأحد الدعاة الذين تحتضنهم لندن . والذي بدا حديثه بالاساءة " للقمني ". وكما لو كان قد قيل له أن مهمته ودوره في هذه الحلقة . الاساءة للقمني وقذفه بالتكفير والشتائم !! وبعد أن ترحم ذاك الداعية اللندني علي قتلي الارهابيين وأثني علي الأحياء الذين لا يزالون يسفكون دماء الآمنين ! بينما موضوع الحلقة لم يكن له صلة بأحياء الارهابييين أو قتلاهم ! وكذلك ذكرنا مثلا آخرا – وما أكثر الأمثلة - ما حدث مع الأستاذ نضال نعيسة- الكاتب السوري – عندما تطاول عليه شيخ أزهري
وخاطبة بالقول : يا غلام . فرد عليه نعيسة . الاساءة بالاساءة - بطبيعة الحال - . وذكرنا في ذاك المقال – وغيره من مقالات سابقة لنا – ملاحظاتنا علي برامج بقنوات فضائية أخري يكون واضحا منها جدا أن الأجهزة الخاصة للأنظمة ,توحي لبعض مقدمي البرامج وتكلفهم باستدراج الناشطين السياسيين والمفكرين والكتاب والصحفيين المعارضين بحجة اجراء لقاءات معهم ويكون الغرض الحقيقي هو الاساءة اليه بالتشكيك غمزا ولمزا وايحاءا !.- وعلي الهواء حيث عامة شعوبنا البسيطة الحال - باتهامات تجيد الانظمة حبكها لتشويه كل معارض للنظام الطاغي . .
ولا ننكر – كما بينا من قبل – تلهف مفكرين وكتاب - حسبما يبدو - علي الظهور بالفضائيات. بأي شكل حتي بلغ الأمر بالبعض ممن يقيمون بالداخل ويخشون التحدث بأمانة عن قناعاتهم الحقيقية والمعروفة عنهم كشخصيات عامة مما يعرضهم لمساءلات ومتاعب مع الأمن . الي حد أن قدموا تنازلات في أقوالهم بالفضائيات . أهالوا بها التراب علي تاريخهم السياسي أو عطائهم الثقافي – وربما محوه محوا – كثمن مقابل لظهورهم 3 أو 4 مرات علي شاشات التليفزيون بالفضائيات . اسعدوا فيها الأهل والأصدقاء ! ، وكانت برا بالوالدين حيث أثلجت بها الصدور ..!
لازلت أشعر بالحسرة كلما تذكرت اثنين هما من أرفع القمم الثقافية والفكرية في مصر وقد ظهرا معا في مناظرة قدمها الصحفي المصري مقدم البرنامج – وائل الابراشي - هما معا كانا طرفا فيها أما الطرف الآخر فهو شخص واحد لا محل له من الاعراب علي الاطلاق في عالم الثقافة بكافة نواحيها ! وهذا الشخص عرف مؤخرا وحسب . بصفته يهوذا طائفته ! موظف أمنيا ومخصص للظهور بالفضائيات لنفي الجرائم الطائفية التي يرتكبها أمن النظام وتوشك علي حرق الوطن بأكمله !! لقد كان اللقاء إهانة لكل مثقفي مصر.. وللآن أتساءل كيف قبل هذان الرمزان الثقافيان تلك الاهانة ؟! الأرجح أنهما استدرجا وفوجئا بالشخص في مقابلهما . اذلالا واحراجا واهانة من السلطة – وكعادتها – مع الثقافة والمثقفين - !
كيف قبلا ان كانا قد عرفا من البداية بطبيعة ذاك اللقاء وتلك الشخصية المناظرة لهما؟! ولماذا لم ينسحبا ان كانا قد فوجئا وهما من أكبر كبار رجال الفكر والثقافة . مطالبين بمناظرة شخص لا موقع له ولا صلة له بالفكر أو السياسة او الثقافة عدا ما هيأه له جهاز الأمن ؟؟!! وهل شهوة الظهور علي شاشات التليفزيون هي التي دعتهما لقبول ذاك التنازل ؟!
هذا لا ينفي أننا نقر بأن جميع من استضافتهم قناة الجزيرة ببرنامج الاتجاه المعاكس من مفكرين وكتاب ليبراليين – وغيرها من القنوات الفضائية ممن أشرنا الي اشتراكهم ببرامج ومواقف مماثلة بها – هم مفكرين وكتاب كبار- بعضهم أخوة وأصدقاء أعزاء – و جميعهم أفضل منا وبالتأكيد. و قبولهم للمشاركة بالبرنامج بذاك الحال هو شأنهم . وتلك حريتهم . ونحترم رغبتهم وان لم نشاركهم فيها .
وكنا قد ناشدنا دكتور فيصل القاسم في أحد المقالات بتغيير طريقة المحاورة بين ضيوفه بما يعطي صورة أفضل له وللبرنامج ولقناة الجزيرة .
ومن الضروري أن نذكّر الأستاذ الفاضل " معن الشريطي " ودكتور فيصل القاسم . بما سببه له وللبرنامج , الحديث الصريح لأختنا دكتورة وفاء سلطان . مما اضطر قناة الجزيرة للاعتذار للعامة والغوغاء – غوغاء العامة وغوغاء المتعلمين وغوغاء المثقفين . بدلا من عمل حلقة او حلقات من البرنامج لتعليم المشاهدين كيفية وضرورة التعود علي سماع راي الآخرين مهما خالفونا ومهما خالفوا قناعاتنا و معتقداتنا . دونما هياج وبلا حساسية . كي تتمكن بلادنا من النهوض والرقي كغيرها من بلاد الله التي نهضت . هكذا كان يجب رد قناة الجزيرة علي المحتجين والغاضبين .. لا الاعتذار عن آداء القناة لحقها وواجبها في تقديم الرأي والرأي المخالف – او المعاكس - . - .
والاعلام في الدول المتخلفة والشعوب المغيبة يجب أن يكون اعلاما وتعليما لقيم الديموقراطية والحرية والا لما صلح الحال أبدا ..!
وكاد حديث الصديقة دكتورة وفاء سلطان . أن يتسبب في الغاء برنامج الاتجاه المعاكس – حسبما أشيع وقتها - . واعتذر دكتور فيصل مثلما اعتذرت قناة الجزيرة . عما قالته وفاء سلطان . مرتكبة جريمة الصراحة !!
ولعل أستاذ معن الشريطي ودكتور فيصل القاسم . يعرفان من مئات المقالات المنشورة لنا أننا نقدم الحقيقة حسبما نراها عارية تماما . ..
ولكن ربما لا يعرفان أنني اتحدث كما أكتب وبالضبط. خاصة فيما أراه قضايا فكر مصيرية , عليها يتحدد مصير ومستقبل الأجيال القادمة . أحفادنا من بعدنا . مالم يكن لدينا حظ في العيش حتي يحدث تغيير نراه بأعيننا .
قد لا يعلمان أنه سيان ما نقوله سواء كتبنا كتابا أو مقال أو قلنا رأيا علي مقهي بين أصدقاء. أو أدلينا بأقوالنا في تحقيق بالنيابة أو بالمحكمة حول أفكارنا وكتبنا . او في حديث مصور يذاع . نفس الشيء لا يختلف ما نقوله في كل الحالات.. وهذا ليس عنترية . بقدر ما هو عفوية فطرية . نعتز بها ونحافظ عليها .

