من أشعار - نبوءة - الراحل : صلاح عبد الصبور

  

إعداد
: صلاح الدين محسن

25-9-2021

بعد هزيمة - كارثة - يونيه / حزيران - عام 1967 . أصدر الشاعر . مسرحيته الشعرية " ليلي والمجنون " .. نقتطف منها التالي :

(هذا ما خط مساء اليوم الثالث ):
لا أملكُ أنْ أتكلّمْ
فلتتكلم عنّى الريح
لا يمسكها إلا جدران الكونْ
لا أملك أن أتكلَّمْ
فليتكلم عني موج البحر
لا يمسكه إلا الموت على حبات الرمل
لا أملك أنْ أتكلَّمْ
فلتتكلم عني قممُ الأشجارْ
لا يحني هامتَهَا إلا ميلاد الأثمارْ
لا أملك أن أتكلمْ
فيتكلم عني صمتي المفعَمْ
(هذا ما خط مساء اليوم الرابع ):

لا .. لا .. لا أملك إلا أن أتكلم
يا أهلَ مدينتِنا
يا أهلَ مدينتِنا
هذا قوْلي :
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجئ

لن ينجيَكُمْ أن تعتصموا منه بأعالي جبل الصمتْ أو ببطون الغاباتْ
لن ينجيَكُمْ أن تختبئوا في حجراتكمُ
أو تحت وسائدكمْ, أو في بالوعات الحمّاماتْ
لن ينجيَكُمْ أن تلتصقوا بالجدرانِ, إلى أن يصبحَ كلُّ منكم ظلاّ مشبوحاً عانق ظلاّ
لن ينجيَكُمْ أن ترتدّوا أطفالا
لن ينجِيَكُمْ أن تقصر هاماتكموُ حتى تلتصقوا بالأرض
أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو في سَمِّ الإبرةْ
لن ينجِيَكُمْ أن تضعوا أقنعة القِرَدَهْ
لن ينجيكم أن تندمجوا أو تندغموا حتى تتكوّن من أجسادكم المرتعدهْ
كومةُ قاذوراتْ
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا
(وهذا ما خط مساء اليوم الخامس ):
يا سيَدنَا القادم من بعدي
- أصَفَفْتَ لتُنزل فينا أجنادَكْ ?
- لا , إني أنزل وحدي
- يا سيدنا القادم من بعدي
هل ألجمْتَ جوادكْ ?
- لا , ما زال جوادي مُرْخًى بعد
- يا سّيدنا ـ هل أشرعتَ حسامكْ ?
أو أحكمت لثامك ?
- لا, سيفي لم يبرح جفن الغمد
وأنا لا أكشف عن وجهي إلا في أوج المجد
أو في بطن اللحد
- يا سيدنا, هل أعددت خطابك أو نمَّقْتَ كلامَكْ ?
- لا .. كلماتي لا تولد أو تنفَد
- يا سيدنا ... الصبر تبدّد
والليل تمدّد
- أنا لا أُهبط إلا في منتصف الليل
فى منتصف الوحْشهْ
فى منتصف اليأس
فى منتصف الموت
- يا سيدنا, إما أن تدركنا قبل الرعب القادمْ
أو لنْ تدركَنَا بعدْ
-----------------------

تعليقات