فنار الإسكندريه
تم بناء فنار الإسكندريه عام 280 قبل الميلاد وكان يُعددّ واحداً من عجائب الدنيا السبعه , بُني في عهد حاكم مصر بطليموس الأول وتم إفتتاحه في عهد إبنه بطليموس الثاني . تم التصميم والبناء تحت اشراف المهندس اليوناني سوستراتوس , بلغ ارتفاع الفنار 120 متر وقد تدمر بالكامل في الزلزال الذي ضرب منطقة شرق المتوسط عام 1323 ميلادي
حيثما حل الإسكندر الأعظم كان يبني مدناً لجيوشه الغازيه ولهذا تجد اليوم العديد من مدن العالم تحمل إسم الإسكندريه . إسكندرية مصر بناها الإسكندر عام 332 قبل الميلاد . جزيرة فاروس التي بُني عليها الفنار كانت تقع على الجانب الغربي من دلتا نهر النيل قرب الإسكندريه ولكن بحكم ترسب الكثير من الطمى عبر القرون فقد إلتحمت الجزيره بالبر ولم يعد لها وجود
كتبت جوديث ماكنزي بأن الأوصاف العربية للفنار متضاربه بشكل ملحوظ ، فعلى الرغم من أنه تم إصلاحه عدة مرات خاصة بعد حدوث الزلزال لكنه بقي محافظاً على قياساته الأصليه وهي ارتفاع 120 متر على قاعده مربعه طول ضلعها 30 متر , غير أن الكتابات العربيه تعطي الفنار ارتفاعات تتراوح مابين 103 _ 118 متر , أما أفضل وصف للفنار فيأتي من الرحاله العربي أبو الحجاج يوسف محمد البلوي الأندلسي الذي زار الإسكندريه عام 1166 ميلادي
يشير الكتّاب العرب الى أن الفنار كان مشيداً من حجارة فاتحة اللون كبيرة الحجم , قاعدته مربعه , وفوقها طبقة مثمنة الشكل , وفوقها طبقه دائرية الشكل يقوم عليها برج الفنار الذي تعلوه مرآة ضخمة جداً تعكس ضوء الشمس خلال النهار , أما خلال الليل فيتم إشعال نار كبيره أمام هذه المرآه فتقوم بعكس وهجها الى أعماق بعيدة في البحر لستدل بها البحارة على وجهة البر , حيث يذكر إبن جبير أن هذه النار كانت تُرى من بعد 70 ميلاً . سقطت هذه المرآة عام 700 ميلاديه ولم يعد الفنار يؤدي دوره بل أصبحت له قيمة رمزية فقط
عند قاعدة الفنار المربعه تم وضع 4 تماثيل لتريتون , كل على ركن , وتريتون هو إبن رب البحر والماء بوسيدون الذي عبده الإغريق , لكن هيرودوت ذكر أن بوسيدون لم يكن إلاهاً يونانياً بل كان الليبيون هم الذين يعبدونه , وكانت لديهم بحيره في بنغازي تقع اليوم في منطقة السلماني سُميَت ( تريتونيس ) إستمد تريتون ابن بوسيدون إسمه منها . تصور الأساطير اليونانيه تريتون أنه يمتلك جسد إله في نصفه الأعلى أما نصفه الأسفل فهو ذيل وحش بحري
في أعلى الفنار وفوق مرآته العاكسه كان ينتصب تمثال كبير لزيوس رب أرباب اليونانيين , وقد ذكر المسعودي أن دعاءاً مخصصاً لزيوس كان قد نقش على الجانب الشرقي من الفنار المواجه للبحر , أما قطع الحجر الكبيره التي بني منها الفنار فقد وُصِلت مع بعضها بكميات كبيره من الرصاص المنصهر لتتحمل ضربات الأمواج
تضرر الفنار بشدة في زلزال عام 956 ميلادي ، ثم مرة أخرى في الأعوام 1303 _ 1323 ميلادي . ثم إختفت آثاره تماماً عام 1480 ميلادي . قام سلطان مصر في ذلك الوقت ، الأشرف قايتباي ، ببناء قلعة قاتيباي على قاعدة موقع الفنار المربعه باستخدام بعض من حجارة الفنار الساقطه نفسها
كتب المسعودي ( 896 _ 956 ميلادي ) قصة غريبه حول تضرر الفنار من زلزال عام 956 حيث قال أن اليونانيين هالهم أن تقع الإسكندريه تحت حكم العرب المسلمين , لهذا أرسلوا الى الخليفه عبد الملك بن مروان ( 606 _ 705 ميلادي ) أحد عبيدهم المخصيين الذي إدعى إعتناق الإسلام وتقرب بشده من الخليفه حتى حاز على ثقته ثم أقنعه أن أساسات الفنار تحوي كنزاً وعليهم العثور عليه ليُهدى الى الخليفه . تم الحفر بحرفية عالية لتقويض الإساسات ثم إختفى العبد صاحب الفكره حيث هرب الى اليونان على متن سفينة كانت تنتظره على مقربه , وحين وقع الزلزال في نفس العام الذي مات فيه المسعودي تضرر الفنار بشده , روايه لا يمكن التحقق منها اذا علمنا أن المسعودي ولد بعد 191 سنه من وفاة عبد الملك بن مروان
عام 1968 تم العثور على موقع الفنار حين قامت منظمة اليونسكو بإرسال فريق من علماء الآثار البحريين بقيادة هونور فروست إلى الموقع , أكدت وجود أطلال تمثل جزءاً من الفنار . بعد نكسة حزيران 1967 تحولت منطقة الفنار الى معسكر ولهذا تم إيقاف البحث
أعاد علماء الآثار اليونانيون بقيادة جان إيفريدير إكتشاف البقايا المادية للفنار في أواخر عام 1994 على أرض المرفأ الشرقي في الإسكندرية . تم ترميم بعض هذه الأطلال وإكتمل العمل بها عام 1995 أما صور الأقمار الصناعيه فقد كشفت المزيد من مواقع أطلال الفنار داخل البحر . تعمل منظمة اليونسكو لحماية التراث الثقافي المصري المغمور بالمياه حيث سيضاف خليج الإسكندرية الذي يقع فيه الفنار على قائمة التراث العالمي وحفظ المواقع الأثريه
منذ عام 1978 تم تقديم عدد من المقترحات لتحل محل الفنار , في عام 2015 اقترحت الحكومة المصرية ومحافظة الإسكندرية بناء برج على موقع الفنار كجزء من تجديد الميناء الشرقي لمدينة الإسكندرية , لكن هذا المقترح جوبه بالرفض سعياً وراء المحافظة على أصالة مدينة الإسكندريه وعدم تخريبها بالعمران الحديث
====
تعليقات
إرسال تعليق