كتابات مختارة
الحاضر تحيطة ضبابات الجهالة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن 2018 / 7 / 20
كلما رايت إعلانات مدينة العلمين الجديدة .. و أبراجها التي ترتفع لأربعين طابقا .. أو العاصمة الادارية الجارى إنشاؤها و ما تحتوية من أكبر فندق (ماسة ) وأكبر جامع و أكبر كنيسة وكل الاكابر التي في الوجود ، وعندما أتابع تصاعد سعر متر الارض في الصحراء و كيف تضاعف عدة مرات حول زمامات المدن المستحدثة خلال شهور .. وأقرأ عن أثمان بيع القصور و الفيلات و الشقق السكنية التي تتجاوز الواحدة منها حفنة من ملايين الجنيهات..أتساءل عن ماهية هؤلاء الذين يحكمون و يتحكمون ويخططون مصيرومستقبل هذا الشعب الذى يصارع أغلب سكانه حتي يبقي كل منهم طافيا علي وجه اليم .
عندما تكون عناوين الصحف : ((مجلس النواب يعدل مرتبات قيادات الدولة.. رئيسا الحكومة والبرلمان 100% من "الأقصى للأجور".. الوزراء والمحافظون 90%.. .)) فإن المتابع لابد وأن يقف حائرا غير متفهما .. عن ما يفعله هؤلاء الافاضل الذين يديرون إقتصاد بلد شديد الفقر يعيش معظم سكانه علي حدود الجوع ...فبدلا من أن يتعاونوا ليخرجوه من أزمته يزيدون من مشاكل ميزانيته الخربة بطلبات لا تنتهي و رفاهية متحديه وممرضة لمن كانوا من العاجزين عن تأمين عشاء أو لبن الاطفال .
لا تحاول أن تسأل أهل العلم ..فلن يصلك من الرسميين و المخططين أى جواب صحيح أو دقيق أو يوحي بأن هناك إستراتيجية عمل تسير عليها الحكومة ..ومن يسأل حتي لو كان من نواب البرلمان سيكون رد (( الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، تهديدا واضحا لنواب تكتل 25 / 30 في المجلس والمحسوبين على المعارضة، قائلا: "لن تكونوا أعضاء في البرلمان بداية من الأسبوع المقبل))
إنها علامات عنف وجهالة الغشوم وغموض و تأمرالمتبجح والتي نتج عنهما (دون أى خجل أو تأنيب ضمير) قوانين متعاقبة شديدة القسوة و الاجحاف رزقنا بها أعضاء البرلمان من اللواءات و الهوانم المسيرين بواسطة رئيسه كما لو كنا ولاد مرات أبوهم ينتقمون منها فينا .
و مع تطبيل أجهزة البث و الدعاية ..فإن الغموض في كل مجالات الحياة علي أرضنا أصبح ظاهرة .. بحيث يعطي الفرصة لكل من تصورله نفسه أنه يمتلك فهامة صلاح جاهين أن يفسر و يؤول .. و يفتي
ماكينة السلطة ..المكونه من المليارديرات و المليونيرات الذين يعيشون في حصون مشيدة تحرسها قوات من الانسان و الجان حياة مترفه تتشبه بشخصيات الف ليلة و ليلة .. لا يسمحون لدافعي الاتاوات المستسلمين لقدرهم أن يسألوا عن أسباب إفقارهم و جعل حياتهم شاقة و مستحيلة في بعض الاحيان .
فإذا ما ضيقوا عليهم الخناق و ألحوا بالسؤال.. جاءت الاجابة دائما بكلمات غامضة عن أن هذا يصب في مصلحة المواطن .. و أنها إجراءات تأخرت كثيرا و لم تجد من هو في شجاعة سيادة الرئيس لإصدارها .. و أننا شعب قد أتلفته الحكومات السابقة و دللته بشتي أنواع الدعم . وانه قد آن الاوان لنعيش عيشة أهالينا ثم يعقبون هذا بسلسلة من النعوت و الاوصاف في محاولة للتقليل من شأننا وتسفيه رأينا وتجاهل تساؤلاتنا فنحن بالنسبة لهم الفقراء المبذرين الكسالي سبب نكبة مصر بكوننا عبء علي الحكام الذين يخجلون من كثرة السؤال و الاستجداء فيتعطفون علينا بمقررات الدعم رغم كونها تتسبب في عجز دائم ومستمر للموازنة .
