حدائق الحنظل والصبار 1- 2



صلاح الدين محسن
  2009 / 3 / 31  


جميع الكائنات تتكون من أنواع . فالبشر انواع ، والفواكه انواع ، والزهور انواع ، والخضروات أنواع وحتي التربة والاحجار والصخور ..
بل وكل نوع .. يوجد منه أنواع .
فالبرتقال – مثلا - وحده كنوع من أنواع الفاكهة .. هو أيضا : أنواع ..

وكما الزهور أنواع . فالشوك : أيضا أنواع وأشكال وألوان ..
وكما التين أنواع .. فالحنظل : أيضا أنواع وأشكال وألوان ...

ومن الطريف أن نجد من الناس ذوي النوايا الحسنة من يدخلوننا في مقارنة بين عدد من أنواع الشوك .. ؟ أيها أرق من الآخر ؟ وايها اكثر حدة ، وأيها الأليق شكلا ، .. ، ؟ .. الخ ..!
وكذلك نجد من الناس الطيبين من يشغل نفسه ويشغلنا معه بحديث فخم عبارة عن مقارنة ومفاضلة بين أنواع الحنظل .. أيها أقل مرارة ، وأيها أشد مرارة ، وأيها يتمتع بشجرة أكثر نضارة ؟! وأيها يعتمد عليه الطب أكثر في استخلاص ما يدخل منه في صناعة الدواء ، لأجل الشفاء.. ؟!
نبات الصبار .. نبات صحراوي .. عصارته شديدة المرارة .. وفي مصر . الأم التي تجد صعوبة في فطام رضعيها تضع له فوق الثدي بعض عصارة الصبار ليبتعد عنه ، ويفطم . و المصريون يزرعون الصبار في المقابر ..
توجد من الصبار أنواع ذات أشكال متعددة وغريبة وبعضها فيه شيء من الجمال الساكت الموحش - جمال مشبع بالوجوم – يسمونها عائلة الصبار .
اندمجت ذات مرة وأنا في زيارة لمشتل للزهور . في مشاهدة أنواع عديدة من الصبار الي درجة أنني فكرت في اقتناء أو عمل ما يشبه حديقة – أو جانب من حديقة . من الصبار فقط .!
ولكنني انتبهت وقلت لنفسي : ألا يوجد أمامك سوي الصبار ؟! ها هي أمامك العديد والعديد من النباتات الأخري الأنضر والأجمل والأبهج ..
ما الذي جعلني أفكر كهذا التفكير ؟! في الصبار ! بدلا من التفكير في نباتات زينة أو ثمر أو زهور رائعة ! ما الذي جعلني أفكر هكذا ؟!
لعل الجواب : انه الانخراط في الشيء والاندماج الطويل معه وأمامه .. هو الذي يؤدي لذلك ..
لذا فالاستغراق في تأمل النباتات غير الجميلة ، المؤلمة ، أو المرة – كالشوك والحنظل والصبار - .. هو خطر ، ولايجب أن يأخذ تأمله منا سوي القليل من الوقت ثم ندير ظهرنا له متجاوزين اياه ...

بعض الناس الطيبين فجاة نجدهم يدخلوننا في مقارنة ومفاضلة بين : عبد الناصر والسادات ومبارك ..!
وهم 3 انواع من الصبار – أو الحنظل – أو قل :3 أنواع من الشوك الحاد - العسكري الديكتاتوري .
ويريدوننا أن ندخل في نقاش لا ينتهي في تلك المقارنة والمفاضلة . وكأنه لا توجد في حديقة أو مزرعة الحكم والحكام ما نشغل أنفسنا به ولا ما نختار منه نموذجا أو من نفاضل بينهم سوي ثلاثي النكد العسكري الديكتاتوري . لقد ورثوا الوطن والشعب لبعضهم . وصعد كل منهم بعد الآخر درجات الفساد والفقر والقهر والخراب ، درجة تلو درجة حتي أوصوا بلدهم للقمة : في الفقر والفساد والخراب ! .
تلك نباتات شوكية سامة . يجب ألا نتوقف عندها طويلا ونحن نمر بمزرعة الحكم والحكام . بل نكتفي بقليل من الكلمات والتحذيرات من خطر وجودها وخطر استمرارها أو تكاثرها .. ونمضي لما يفيد الحاضر والغد ..

