من الارشيف - المثقف التنوِيمي

 المثقف التنويمي

صلاح الدين محسن

الحوار المتمدن  2013 / 12 / 17  

  رسالة في الايميل . تتحدث عن كتاب صدر عام 1999 في مصر . يتكلم عما أسماه الدين الحقيقي للمصريين " الأسلام هو الدين الرسمى لمصر ولكن دينها الحقيقى ، الفعلى هو " دين الحرافيش " وهو خليط من الأديان الفرعونية والسماوية ( الطفل المسيحي يأكل حلاوة المولد فى مدرستة والمسلم يشترك فى موالد الأقباط)- أنظر ، دين الحرافيش فى مصر المحروسة ، طباعة ميريت ،( 1999

---

ونحن نختلف مع هذا الطرح تماماً .فالدين الرسمي هو صلب دين وتدين غالبية الشعب . وكيف لا يكون كذلك بينما يُدرّس للتلاميذ بالمدارس . ويلعلع به في خطب الجمعة وبالميكروفونات !؟

وعن وجود خليط من الأديان الفرعونية وغيرها . انها مجرد بقايا قليلة لا تخفي ولا تبعد طعم ورائحة وكافة مؤثرات الدين الرسمي . انها رواسب استثنائية جداً

ومن غير المعقول أن نجعل من الاستثناء قاعدة . ونمضي في حديثنا وحساباتنا علي هذا الأساس !

هناك اناس يفكرون بتلك العقلية التبسيطية . وهذا يخدر الشعوب . بالوهم .

انهم فصيلة المثقف , الذي قال عنه الشاعر - نجم - " يفبرك حلول المشاكل قوام " ! (  " يعيش المثقف علي قهوة ريش " ) .

أعرف صديقاً من ذاك النوع . " أحمد " باحث . شيوعي - في حوار عن خطر الارهاب الديني عام 1998 - . قال " ان الاسلام قد انتهي خلاص" ..!

هكذا حل المشكلة . بينما نجلس في المقهي ! .

أما حكاية (الطفل المسيحي يأكل حلاوة المولد فى مدرستة والمسلم يشترك فى موالد الأقباط )..

فتفسيرها : شعب طيب معروف بأنه شعب تجمعه الطبول - من الطبيعي أن تجمعه حلاوة المولد وتجمعه أية احتفالات بأية موالد .

أكل الحلاوة في المولد , والمولد ينفض بسرعة . أما النار والدمار ففي ميكروفونات خطب وخطباء الجمعه . التي لا تنفض .

( ( لو أمتلك سلطة في بلدي , لخلعت في نهار الجمعة . أسنان الخطباء - نزار قباني - )) .

وأكل الأطفال لحلاوة المولد بلا عقد طائفية - براءة طفولة -. واشتراك الكبار في احتفالات الموالد الدينية بأنواعها . لا يعتبرها باحث فاهم , مقياساً يعتد به : ويجب علي الباحث تركها لكلام فك المجالس . وللجان الصلح العرفي , تلك اللجان التي تجبر المظلوم علي التنازل عن حقه ليتحقق الصلح ..!!

قبيل العام الذي صدر فيه ذاك الكتابة - 1999 - كان كل شعب مصر قد تحولت تحيته في التليفون الي " السلام عليكم " بدلاً من : التحية التي عرفناها طوال حياتنا : وتعرفها الدنيا : آلو

يبدو أن المؤلف كان نائماً

قبل العام الذي أصدر المؤلف فيه كتابه - 1999 -. كانت تحية الوداع الجديدة عند المصريين - عندما تصافح أحداً مودعاً اياه : - لا اله الا الله - والرد عليها : محمد رسول الله

وطوال عمري - نصف قرن . حينها - أسمع التحية كالآتي : مع السلامة .

وردها : الله يسلمك .

يبدو أن المؤلف كان نائما علي أذنيه . لا يدري شيئا عما يدور ببلده

في نفس العام الذي صدر فيه ذاك الكتاب كان عمري 51 عاما . ولأول مرة في حياتي أسمع من مصري . انه يجهز " عقيقة " ( من جاري . الذي يعمل مهندساً ) ..

