مقالات 2005 - 26


الجنرال الديموقراطي الوحيد في الشرق..(!)



لعله لم يخرج من الشرق قائد عسكري يمسك بالسلطة بين يديه ويسلمها مختارا للشعب بنبل ووفاء وعفة دونما مماطلة أو احتيال ،
وبدون انقلاب عليه من عسكري آخر ، أو اغتيال يتعرض له ، سوي جنرال واحد فقط ..
فان كل من ثاروا من الجنرالات ، أو العقداء أو البكباشية .. أو ادعوا الثورية بمعني أصح ، لم يثبتوا صدق حبهم لأوطانهم ، ولم يؤكدوا
نبل نواياهم ومقاصدهم تجاه شعوبهم ، ولا حقيقة ما أعلنوه من المباديء .. سوي جنرال واحد .. 
لم يأت ذاك الجنرال الذهبي – كما أسميه .. - ، وان شئتم أن تسمونه الجنرال الماسي فلا بأس ، فهوحقا جنرال ثمين وقيم ، نادر .. ، 
لم يأت من مصر .. قلب العروبة النابض .. !
ولم يأت من سوريا .. كبد العروبة الدافق... (!)
ولا أتي من العراق .. رئة العروبة وبنكرياسها الواثق .. (!)
ولا جاء من الجزائر .. بلد المليون شهيد ..

ولا من تونس .. أقرب الدول الي الطابع الفرنسي الحضاري ..
ولا من اليمن .. بلد بلقيس ، وحضارة سبأ ...
وانما خرج ذاك الجنرال الذهبي الغالي المحترم من : السودان ... ...
أسميه الجنرال الذهبي ، ليس لأن الذهب داخل في اسمه .. وانما لأنه ذهبي المعدن كانسان ، وكعسكري شريف وعفيف .. ، ذهبي النفس
، ، ذهبي الأخلاق ، ذهبي في وطنيته ..
واسمه أيضا : سوار الذهب ..( الجنرال : عبد الرحمن سوار الذهب ) .
انه قائد جيش السودان قبيل الاطاحة بالديكتاتور العسكري "جعفر النميري "
لم ينقلب " سوار الذهب " علي النميري توقا الي السلطة وطمعا فيها – كغيره من القادة العسكريين ..- 
وانما وقوفا بجانب الشعب الذي خرج ثائرا ثورة عارمة ضد حكم النميري ، بعد أن فاض به الكيل ، وكان واضحا أنها ثورة لا رجعة فيها
، انها القيامة ، قيامة الشعب ضد الجلاد الديكتاتور .. ، واستمرت ثورة الشعب تغلي ، ويزداد أتونها كل ساعة ..
وهنا وجد قائد الجيش " الجنرال سوار الذهب " أن من واجبه الانحياز الي جانب الشعب ، الذي ينتمي اليه وشغلته هي حمايته وليس قمعه ، ويقف بجانب الوطن الذي عمله هو حمايته ، ليس فقط من خطر يأتيه من خارج الحدود ، بل وحماية الوطن من الخطر اذا أتاه من الداخل ، ولا يقدر علي صده سوي الجيش ذراع الشعب ودرعه الواقي ..
وبالفعل قام الرجل كقائد للجيش ، وأعلن استيلائه علي السلطة في السودان باسم الشعب ، باسم الوطن ( وكان باسم الشعب فعلا .. ..! ،
وليس كما اعتدنا من أمثاله من العسكريين من قبل !!)
وحدد فترة انتقالية لاجراء انتخابات عامة بعدها تسليم السلطة للشعب 
وعد الرجل الذهبي ، وصدق ، ووفي ..
ففي الميعاد ، أجريت الانتخابات الحرة ((( ولم يرشح نفسه ...))) ..
واختار الشعب من اختاره أيا كان ..
فقال الجنرال الذهبي لشعب السودان : تفضل ها هي السلطة يا شعبنا الحبيب أعطيها لمن اخترته يا شعب ... 
وسلمها بكل عفة لمن اختاره الشعب ، ومضي الرجل لحاله .. ..
وطبيعي أن شعبا من الشعوب النامية ليس لديه من الوعي ما يمكنه من حسن الاختيار مائة بالمائة ، ولكنه بالديموقراطية وحرية الاختيار في كل مرة سوف يجرب هذا ويجرب ذاك ، حتي يعثر علي الأصلح ..
وكذلك مادام كل من اختاره الشعب سوف يحاسبه الشعب أيضا – بالديموقراطية ، في صندوق الانتخابات - فان كل ، سوف يصنع شيئا مفيدا بقدر أو بآخر .. ، لكونه يضع في حسبانه أن الشعب سوف يلفظه في الانتخابات القادمة ما لم يحسن الأداء ويصون الأمانة ..
ولو أن الجنرال الذ جاء بعد الجنرال الذهبي ، في السودان وجد تعثرا ، أو انحرافا في الحكم ولم يتدخل الا بطلب من الشعب مثلما فعل الجنرال سوار الذهب ، ولو أنه تدخل لتصحيح المسار فقط ثم سلم السلطة للشعب ثانية .. لكان في ذك الخير كل الخير ، و لكن .. .. ! 
أيا كانت قناعات " سوار الذهب " الفكرية أو العقائدية .. .. فلتكن كما تكون .. المهم أن الرجل تصرف بأفضل ما يمكن أن يتصرف به قائد متحضر ، بديموقراطية راقية ، سلوك عصري ينقص كل جنرالات الشرق المتعرب ، وشعوبه المسكينة التي لا خلاص لها من تخلفها سوي بالديموقراطية ..
ان المستقبل للديموقراطية والديموقراطيين ، فالدنيا كلها تتقدم وتتقدم ، ولا مستقبل للديكتاتورية والديكتاتوريين ..

