كتابات أعجبتنا - 9 محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف

محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف - ج 1 , 2 .
الكاتب العراقي : صالح حمّاية
المقال من جزأين , ننشرهما معاً :
نقلاً عن موقع الحوار المتمدن- يومي 9 , 10 - 2016
 الجزء الأول :
     محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
بقلم : صالح حماية


  في مقابلة من المقابلات التلفزيونية للأستاذ الكبير حسنين هيكل، و التي كانت تجريها معه الإعلامية لميس الحديدي ( مصر أين ؟ .. و إلى أين ؟ ) يحكي الأستاذ هيكل عن قصة حوار جرى بين الزعيم التركي مصطفى كمال ، و بين مجموعة من أصدقاءه حال طرحه رغبته بضرورة إلغاء استعمال الحروف العربية في كتابة النصوص التركية ، حيث يروي الأستاذ حسنين ، أن أصدقاء مصطفى كمال استفسروا حول لماذا هذه الخطوة المستغربة منه ، وما هدفها ؟، فهل إلغاء اللغة العربية هي محاولة منه للقضاء على الديانة الإسلامية في تركيا مثلا ؟ ، أم هي محاولة لإبراز الهوية التركية المستقلة عن العرب فقط؟ ، و قد كان رد مصطفى كمال على هذا السؤال " أن الهدف ليس هو القضاء على الإسلام ، فالإسلام كديانة باقي وسيظل ، ولكن المهم بالنسبة له هو تحرير المسلم التركي من الفهم العربي للإسلام " فالمنطقة العربية و كما يرى مصطفى كمال منطقة موبوءة بأفكار وتصورات مدمرة ، سواء الطائفية منها أو الأصولية أو الإرهابية ، وكل هذا مدون و محفوظ باللغة العربية ، لهذا لتحرير تركيا من خرافات العرب المسلمين و أوهامهم للإنتقال بتركيا من التخلف للحداثة ، فيجب القيام بقطيعة مع هذه اللغة الملعونة ، وهو ما حدث فعلا ، حيث سارت تركيا في هذا النهج بطريقة منظمة، فقد ذهبت نحو حذف الأبجدية العربية من كتابة النصوص التركية ، وتم منع و تجريم رفع الأذان بالعربية ، وتم منع الصلاة بها كذلك بعد قيام تركيا بترجمة القرآن للتركية ، هذا بالإضافة إلى تنقية اللغة التركية من الكثير من المصطلحات العربية الخ ، و هو الأمر الذي و من نظرتنا له من زمننا الحالي ، فنحن نجده قد نجح وبشدة في بلوغ ما كان يريد ، فتركيا و بتلك السياسات المكافحة لتمدد نفوذ اللغة العربية ، استطاعت الخروج من مستنقع الجهل الشرق أوسطي قبل الدول المدعوة عربية جميعها، وهي حاليا تعتبر الدولة الشرق أوسطية الإسلامية الوحيدة التي كانت دولة وفية للحداثة و العصرنة ، باستثناء طبعا الفترة الحالية التي عاد فيها داعمو اللغة العربية للواجهة واستيلائهم على السلطة ، ونقصد هنا جماعة حزب العدالة و التنمية ، فهؤلاء الذين تربوا في رحم التيار الإسلامي المتشبع بالفهم العروبي للإسلام ، هم اليوم من يقود الدولة التركية نحو الخراب ، وهذا واضح طبعا مما يجري مع الدولة التركية حاليا من مشاكل في كل مكان لم تعرفها دولة أتاتورك .
