ملاحظات علي التطبيع
صلاح الدين محسن
24-10-2020
1 - معروف ان تطبيع علاقات دول من المنطقة مع اسرائيل يقف وراءه الرئيس الأمريكي " ترامب " ودارت مساعيه قبيل الانتخابات الأمريكية بوقت قصير , ليكون نجاحه انجازاً يضاف لرصيده عند الناخبين . ولا سيما المؤيدين للسلام عامة والمؤيدين لاسرائيل بصفة خاصة
2 - تحقق نجاح التطبيع مع دويلتين صغيرتين - الامارات والبحرين -
3 - لم يشأ - أو لم يقدر " ترامب " علي انزال السعودية - علي عجل - لقبول التطبيع - الرسمي والدبلوماسي - مع اسرائيل وضغوطه علي السعودية يبدو انها توقفت - كما يبدو - عند وعد باتمام التطبيع مستقبلاً , ليتمكن السعوديون من ايجاد تمهيد كافٍ أمام الشعوب الاسلامية وأمام الفلسطينيين . حرصاً علي صورة المملكة - اسلامياً - كي لا تنتهز ايران الفرصة لانجاح مساعيها وطموحاتها الاستراتيجية في انتزاع الزعامة الاسلامية - والأماكن المقدسة الاسلامية - من آل سعود .
4 - الرئيس " ترامب " وهو في عجلة من أمره - قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية - , لم يفكر في التوجه لدول كبيرة - نسبياً - مثل الجزائر أو المغرب أو تونس .. بل ركّز علي الدول الصغيرة والضعيفة والساقطة التي يمكن الضغط عليها للتوقيع علي التطبيع .
5 - محاولات بذلت مع دولة ساقطة سياسياً , واقتصادياً ودولياً .. " السودان " خرجت من تظاهرات ضد ديكتاتور عسكري " البشير " ليتسلمها خلفاؤه وأعوانه , تحت زعم مجلس حكم انتقالي ! ( ولكن .. أي انتقالي !؟ سوف يعضوا علي السلطة بالأنياب والمخالب ) أي ان النظام العسكري لم يتغير . وانما أسماء هي التي تغيرت . واتجاهات الاصلاح والتغيير لا يعرف مدي جديتها أو مصداقيتها .. والسودان يعاني من مشاكل جمة داخلية وخارجية - فقر وفيضانات , وخارجياً مُدرجٌ علي قائمة الدول المساندة للارهاب .. وخضوع لعقوبات وحِصارات . لذا فان جهود ترامب وتوجهه للسودان بالذات لادخاله في حظيرة التطبيع , هو اصطياد في المياه الكدرة ..
ورغم كل ظروف الانكسار , فقد تحفظ السودان . وطالب بالتدرج , وتلكأ .. وزملاء وأعوان البشير , الجالسون علي سدة الحكم الآن ,- حتي لو كانوا قد وافقوا علي التطبيع موافقة نهائية وليست مبدئية , كما قيل - فليس من الحكمة منحهم قدراً معقولاً من الثقة في تعهداتهم .. فهم من نفس طينة عمر البشير .
6 - و توجد شواهد يجب التوقف عندها بالنسبة للتطبيع الذي جري بالفعل بين دولة الامارات ودولة البحرين من ناحية وبين اسرائيل , من ناحية أخري :
( أ ) المفاوضات حول التطبيع , بل والتوقيع علي المعاهدات في أمريكا . مخالف للبروتوكول الدولي . حيث لم يحضره أمير دولة الأمارات ولا ولي عهده ! ولا ملك البحرين ولا ولي عهده .. وانما في الحالتين كل منهما صَدّر وزير خارجيته , مقابل رئيس وزراء اسرائيل .. ..
وفي البروتكول , رئيس الوزراء المنتخب - الحاكم الفعلي - هو في مكانَة رئيس - أو ملك , او أمير - أية دولة أخري , حين التفاوض أو التوقيع علي بروتوكولات - أو الاستقبال الرسمي - , وبالتالي يجب أن يقابله رئيس دولة أو أمير البلاد أو ملك البحرين - أو حتي ولي العهد - علي الأقل - ولكن البروتوكول لم يلتزم به حُكّام الامارات والبحرين - مما يشكك في النوايا المستقبلية , أو يعني وجود حرج ما من التطبيع , لدي كلٍ منهما .. وان التطبيع كان نتيجة ضغوط من دولة كبري - أمريكا - واجبة الاستجابة لها .
( ب ) وقد قبل رئيس وزراء اسرائيل , ذاك الوضع المخالف للبروتوكول - رضي بالدَنيّة - يبدو انه يؤمن بخطة محمد صلعم - في صلح الحديبية - , حيث رضي بالدَنيّة - حسب تعبير - وصراخ - عمر بن الخطاب في وجهه . لكن اتضح أن محمداً - كان يُضمِرّ في نفسه شيئاً - ماكراً - آخر .. نفذه فيما بعد .
و ناتنياهو .. له استراتيجية يهودية تعتمد علي النفس الطويل , والصبر , واقتناص الممكن الآن , ولو بعيداً عن اللياقة البروتوكولية - لحين تحقيق غير الممكن فيما بعد وعلي مهلٍ .
ولا ندري بالضبط ماذا في ضمير ناتنياهو , فربما يضمر في نفسه شيئاً آخر , كما محمد صلعم . عندما وقع علي اتفاقية صلح الحديبية . وفي ضميره كان : ما كان ! .
-----------------------
------------------------------------
تعليقات
إرسال تعليق