فإذا ما بحثنا حولنا عن معني لهذه التراهات التي يطلقون عليها ( الليبرالية الحديثة ) فلن نجد إلا سنح جباة قساة بيدهم أن يحجزوا علي الاموال و يسجنوا المعسر و يقلصوا ما يمكن إستخدامه من ميزانياتنا المتواضعة بعد تخريبها وإستنزافها وسحب أغلبها لتصب في بلاعات سداد فوائد الديون .
إذا كنا قد إستدنا فلنسدد الدين .. و لكن قبل التسديد علينا أن نسأل أين ذهبت هذة المليارات من اليورو و الدولارات التي تعدت الثمانين .. لم نر مصنعا أو مزرعة أو مدرسة أو مستشفي جديد كل ما نراه طرق رديئة الصناعة تشق في أماكن غير مطروقة و أسمنت يهدر لصناعة كبارى و أنفاق ..ومشاريع مترو و ترام وإقترحات بوسائل مواصلات مكلفة غير إقتصادية تربط العاصمة الجديدة بالاطراف ثم سيل لا يتوقف من الاعلانات عن مدن للباشاوات .
و يظل السؤال قائما إذا كان علي إبني و حفيدى أن يدفع فوائد قروضكم و يسددها فأين ذهبت هذه الديون و كيف تم إنفاقها ؟
المواطن المعرض أينما توجه لموجات من التموية و التضليل والتعمية الحكومية و( الاهلية في بعض الاحيان ) يجد نفسه يتخبط داخل غمامات ضباب إعلامي كثيف لا يرى ،لا يسمع، و لا يتكلم حوله إلا اشرار من السيدات والرجال محدودى الذكاء و القدرات يستحوذون علي ملايين الجنيهات كأجور و يطلون علينا من أجهزة البث و الدعاية المسماة زورا (الاعلام ) يصدرون لنا فتاويهم والاعيبهم ويحولون البوصة لعروسة ..يجملون قوانين جرى تفصيلها بخبرة لتصبح قيودا ملزمة للمساكين المصابين بداء أن يتحملوا العيش في مكان يوجه سياستة هواه و إقتصاده مغامرين مجانين .
و مع ذلك عندما نلملم قطع الموزاييك .. المتناثرة .. التى قذفنا بها النظام ( رئاسة ، حكومة ، برلمان )علي هيئة تعليمات و توجيهات و قوانين ونسترجع أخبارمن الصحف مقدار الاعانات و المنح الدولية و خصوصا الامريكية و الخليجية و كيف أنفقت .. ونتذكر قائمة المشتريات الحكومية أوالتعاقدات علي مشروعات دون أولوية قومية والاسراف الحكومي علي الانتخابات و الرحلات و المؤتمرات والمواكب و الاحتفالات الذي إستهلك و يستهلك أموال الشعب و تركه مدينا بالمليارات .. فقد نرى ملامح ما لطريق وعر يصعب تصديق أن مصريا مهما كانت سوء نيته ..يقبل عن وعي و قناعة أن يقوم بدفعنا دفعا لنسلكه .
