ورقة من مذكراتي في السجن - 2 - عقول رجال أمن

ورقة من مذكراتي في السجن - 2 - عقول رجال الأمن  

صلاح الدين محسن

15-9-2020

أخونا الكاتب الكويتي أحمد الصرّاف . كتب ذات مرة عن موضوع مصري غريب . ان مصرياً كان محكوماً عليه في مصر في قضية سياسية - 25 سنة سجن .. حسبما أتذكر , وربما إعدام - .. هرب الي الكويت , وعاش فيها لمدة 50 سنة . في تلك المدة كان قد صدر عفواً رئاسياً من الرئيس السادالت , عنه هو ومن كانوا معه في القضية .. ثم صدر عفواً آخر , من الرئيس حسني مبارك  . 

ولما وجد الرجل نفسه قد تقدم جداً في السن , رأي أن يسافر لمصر لرؤية وتوديع من تبقي من أهله علي قيد الحياة . .. وفي مطارالقاهرة  فور وصوله , التقطه جهاز الأمن .. وحدثه عن القضية ! التي صدر عنها عفوان رئاسيان بخصوصها  لا عفو واحد ! 

فلما ذكر رجل الأمن بالعفو الذي تكرر .. كانت الاجابة :

رجل الأمن : " الرؤساء يموتون , لكن سجلاتنا تبقي ولا تزول " .

!!!!!

ربما الأستاذ أحمد الصراف - ومن قرأوا مقاله ذاك يعتبرونها حالة استثنائية ولا يمكن أن تتكرر..  فهي شيء لا يصدقه عقل عاقل 

ولكنني أقول له ولهم .. انها ليست حالة استثنائية .. واليكم حالتين مماثلتين إحداهما حدثت معي شخصياً :

1 - في يوليو - تموز - عام 2003  بعدما أكملت 3 سنوات بالسجن السياسي - عن مؤلفاتي - عملوا لي كعادتهم مع السجناء - , افراجاً صورياً علي الورق . ثم نقلوني لفرع أمن الدولة , الذي أتبعه سكنياً .

وهناك بفرع الأمن بمدينة 6 أكتوبر , فوجئت بالضابط , يفتح دوسيهاأمامه ويقول لي : أنت قلت  وقلت وقلت ..

( وكأن القضية قد بدأت من جديد .. أو كأنها لم تكن قد بدأت بعد .. ! )

فقلت له : لقد مضي 3 سنوات , وحوكمت , وصدر الحكم , وتم تنفيذه , وانتهي الموضوع .

فكان رده العجيب : " لا .. ما انتهاش .. ما دام انت معنا هنا .. يبقي ما انتهاش .. "

( كدت أن أضحك .. ولم أعرف , ان كنت أضحك .. أم أغضب .. ! وفضلت عدم الرد عليه )  ..

-- !!

2 - كان من سجناء الجماعات الاسلامية الذين عاصرتهم في مدة سجني - 2000 : 2003 - من اشترك في إغتيال الرئيس أنور السادات , ومحكوم عليه ب 20 سنة -   , مشهوراً في السجن ب " دكتور طارق " ويتردد انه طبيب أسنان .. في أول عام 2003  كان قد أكمل مدة سجنه . وانتظر الأمر بالافراج عنه .. فلم يحدث .. فسأل ضابط أمن الدولة - المسؤول عن السجن - عن السبب . فكان رده , الذي تردد بين نزلاء السجن :

ضابط الأمن : " أهو انتم كنتم قتلتم فرخة - دجاجة - !؟ أنتم قتلتوا رئيس جمهورية .." ... 

!!! .

( في الحالتين السابقتين , كان بامكان ضابط أمن الدولة إعادة أياً منا للسجن - بصفة إعتقال , بموجب قانون الطواريء .. وكادوا أن يفعلوا ذلك معي .. بسبب عدم التنازل .. ولكنهم اكتفوا بالتنكيل بي لمدة شهر . بما يسمي " كعب داير " ..  ولا أعرف ماذا حدث مع الطبيب سابق الذكر . والذي أفرجوا عنه .. علما بان تنازلاته أعطاها مقدماً . اذ كان أحد أعوان وأعين , ضابط الأمن المسؤول عن السجن - مرشد مباحث ) .

انها ذكريات , وان كانت مؤلمة .. تذكرتها . فدونتها .

============

تعليقات