حدثني عن عمل (عقيقة ) لابنه حديث الولادة - وهي سنة اسلامية لم أكن قد سمعت من قبل , طوال حياتي عن وجودها في مصر - مصر التي زرت تقريباً جميع محافظاتها , و " العقيقة " حسب السنة الاسلامية النبوية . تقضي بذبح خروفين - لا خروف واحد - ان جاءك مولود ذكر .

- يبدو أن المؤلف كان نائما عما يحدث في مصر .

قبل صدور ذاك الكتاب بما يزيد عن 15 سنة . كانت السعودية قد مَوّلت أسلمة التعليم الأولي العام المدني . فانتشرت كما السرطان . المعاهد الازهرية . كمنافس للتعليم المدني . وكانت المحصلة الآن : كتب التعليم الازهري تدرس : جواز أكل لحم تارك الصلاة و المرتد . بعد قتلهما :

http://www.youtube.com/watch?v=DdQnGv9ngPU

فأين كان المؤلف نائماً عما يجري بوطنه . وكتب مثل ذاك الكتاب في الحلم !؟

عندما صدر ذاك الكتاب .الميمون ! كان الاسلام الوهابي يتوغل في مصر كلها منذ ما يقرب من 20 عاماً - لأول مرة أسمع في بنك مصري - صوت آذان الظهر بداخل البنك . وتوقف الموظفون عن العمل . لأجل الصلاة : بنك هام بشارع قصر النيل - بقلب القاهرة - ومن تعطلت مصالحهم - زبائن البنك - لم يجدوا حلاوة ولا مولد ! . وجدوا العطلة فقط ..

يبدو أن المؤلف كان يغط في النعاس عما يحدث ببلده . ويدعو الناس لمشاركته في النعاس لحين وصول الجماعات الارهابية للسلطة . ووصلت بالفعل بعد 12 سنة فقط . ولا زالت مصر مهددة اليوم باحتمال عودتهم للسلطة

بعد صدور ذاك الكتاب ب 12 عام فقط أي ما بين 2011 و2013 تم احراق حوالي 80 معبد لغير المسلمين . وحرق العديد من البيوت بقري محافظات مختلفة - بهائيون ومسيحيون - وانتشرت . عمليات خطف غير المسلمين لاجبار أهاليهم علي دفع فدية ..

ولم يجد المتضررون حلاوة ولا مولد ولا حمص ..

والمثقف - مؤلف الكتاب كان يُنوِّم الناس ويطمئنهم بقوله " ( الطفل المسيحي يأكل حلاوة المولد فى مدرستة والمسلم يشترك فى موالد الأقباط) .. يعني لا تخافوا فالأمور تسير علي ما يرام - ماشية زي الحلاوة ..! -

ومصر الآن تعيش تحت خطر احتمال عودة الارهابيين للحكم . فقد تفشل خطة العسكر في استمرار استخدامهم فزاعة لارهاب الشعب , حتي يتم عسكرة الدستور , ثم عسكرة منصب الرئاسة ..

ولكن قد ينقلب السحر علي الساحر . قد يعجز العسكر عن صرف عفريت الاخوان والسلفيين . ذاك العفريت الذي حضَّروّه خصيصا لارهاب الشعب واثنائه عن العودة للهتاف : يسقط حكم العسكر

كل هذا حدث ويحدث . بينما المثقف التنويمي . كان يطمئن الناس بانه لا مشاكل . بعدما فبرك لهم حلول المشاكل قوام - كما قال شاعر الشعب " نجم - عن مثقف مقهي ريش

أما الأسوأ . فبعد كل الخراب الجاري والذي جري . نجد مثقفاً من أبناء أكبر فئات الشعب تضرراً من استيلاء الارهابيين علي السلطة . . يقوم اليوم - اليوم - بالاشادة بمثل ذاك الكتاب . وذاك التفكير . ويروج له بين اصدقائه

!!!

---------------------- 

تعليقات