مقالات مختارة - البصرة في ليل حارق


لطميات البصرة في ليل حارق.



في محافظة كالبصرة حيث حقول النفط تساهم بأكثر من سبعين في المائة من مداخيل الدولة العراقية يعاني الناس من الفقر و الفساد والتدخل الخارجي؛ و من البصرة كان جزء من تمور العراق يدفع كضريبة نيابة عن الكويت للقائمقام العثماني حتى عند بداية القرن العشرين؛ وهي من بين الذرائع التي تحجج بها صدام حسين لدخوله الكويت في صيف 1990و الحاقها كمحافظة رقم 19 للعراق؛ فضلا عن تهمة تآمر الكويت مع الغرب بضرب اقتصاد العراق الخارج لتوه من حرب مدمرة ضد ايران عبر اغراق السوق الدولية بفائض من النفط ؛ و أنها أي الكويت كانت تسرق تحت جنح الليل نفط حقل الرميلة العراقي على الحدود .
.
في محافظة كالبصرة يعاني المواطن اليوم من تدني المستوى المعيشي و نقص في المياه و الكهرباء؛ و غياب التنمية و تفشي البطالة بين أوساط الشباب؛ و تردي الخدمات و على رأسها التعليم والصحة ؛بل هناك عوائل برمتها مهددة بالجوع و الأمراض المنقرضة .
.
في البصرة يحرم على المستضعفين والثقيلي الأحمال من جور المسؤولين سواء كانوا منتخبين محليين ببلديات المحافظة أو ممثلين بالبرلمان أو أصحاب مناصب سيادية بدواوين ودوائر الدولة العليا المقربة من العبادي ؛ يحرم على هؤلاء الاحتجاج أو الشكوى؛ بل حتى صرخة الألم ممنوعة ان تخرج من أعماقهم لتدوي في الهواء ؛ على الصرخة ان تنفجر في طحال و مصارين المواطن العراقي البسيط و لا يسمعها العالم تجنبا للفتنة و كيد وشماتة الأعداء .
.
في البصرة المغتنون المتاجرون بالدين والسياسة يذرفون دموع النفاق أمام البصراويين؛ كما يذرفها تمساح فاغر فاه في بحيرة امام قطيع عطشان من الأيائل ؛ فيخيل للقطيع أن التمساح يدعوهم بكرم حاتمي لشرب ماء البحيرة الزلال في جو ملتهب حار؛ و هو يذرف دموعا حارقة على عطشهم و تعبهم فيصدق البعض طيبة قلبه.
.
في البصرة لا يجد الأهالي ما يفرج عنهم من كربتهم و يخفف من آلامهم سوى لطم الصدور في المجامع و الحسينيات حزنا على الحسين؛ و احياء لذكرى السيدة زينب ؛ و هذا ما يريده تجار الدين و السياسة لأهل البصرة؛ أن يدمنوا اللطم و الندب وضرب النواصي بالحديد ؛ تماما كما يدمن أهل اليمن السعيد تخزين القات في أشداقهم ؛فينسوا فقرهم و آلامهم و ثرواتهم المسروقة من طرف لصوص المال العام؛ واللص هنا قد يكون تاجر دين بالصحن الحيدري؛ أو تاجر سياسة باحدى ملحقات دولة العبادي ؛

عليكم يا أهل البصرة أن تلطموا.. و تلطموا... و تلطموا.... لكي تنسوا بهرجة الدنيا الفانية؛ عليكم أن تطلبوا الشهادة ضد أحفاد اليزيد في سوريا والعراق وفي أي بقعة أشار اليها الفقيه تحت لواء جنرال من جنرلات الحوزة .
.
في البصرة و حدهم رجال الدين النافدين و ثعالب السياسة هم من ينجو من الحرائق و ينعم بحياة ناعمة مريحة؛ ومنهم من ثبت تهريبه للمال العام خارج العراق ومن بينهم نوري المالكي و حيدر العبادي ؛ ففي يومية جنرال البوست الأمريكية صدر مقال عن حجم الأموال العراقية المهربة من طرف مسؤولين كبار في الدولة و المودعة بمصارف أمريكية قدرتها مصادر اعلامية و حقوقية وحكومية بأكثر من 200 مليار دولار و هو مبلغ كافي لموازنة مالية العراق طيلة ثلاث سنوات دون الحاجة الى تصدير برميل و احد من النفط.
.
عليكم يأهل البصرة تجرع الظلم و الاستعباد بالصمت و الرضا؛ و اياكم ثم اياكم الشكوى أو الدموع؛ و الا سيعتلي الحجاج بن يوسف الثقفي منابر مساجدكم بنعليه الوسختين ليخطب فيكم قائلا : ( انا ابن جلا وطلاع الثنايا؛ متى و ضعت العمامة تعرفوني ....
أيها الناس من أعياه دائه فعندي دواءه؛ ومن استطال أجله فعلي أن أعجله؛ ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله؛ ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه باقيه؛ إن للشيطان طيفا؛ وللسلطان سيفا؛ فمن سقمت سريرته صحت عقوبته؛ ومن وضعه ذنبه؛ رفعه صلبه؛ ومن لم تسعه العافية لم تضق عنه الهلكة ومن سبقته بادرة فمه سبق بدنه بسفك دمه.......)
حجاوجة العصر كثر؛ و ليس بالضرورة أن يكون من ثقيف حيث كان يجمع بعر الابل؛ الحجاوجة قد يأتون من كل فج عميق وردم سحيق قد يأتي من مكة أو الحوزة ؛ قد يأتي من الصين أو موسكو أومن بلاد العم سام السام؛ و حجاوجة اليوم أخطر بكثير من حجاج الأمس لأن هؤلاء يوظفون أبناء العراق للتنكيل بأهلهم و ذويهم تحت ذريعة الحفاظ على الأمن و التصدي للإرهاب ؛ و قد يتصادم الحجاوجة فيما بينهم مثلما يتناطح ثوران أقرنان داخل دكان لبيع الخزف فيعيثون في المحل تهشيما و تكسيرا
.
يا أهل البصرة؛ اشبعوا لطما و اذرفوا دمعا لكي تنسوا طغيان وظلم الحجاج .
====                                     

تعليقات