الفهيم والفقاقة


---
الدولة من منظور الزعماء العرب

حنان محمد السعيد
الحوار المتمدن  2018 / 2 / 5


أثار حديث الرئيس المصري عن دراسته لمفهوم الدولة سخرية واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي حيث قال أن دراسته لها امتدت على مدار خمسين عاما بحسب قوله، معبرا عن إستياءه من حديث بعض الناس في السياسة على الرغم من أنهم لا يملكون خبرته الفريدة والعتيدة والتي اكتسبها على مدار خمسة عقود، وذلك على الرغم من تأكيده على أنه ليس سياسيا وهو الذي يحتل أهم منصبا سياسيا في الدولة!

ويبدو أن الرئيس درس مفهوم الدولة بتمعن وعناية، حتى يتأكد دون أن يتبادر إلى ذهنه أي شك أنه قد تمكن من هدم الدولة المصرية والقضاء عليها وهي التي تعد من أقدم وأبهى الحضارات ومن أوائل البلدان التي عرفت الأنظمة السياسية والمناصب السياسية، وكانت دولة بحق في وقت كان العالم يعيش فيه في الظلام.

فبعد تفكير طويل ودراسة متمعنة، اكتشف السيسي أن مصر دولة قامت على ضفاف النيل، فكان لزاما عليه التخلي عن حصة مصر في النيل لصالح أثيوبيا للقضاء على هذه الميزة التي صنعت التاريخ، ثم فكر كيف أن مصر كانت سلة غذاء العالم، فاقتلع اشجار الزيتون وقضى على كافة المحاصيل الإستراتيجية التي تكفل للمصريين الأمن الغذائي وأخرها زراعة الأرز.

ثم فكر في أن الدولة هي الأرض وأنه لا دولة بدون أرض، فتنازل عن الأرض وباعها للسعودي والإماراتي والكويتي بأبخس الأثمان.

ثم وجد أن السياحة أحد أهم مقومات الدخل في مصر فقضى على السياحة قضاءا مبرما بعد إسقاط الطائرة الروسية وضرب القافلة المكسيكية.

وعرف أن الإنسان هو من أهم مقومات الدولة فقضى على التعليم ونشر الكذب والجهل والدجل ودمر المنظومة الصحية وحتى الأدب والفن شهدا إنحدارا مذهلا في عصره، فنحن في عصر يشجع القبح والعشوائية ويلغي العدل وينشر البلطجة ويكافيء الفاسدين بوضعهم في أهم المناصب.

وحتى أثار العصور القديمة التي تشهد على عظمة هذا البلد تركها للنهب والسرقة والتهريب، وحتى حدود مصر قلصها وقص أطرافها ليتخلى عن ثرواتها من غاز وبترول وموقع إستراتيجي هام.

وكأنه درس مفهوم الدولة طوال خمسين عاما ليتمكن من فك هذه الدولة المعمرة وهو ما لم يفلح فيه مغول ولا هكسوس.

إن الأنظمة العربية تتعمد تغييب مفهوم الدولة فلا تعترف بقانون ولا دستور وإنما تكرس كل السلطات في يد الحاكم واسرته وتجعلهم المالك الحصري للبلاد والعباد، ولو طالوا لنصبوه على المواطنين إلها فهو الذي يمنع ويمنح وعلى المتضرر اللجوء إلى السماء.

لقد وصل الأمر ببعض هؤلاء أن يسمحوا لأنفسهم بانتهاك حياة مواطنيهم والمقيمين على اراضيهم بدون أي سند من قانون، بل ومطاردتهم والتشهير بهم وايذاءهم في كل تفاصيل حياتهم، ومنهم من يسمح لنفسه بسحب جنسية المعارضين الذين رفضوا أن يكونوا غنما يباع في مزرعة الحاكم كما يفعل النظام البحريني الذي يستبدل شعبه بشعب أجنبي يسبح بحمده ويقدس له!

إن النظام العالمي بأكمله أصبح في حاجة لهزة عنيفة لتوقظه مما هو فيه من ثبات حيث أن ما يحكم الأن هو قانون الغاب وكل من يملك السلاح يمكنه أن يفعل ما يشاء ولو كان ذلك إغتصاب السلطة أو الإعتداء على بلد مجاور وسحق الأمنين المسالمين.

==== 

تعليقات