وعلى هذا و بعد هذا السرد التاريخي ، فجلي جدا أن ما فكر فيه الزعيم الخالد مصطفى كمال كان صحيحا تماما ، فمن أجل إنتشال أي دولة إسلامية من مستنقع التخلف ، فأول خطوة يجب فعلها في هذا الإطار ، هو السعي لتحجيم دور اللغة العربية فيها، بل وربما حتى الوصول لحضرها ، لأنه مادام هناك لغة عربية متداولة ، ويتم إستعمالها ، فدائما هناك إحتمالية أن تنتقل لك الأوبئة العربية الإسلامية الفتاكة من إرهاب و أصولية وتطرف وطائفية وما شابه، حتى لو حاربتها ، وللتدليل على صحة هذا الكلام ، فيمكن الرجوع للتجربة الجزائرية كنموذج ، وهي التجربة النقيض لحالة تركيا ، فبالنسبة للجزائر وكما يعلم الجميع فهي قد كانت تحت الإحتلال الفرنسي لمدة طويلة ، وهو ما أدى إلى تغيير لغة أغلب الشعب هناك لتصبح فرنسية ،حتى عاد و قرر الرئيس الجزائري هواري بومدين أن يقوم بعملية تعريب للتعليم و الإدارة في البلاد هناك ( أي كسياسة نقيض لسياسة اتاتورك بالتتريك ) و إذا نظرنا اليوم لنتائج هذه السياسة التي بدأت في اسبعينات القران الماضي لتقييمها ، فيمكننا القول وبدلائل ملموسة أنها لم تكن سوى حالة من التخريب الممنهج للدولة الجزائرية ، فمما حصل بسبب سياسات التعريب أن جميع أمراض الشرق الأوسط المدمرة قد إنتقلت للجزائر و على رأسها الفكر الإخواني و السلفي الفتاكين ، و هذا طبعا لأن الرئيس بومدين إستقدم من الدول العربية الأخرى كمصر و العراق و فلسطين الكثير من المدرسين ليقوموا بتدريس الجزائريين العربية ، وهؤلاء هم من نشروا تلك الأفكار بين عامة المواطنين ، الشيء الثاني أن تغيير المناهج من دراسة أساطين الفكر و الفلسفة و الأدب في أوربا كهجيل و ديكارت و دايفيد هيوم ألخ و التي كان يدرسها الجزائري سابقا، إلى دراسة أساطين التخلف العربي الإسلامي كالمتنبي و أبو حسن الأشعري وإبن تيمية وما شابه ، أدى إلى إنهيار مستوى الثقافة لدى الجزائريين عموما ، فالمواطن لم يعد مثقف ثقافة عالمية ، بل صار مثقف ثقافة محلية بائسة لا تفيد بشيء ، عدى أنها ليست حتى ثقافته الوطنية ، بل هي ثقافة أمم أخرى بائسة ومتخلفة ، وككارثة مضافة لهذا فقد هذا الأمر إلى عزل الجزائر عن التواصل مع العالم المعاصر و للأسف ، فالجزائر التي كانت لديها جسور مع أوربا المتقدمة و الحديثة ، و التي كانت لتكون سبابا في تقدمها و ازدهارها، قد قطعت تلك الجسور ، وفضلت الارتباط بالبقعة الأتعس في تاريخ البشرية الحديث ، وهي منطقة الشرق الأوسط ، وطبعا لم يطل الأمر بالجزائر كثيرا حتى جنا المجتمع الجزائري ثمار هذه اللغة المسمومة ، فقد إنفجرت الأوضاع بعد سنوات قليلة من سياسة التعريب في حالة من الإرهاب المروع الذي كاد يفتك بالدولة الجزائرية ، وتحول الجزائريين من شعب تحرري و تقدمي في الستينات والسبعينات ، إلى شعب نصفه من المتطرفين و الإرهابيين ، ونصف الآخر يعاني ويلات الإرهاب و العنف ، وطبعا السبب في هذا واضح هنا ، فما جرى للجزائر هو و ببساطة ، أن هدم حاجز اللغة الذي كانت اللغة الفرنسية تلعبه إتجاه أوبئة الشرق الأوسط على طريق سياسة التعريب ، قد سمح لتلك الأوبئة للتسلل للجزائر ، وطبعا كانت النتيجة أن الجزائر عانت مباشرة من عوارض تلك الأمراض ، بل ولا تزال تعاني حتى اللحظة ، فما نراه يحصل اليوم أن هدم حاجز اللغة قد سمح بدخول أمرض لا يمكن حتى تصور أن توجد أساسا في الجزائر على غرار الطائفية بين السنة والشيعة ، فاليوم كثير