تبوير تبوير .. وتنوير 2-2

 صلاح الين محسن

نشر بموقع الحوار المتمدن  يوم 6-10-2020

 في مقال سابق - بل أكثر من مقال - تكلمنا عن رجل  يحمل فكر جماعة الاخوان المسلمين - أو هو عضو متخفي بالجماعة , فهم يجيدون التلون والتخفي - ويدعو للثورة بمصر  للخروج بها من الأزمة . وإبعاد الجيش عن الاقتصاد وإعادة ممتلكاته للدولة والشعب . ليكون واجب الجيش هو حماية حدود البلاد . وليس السيطرة علي الحكم وعلي الاقتصاد , وإغراق البلاد في المشاكل . والفساد والظلم .. وحددها في :  

انهاء اقتصاد الجيش

انهاء تدخل الجيش فى السياسة

تطبيق الشريعة الاسلامية فى محاكم مصر

ممنوع ان يحكم مصر اى رئيس اكثر من فترة واحدة فقط

اعادة هيكلة الشرطة بأكملها

اعادة هيكلة القضاء باكمله

اعادة هيكلة النظام الادارى باكمله

و التدرج بالناس و عدم التسرع بالزج بهم للميدان قبل الاعداد اللازم . 

وقد استفاد ذاك الرجل من المظالم التي أوقعها قانون صدر مؤخراً بهدم منازل مخالفة ( والمخالفات تسببت فيها الحكومة بحبسها الصحراء عن الشعب ليتوسع فيها العمران بدلاً من التوسع فوق الأراضي الزراعية . الحكومة تتاجر في الصحراء منذ عشرات السنين للآن  ) دون ايجاد بديل للمواطنين قبل طردهم في العراء ..  ولابتزاز أصحاب المباني بلعبة اسمها مصالحة - دفع إتاوة أو غرامة , وبقاء المخالفات علي ما هي عليه ! - والمصالحة لعبة ضمن القانون ! - وألّب ذاك الرجل , الناس علي النظام ودعاهم للاستماتة في الدفاع عن بيوتهم , ولو بالاستشهاد والموت دفاعاً عن حقوقهم . واللي يموت حيروح الجنة .

ويبدو ان المظاهرات التي خرجت مؤخراً - وتكلم عنها الجنرال الرئيس السيسي  علناً - .. كان لدعوة ذاك الرجل باع في تلك المظاهرات .. مما أسعده في الفيديو قبل الأخير ( الذي يصل لصفحتي بالفيسبوك - رغم عدم اضافته لصفحتي ورفضي قبول طلب صداقة منه  - يبدو أن أدمن الفيسبوك يتعمد ادخاله بصفحتي .. ) . وأكتفي أحيانا بتفنيد أفكاره - علي الخاص - حول موضوع تطبيق الشريعة في مصر , بدلاً من تطبيق قوانين تناسب العصر الذي نعيشه . !  وهو ما نشرته في مقالي السابق - بالحوار - ..

.. وأنا أشاهد فقط فيدوهاته وحواراته مع من يتابعونه من مويدين ومعارضين ..

 واليوم يهمني جداً أن أقول :

المؤسف ان تخطيطه لثورة .. بالغ الاتساع والعمق و الدقة والإحكام .. بما يمكن أن يضمن نجاح ثورة , بنسبة 95 % .. اذا حدثت استجابة كافية من الشعب لدعوته واقتنعوا ببرنامجه  .. !