فتري : هل تحسبتم لذلك وأعددتم اعتذارا جديدا . بعد اعتذاركم عن حديث دكتورة وفاء سلطان؟
لأننا , وبالطبع لا نريد سوءاً لبرنامج الاتجاه المعاكس . ولا للدكتور فيصل القاسم . الذي لم ننكر أنه رغم تحفظنا علي طريقة البرنامج . أنه فتح عيون مشاهديه علي أن هناك رأيا وفكرا آخر,  بخلاف ما اعتاد الناس عليه من أنه لا يوجد سوي اتجاه واحد وراي واحد واله واحد وحاكم واحد . وكل شيء واحد ولا يمكن ولا يجوز أن يكون هناك آخر . !
بالإضافة الي أن لقناة الجزيرة وبرنامج الاتجاه المعاكس الفضل في دفع قنوات الاعلام المنغلق - كحكوماته -. ببعض دول المنطقة . الي الاتجاه نحو الشفافية أسوة بقناة الجزيرة وبرنامجها الاتجاه المعاكس . ولكي لا تبدو تلك القنوات متخلفة وبلا مشاهدين .. وسواء لم يقصد أو يقصد الدكتور فيصل القاسم وبرنامج الاتجاه المعاكس . فقد قدم الكثير مما افاد التنوير ونظنه فتح عيون ملايين المشاهدين من شعوب المنطقة . المتابعين له . انه فضل كبير لا يجوز انكاره .
وللأستاذ معن الشريطي . كل المودة والتقدير .

*********سبق النشر بموقع الحوار المتمدن-  2008 / 5 / 3 

تعليقات