مختارات - من الرائدات : الكاتبة والشاعرة مَريانا مرّاش
مختارات من قراءات : صلاح الدين محسن :
من الرائدات : الكاتبة والشاعرة مريانا مرّاش - 37
مريانا مراش
----- صورة " مريانا مرّاش "
كتبت مريم نجمة - كاتبة سورية
منقول من موقع الحوار المتمن , منشور بتاريخ 13-9-2021
من هي مريانا مرّاش هذه الكاتبة المغمورة ؟
, .....الكثير من نسائنا المبدعات مغيّبات منسيات في جدول التعليم والتربية والإعلام والأعلام والأديبات الرائدات . القليل من الأجيال الجديدة من يعرفها , لم يمر عليها هذا الإسم وغيره..لأننا في بلد التجهيل والمحسوبيات وأنظمة القمع وتحطيم واغتيال كل قلم حر يفتح أبواباً للحرية ونور العقل والتقدم ..
كانت سوريا منجماً للعقول والخبرات والمفكرين والأدباء والصحفيين , مخزن من الإبداع وسبق التحرّر والعلم والتقدم , سوريا الحضارة والتاريخ أوقفوا مسارها , خرّبوا إختياراتها الطليعية الديموقراطية التقدمية بعد قدوم الطاعون الأسدي الذي طوى تاريخها المشرق وأخذها الى غير مكان لا يليق بها وبشعبها المتحررالمتآخي المنتج الخلاّق .
.... أديبتنا وشاعرتنا اليوم هي مَريَانَا , بنت فَتح الله بن نَصر الله مَرَّاش (1848-1919) * . تُعرف أيضاً بإسم مَريَانَا المَرَّاش أو مَريَانَا مَرَّاش الحَلبيّة ، كاتبةٌ وشاعرة سوريّة، ولدت وتوفيت في مدينة حلب ( الشهباء ) السوريّة, مدينة الأعلام والأسماء والرواد , الإنفتاح والتمازج والتلاقح الفكري والثقافي والتجاري . برزت مريانا مرَّاش خلال حركة النهضة العربيّة، إذ تُعتبر من أوائل النساء اللواتي كتبن في الصحف العربيّة، كما كانت أول كاتبة سوريّة تقوم بنشر مجموعة شعريّة. أعادت مريانا مرَّاش إحياء تقليد الصالونات الأدبيّة في الشرق الأوسط.
من الأفضل والأجدر لنا أن نتحرى عن طفولتها وتحصيلها العلميّ أولاً, لكي نتعرف على المنشأ والبيئة التي شكلت شخصيتها الأدبية والإجتماعية الغنية بالمؤثرات .
الفكر , هو إبن البيئة والمحيط ..
ولدَت مريانا مراش في مدينة حلب التابعة آنذاك لسوريا العُثمانيّة، لعائلة تتبع الطائفة الملكانيّة، كانت عائلتها تعمل في التجارة وكان لها اهتماماتٌ أدبيّة. كانت قد تأسَّست وترسَّخت عائلة المرّاش في الأوساط الحلبيّة بعد جمعها لثروة طائلة خلال القرن الثامن عشر، عانت العائلة من عدّة مشكلات آنذاك، فقد قتل بطرس مرَّاش، قريبُ مريانا مراش على يد الأصوليّين من الروم الأرثوذكس في أبريل/نيسان 1818. كما تم طرد الكاثوليك المالكانيّين من مدينة حلب خلال اضطهاد تعرَّضوا له آنذاك، ومن بينهم القس جبرائيل مرَّاش. حاول والد مريانا مراش، فتح الله المرّاش نزع فتيل النزاع الطائفيّ عبر كتابة أطروحة عام 1849. اهتمّ فتح الله المرّاش والد مريانا بالقراءة، فجمع خلال حياته مكتبةً كبيرةً خاصّة به ليُعلِّم من خلالها أولاده الثلاثة فرنسيس وعبد الله ومريانا مراش، ولاسيّما في مجال اللغة العربيّة والأدب. قالت الكاتبة و الباحثة الغربيّة في الأدب العربيّ مارلين بوث أن والدة مريانا مراش تنحدر من "عائلة الأنطاكي الشهيرة"، وقد كانت إحدى أقارب رئيس الأساقفة ديمتريوس أنطاكي.
