التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقالات واضحة

                                                 

                                                
أصوات

سمير عطا الله لا يستمع إلا للقرآن!

محمد رضا نصر الله
عن جريدة الرياض - السعودية - 11-5-2018


بعد عشاء فاخر، أخذني الزميل اللبناني الكبير سمير عطا الله، في جولة ليلية بسيارته على شوارع بيروت.. عند منحدر الرملة البيضاء من الروشة.. وقد أخذت أنوار النيون تتلاشى، راح يلتقط شريطاً من أشرطة الكاسيت.. وقبل أن يدفعه إلى مسجل السيارة - سألني:
يا ترى ماذا أنا مسمعك..؟! أجبت على الفور.. فيروز بالطبع.. فهل يسمع المرء في لبنان غير فيروز.. إنها عصفورتكم الأبدية.
فاجأني أن وضع تسجيلاً لأحد أبرز مقرئي القرآن الكريم من المصريين.
نعم.. لقد أدهشني سمير عطا الله - وهو المسيحي - بقوله إنه لا يحتفظ في سيارته بغير هذه الأشرطة القرآنية.. إنه ينتشي بموسيقى ربانية تنبعث من بين التراكيب البيانية في هذا الكتاب المعجز، ويتملى مضامينها الإنسانية ذات التصوير الفني، وأردف قائلاً: لقد حفظت في الصغر بعض الآيات القرآنية من أبي!
في شقته الأنيقة بالحازمية، استلفت نظري كتاب تراثي عربي يستقبلك بحفاوة عند المدخل.. وإذ رحت أتتبع الصور واللوحات.. وجدت صورة لسمير عطا الله بالغترة والعقال.. وبشت قال إنه تلقاه هدية من الملك فيصل في بداية مسيرته الصحفية.. 
(( تعقيب علي ما جاء بمقال الكاتب - من ادارة المدونة - : هدايا الملوك والأمراء النفطيين , من المؤكد انها تكون مطرزة بالذهب , والزراير من اللؤلؤ , أو الياقوت أو المرجان .. أم ماذا تكون هدايا الملوك والأمراء ؟؟ ))
سألته: ما بالكم معشر المسيحيين اللبنانيين، مفتونون باستظهار الحكم والأمثال العربية القديمة، وارتداء العباءات..؟! وطفقت أحدث عما جرى بين الأديبين المسيحيين المهجريين جبران خليل جبران وأمين الريحاني، من مراسلات دار بعضها على طلب جبران عباءة وبر بيضاء، يبتاعها له رفيق دربه أمين الريحاني، بعد ما حلَّ في الشرق.. هل هو استدعاء لرداء الهوية، وهو يتعرض لأعاصير الغربة في المهجر الأمريكي؟!
سؤال الهوية العربية هذا، سكن أمين الريحاني نفسه، عندما قرر ترك مهجره الأمريكي، وتطليق زوجته الأمريكية للالتحاق بركب الباحثين عن البطل القومي، على ثرى رمال الجزيرة العربية، ذات الجاذبية الرومانسية الساحرة، لكثير ممن عاش في الغرب، عرباً وغير عرب.
أثناء زيارة الأستاذ غسان تويني صاحب جريدة النهار البيروتية.. رأيته يؤكد كثيراً على هذا الجانب، ذاكراً أن والده السياسي والصحفي جبران تويني ذا التوجه العروبي، تكنى بأبي غسان قبل مولد ابنه البكر، إصراراً منه على نسبة عرب المسيحيين الشوام إلى قبيلة الغساسنة، التي حلت في هذه الربوع قبل مولد البعثة النبوية.
لهذا السبب اندفع نهضويو لبنان المسيحيون، يهتمون بدراسة التراث العربي، وإعادة تحقيقه، والقيام بنشره.. بل رأينا بعد اليازجيين والأب شيخو وهم يقدمون روائع الأدب العربي.. قسطنطين زريق، اللبناني من أصل فلسطيني، هو من يقود شباب الجامعة الأمريكية ببيروت، نحو الانضمام بجمعية العروة الوثقى، المؤسّسة للفكر القومي في الخطاب السياسي العربي.. وكان من بين أعضائها من أصبحا وزيرين في الحكومة السعودية.. أعني الأستاذين عبدالله بلخير المستشار والوزير في عهد الملك سعود، وعمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية في عهد الملك فيصل.
ماذا بعد ..يا سمير عطا الله.. إنني أستمتع كل صباح بإضمامة الورد ، في زاويتك اليومية بجريدة الشرق الأوسط، تفوح عبيراً أحياناً، وتسيل دماً أحياناً أخرى.. حسب مناخ الطقس العربي المعرض لعواصف التغيير، منذ أتقنتَ الكتابة وتعلمتُ أنا القراءة!
==============

تعليقات