هذا عن برنامج ومخطط ثورة يرسمها رجل رجعي التفكير ,  لا ينتمي للعصر الحديث بدساتيره وقوانينه .. وانما ينتمي للقرن السابع الميلادي وقوانين صحراء شبه جزيرة البدو العرب 

وفي الناحية الأخري .. نجد ان من يدعُوّن للثورة لأجل التغيير من منطلق عصري , رؤيتهم لتكتيك حركة وتحركات الثورة لا تزيد عن : " التجمع في الميدان , والمضي في الزعيق الي ما لانهاية والقول : الشعب يريد .. الشعب يطالب . إرحل . إرحل "  .. هذه الخطة تضمن الفشل بنسبة 95% . والزج بالقيادات في السجون والمعتقلات  ... !! بعد الدهس  بالجِمال . ثم السحق بالمدرعات , وخزق العيون بطلقات الرصاص الحي بقناصة الجيش - وهذا ما حدث في انتفاضة - أو ثورة -  25 يناير 2011 , التي سقطت , وتم تبديل أسماء رجال السلطة , والرموز . مع بقاء واستمرار نفس النظام بكل ما كان فيه .

فانظروا كيف يفكر ويخطط الرجعي .. وكيف يفكر ويخطط  من يفترض انه يحمل عقلية تقدمية .. ؟!؟ 

والرجل - الاخواني المتخفي - كما يبدو , يعتمد علي ان نسبة من الشعب ما زالوا يصدقون :  المبايعة علي طاعة الله ( يعني طاعته هو فيما يقودهم اليه , باعتباره يسعي لتطبيق ما يعتبره شرع الله ) .. والنضال . والتضحية والموت , فالشهادة هي المكافأة . حيث دخول الجنة كشهداء .. .. !

صحيح ان كثيرين ممن يتابعونه يسخرون منه . ويشتمونه . ولكنه يجد مؤيدين أيضاً ليسوا بقليلين ..

بحصان  طاعة الله . والجهاد حتي الشهادة .. ( حصان الدين ) يمكن أن يستمر التبويريون  والاظلاميون في كسب أصوات الناس .. وقيادة الشعب للمصير الذي تلقاه كل الشعوب التي طُبِقت عليهم الشريعة . ولم تنهض لتلحق بسنغافورة أو كوريا الجنوبية أو اليابان .. ومن تلك البلاد التي ما أفادها تطبيق الشريعة : السعودية - حتي القريب , كانت تطبق الشريعة , ولعلها لا تزال - والسودان في عهد جعفر النميري  الديكتاتور  , والسودان أيضاً في عهد الطاغية عمر البشير .. وايران وتطبيق شريعة الجلد والرجم والفقر والجوع . والسخاء في شراء أسلحة وارسالها لسوريا واليمن ولبنان والعراق . لأجل القتل واسالة الدماء .. ومنذ قديم الزمان , منذ تطبيق الشريعة علي الضعفاء فقط - عهد محمد , وأبي بكر وعمر وعثمان وباقي الخلفاء حتي آخر خليفة اسلامي عثمانلي , حكم امبراطورية تحت اسم حكم الشريعة والوحدة الاسلامية وليس باعتباره استعمار في حقيقة الأمر .. كانت الشريعة دوماً تُطبَق علي الضعفاء , وعلي العامة , دون الخاصة المنحرفين الفاسدين ! .

ما موقف التنويريين الآن ؟ .. ازاء ديناميكية تحركات التبويريين الاظلاميين ..؟

يقال ان التنويريين في أوروبا - الذين مهدوا للثورة الفرنسية , التي غيرت وأنارت أوروبا والكثير من أرجاء العالم ..  كانوا يسيرون جماعات , في الطُرُق والشوارع والمقاهي .. للتحدث مع الناس وتنويرهم .. 

لقد أخذ اظلاميونا , تبويريونا .. تلك الطريقة . اذ وجدناهم  - علي غير العادة يجوبون , في شكل مجموعات مكونة من 5 أو أكثر , في القطارات والتراماوي , مترو الأنفاق ..- زمن " حسني مبارك " , باتفاق مع السعودية , لمساعدته علي انجاح توريث السلطة - ويمارسون عملية وهبنة وسعودة أفكار الناس .

( ولاحظت أن تلك المجموعات كانوا يختاروا أفرادها من العماليق , طُوال , عراض ! يبدو انهم كانوا يقصدون منافسة كوادر يختارهم جهاز أمن النظام , بتلك المواصفات ! ) .