وكذلك الأمر . نجد من يدخلوننا في مقارنة ومفاضلة بين المذهب الديني الصحراوي السني وبين نظيره الشيعي . أو المفاضلة بين الوهابية الحنبلية وبين الحنفية و الشافعية ..! وكلها نوع واحد من الحنظل تختلف وحسب درجات مرارته من واحد لآخر .. ولكن كلها مرارة تبعث علي السأم .
لذا فقد ادهشني أن اري مفكرا محترما مثل طارق حجي . ينهج مثل ذاك النهج بأن يدخلنا في مقارنة ومفاضلة من ذاك النوع في مقاله المنشور بالحوار المتمدن . العدد: 2597 - 2009 / 3 / 26 بعنوان " رسالة لوزير الأوقاف المصري " يقارن فيه ويفاضل بين المذاهب الاسلامية لينتقي لنا واحدا منها ! . جاء به :
" .. لماذا يسمح بالفتوى على أسسٍ حنبلية في دولةٍ عاشت قروناً طوال بين المذهب الحنفي والمذهب الشافعي؟ "
ولنا تعليق :
يا حاج طارق . حرام علييييك . حرام عليك .. أنت لفيت الدنيا وشفت واطلعت علي ثقافات الأمم المتحضرة و اشتغلت وأدرت شركات عالمية ، وقمت بالتدريس بجامعات العالم المتحضر ،
وفي النهاية ألا يحلو لك ألا أن تتوقف بنا الا بحديقة للحنظل والصبار الصحراوي الوافد من بلاد البدو ، وتختار لبلدك ما أعجبك في مزرعة الحنظل والصبار – حنبلي و حنفي وشافعي ووهابي وشعراوي ومودودي وقرضاوي .. ؟!
كلها مستنقع واحد لا ينبت فيه سوي الحسك والحنظل والصبار ..
اما عرفت لنا بساتين وحقول وحدائق غناء بدول العالم الأخري التي زرتها . لتختار لنا منها شيئا من القوانين والتشاريع التي تستظل بظلها الشعوب المتحضرة .. فتتوقف بنا عندها وتدعو لبلدك ألا تزرع الا مثلها !؟؟!
اما كفانا 14 قرن من الزمان قضتها بلادنا ما بين سنة وشيعة ثم العودة للسنة مرة أخري . وحنظل وصبار واشواك صحراوية مؤلمة ، جالبة للكآبة والتخلف ؟! . ألم يكفينا ذلك حتي تبحث لنا عن مزيد التنقل أو التغيير او التدرج - ان كنت تقصد تدرجا - ( بعد 14 قرن ! من الزمان ) في الفطام عن تجرع تلك المرارة ؟!
أم هو تهافت في الحصول علي قطرات من الرحمة من وحش الصحراء الجائع الهارب من جدب رمال العرب منذ 1400 عام واقتحم بلادنا ويتحكم فيها وينهش في لحم ماضينا وحاضرنا بمخالبه وأنيابه ، ونتوسل لوزير الاوقاف الاسلامية المصري بأن يحسن الذبح فينا .. بسكين المذهب الحنفي - الاسلامي - لكونه الأنعم والأملس من غيره من سكاكين المذاهب الشقيقة له ؟!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=166927
-- سبق النشر بموقع  الحوار المتمدن  2009 / 3 / 31  
*****==***** تعليقاقراء الموقع :

التسلسل: 1
العدد: 16562 - جميع أنواع النباتات المره والشوكية منتشره في بلدي وتتكاثر بأ
2009 / 3 / 30 - 22:06
التحكم: الكاتب-ة
ياسمين يحيي

مساء وصباح الورد الياسمين الى أستاذي صلاح وقرائه المحترمين . أولآ : أستاذي صلاح لقد اطلعت على تعليقك على مقالتي في موقع بلاحدود وحاولت الرد على تعليقك في ذالك الموقع ولاكن ردي لم يظهر بسبب مشكلة في طريقة الأرسال لدي . وكان ردي كالتالي : شكرآ لك أستاذي صلاح على تشجيعك لي وأذا كانت كتابتي جيدة مثلما تفضلت فهذا بفضلك لأنك ساهمت في تنويري وتوعيتي كثيرآ ولاكني لن أكف عن مطالبتي لك بالكتابة عن المرأة لأنك تملك المعلومات الغزيرة والمعارف المتنوعة والأسلوب الجميل . أما انا فلا أملك المعلومات الكافية التي تساعدني على الكتابة عن المرأة بألمام وماأكتبه فهو من الواقع الذي أعيشه وهو مايستثيريني للكتابة لأنني جديدة على عالم الكتابة والقراءة هذا العالم الجميل والمضيئ . . شكرآ مره أخرى على التشجيع والثناء .. ثانيآ : الحنظل نبات نجبر على تجرعه يوميآ في بلدي. والشوك نسير عليه حفاة فهو السجاد الوحيد الذي يسمح لنا السير عليه لأنه من صنع وأنتاج صلعم اسوء الخلق .. وشكرآ