كانت حلب آنذاك مركزاً فكرياً رئيسياً للإمبراطوريّة العثمانيّة، إذ ضمَّت في ذلك الوقت العديدَ من المفكرين والكتّاب المهتمين بمستقبل العرب. تعلّمت عائلة مرَّاش اللغتين العربيّة والفرنسيّة ولغات أجنبيّة أُخرى ك ( اللاتينيّة والإنجليزيّة)، في مدارس التبشير الفرنسيّة. تعلّمت مريانا مرّاش في وقت لم تتلقين النساء في الشرق الأوسط تعليماً بشكل كبير، إذ مثَّل تعليم والدي مريانا مراش لمريانا تحدياً للإعتقاد السائد آنذاك بأنه لا يجب تعليم الفتيات، وقد قالت مارلين بوث عن تلك الفترة بأن الوضع وصل آنذاك إلى حد أنه «لا ينبغي على الفتاة أن تجلس في غرفة استقبال [الضيوف] الرجال». وهكذا، سجّل فتح الله المرّاش ابنته ذات الأعوام الخمس في مدرسة مارونيّة. وتلقَّت أيضاً التعليم على يد راهبات القديس يوسف في حلب. أخيراً، ذهبت مريانا مراش إلى المدرسة الإنجليزيّة في بيروت. وإضافةً إلى التعليم الرسميّ في المدارس السابقة، فقد احتكّت مريانا مراش بالثقافات الفرنسيّة والأنجلوساكسونيّة، ودرست على يد والدها وإخوتها، لاسيّما مادة الأدب العربيّ. ذكرت أول سيرة ذاتيّة لمريانا مراش أنها تفوّقت في مواد اللغة الفرنسيّة والعربيّة والرياضيّات، وأنها كانت تعزف على آلة البيانو والقانون وتغني بشكل جميل.
كتب المؤرخ الحلبيّ محمد راغب الطبّاخ , أنها كانت إحدى الشخصيّات الفريدة في مدينة حلب، إذ يقول: «فنظر الناس إليها بغير العين التي ينظرون بها إلى غيرها»، ويكمل قائلا: «وتهافت الشبان على طلب يدها»، إذ أنه ورغم تقدَّم الكثير من الشباب لخطبتها، إلا أنها آثَرَت في البداية أن تبقى عزباء. إلا أنها اقتنعت بالزواج بعد وفاة والدتها، وتزوَّجت من حبيب الغضبان، سليل العائلة المسيحيّة المحليّة. وقد أنجبا ثلاثة أطفال، فتاتين وولد.
مسيرتها الأدبيّة
كتاب بنت فكر لمريانا مرّاش.
بدأت مرّاش أوائل سبعينات القرن التاسع عشر بكتابة مقالات وقصائد للجرائد الدوريّة، ولاسيّما الجنان , ولسان الحال , في بيروت. انتقدت مريانا مراش في مقالاتها ظروف المرأة العربيّة، إذ حثَّت النساء العربيّات - بغض النظر عن انتمائتهن الدينيّة - على السعي للحصول على التعليم والتعبير عن أنفسهنّ في الأمور التي تهمّهن. نشرت مريانا مراش مجموعتها الشعريّة ( بنت فكر ) في بيروت عام 1893، إذ كانت مريانا قد حصلت على إذن الحكومة العثمانيّة لطبع كتابها . كما ألَّفت مريانا بعض القصائد الأخرى،. كان أسلوب شعرها أكثر تقليديّة بالمقارنة مع أشعار شقيقها فرنسيس، كما يتَّضح من قصيدة الرثاء التي كتبتها لشقيقها فرنسيس بعد وفاته؛ قرأت مريانا الكثير من الشعر الرومانسيّ الفرنسيّ من مكتبة والدها، ولاسيّما ألفونس دي لامارتين , وألفريد دي موسيه. يقول سامي الكيالي عن مرّاش أنه كان ظهور كتابة امرأة في الصحافة وتأليف الشعر في هذه الحقبة المظلمة حدثاً بارزاً، واعتبر ظهور مريانا مرّاش "في هذه الليالي المظلمة كنجم ساطع في وسط السموات".
أعمالها غير الأدبيّة
تضمن أعمال مريانا مرّاش غير الأدبيّة، كتاباً عن تاريخ سوريا آواخر العهد العثمانيّ، بعنوان تاريخ سوريا الحديث، وقد كان هذا أول كتاب يتحدَّث عن هذا الموضوع.
صالون مريانا مرّاش ,
اشتهرت مريانا مرّاش بسبب الصالون الأدبيّ الذي افتتحته في منزلها. كانت مريانا قد سافرت سابقاً إلى أوروبا مرّة واحدة، وأعجبت بما شهدته من الحياة الأوروبيّة هناك. يقول الأكاديميّ جوزيف زيدان عن مريانا مرَّاش , بأنه لدى عودتها إلى حلب، حوّلت مريانا منزلها إلى مكان لالتقاء عدد من الكتّاب المشهورين بشكل منتظم، وقد أثمرت هذه اللقاءات صداقات عديدة بين هؤلاء الكتُّاب، وأن هذه اللقاءات اشتملت على مناقشة القضايا الأدبيّة وموسيقيّة وسياسيّة واجتماعيّة.