من الجزائريين يتحدثون عن خطر الشيعة ، وضرورة محاربة الشيعة وضرورة التضييق عليهم بينما أساسا ، وعلى ارض الواقع فلا وجود لشيعة يمكن الحديث عنهم في الجزائر ، ولكن مع هذا أنت تجد مهلوسين و طائفيين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عن خطر الشيعة ، وطبعا كل هذا نتيجة لان الضخ القادم من المنطقة العربية هو ضخ طائفي ، فالجزائري وكأي مواطن ناطق بالعربية في العالم ، سيجد نفسه أمام قنوات عربية لا تبث سوى السموم ، في المقابل لو ظل ناطقا بالفرنسية أو الأمازيغية فهو سيكون محميا من كل تلك الأوهام و الخرافات ، وعليه فما نستخلصه من هذه التجارب هو أن اللغة العربية لا يجب أن تعامل كلغة فقط ، ، بل يجب أن تعامل كتحدي و خطر ، بل وكمشكلة تحتاج إلى حل ، و إذا أردنا الدقة في توصيفها فهي في الواقع حصان طروادة لولوج سموم الثقافة الإسلامية الموبوءة ، و حالة من حالات الخديعة للإنسان أن يتعلمها ، فالشعب الناطق بالعربية هو شعب فاقد بالضرورة للقدرة على حماية نفسه ، وهذا أمر يمكن لمسه بالنسبة للدول التي حاولت محاربة الإرهاب كالجزائر او سوريا ، فالدولة هناك تكافح في الإرهاب في الداخل ، ولكن في الخارج يبثون لها خطب التحريض ، وثقافة الإرهاب ، ولا حاجة هنا لذكر ما يتم أنفاقه من أموال لهدم بعض الدول عن طريق الضخ الإعلامي بالأفكار الظلامية، بحيث أنت و على حين غرة قد تفاجئ بمجتمعك وقد تحول من مجتمع مسالم ، إلى مجتمع من الغرهابيين و القتلة و أكلة الأكباد و القلوب ، وعليه فلمحاصرة هذا الوباء المتمثل في الثقافة الإسلامية التدميرية ، ومنع انتشارها بين الناس، فلا سبيل ناجع وسريع ، سوى محاربة تعليم العربية و استبدالها بأي شيء ولو كان اللهجات الدارجة ، فحين تحصل القطيعة مع هذه اللغة ويتم حرمان أباطرة ترويج الإرهاب و الكراهية من تلك الميزة للوصول لعقول الناس ، فحينها ستكون بداية النهضة الحقيقية، ومغادرة أتون التخلف المدعو الثقافة الإسلامية ... ( يتبع ) .
 

الجزء 2  : وحين نتحدث عن كون القطيعة مع اللغة العربية تعني عدى مكافحة الإرهاب ؛ أنها الحل للقضاء على التخلف من أجل الذهاب نحو النهضة الحقيقية ، القائمة على إرساء مبادئ الدولة الوطنية الحديثة ، فهذا كذلك أمر يمكن التدليل عليه بأدلة ملموسة ، وهنا فلنأخذ على سبيل المثال الدراسة التي نشرتها اليونيسكو حول واقع الترجمة بالنسبة للغة العربية ، فكما تقول اليونيسكو " ما ترجم إلى اللغة العربية، منذ عصر المأمون سنة 813 م إلى اليوم، لم يتجاوز العشرة آلاف كتاب، وهو عدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة فقط. وما تترجمه الدول العربية مجتمعة في السنة الواحدة لا يعادل خمس ما تترجمه اليونان وحدها في العام. و يبلغ متوسط ما يترجمه العالم العربي على مدى خمس سنوات هو 4,4 كتاب مترجم لكل مليون مواطن عربي، بينما متوسط الترجمة في هنغاريا مثلا فيصل إلى 519 كتاب مترجم لكل مليون مواطن هنغاري في نفس الفترة." ( موقع ساسة بوست 27 يونيو,2016 ) وهذا عدى طبعا الفقر في الإنتاج المحلي الميت بسبب هذه اللغة الميتة حيث مثلا "عدد البحوث المنشورة لكل مليون نسمة في البلاد العربية لا تتعدى 80 بحثاً في 2013، بينما تصل في إسرائيل إلى 1650 تقريباً." ( دراسة "البحوث العربية 2010-2014 و مقارنة مع دول الجوار " لــ د موزة بنت محمد الريان ) ومن هذا المنظور لهذا التخلف المزري في واقع