كتابات ساخرة
جينات حميريّة
بعد أن أغلقت الفيس بوك لمدة محدودة كنوع من التّجربة بدأ التواصل يتم معي بالطريقة التقليدية عن طريق الإيميل، وهو متاح.
لاحظت أن من يراسلونني بهذه الطريقة لا يشبهون أصدقاء الفيس بوك، وأغلبهم أصدقاء حقيقيون ، وهم ودودون . وآخر رسالة وصلتني من صديقة حقيقية سوف أسميها مها. نحن أصدقاء منذ أكثر من عشرين عاماً، لكنني فوجئت بالرّسالة وهذا نصّها:
" اليوم أحببت أن أقتحم عالمك كي أختبر شعوري حول نفسي، وأسألك: هل فكرت يوماً أنّك قد تحملين جينات حمار.
إذا كانوا يقولون أن أصل الإنسان ربما قرد فلماذا لا يكون بعضهم أصله حمار، والبعض أصله كلب مثلاً.
كنت أراقب في الطفولة الكرّ الصغير، وأعجب به. أشعر أن رائحته تشبهني، وأذهب إلى المرآة الوحيدة المعلّقة في الغرفة وأقفز كي أصل إليها لأرى إن كنت جميلة مثل ذلك الكرّ. نشأنا معاً، وكان الوحيد الذي يقبل أن ألعب معه.
أثارني أن البعض يريد أن يعرف لأيّ أصل ينتمي، ويفحص جيناته، وعندما قرأت مقالاً عن أحدهم التي ظهر أن جيناته آرية، وبدأ يتعامل بطريقة هتلر مع الآخرين، ذهبت فوراً إلى المرآة. لديّ مرآة في الحمام، وأحياناً كثيرة لدينا ماء.
نظرت إلى نفسي في المرآة ، تذكرت الكرّ الصديق. أصبحت أشبه أمّه، فمن يشبه هو الآن يا ترى؟
لا أعتقد أنني أحتاج لفحص الجينات، هناك خصائص واضحة في لغة الجسد، ولغة الحوافر.
ولى عصر الحمير. لم أعد أراهم مثل سالف الزمان، لكّنني أردت أن أعبر عن نفسي بكلمتين هما: الحمل والصبر. أي أنّني أحمل أشياء كتلك التي كانت تحملها الحمير، وأصبر مثلهم. الموضوع لا يحتاج إلى تحليل وأطباء وشرح طويل. جيناتي حميرية لا شك في هذا.
لقد زوجت أولادي الخمسة وبقيت على الحديدة فكما تعلمين أن زوجي يقول أنّه يحب التجارة ويقول أنها لم تقبل معه، لكنها آتية لا محال، وقد أصبحنا في الستين من العمر وكنت أصرف مرتبي على شؤون الأسرة ، وأركض لأجلب الخبز، واشتريت سيارة متواضعة لم أتعلم قيادتها لأنّه هو من يستعملها. هي هدية من امرأة جيناتها تنتمي إلى الحمير.
صديقتي: لي رجاء خاص أن لا تنشري اسمي فيما لو نشرت الرّسالة"
رددت على رسالتها: لم أضحك ، ولم أبك عندما قرأت ما كتبت، فقط أشكرك لثقتك بي، ولأنّك تحاولين اللجوء إليّ لتفرغي شحناتك. أعرف يا صديقتي ما تعرّضت له من ظلم. نحن النّساء في" سورية الياسمين" ثمننا قرش مصدي، السبب بسيط وهو أنّنا نحن النساء نعادي بعضنا البعض، والشيء الآخر أننا نشأنا كما عبّرت في رسالتك على أن نكون حميراً، فنشأتنا الأولى حميرية لذا نحمل ونصبر، وفيما بعد ننظر إلى المرآة فنرى الصورة تنطبق مع المضمون.
تحياتي لك فجميعنا متشابهات .
======================
تعليقات
إرسال تعليق