مقتطفات - هل تصنع كاريزما القائد المستقبل؟

 أمل عبد العزيز الهزاني - كاتبة سعودية



الشرق الأوسط - لندن - 2-2-2021

الجاذبية الشخصية آسرة. وهي هبة من الله وليست مكتسبة، مهما حاول صنعها رواد تنمية الذات وتطويرها. قد تُصقل، لكنها لن تأتي من العدم؛ هي جزء من جينات الإنسان يولد بها. والكاريزما بطبيعتها تؤثر في عاطفة الناس أكثر من عقولهم، لذا نجد لها حيزاً كبيراً في رسم انطباع الناس في المنطقة العربية الذين تستهويهم الشخصية الجذابة المنمقة المفوهة، ويميلون إليها ميلاً كبيراً، وأينما ذهبت ذهبوا. الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان لديه تأثير على وجدان الشارع المصري خصوصاً والعربي عامة، لكن ليس أبعد من ذلك، لأن العالم الواسع لا يقيم ظاهر الشخصية، وخطاباتها، وسلاسة حديثها سوى أنها قشور، إنما المحك الحقيقي هو الفعل. بن لادن أيضاً مثال آخر، وتشي غيفارا، وغيرهما.

الكاريزما مفتاح للقلوب، إن كان صاحبها خطيباً أو شاعراً أو معلماً، لأن الإلهام هو معيار نجاح عملهم. لكن في السياسة الموضوع يختلف. الشخصية السياسية الجذابة عدا عن كونها نادرة، لأن السياسيين غير محبوبين عند العامة بالإجمال، فهي مطالبة بأكثر من الإلهام، رغم أهميته. يظل المقياس الحقيقي في الإنتاج، في القدرة على صنع التغيير الصحيح، في خلق مخرجات تتسق مع لغة الخطاب الملهمة. في التاريخ العربي الحديث، عبرت جملة من الشخصيات السياسية والفكرية تركت أثراً هائلاً على مبادئ المجتمع العربي وقيمه، سواء كانت هذه الشخصيات الكاريزمية عربية أم لا. حتى إننا بتنا نقيم الشارع والمثقف العربي على أنه سريع التأثر، مهووس بالشعارات الرنانة، سهل الانقياد لشخصية خطابية جذابة مهما كان منهجها أو أجندتها، لذلك توجع العرب كثيراً لأنهم سايروا شعورهم بالانجذاب للشخصية على حساب الواقع.

كاريزما القائد الإداري، أي إداري، سواء في إدارة دولة أو مزرعة أو دكان، هي نقطة جذب إليه، وتخدمه، لكن ستبقى مجرد قشرة يمكن كشطها بفعل الزمن والمواقف الكاشفة. الأفعال، القدرة على التغيير الإيجابي، والعزم على ذلك، هي من يصنع المستقبل.

------------------

تعليقات