إنه مخطط عالمي مستمر منذ القرن التاسع عشر مكشوف حتي للهواه الذين لم يدرسوا قوانين السوق و العلوم الاقتصادية وصفه وفصله من قبل مفكرون وكتاب عديدون (الاقرب و الاوضح منهم هو جون بيركنز) وحذروا من أن (البانكرز) المحدثون قد حلوا مكان الجيوش في نهب الشعوب وأن هناك الان منهجا و إسلوبا ناعما لتحقيق النصر بمعاونة عدد من الكومبرادور المحليين .. تم دراسته و تجربتة في أكثر من مكان بالعالم (منها مصر الخديوى إسماعيل و توفيق ) ...و نجح في إخضاع بعض الامم. المخطط الذى تكلم عنه بيركنزوقدم نماذج و أمثله عديدة وقعت في المحظور يتصل بإفقار سريع للشعوب و تجويعها و السيطرة عليها من خلال لقمة العيش الضنينة..وسوط فوائد الديون التي تستهلك في مشاريع تبدو ذات فائدة .. ثم تتحول عند تشغيلها لكوارث قومية . فلنتتبع خطوات تطبيق مخططات ( البنكرز ) في بلدنا لتجريف الوعي الجمعي و إخضاعنا لسلطتهم خلال سبع سنوات عجاف :- - نواة لديون قادمة من زمن المبارك تزداد في أثناء هوجة ما بعد 2011 ثم تتضاعف رغم كل المنح و المعونات التي قدمتها أمريكا و الخليج ..لتصل طبقا لإحصائيات رسمية إلي 80 مليار دولار . - أزمة إقتصادية نتيجة تعثرالانتاج فيما يشبه العصيان المدني تؤدى إلي تضخم حجم الواردات ثم مطالبات من السياديين بتعديل مرتباتهم و دخولهم و إستجابه الحكومات المتتالية .. يعقبها طبع ورق بنكنوت لا يقابله عمل إجتماعي يزيد من السيولة النقدية و يخفض القيمة الشرائية للجنية. - نزح الاموال السائلة بالسوق تارة لتمويل تكريك قناة السويس .. و أخرى برفع الفائدة علي الودائع بالبنوك وتقديم حوافزلشراء سندات حكومية ينتج عنه كساد في سوق الانتاج بعد أن أصبح أى نشاط يدر أرباحا تقل عن فوائد ودائع البنك . ثم - سرقة نصف القيمة الشرائية لمدخرات المصريين المتجمعه في البنوك (نتيجة للخوف من تقلبات السوق) .. بحيث بين ليلة و ضحاها يتم خفض قيمه الجنيه بشكل درامي و تعويمة مقابل الدولار . - ومع ببيع الصحارى والمضاربة علي أسعار أراضيها بواسطة مؤسسات الحكومة كان من الممكن تجميد قدر كبير من السيولة النقدية بالسوق. - ثم تضاعفت قيمة الديون لمرات عديدة(خارجية و داخلية ) لتبتلع فوائدها أغلب الفائض و كل ما تم تحصيله من ضرائب القيمة المضافة ورسوم دعم الدولة و الزيادات في الجمارك .. و تغيير أسعار الخدمات الحكومة من نقل و كهرباء و مياة و غاز و صرف صحي . - ترتفع نسب التضخم سنة بعد أخرى إلي درجات غير مطروقة من قبل و ترتفع الاسعار بمتوالية هندسية ويتم تمييز طبقتان جديدتان في المجتمع أحدهما في أعلي السلم من الاسياد المليارديرات و الاخرى في القاع من الباحثين عن لقمة عيش في صناديق القمامة . - وها نحن نرى مجلس اللوردات يقر إنشاء صندوق سيادى غريب عن كل الصناديق السيادية في العالم التي يودع فيها الفوائض التي لا تستخدم ..