التسلسل: 2
العدد: 16619 - حدائق الحنظل والصبار
2009 / 3 / 31 - 12:29
التحكم: الكاتب-ة
Samir Ragheb
مهلا أستاذ صلاح
أولا لك ولقلمك خالص تحياتي واحترامي ، فأنا من المتابعين لمقالاتك القيمة التي أحرص على قراءتها كلما سمح وقتي بذلك. كذلك أتابع كتابات الأستاذ طارق حجي وأعلم يقينا أنكما تسبحان ضد نفس التيار. الفارق الوحيد هو أن الأستاذ طارق يتهدده الغرق في كل لحظة بينما تحيط بك كافة وسائل الإنقاذ.... فلا تكن -حنبليا- ولا تقسو على الرجل. مع وافر حبي واحترامي
سمالتسلسل: 3
العدد: 16620 - - رد علي الاستاذ سمير راغب - تعليق 2
2009 / 3 / 31 - 13:07
التحكم: الكاتب-ة
صلاح الدين محسن
أولا أنا أكن للدكتور طارق كل تقدير - رغم عدم سابق معرفة شخصية
ثانيا : كيف تصورت أن أحدا منا تحيط به كافة أو حتي بعض وسائل الانقاذ - حسب تعبيرك - ؟! ولعل شخصي هو الابعد تماما عما وصفته بكل وسائل الانقاذ .واظنك قد قلبت واقع الحال

- والدكتور طارق يعلم جيدا كم أحترمه . من خلال مقال عبرنا فيه عن تقديرنا الكبير له من قبل . في مقال سابق - ونحن علي رأينا فيما قلناه عنه في ذاك المقال
اhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?
aid=155473

ولكن هذا لا يمنع أن نختلف ونعبر عن وجهة نظرنا . والاختلاف في الرأي لا يجوز أن يفسد الود بين الناس ولاسيما أصحاب الرأي .
مع كل التقدير لك وللدكتور طارق حجي

سمير راغب
التسلسل: 4
العدد: 16624 - حُسن البصيرة
2009 / 3 / 31 - 14:37
التحكم: الحوار المتمدن
العقل زينة
ويبقي للمتفرج أو القارئ رأي.... الأستاذ صلاح مفكر هادئ وقلمه ثورة والأستاذ طارق مفكر ثائر وقلمه إقتصاد... بمعني المفكر صلاح يكتب و يقول للأعور.. أنت أعور في عينه .... أما المفكر طارق فهو يري في الأعور عين سليمة ويحاول إرشاده إلي البصيرة؟؟؟؟هل يمكن للمفكر طارق أن يراهن علي حُسن بصيرة الأعور؟؟؟

التسلسل: 5
العدد: 16636 - God Bless You
2009 / 3 / 31 - 16:04
التحكم: الكاتب-ة
s.alcindy
How long will be these kinds of thorns will continue to grow in our world, and how much longer will the big cactus stay alive...?
Thank you and greatly apprcaited

التسلسل: 6
العدد: 16637 - لك الشكر يا استاذ صلاح
2009 / 3 / 31 - 16:11
التحكم: الكاتب-ة
عايـــد
و لكن أغرب ما في الامر عندا يخيرنا هؤلاء بين ثلاثة أصناف أو أنواع من الطيبين حسب اعتقادهم و أما حسب خيارنا نحن فهو خيار بين الافاعي و الثعابين و العقارب و كم هو صعب الاختيار بين هذه الانواع ؟؟؟

التسلسل: 7
العدد: 16643 - ردود
2009 / 3 / 31 - 18:04
التحكم: الكاتب-ة
صلاح الدين محسن
الي : العقل زينة - تعليق 4
تعليقك معزوفة قصيرة وظريفة

- الي : ياسمين - تعليق 1
لديك موهبة الكتابة . والكاتب الموهوب لكي يستمر . لا ينقصه سوي حب القراءة . فحب القراءة هو الذي سيجعله يستمر في الكتابة لأن القراءه ستزوده باستمرار بمعارف وفنون تلهمه آراءا وافكارا جديدة تساعده علي مواصلة الكتابة .
تمنياتي بالتوفيق . وشكرا لمشاعرك الكريمة

===========

تعليقات