كتابات مختارة - عن الأديب النوبي الراحل ابراهيم فهمي



صلاح الدين محسن  

7 -1 -2019 


هذا مقال من مختاراتنا , عن الصديق الأديب النوبي الراحل  " ابراهيم فهمي " الذي عرفته في أول التسعينيات من القرن الماضي . كنا نتقابل في " مقهي الحرية " بوسط القاهرة . اتفقنا ذات يوم من عام 1994 علي أن نحجز باحدي المدن الجديدة  . بعيداً عن تلوث العاصمة , شقتين متقابلتين لنكون جيرانا ,  و كان هو مقبلاً علي الزواج . 

حددنا اليوم , بعد أسبوع , حيث أكون قد رجعت من رحلة عملي المعتادة . وفي اليوم المتفق عليه انتظرته , ولكنه لم يحضر , وعرفت بخبر وفاته . ولم أكن أعلم انه مريض بمرض قاتل , اذ كان يكتب قصصه في المقهي بهمة عالية . ودون توقف عن تدخين الشيشة ! .

 .. وقد ذكرني به , المقال التالي -  وحسب علمي..  بعكس ما جاء فيه , ان خطيبته كانت علي تواصل دائم معه , وعلمت انها حضرت التأبين الذي أقامه له رفاقه وأصدقاؤه المثقفون . مما يُرجِّح انها لم تكن قد هجرته . هذا ما عرفته في حينه من أحد أصدقائنا المشتركين , وبعض أصدقائه المثقفين .  كما انه قد توفي بغرفته السكنية المشتركة - وليس بالشارع - وفي حضور شريكه في السكن . الذي أبلغ بوفاته  وشارك في أُمسية تأبينه .  
طاب ذكر الصديق الأديب النوبي  ابراهيم فهمي . الذي كانت قصصه القصيرة كما الشعر المنثور - حصل علي جائزة سعاد الصباح - , وكان مناضلاً سياسياً مخلصاً . 
- ونشكر الأستاذ طارق المهدوي , علي مقاله - أدناه - الذي ذكرنا بصديق عزيز رحل عنا منذ ربع قرن  :


هل أتاكم نبأ الفتى إبراهيم فهمي؟



إبراهيم فهمي من مواليد سنة 1960 في إحدى قرى النوبة بجنوب مصر نزح إلى القاهرة خلال النصف الأول لثمانينيات القرن العشرين كي يكون قريباً من مراكز الأنشطة الثقافية التي تحتكرها العاصمة، مدفوعاً في نزوحه بموهبته الأدبية الممزوجة بإتقانه لحرفة الكتابة وسيطرته على أدواتها بدرجة مميزة كان يمكن لها أن تغير الكثير من معالم الأدب العربي المعاصر، ومضحياً في الوقت ذاته بإقامته الهادئة في منزل عائلته القروي وبعمله المهني المجاور لهذا المنزل وبموقعه التنظيمي كمسؤول لجنة قريته في منظمة الحزب الشيوعي المصري المعروفة باسم الانتصار، أقام إبراهيم فهمي في غرفة مشتركة حقيرة بمنزل آيل للسقوط في منطقة بهتيم العشوائية بحي شبرا الخيمة الشعبي وعمل كملاحظ عمال تراحيل في مصنع نسيج بشبرا الخيمة وقامت منظمته الشيوعية بإعادة تسكينه كعضو قاعدي في إحدى خلايا مكتب العمال، فلم يحزنه هذا التراجع المعيشي والسياسي بقدر فرحه عند نشر أولى قصصه القصيرة سنة 1983 في مجلة إبداع تحت اسم "بيت أبيض في النوبة"، والتي أعقبها نشره لعدة قصص قصيرة متتالية حصلت فور نشرها على ترحيب نخبوي ساعده كي يصبح في سنة 1985 عضواً متطوعاً بهيئة تحرير مجلة القاهرة الثقافية الشهرية التي تصدرها وزارة الثقافة، ولما كان الفساد قد ضرب آنذاك في كافة أرجاء الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية المصرية بقسوة غير مسبوقة فقد استمر مصنع نسيج شبرا الخيمة يعمل على نحو مخالف للمواصفات القياسية الصحية مما أصاب إبراهيم بمرض الصدر، لم يكن في مقدور إبراهيم فهمي أن يترك ذلك المصنع القاتل بسبب احتياجه إلى راتبه الشهري في حين رفض مسؤولوا وزارة الثقافة تعيينه في المجلة كما رفضوا منحه مكافأة شهرية لائقة عن عمله بها تغنيه عن المصنع لكونه شيوعي، وعندما استبد به المرض رفض مسؤولوا وزارة الصحة علاجه في أحد مستشفيات الصدر المصرية لكونه ليس مشتركاً في نظام التأمين الصحي، رغم وجوب إشراكه من قبل المصنع أو من قبل المجلة حسب قوانين العمل التي كانت في حينه قد أصبحت معلنة رسمياً دون تطبيق فعلي، بينما رفض مسؤولوا المنظمة الشيوعية التي استمر عضواً مخلصاً لها علاجه بواحدة من المنح العلاجية المجانية العديدة التي كانوا يحصلون عليها من الاتحاد السوفيتي ودول حلف وارسو ليوزعونها على توابعهم فقط، هجرته خطيبته قبيل زواجهما بأيام وقاطعه المحيطون به خوفاً من عدوى السل فوجد الرفيق إبراهيم فهمي نفسه مريضاً ومقهوراً ووحيداً خصوصاً بعد اضطراري للغياب عنه كي أؤدي عملي الدبلوماسي في السودان، فمات سنة 1993 على قارعة أحد شوارع القاهرة التي أحبها فقتلته مهملاً من قبل رفاق ظنهم مهمومين مثله بالشأن العام فإذا بهم بدلاء سياسيين وبدلاء مثقفين ليسوا مهمومين سوى بمصالحهم الشخصية!!.
طارق المهدوي 
===========

تعليقات