مقالات 2005 = 46



حول ذبح الأراضي الزراعية في مصر




تعقيب علي : مقال الأستاذ " سلامة أحمد سلامة " بجريدة الأهرام يوم 11/10/2005

المواطن المصري معذور في اضطراره للاعتداء علي الأراضي الزراعية لبناء مساكن نظرا لزيادة التعداد، والسبب في اضطراره لذلك هو أن صحراء بلاده (التي نسبتها ست وتسعون بالمائة96% من مساحة مصر) تحتكر وزارة الزراعة الاتجار فيها بطريقة وأخري، وتحتكر استصلاح ما يمكنه استصلاحه وفرض سياج بين الإنسان المصري وبين صحراء بلده.. وكذلك تفعل - تقريبا وزارة الإسكان والتعمير التي تكاد تحتكر لنفسها البناء فوق الصحراء أو التقسيم وبيع أراضي بالصحراء، بغرض احتكار الوزارة الاتجار في البناء فوق الصحراء.. - 

وهكذا يجد الإنسان المصري المنهك اقتصاديا والفقير بفضل الفضلاء الذين يدجنون الفقر وينمون الإفقار.. نفسه مضطرا اضطرارا لأكل الأرض الزراعية مثلما تضطر القطة الجائعة لأكل صغارها بدافع جنون الجوع .. والجوع كافر كما يقول القول ..

وفي عام 1989 شن الراحل الكبير د . يوسف إدريس حملة علي وزارة الزراعة د دكتور يوسف والي -وزير الزراعة وقتها - بجريدة الأهرام- بسبب إيفاده البلدوزر لتدمير مزارع زرعت وخضرت في الصحراء وعمرت بكد وكدح اناس جمعوا مدخرات بسنين من العمر في الغربة.. وبعدما يشترون الصحراء القاحلة ويخضروها من جهة حكومية تطردهم جهة أخري مدعية أنها هي المالكة وكأن الشعب لا يملك شيئا في بلده وإنما الوزارات والسادة الوزراء وموظفيهم هم ملاك مصر وصحراء مصر .. وكنت واحدا ممن ساهموا بمقال في12/6/1989 ، بالإضافة الي عدد من علماء الزراعة والأراضي واستصلاح الصحراء - في تلك الحملة القوية التي كان لها صدا كبيرا علي مستوي القيادة العليا نفسها، وتجلي ذاك الصدى في خطاب عام ..

وبعدها مباشرة قرر دكتور والي وزير الزراعة - ما نشره بصدر الصفحة الأولي لجريدة الأهرام - تسليم الصحراء للمواطنين بأسعار رمزية من 50 الي 100 جنيه للفدان .. ولأنني كنت أشعر بأنها مجرد مناورة للتخدير والتسكين لا أكثر.. لذا ذهبت للحجز ..وبعد أن أعطوني عدة مواعيد للبت في الطلب.. وأنا أتابع وأسأل دون ممل.. في النهاية أشفقت علي الموظفة المسئولة من كثرة التردد والمشاوير بلا فائدة، وقالت لي نصيحة مخلصة وهي تهمس لي باستحياء : بصراحة بصراحة " دي ، كانت فرقعة صحفية ..." (!!!) ، وأردفت قائلة "أصل أنت صعبان علي.لأنكجئت كثيرا لا فائدة " !! 

فهل عرفت لماذا يذبح الإنسان المصري الأرض الزراعية التي فيها قوته وقوت أولاده وقوت أحفاده والأجيال القادمة من بعده وميراث أجداده ؟!!!!هل عرفت من الذابح الحقيقي للأراضي الزراعية ؟! هذا بالإضافة الي أن هناك آخرون يشاركون في عملية احتكار تقسم واستصلاح الأراضي الصحراوية للاتجار فيها لحسابهم علي حساب شعب فقير، مما يساهم في ذبح الأراضي الزراعية ..ولكن هؤلاء لا نستطيع الكلام عنهم عشان .. بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم .. دستور يا أسياد .. ولو ذكرناهم لك فلن يمكنك نشر الرد بأكمله.. بس كلنا عارفينهم .. دستور يا أسياد بسم الله الرحمن الرحيم ..دستور ، دستور..

فلعلنا نعرف جميعا من يذبح الحياة في مصر ..

في احدي الدول العربية التي عملت بها منذ سنوات كانت الدولة تقوم بتقسيم الأراضي الصحراوية بشكل نموذجي قطعا ذات مساحات مناسبة ومعقولة وتسلمها بعقد تمليك نهائي للمواطنين الراغبين بلا مقدم ولا مؤخر ولا شرط سوي البناء في بحر مدة معينة والسكن بها بنفيه والبناء بخامات البيئة الرخيصة والمتوافرة - صخر من الجبل رخيص -ووفق نماذج محددة .. فكانت النتيجة الطبيعية ألا يعتدي أحد علي الأراضي الزراعية ..ولكن في مصر الحكومة هي التي تدفع المواطن دفعا لذبح الأرض الزراعية..بحبس الصحراء عنه ، وهي المكان الوحيد الذي يمكنه فيه الحصول علي احياجاته في التوسع السكني.. 

نشر في موقع الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16

تعليقات