حكاية عن " قصة قصيرة - وخيال علمي " - 1

حكاية عن " قصة قصيرة - وخيال علمي " !

صلاح الدين محسن
18-9-2019

القصة كان اسمها " الرجل يشرب الماء ! "
كتبتها عام 2004 . أرسلتها لمجلة " العربي " الكويتية - مكتبها بالقاهرة - . بعد مدة كان يهمني وأهم من أن تنشر , أن أعرف كيف سيكون رد فعلهم . هل سيتفهموا مغزاها ؟ أم لا ؟ 
فذهبت لمكتب المجلة . قابلني الرجل المسؤول . ذكرني شكله بالأفنديات في الخمسينيات من القرن الماضي . شارب كلاسيكي , وقميص كلاسيكي , بحمالات فوق الأكتاف ( اختفت تلك الموضة , قبل بداية الستينيات من القرن الماضي , ولم نرها بعد الا بظهور الصحفي والاعلامي المصري المعروف " ابراهيم عيسي " , بالقميص ذو الحمالات المربوطة بالبنطلون . ولقي تفكهاً وتندراً من البعض )

سألته عن قصتي تلك ..  فاتضح انه كان قد قرأها ,, وأبدي دهشته وبدا عليه الامتعاض من فكرتها . وكان معه زميل له , فنظر اليه قائلاً : شوفها كدا يا أستاذ مخزنجي - لعله الكاتب والأديب المصري " محمد المخزنجي " ..
  فلم يكلف الأخير نفسه بقراءة قصة قصيرة , ستأخذ من وقته  دقائق . وظن انني أبحث عن عائد من النشر , فقال لي ما معناه أنني يجب ألا أعتمد علي عائد من نشر القصص بالمجلة . لأنهم يختارون قصة واحدة كل شهر , من إحدي الدول ( الناطقة بالعربية ) ..
تلك كانت نصيحته . بينما كان يهمني أن أعرف رد فعلهم علي قصة من هذا النوع ..
تركتهم ومضيت .. أما موضوع القصة - الخيالي -.. فقد تحقق من الآن جزء منه بالفعل .. والباقي , أري انه سوف يتحقق فيما بعد بالتأكيد .

كانت القصة تتنبأ بأن الكشف - الفحص , أو القشع - بمعية الطبيب ,  سوف يكون بدون مغادرة المريض لبيته وبدون حضور الطبيب . بل باستخدام الموبايل ...

( ملحوظة : المصريون يقولون " الكشف الطبي " , ودول أخري يسخدمون كلمة " الفحص " وآخرون - كما في تونس , حسبما أعلم - يستخدمون كلمة " القشع " .. لذا كتبنا الكلمات الثلاث , مراعاة لتنوع بلدان قُرائنا الأعزاء )

والآن .. حدث بالفعل بعض ما قرأت عنه منذ حوالي عام - من أن الاستشارات القانونية ستكون باستخدام تطبيق يتم تحميله علي الموبايل .. 
اذ علمت ان التطبيق موجود الآن بالفعل لمن يقوم بتحميله ..
وكما قرأت منذ عام أيضاً أن معامل التحاليل الطبية ستُغلق أبواب غالبيتها - بالتدريج طبعاً , وليس مرة واحدة -- لأن التحليل سيكون باستخدام تطبيق يتم تحميله بالموبايل .. ! وقد نزل هذا التطبيق بالفعل وأضافه بعض الأشخاص .. فصديقتي العزيزة أضافت ذلك التطبيق - التحاليل باستخدام الموبايل - للجهاز الخاص بها . واختبرته , علي الخُضَر والفاكهة .. وكانت النتيجة مدهشة .. فاذا قدمت له - صورة ثمرة فاكهة , خضار باستخدام كاميرا نفس الموبايل - , تعرف عليها وحدد اسمها ووحلل ما تحويه من العناصر ( بالموبايل .. وليس بمعامل التحاليل ) ...
وفي محاولة منها لتضليله واختباره .. صوّرت له - أيضاً بكاميرا نفس الموبايل - شريحة من البطاطس " البطاطا " المقليّة - "  فتعرف عليها وحدد ما تحويه من العناصر .. !
( ملحوظة : غير المصريين لا يستخدمون كلمة " بطاطس " بل يسمونها " بطاطا " , و" بطاطا حلوة  " .. لذا كتبنا الكلمتين , نظراً لتنوع بلدان قرائنا , بطبيعة الحال في عصر الانترنت )

أي  أننا قد دخلنا بالفعل , عصر قيام الموبايل , بما تقوم به معامل التحاليل الطبية .. من خلال تطبيق يمكن تحميله في الموبايل ..

هذا عن الشق الأول مما ذهبت اليه قصتي القصيرة " الرجل يشرب الماء ! "
أما الشق الآخر .. فتقول القصة ان رجل قد مرض , واستأذن من أفراد أسرته في أن يدخل غرفته ليتصل بالطبيب ليقوم بفصحه - باستخدام الموبايل بينهما ..
  ابنه التلميذ بالمدرسة الابتداية , سأل جدته .. عما يعاني منه الوالد ..
فأخبرته بانه قد صار يشرب الماء !
اندهش الطفل وسألها : ولماذا يشرب أبي الماء !؟
فقالت له .. انه مريض .. وان كل الناس زمان .. منذ حوالي مائة وثمانين سنة .. كان الجميع بشكل طبيعي يشربون الماء .. !
يسألها : وكيف حدث التغييير يا جدتي ؟
الجدة : " عن طريق علم الجيناتك .. الذي درسوا لك مبادئه بالمدرسة .. عندما وجد العلماء ان بعض الكائنات الحية لا تشرب الماء ( فأر بصحراء إحدي الولايات الأمريكية , وحيوان الكنغر باستراليا ) , بل أجسامها تستخلصه ذاتياً من الهواء الجوي  الذي تتنفسه . والماء = أكسوجين + نتروجين . بنسبة معينة . فتقوم بيوفسيولوجيا الجسم بعمليه تصنيع الماء داخلياً .. وهذا جين .. نقله العلماء والعلم الي الانسان , فلم يعد بحاجة لشرب الماء .. واستراح الناس من احتمال تلوث الماء .. ومن أخطار الشح المائي أو الجفاف ..
ومنذ ذاك الحين لم يعد أحد من البشر يشرب الماء . إلا لو أصابه مرض نتج عن خلل في الجسم . وهنا عليه اللجؤ للطبيب لأجل العلاج " .
  
هذا ما تخيلنا حدوثه , وعبرنا عنه من خلال القصة ..
ونري انه سوف يحدث مستقبلاً .. ولن يحتاج الانسان , ولن تحتاج طيوره أو حيواناته أو مزروعاته .. لشرب الماء !.
وسيكون استخدام الانسان للماء قاصراً علي الاغتسال والغسيل والتنظيف , وحسب .
--
تلك كانت حكاية قصتي " الرجل يشرب الماء ! " التي قدمتها عام 2004  لمكتب المجلة سالفة الذكر . بالقاهرة , ورفضتها .
                       صورة من الجفاف بافريقيا
==========

تعليقات