أما صندوقنا فيتم تمويله من تجميع الاصول الحكومية غير المستغله من الدولة و إعادة هيكلتها و تشغيلها (وعرضها في البورصة و بيعها ) و لا يتم مراقبتة إلا بواسطة سيادة رئيس الجمهورية بنفسه . الشعب الذى أنهك تماما والذى سقطت شرائح عديدة من طبقتة المتوسطة إلي مستوى الفقر كان بوسعه الصبر و التماسك لو أن أموال الجباية و المنح و القروض ذهبت في مكانها الصحيح وهكذا عندما القت اموال الجباية في بلاعة الديون و فوائدها فإن هذا النهب لثروات الشعب و إفقاره لم يعد (يصب في صالحة) .. و لم تعد تراهات الليبرالية الحديثة منهجا مقبولا .. و لم يعد أمام الشعب إلا إعتبار الحكام الجدد غير قادرين علي الخروج به من مخاضة التخلف التي ثار رافضا إياها عام 2011 . المصريون عدا جماعة المستفيدين و المضاربين لم تعد لديهم القدرة علي شراء وحدات الحكومة السكنية مليونية القيمة لذلك تخرج علينا الحكومة بتقليعة جديدة ..بأن من يضع في بنوك بعينها وديعة 7 مليون جنية لمدة خمس سنوات بدون فوائد.. ستمنحة الجنسية المصرية ..أى سيكون في قدرته شراء الاراضي كأى مصرى و القصور و الفيلات و مساكن الحكومة الراكدة التي لا تجد من بين المفلسين مشتر لها بالملايين رغم كل الاعلانات و أساليب الجذب و النصب و الترغيب ...و لنرفع سقف الاسعار بما يوازى الثروات القادمة مع المصريين الجدد .. فنزيد الفوارق و نضم أعداد أكبر من الفقراء لشرائح المعدمين . من سيكون أفراد هذا الشعب المستورد الجديد!! اغنياء من الطامعين في نصيب من أنجر الفته المصرى الذى لا رقيب عليه .. مثل اليهود الذين يخططون من أجل لعب دور سياسي محورى بالمنطقة ، العرب الهاربين من مراكب تغرق خصوصا في غزة و فلسطين ، أو المغامرين من رجال غسيل الاموال من الاعمال غير الشرعية مثل تجار المخدرات و الاسلحة ، و العمولات و الرشاوى ولا مانع من أصحاب أنشطة الدعارة و تجار الجنس هؤلاء هم أفراد الشعب المستورد أفرادة ذوى السبعة مليون سحتوت !! . نحن نفتح الابواب لاكثر الفئات طمعا و فسادا من الذين مروا علي بلادنا في زمن الخديوى إسماعيل و من بعدة توفيق فنهبوا و لوثوا و جلبوا خلفهم سيطرة صندوق الدين والاستعمار البريطاني. إن لم يكن هذا مفهوما لأصحاب القرار .. فماذا يتصورون ..إن (حلاوة شمسنا و خفة ضلنا و الجو عندنا ربيع طول السنة ) ستجعلهم يحضرون للزيارة فيلبدون للأبد .. المليونير المستقر في بلده .. لماذا سيتركها و يحضر عندنا . ثم لماذا تقوم العصبة الحاكمة بهذا .. رغم أن الوافدين الجدد في الغالب سوف يزاحمون بقوة في نهب نتاج السوق المحلي . قد يتصورالبعض أنه سيتحكم بالاوضاع و سيقودها لصالحه عبر دروبه.. و هذا بالطبع وهم و ثقة الغافلين فرغم أن الامور مضببه لدينا إلا أنها واضحة لديهم .. ومفهوم أن الاستثمار في أسواق مثل هذه الانظمة مغامرة ذات خطوره مرتفعة .. و لا يجهل البعض منا أن من بيدهم الحل و الربط لا حول لهم و لا قوة أمام من يمسكون بخيوط القروض و فوائدها و الذين تتشكل إرادتهم بواسطة مخططات اللوبي الصهيوني المتحكم في البنوك الدائنة لذلك هو مستعد لتقديم أى تنازلات يطلبها المتحكمون ما دامت ى في النهاية ستضمن له و لاسرته حياة رغدة خارج إطار الصراع من أجل اللقمة الضنينه . العصبة الحاكمة .. لا تمتلك طموح التغيير من أجل مشروع تنمية وطني ينتهي بإقتصاد حر و أعمال منتجة تغطي إحتياجات المجتمع الذى يتزايد بمتوالية هندسية ولهذا تكتفي بقوانين تحمي من المساءلة ..و تضمن حفنة من الملايين تودع في بنوك الخارج حرصا من حدوث أى تغييرات لقوم من الطامعين ...بل و تبني عاصمة محصنة علي الخليج بحيث مع أول إشارة هوجة
=====
تعليقات
إرسال تعليق