ومنهم - التبويريون الاظلاميون - من كان يصعد الأتوبيسات - فردي - ويحذر النساء غير المحجبات , من عذاب جهنم .. ومنهم - كوادر صغيرة - من كانوا يقومون بالقاء مادة كاوية علي سيقان من لا تلبس الحجاب , أو فوق مؤخرة من تلبس ملابساً قصيرة ! 

واستطاعوا في غضون 10 سنوات (  وهبنة وسعودة ) حياة المصريين , بنشر الحجاب والنقاب , وارساء تقاليد لم يعرفها المجتمع المصري من قبل , مثل : السلامُ عليكم في التليفون - بدلاً من " آلو " وتشغيل القرآن في كل مكان ,, بالمحلات , والميكروباصات والبيوت , عمّال علي بطّال .. وغير ذلك .. 

ولأول مرة في حياتي - بعدما كنت اقترب من سن الخمسين , وقتها  - أسمع عن ال " عقيقة " - وليمة -  بمناسبة مجيء مولود ذكر - دون الأنثي !! - سُنّة محمداوية - وأشياء أخري كثيرة لسنا هنا بصدد حصرها كلها .

طبعاً ليس بمقدور التنويريين القيام بذاك الدور بالمواصلات العامة والمقاهي .. لكون ذلك كان بالاتفاق والتنسيق مع الحكومة وجهاز أمنها وشرطتها , وقوانينها ودستورها المؤسلمة النصوص .

لذا فلعل مجال الانترنت مناسباً للتنويريين .. ليس وحسب بكتابة ونشر المقالات بالمواقع الشهيرة بالاضافة لمواقع التواصل الاجتماعي .. وانما بالاتفاق علي الخروج جماعات الي مواقع التبويريين الاظلاميين . سواء بصحف الانترنت أو بالتواصل الاجتماعي ... مجموعات من 5 أو 10 تنويريين .. 

- وكمثال - : مجموعة تقصد صفحة بالفيسبوك أو غيره لشخص تبويري اظلامي يبيع للناس أفيون : الصلاة ع النبي .. !

بس يزعق أو ينهق : من يعطر فمه اليوم بالصلاة ع النبي ؟

فيخرج وراءه قطيع مكون من 500 فرد . يرددون نهيقه كل حسب فنيته في النهق أو النقّ . 

لعله من واجب التنويريين ألا ينتظروا أن يحضر هؤلاء لقراءة مقالاتهم .. لا يكتفوا بذلك .. بل يذهبوا اليهم أيضاً في عقر مواقعهم وقنواتهم  وصفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي , لتنويرهم بالدخول معم في حوارات حول الصلاة ع النبي ومدي فائدتها وكيف ومتي كانت لها أهمية .. وحول باقي الأمور الصلعمية التي يطرحونها ,  لابد من دخول من 5 أو 10 تنويريين معا في وقت واحد  - مجموعات يتم تشكيلها - 

كما يجب عليهم طرح أفكار جديدة حول الرواية المسلسلة التي لا حصر ولا انتهاء لعدد حلقاتها , مسلسل رواية : " الله موجود ؟ أم غير موجود .. ؟  " !!

لا بد من طرح ردود جديدة عملية عصرية مختصرة منطقية تحسم وتنهي الجدل الفارغ , الذي جعلت منه الشعوب المتخلفة لبانة ( عِلكة ) لا تشبع ولا تكف ولا تتوب عن لعكها ! .

دخول مواقع التبويريين والمظلمين بالانترنت  لابد وأن يكون مجموعات تنويرية .. تساند بعضها .. فدخول فرد بمفرده .. غير موفقة - عن تجربة شخصية - . لأن سهاماً كثيرة من الغباء , ستوجه اليه .. دون مُعيّن . لذا لابد من المجموعات . كما فعل التنويريون الأوروبيون , وكما قلدهم التبويريون الاظلاميون بالشرق الأتعس - وخاصة بالمخروسة - .

مقال ذو صلة :

https://salah48freedom.blogspot.com/2020/10/blog-post_70.html

----------------------

تعليقات