داء العنترية البدوية لا دواء له

داء العنترية البدوية الجوفاء لا دواء له

صلاح الدين محسن
12-9-2019

كتبت منذ قرابة 10 سنوات , عن داء الشهامة والكرم العربيين الفارغين
عندما دخلت كافيتريا هنا في مونتريال , مع أحد معارفي . وتصادف وجود ابنة صاحب الكافيتريا , تقف علي الكيس . وكانت طالبة من تلميذاته .. فاستقبلته بحفاوة كبيرة . - هي كندية خالصة - ...
طلبنا ما نحتاجه .. وبعدما أكلنا وشربنا .. قمنا لدفع الثمن . فأخذت منا الحساب بهدؤ , وبدون أية ضحة ولا شوشرة ولا صياح .. وعانقته وقبلته وهي تودعه بفرح وسعادة لرؤيته .. 
لكن لم تحدث أية ضجة في دفع الحساب .. إطلاقاً
ولو كنا قد نسينا كروت البنك أو فوجئنا بعدم وجود نقود معنا . لما حدثت مشكلة . ويمكن أن تعطينا ما قد نحتاجه اليه من النقود لو طلب هو منها ... هنا يكون الكرم وهنا تكون الشهامة ..
لكن طالما معنا نقودنا ومعنا كروت البنك .. لماذا الضجة ؟ وما هي دواعي أو مبررات الكرم المفتعل والشهامة العنترية البدوية الفارغة ؟؟
لو كنا في بلادنا الناطقة بلغة العرب والمصابة بعاداتهم وبتقاليدهم العنترية .. لحدثت مسرحية طويلة .. من الجدل والصخب .. الفتاة تريد ألا تأخذ الحساب .. وأستاذها يُصِرّ , وهي تُصِرّ , وهو يحلِف , وهي تقسِم .. وتدور تمثيلية طويلة سخيفة علي مبلغ بسيط يمكننا دفعه ويمكنها تحمله .. أي : علي لا شيء .. !!

ما زلت - في مونتريال . كندا - أجد من معارفي القادمين مثلي , من الشرق الأوسط وشمال افريقيا , مسرحياتنا التي نعرفها ببلادنا , علي من يدفع ثمن بطاقتي باص - تذكرتي أتوبيس -  مبلغ بسيط ! أو علي من الذي سيدفع ثمن كوبين من عصير القصب .. أو فنجانين قهوة تناولناها بمقهي .. ! زعيق وصياح .. وشدّ وتدافع .. في سباق علي الفوز ببطولة عنترية سداد مبلغ بسيط .. ! 
                                        عنترة بن شداد , وحاتم الطائي  - نقلاً من الانترنت -                                         
صديق لبناني الأصل .. يعيش في كندا منذ عشرات السنين .. ودَرَسَ في أمريكا لسنوات ..وله أولاد وأحفاد , ولدوا في كندا , و لم يزوروا لبنان .. لكنه كلما دخلنا كافيتريا لتناول القهوة . أو مطعم لتناول الغذاء .. دار صياحنا علي من يدفع الحساب !.. كما نفعل ببلادنا بالشرق .. !
وأكثر من مرة .. اقترحت عليه أن نكون كنديين وكل واحد يدفع لحاله .. ولا حرج .. واقترحت عليه مرات أخري ان ندفع معاً .. وبعد مرات من ذاك الصخب .. وافق علي أن كل واحد يدفع مرة .. 
فاذا نسينا من ذا الذي دفع الحساب بالمرة السابقة .. دار بيننا نفس الجدل ونفس الصخب ..
وأحياناً نتفق بالتليفون قبل الخروج من بيوتنا , علي من سيدفع الحساب .. وبعدما نصل الكافيتريا أو المطعم .. ينقض الاتفاق ويصر علي أن يدفع هو .. ويدور الجدل والصخب العرباوي القروي البدوي العنتري .. بعد مرور عشرات السنين علي وجوده في كندا . وبعدما عاش في أمريكا أيضاً لسنوات . وبعدما أنجب أولاد وبنات , أنجبوا له أحفاد ( في كندا ) .. !! , والأهم : بعد ما عنده من الثقافة الرفيعة !
ليس هو وحده .. بل صديقة شرق أوسطية , مثقفة . وتعيش في كندا منذ عشرات السنين .. ولكنها بنفس حال أخينا اللبناني .. نفس الشيء .. وغُلبت من محاولة اخراجها من تلك الحالة ..
وغيرهما .. فهذان مثالان لا غير ..
يبدو أن البدو العرب الذين احتلوا بلادنا ذوات الحضارات , في القرن السابع الميلادي ( ولا يزال احتلالهم لبلادنا جارياً : لغويا ودينياً . حتي الآن ) قد زرعوا فينا الكثير من عاداتهم غير الحميدة ومن تقاليدهم غير المجيدة ..
وقد صارت داءً فينا .. لا شفاءَ منه ولا براء .. سواء عشنا بالداخل , أو هاجرنا للخارج لعشرات من السنين .. وسواء تثقفنا أو لم نتثقف ..

ولعشتار ولعشتاروت , ولحورس ولآمون :  الأمر من قبل ومن بعد ... ! .
======

تعليقات