وكل جنرال أخذ حق الشعب في السلطة – سواء بالاغتصاب ، أو بالخطف ، أو بالسرقة أو بالاحتيال - تحت اسم ثورة ، أو زعم تصحيح 
ثم ألصق نفسه بكرسي السلطة وقبض عليه بمخالبه وأسنانه ، ولم يتركه الا با نقلاب ضده أو بموته أو بقتله ... مهما طالت مدة جلوسه علي السلطة فلن يسجل اسمه سوي بأسوأ صفحات تاريخ بلاده ، مجللا بالعار بعدما تصبح السيادة للديموقراطية التي سوف تصير عرفا وبديهة عند كل أبناء الوطن كما هو الحال لدي شعوب العالم التي تحضرت ..
نعم المستقبل للديموقراطية بكل دول شرقنا المتعرب المنكوب بالديكتاتورية ، فالد نيا تتقدم والعالم يسير للأمام وليس للخلف ..
ولا يمكن في المستقبل القريب ، أن يقام تمثال في عاصمة أو حتي مدينة أو قرية بالشرق لديكتاتور من هؤلاء الذين حكموا ضد ارادة الشعب مغتصبين السلطة ، مزورين ارادته ، ولا من تشبثوا بكراسي السلطة كما يتشبث كلب جائع بعظمة .. واستماتوا عليها كما تستميت ذبابة علي طبق العسل ولو ماتت فيه ..(!) .
وانما ستقام التماثيل لمن قدموا صالح أوطانهم ، علي تطلعاتهم الشخصية ورخاء شعوبهم علي طموحاتهم في الزعامة والمجد 
مثلما فعل الجنرال الذهبي الوحيد ، المحترم " عبد الرحمن سوار الذهب "الذي قدم مصلحة وطنه وأمته علي مجده الشخصي..
انني أدعو كافة دعاة الديموقراطية من المعارضة بالشرق المتعرب لعمل اكتتاب شعبي لاقامة تمثال لرائد الديموقراطية " الجنرال سوار الذهب " ولينصب له تمثال عملاق كقامته العملاقة ، كنفسه الكريمة العملاقة ، كأخلاقه الذهبية العملاقة ، بأكبر ميادين كل عاصمة ، ويكتب تحته " رائد الديموقراطية " ، ونبذة عن عمله المجيد السباق لأجل الديموقراطية ، لأجل مستقبل شسعبه وشعوب المنطقة .. 
لكي يكون مثالا يحتذي به لأجيال العسكر بكل بلد من بلادنا ، وليعلم كل ضابط أن الديموقراطية هي طريق المجد والخلود ، أما والعار والشنار
..فللديكتاتورية والديكتاتوريين ، الذين يخونون أوطانهم ، ويسرقون سعادة شعوبهم .. 

تعليقات