الترجمة و النشر العلمي ، فما نصبح أمامه هو أننا أمام لغة مشلولة تماما ، بل أمام لغة قاتله ، فالفرد النطاق بالعربية فقط ، هو فرد محروم من 99% من الناتج المعرفي الإنساني ، هذا عدى أن الواحد بالمائة المتبقي له من المعارف باللغة العربية ، جله موبوء بالإرهاب و التطرف و الشر ، فالكتب المطبوعة باللغة العربية أغلبها كتب دينية أو شبه دينية ، و طبعا الكارثة المضافة لهذا أنها كتب محرضة على الإرهاب و التطرف ، ما يجعلنا نقول أن اللغة العربية هي في الواقع قيد للإنسان الباحث عن المعرفة ، و أنها فخ للمجتمع المتكلم بها ، لأنها لغة تعزله عن العالم المعاصر ، بل وعن كل ما هو مفيد ، ومن هذا المنظور فاللغة العربية لن تكون مطلقا بابا للتطور و النهضة ، وكل أمة ستحاول إستغلال اللغة العربية للنهوض سينتهي بها الحال لكارثة ، ولدينا سوريا و الجزائر كنموذجين ، فالبلدان سعيا لتعريب العلوم و المعارف و المناهج الدراسية ، وهو ما أنتهى بالبلديين إلى خراب لا يمكن تخيله ، و عموما فيبقى هذا الأمر أمرا مفهوما لأنه و إذا رجعنا لقصة الترجمة في عصر المأمون ، و التي يفتخر بها دعاة العربية، فما نجده أن تلك كانت فترة شاذة في تاريخ المسلمين ، و لليوم لا يزال الفقهاء يلعنون ما جرى من ترجمات، لأنها بحسبهم أدخلت للإسلام أفكارا هدامة ، وهي الأفكار الفلسفية ، فيما ما كان مفروضا على المسلم، هو أن يبقى حبيس كتب الدين فقط ، أو كما صاغها الشافعي في بيتين من الشعر (كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سوى ذاك وسواس الشياطين.) وعليه اليوم فأي دولة تريد أن تتطور وتتقدم ، فالأحرى بها ليس فقط تدريس اللغات الأجنبية الحية ، والتي تتيح للإنسان الإطلاع على العالم الخارجي ، والتي تفتح له الأبواب على البحوث و الدراسات و كل ما هو جديد من المنشورات الأدبية و العلمية ، بل و أن تكافح اللغة العربية كذلك ، فمما يغيب على الكثير من الباحثين اليوم ، هو أن سبب التطرف و الإرهاب و إنتشار الأصولية في بلادنا راجع كله لغياب أي كتب تتكلم عن الفكر الآخر ، فكم هو عدد الكتب التي تشيد بالحريات و بالتسامح وبحقوق الإنسان في اللغة العربية ، مقابل الكتب التي تروج للعنف و الإرهاب و خزعبلات عذاب القبر و ناكر ونكير ؟، و شخصيا أجدني وفي هذه النقطة ؛ متعاطفا مع الفرد العربي الذي نتهمه بشدة بأنه فرد لا يقرأ ، فالواقع و ماذا سيقرأ أساسا و هو محروم من الكتب المفيدة و المهمة ، فأي كتاب يفتحه ، إلا ووجده مليء بالإرهاب و التحريض على العنف و الكراهية ، وفي أحسن الأحوال سيكون كتاب عن الخرافات و الدجل و الشعوذة ، وعليه فشخصيا أرجح أن يكون سبب العزوف عن القراءة في المجتمع المدعو عربي ، راجع و بشدة للأهوال التي تحويها الكتب المكتوبة بالعربية ، فالناس و لكي ترتاح من ذلك الصداع المزمن التي تسببه تلك الكتب ، فهي قد أهملت القراءة أساسا لأنها لا تفيد بشيء ، أما القلة القليلة الباقية من الكتب طبعا ، فهي وكما نعلم ممنوعة ومحاربة ولا يمكن الحصول عليها ، و أي جولة في معارض الكتاب التي تقام في بلداننا تكشف لك هذا ، ففيما تحضا كتب الإرهاب و التطرف بمساحات مهولة لعرضها، وبل يصل الأمر إلى حتى ترويجها بأثمان مخفضة رغم نوعية الطبع الفارخة التي طبعت بها ، فالكتب الأخرى أساسا ممنوعة من الدخول ، وعليه فبالنسبة لكل إنسان يعتقد أنه يجب أن يكون هناك نهضة و حداثة وتطور ، فطريق النهضة