ورقة من مذكراتي في السجن - 3

 
كتب : صلاح الدين محسن

1-2-2021

 هذه الحلقة عن القطط . فقد كتبت الكثير عن البشر . في حلقات سابقة , من " مذكراتي في السجن " .. 

في السجن يوجد عدد كبير من القطط . كانت فرصة لكي أتأمل سلوك هذا الحيوان . وأعرف المزيد عنه . فوق ما عرفته وقتما عشت بالريف المصري ..

 1 -  القطط أرقي كثيراً من الانسان . من حيث النظافة . والحرص علي نظافة البيئة !

 وقفت لأري قطة تحفر بالأرض خلف مبني عنبر الزنازين . حيث شريط من الزرع .

راح القطة – أو القط– تحفر وتحفر في الأرض بقدمها . حتي عملت حفرة . ثم تبرزت فيها . وبعد ذلك راحت تردم الحفرة . وبعد أن ردمت برازها . مالت لتشم اذا كانت رائحة تنبعث أم لا .. ثم عاودت جر التراب مرة أخري فوق ما ردمت. وبعدها مضت تشم مرة اخري . لتعرف ان كانت ما زالت توجد رائحة منبعثة أم لا ..

ولما اشتمت رائحة لا تزال باقية .. عاودت جلب التراب مرة أخري .لمزيد من الردم

ثم عاودت للمرة الثالثة اشتمام المكان للتأكد من عدم انبعاث رائحة برازها .. !

وما مشيت حتي اطمأنت ...

شيء غير معقول .. نظافة ووعي لا يرقي لمثله انسان 

-----

2 - ذات يوم كنت واقفاً بالقرب من العنبر – خارج الزنازين – وقت فتحها للنزلاء كالعادة من 8 ص : 5 مساءً ..

القطط تمرح رائحة غادية أمامنا وحولنا . أنا وغيري من النزلاء ..

فجأة وجدت قطاً يلتفت مسرعاً ليلتقط قطعة لحم اشتمها . قبل أن يسبقه آخر في التهامها ..

فاذا قطعة اللحم كانت قطة صغيرة ولدت لتوها من فرج أمها التي تلد وهي واقفة . لا صياح ولا مواء ولا صوت ..

القطة الوليدة . عبارة عن قطعة لحم حمراء .

ما ان نزلت من الأم حتي راحت تحاول جاهدة للوقوف علي سيقانها

القط الكبير الذي ظنها قطعة لحم واستدار مسرعاً ليلتقطها .. ما ان رأي المشهد . حتي فهم ان قطعة اللحم تلك هي قطٌ مثله مولود لتوه . فتجمد في مكانه .. ! 

وحالة الذهول الوجودي .. الذي اكتسي وجهه . لم أشاهد مثلها من قبل علي وجه انسان .. ! .

 ---

3 - عند القطط لا يوجد اغتصاب للأنثي . بل عند الانسان

والجنس مرتبط بموسم الاخصاب عند كل أنثي .. والهرمون الصادر عنها يعرفه الذكور . فيفهموا الأنثي المهيئة للمواقعة الجنسية دون غيرها – موسمي فقط -  يقترب منها القط الذكر بأدب وبلطف متودداً اليها . فان لم تسمح له . انصرف

وذات يوم وجدت عدداً كبيراً من القطط , في حالة جري سريع جداً . كما لو كانوا في سباق ! واتجه الركب الي خلف العنبر للشريط الواقع قرب سور السجن ..

دفعني الفضول لتتبعهم لمعرفة ايه الحكاية !

فاذا بهم ذكور كثيرون يتسابقون للفوز بمضاجعة أنثي واحدة - كانت في موسم الاخصاب الخاص بها - . ولما جرت مسرعة بعيداً انطلقوا جميعاً خلفها .. وهناك وقفت هي وظهرها لحائط المبني .. ووقفوا جميعاً حولها . لا شجار بينهم . ولا أحد حاول اغتصابها .. اطلاقاً

وطال الوقوف بعض الوقت . فبدأوا ينصرفون قطاً تلو آخر .. كل من يتملكه اليأس ينصرف ..

حتي بقي قط واحد ., لم يهجم عليها ليغتصبها. بل راح يتودد لها بالنظرات ويستسمحها بالمواء الخافت .. حتي قبلت .. بدون اغتصاب كما يحدث بكل دول عالم البشر المعتزين والمتفاخرين بما يسمونه " انسانيتهم .. " وما أجلها من انسانية ! تصل ببعض الحالات للاغتصاب الجماعي للأنثي .. وأحيانا بميدان أو شارع عام – قد يكون علي بعد شارعين فقط من مبني الوزارة المسؤولة عن حماية الأمن والنظام

من ذا الذي علم القطط وأدَّبها وهذَّبها هكذا ؟! .. لا يمكن أن يكون لهم رُسُلٌ وعقائد منسوبة للفضاء الخارجي . لا يمكن .. وإلا.. لتساووا في الهمجية معنا نحن بنو البشر ..  

----------------------

--------- 

 

تعليقات