كتابات ستات

انها كاتبة فلسطينية . عثرت علي موقع فرعي لها . كل مقالاتها بعنوان " سوالف حريم "
- للمصريين : سوالف  عند الفلسطينيين كما عند العراقيين والخليجيين والسعوديين , معناها : حكاوي
فاخترت مقالين قصيرين من مقالاتها :

سوالف حريم - الخبيزة مش حرام لكن....



الخبّيزة نبتة طيبة المذاق، تنبت في البراري وعلى جنبات قنوات المياه، موسمها في بلادنا يأتي في فصل الربيع، لكن بلادنا فلسطين التي يتمثل فيها مناخ القارات الخمسة رغم صغر مساحتها وكثرة الطامعين فيها، تجعل شعبنا يأكل الخبيزة اعتبارا من شهر كانون أوّل –ديسمبر- وحتى نهاية موسم الرّبيع، ففي مدينة أريحا ومناطق الأغوار التي تعتبر أكثر منطقة منخفضة في العالم، وتتميّز باعتدال مناخها في فصل الشتاء، تنبت الخبيزة من بدايات شهر كانون أوّل. 
وشعبنا الذي يعشق الأرض وخيراتها، يعشق أعشابها البرّيّة التي تطبخ وتؤكل كالخبّيزة والعكوب وغيرها، وأنا لست استثثناء بالطبع، فالخبيزة أكلة شهية يشتهيها أكلها كل من يعرفها.
بالأمس شاهدت في أسواق مدينتنا القدس امرأة تبيع الخبيزة، وتعاطفت معها في هذه الأجواء الشتويّة شديدة البرودة، فربما تكون هذه المرأة أرملة شهيد وأمّا لأطفال، فتسعى في مناكب الأرض باحثة عمّا يسد رمقها ورمقهم، تقدّمت منها لأشتري كمية من الخبيزة، مع أنني عادة لا أشتري الخبيزة بل أبقلها من الأرض مباشرة، فهي تنمو بكثرة في أرضنا المحيطة بالبيت.
عدت إلى البيت أطبخ الخبيزة لتكون وجبة شهيّة لي ولأسرتي. وعندما فاحت رائحة الخبيزة، فجأة تذكرت المرحومة والدتي التي كانت تفضّل وجبة من الخبيزة على أيّ طعام آخر، وكانت تكثر من تبقيلها وطبخها، فهي بهذا تصطاد عصفورين بحجر واحد، فعدا عن أنّ الخبيزة وجبة شهيّة، إلا أنّها مجانية مما تنبت الأرض، وهي بهذه توفّر على أمّي عناء البحث عن ثمن وجبة لأطفالها الأيتام الذين ارتقى والدهم سلّم المجد شهيدا، تذكّرت حبّ والدتي التي غيبها الموت للخبيزة، ولم أعد قادرة على تناول وجبتي في غياب والدتي، فتركت "طبخة الخبيزة" لزوجي وأبنائي وما عادت بي شهيّة للطعام.
12-12-2017
----------------    

سوالف حريم - الصبر مش طيب

   

حلوة زحايكة
سوالف حريم
الصبر مش طيّب
في طفولتي المبكرة رافقت والدتي لزيارة أهلها في السواحرة الشرقية، ذهبنا سيرا على الأقدام لسبب لا أعرفه، مع أنه كانت هناك باصات السواحرة الشرقية، وإن كنت أرجّح أنّ والدتي الأرملة لم تكن تملك أجرة الباص.
والدتي كانت تصطحبني معها كوني الأصغر عمرا من أبنائها الخمسة، وأنا ما كنت أحب فراق أمّي؛ لأنّها الصدر الحنون الذي كان يحتضنني، أنا الطفلة اليتيمة التي استشهد والدها وهي رضيعة، حتى عندما التحقت بالمدرسة لم أستطع فراقها، لذا كانت ترافقني إلى المدرسة لأيام حتى اعتدت على ذلك.
في زيارتنا تلك لأسرة والدتي، خرجت للعب مع الأطفال من بنات وأبناء أخوالي، فقادتني إحداهنّ إلى شجرة صبر، وتلك كانت المرّة الأولى التي أرى فيها هذا الشجر، أغرتني "أكواز" الصبر التي تقف مزهوّة بلونها الأصفر الذي تخامره حمرة دلالة على النّضوج، فمددت يديّ لأقطف واحدة منها، فامتلأت يداي بالأشواك التي انغرست براحتي يديّ، فأطلقت صرخة مدوية كصرخة الملدوغ جعلت والدتي وبعض النساء يخرجن من مجلسهن لاستطلاع الأمر، هربت باتجاه أمي التي هرعت لنجدتي، فالتقينا في منتصف المسافة، قادتنا إلى بيت جدّي، وشرعت تخرج الأشواك من يديّ، كنت أبكي ألما، وكانت أمّي –رحمها الله- تبكي حزنا عليّ. أمضيت يومي بين البكاء والنوم، وبقيت راحتا يديّ متورّمتين من بقايا الأشواك.
6-12-2017
===========                             

تعليقات