واضح ، وهو أنه لا يكون ، ولن يكون باللغة العربية ، بل هو على العكس من هذا ، لن يكون إلا بالقضاء على هذه اللغة ، لأن تلك اللغة هي احد أعمدة التخلف الأساسية التي يعاني منها الشرق الأوسط ، و للتأكد من هذا الأمر ، فلا أسهل من استطلاع رأي الأصولية الإسلامية و جماعات الإرهاب و التطرف حول رأيهم في مسألة اللغة العربية ، فمعلوم أن هؤلاء جميعا لن يدعموا أي شيء يحسنن من حال المجتمع و الوطن نحو الأفضل ، ونحن نعلم ان هؤلاء جميعا مؤيدون للغة العربية ، ومؤيدون بشدة لفرضها على الناس ، و عليه فواضح جدا أن هذه اللغة لن تخدم من يتوسل النهضة ، وعموما ليس من الصعب على الإنسان فهم السبب الذي يجعل الأصولية الدينية تنادي بالعربية وترفض أي لغة أخرى ، فاللغات الأخرى لغات حرة ، و لغات تفتح للإنسان الأبواب مشرعة له للنهل من جميع الثقافات العالمية ، وتمده بالأفكار والتصورات الجديدة و العالمية ، بينما حجز الإنسان في سجن اللغة العربية ، فسيجعله حبيس الموروث الديني الأصولي و الإرهابي ، و الذي لن ينتج سوى فرد مؤيد للأصولية ، ومنه فالأصولية الدينية بالبداهة مع الحفاظ على اللغة العربية و تعميمها ، في المقابل يعتبر تحجيم دور اللغة العربية تحجيم لقوة تلك التيارات ، و تحجيم لنفوذها ، ومن هنا نحن نجد أن جميع التيارات الأصولية و الإرهابية ترفض رفضا قاطعا أي مساس باللغة العربية ، وهذا لأنهم يدركون أن المس بتلك اللغة ، هو ضرب مباشر للقنوات التي يتسللون منها لعقل المواطن ، و اليوم ولو نرجع للمعارك الدائر حول العربية و التدريس باللغات الأجنبية في الكثير من البلاد، فنحن نجد أن الأصولية الدينية هي من تقف وراءها ، فمثلا تعتبر جماعة الإخوان المسلمين ، و جمعية العلماء المسلمين في الجزائر اليوم هي المحرض الأول ضد سياسات الإصلاح في المدرسة الجزائرية ، و التي تهدف إلى إستبدال دراسة العلوم في الجزائر ، من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية ، حيث حاليا تقوم هذه الجماعات بحرب معلنة تستخدم فيها كل الوسائل ، المشروعة وغير المشروعة على غرار فضيحة تسريبات الباكالوريا ، لإفشال هذا المسعى ، وكذلك الأمر يمكن قوله على بلدان الخليج ، حيث يحذر الأصوليون مرارا هناك، من أن الإنفتاح في الخليج على العمالة الأجنبية ، وعلى التدريس باللغات الأجنبية و المناخ الاقتصادي المزدهر الذي أدى لولوج الكثير من الخبرات الأجنبية التي تستخدم لغات غير اللغة العربية ، قد أدى للإضرار باللغة العربية ، و أنه يجب أن يعالج هذا الأمر و إلا سينتهي إلى كارثة ، وطبعا مفهوم الكارثة بالنسبة للأصولي دائما هو أن يتطور المجتمع ، ويزداد إنفتاحا وتقدم ، لأن المشروع النقيض الذي يحمله هؤلاء للمجتمع و الدولة ، هو مشروع الشمولية الدينية و الظلامية ، و الخراب على غرار ما يجري في داعش وغيرها .
وعلى هذا فنحن نصل إلى نتيجة حتمية مفادها أن لا مكافحة للإرهاب ، و لا حل لمعضلة التخلف ، و لا حل لمشكل تفشي الجهل و الفشل في المجال العلمي و المعرفي ، و لا نهضة و لا تطور ولا إزدهار سوى بالتخلي عن اللغة العربية كلغة تستعمل في الدراسة والتعليم و المجتمع ، لأن المؤكد أن بقاء هذه اللغة مسيطرة على واقع الفرد و المجتمع ، لن ينتهي سوى بالخراب و الدمار عليهما معا ، و الشواهد على هذا وكما نقلنا كثيرة ، ويبقى فقط أن نتعظ .
صالح حّماية - موقع الحوار المتمدن-  2016 / 9 / 10

تعليقات