كتابات مختارة





فلسفة الأكوان: الله كمدير إدارة المخابرات الكونية


أحد أهم تعريف للأديان هي محاولة واضحة لأنسنة الله، أي وضع تصور لسلطة إنسانية في موضع رباني، مع إلصاق كل الصفات الإنسانية فيه، إذ يظهر الله المزعوم، وفي كثير من الحالات، كمجرد "سوبرمان"، ليس إلا، ومخلوق جبار متكامل، يمتلك صفات بشرية، وليست إلهية، خارقة.

وتبدو الأديان، وعبر فلسفتها "الحسابية"، تحديداً، هي المقدمة، والواضع الأصلي والأساسي، والمؤسس لعلوم الأمن الاستخبارات في الكون، ومنشئ أجهزة التجسس والأفرع الأمنية التي يشكي ويتباكى ويتألم "ثوار اليوم" الأشاوس مما تقوم به بحق الناس، إذ يبدو الهك المفترض، في فلسفة الأكوان الدينية، مجرد رئيس فرع مخابرات مطلق الصلاحيات الكونية ليس إلا.

ويبدو، والحال، أن كل عمل المؤمن وسعيه "جهاده" وقيامه وقعوده، هو كي يرضي كائناً خرافياً يعيش في الطابق السابع من السماء (مقر مدير إدارة المخابرات الكونية)، حيث يدير الكون من هناك عبر منظومة من "العسس" والمخبرين والمساعدين الأمنيين وكتبة التقارير "المدونين" و"الأقمار الصناعية البشرية" (يطلق عليهم المؤمنون اسم الملائكة: وهم كائنات لا هوية جنسية محددة لها تساعد الله في عمله في مراقبة الكائنات) وهي تتابع على مدار الساعة وتدوّن له كل شاردة وواردة عما يفعله الناس على الأرض وتسجـّل لهم ذلك على "صحف" (لم يكن مخترعو فلسفة الأديان "الأنبياء" يدركون أو يعرفون، يومها، بأنه سيتم في مرحلة ما اختراع الأقراص الممغنطة "السي دي" التي تحتفظ ببيانات هائلة عليها توفر الكثير من الجهد على الملائكة)، على أمل استحضارهم وجلبهم للحساب واستدعائهم وفق مذكرة جلب إلهية "قبض الروح" أو "قيام الساعة" إلى (إدارة المخابرات الكونية بالسماء) للتحقيق معهم عما قاموا به من نشاطات وتقديمهم موجوداً لمدير إدارة المخابرات الكونية، ومعاقبتهم بسبب أفعال (نشاطات سياسية)، تهدد السلام الكوني وتمس سيادة الله ولا يكون فيها "الكافر" قد التزم بالإيديولوجيا الربانية التي حدّدها للناس، وهي هنا طبعاً الأديان أو دين الله ورؤيته لإدارة شؤون العباد، والويلً كل الويل لمن ينشق عنها ويرفضها ولا يتقبلها، ويخالفها أو يرفضها أو يشكك بها أو يثور ويتمرد و"يرتد" عنها فله العذاب المقيم والسعير وجهنم، والعاقبة والثواب طبعاً، للمتقين أي للموالاة والمؤيدين و"المخبرين" أو المؤمنين المتعاملين مع الله فيبسط لهم الرزق بغير حساب ويعطيهم من نعمه...

ما معنى الموت؟ هو إحضار المعتقل "الكائن الحي" بعد قطع سبل الحياة عنه، للتحقيق من قبل المِلـَكَيْن، أو رجلي الأمن الرباني، العرفاء "أنكير ونكير" (رؤساء الدورية) حيث يصطحبانه من القبر إلى مقر ومركز الاعتقال الرباني الرئيسي في السماء حيث يعبر من بوابة خاصة (الصراط المستقيم)، بعد أن تكون قد أذنت ساعته، ومن ثم وبعد "أجل مسمى" (أو فترة اعتقال مؤقتة عند البشر)، يتم تقديمه للوقوف والمحاكمة النهائية بين يدي رئيس إدارة المخابرات الكونية والتحقيق معه شخصياً من قبل أعلى سلطة مخابراتية كونية (الله)، إما بالمؤبد في سجن دائم يلقى فيه التعذيب الشرعي الحلال والحرق بالنار الدائم والتسبب له بالآلام، تماماً كما يفعل الجلاوزة والجلادون، في إدارات وأفرع المخابرات على الأرض وفي المعتقلات الممتدة على مساحة الكرة الأرضية، حيث يتلقى المشاغبون، أو المعارضون السياسيون لأنظمة الحكم الذين لا يلتزمون بإيديولوجيا الدولة (هنا الحزب السياسي الحاكم) ورؤية الحكومة لإدارة شؤون العباد، فالويل، كل الويل، لمن يخالفه نظام الحكم أو يرفضه أو يشكك به أو يثور ويتمرد و"يرتد" عنه... تماماً كما تفعل أنظمة الحكم بـ"المعارض السياسي"، لرؤيتها حيث تجرده من كافة حقوقه وتغضب عليه، وعندها ستغضب عليه ويتم الحكم عليه بالتغييب والإخفاء وووو أو إذا كان مطيعاً سيصدر الحكم عليه بالبراءة من إثم "المعارضة" (الكفر بها)، وبعد الاطلاع على "إضبارته" أو ملفه الذاتي وبالتالي الإفراج عليه ومكافأته، ويقوم مدير إدارة المخابرات على الأرض (يساعده ملائكة ومخبرون وعسس على الأرض حيث لا شخصية وهوية جنسية أيضاً محددة لهم)، بإصدار قرارات وفرمانات تكافئ وتبسط الرزق للمرضي عنهم وتعدهم بالفراديس الأرضية بالمال والسيارات والمناصب ولكل من ينالون رضا الآلهة الأرضية و"المستألهين" على الأرض ولكل من لم يتمرد على "إيديولوجيا الدولة" (نظام الحكم القائم ورؤيته الأرضية لهؤلاء البشر وكيفية إدارة شؤونهم).

لا نعلم ولا ندري من يشبه ويتشبه بالآخر، ومن سرق الفكرة من الآخر، ومن علـّم الثاني هذه الفكرة، الله كرئيس ومدير إدارة الكون المخابراتية، أم مدراء ورؤساء إدارات الأمن والاستخبارات بالكون الذين يتصرفون كأرباب وكآلهة وفي عوالم وأكوان الإيديولوجيات والكيانات الرثة المنكوبة تضيع وتذوب الفروق وتنعدم التمايزات بين آلهة الأرض وآلهة السماء ولا تعد تدري من هو فعلا الله الحقيقي هل هو الكائن الوهمي المفترض أم أنه مدير الاستخبارات؟
(وهو جزء من بحث منهجي مقارن بين فلسفة ومفهوم الله الديني ومنظومة آلهة الاستخبارات الدنيوية)....
==========

تعليقات