و بحسب زيدان، لا يوجد أي أدلة تدعم فرضيّة تأسيس مريانا مرّاش لصالونها الثقافيّ بعد مشاهدتها لصالونات شبيهة في أوروبا، رغم كل ما سبق. على أي حال، لم تبدأ مريانا مرّاش من الصفر في هذا الأمر باعتبار أن "معظم المشاركين كانوا زوَّاراً منتظمين لمنزل العائلة، حيث اعتادوا على لقاء والدها وأخويها". ضمّ أعضاء صالون مريانا مرّاش مثقفين حلبيّين شهيرين من كلا الجنسين، إضافةً إلى سياسيّين وأعضاء في السلك الدبلوماسيّ الأجنبيّ. التزمت مريانا مرَّاش خلال هذه النقاشات الثقافيّة بالخطاب الفكريّ، كما تخلَّل هذه الجلسات الغناء والعزف على آلة القانون. وصف أنطوان شعراوي الأمسيات التي قضاها في صالون مريانا، بأن مريانا كانت ترتدي فساتين سوداء أو بيضاء بالكامل كانت قد اشترتها من باريس، وأن هذه اللقاءات في الصالون كانت مسائيّة ومختلطة، وقد نُوقشت خلال هذه اللقاءات مواضيع أدبيّة متنوّعة جداً كالمعلَّقات وأعمال فرانسوا رابليه. كما تضمّنت لقاءات الصالون لعب الشطرنج والورق، كما أُقيمت خلالها مسابقات شعريّة. يضيف شعراوي أيضاً بأن هذه اللقاءات اشتملت على الغناء والرقص والاستماع إلى الموسيقى عبر الفونوغراف، إضافةً إلى شرب النبيذ والعرق. إلا أن أستاذ تاريخ الفن في جامعة كاليفورنيا في دافيس هيجنار زيتيليان واتنبو يُشكِّكُ في صحّة وصف الشعراويّ لجلسات صالون مريانا مرّاش، ويقول أنه مُلفَّقٌ إلى حدٍ ما.
أعمالها : الكتب
بدأت مرّاش أوائل سبعينات القرن التاسع عشر بكتابة مقالات وقصائد للجرائد الدوريّة، ولاسيّما "الجنان" و"لسان الحال" في بيروت.
1893 بنت فكر مجموعة شعريّة
-تاريخ سوريا الحديث
المقالات
شامة الجنان في جريدة "الجنان" عام 1870.
جنون القلم في جريدة "الجنان" عام 1871.
نختار أقوال بعض الكتّاب عنها :
قسطاكي حمصيّ «كانت مريانا مراش رقرقة الشمائل، عذبة المنطق، طيبة العشرة، تميل إلى المزاح، وقد تمكن منها دار العصاب في آخر سني حياتها حتى كانت تتمنى الموت كل ساعة»
سامي الكيالي «عاشت مريانا حياتها في جو من النعم والألم، عاشت مع الأدباء والشعراء ورجال الفن وقرأت ما كتبه الأدباء الفرنسيين وأدباء العرب فتكونت لديها ثقافة تجمع بين القديم والحديث»
وفاتها
توفيت مريانا مرَّاش عام 1919 في مدينة حلب، عن عمر يناهز 71 سنة ..
لروحها السلام والخلود
.---------------
* يُعرف القليل عن حياة بطرس وجبرائيل مرَّاش، فقد تزوَّج بطرس قبيل مقتله وكان اسم والده نصر الله مرّاش، كما كتبت عنه نيقولا الترك قصيدة غنائيّة جنائزيّة.
- إذا مددْتَ يداً في يومِ معركةٍ فتخمد النّار والأبطال ترتعد.
ذكر جوزيف زيدان وأنطوان شعراوي من بين هؤلاء المثقّفين: جبريل الدلال , وكامل الغزي , ورزق الله حسّون , وقسطاكي الحمصيّ , وعبد الرحمن الكواكبيّ , وفيكتور خيّاط , وأنطوان السقّال , وابنه ميخائيل, وعبد السلام الترمانينيّ.
........
كلي أمل وثقة و افتخار, أن أكون قد قدمت لمحة وسيرة أو نبذة عن واحدة من بنات وطني ( الأم ) سوريا , الرائدات اللواتي نعتزّ بهن وبماضينا الجميل ليكون درباّ مضيئاً للأجيال .
مع محبتي وتحيتي للقراء
------------------------------------------------------------------------ .
المراجع : الويكيبيديا -
حين تشارك امرأة في كتابة التاريخ..مريانا مرّاش، مبادرة "الباحثون السوريّون, . .
الموسوعة الصحفية العربية،
، الموسوعة الصحفية العربية، جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إدارة الثقافة
عائشة دباغ 1972، الحركة الفكرية في حلب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بيروت، دار الفكر.
فيليب دي طرازي ؛ 1913، تاريخ الصحافة العربية، الجزء الثاني ..
تموز 2021
--------------------
تعليقات
إرسال تعليق