كتابات مختارة - أميركا: وداع رئيس واستقبال رئيس
عبدالله بن بجاد العتيبي - كاتب سعودي
صحبفة الشرق الأوسط - لندن - 27-12-2020
أميركا: وداع رئيس واستقبال رئيس
انتقال السلطة في الولايات المتحدة محكوم بقواعد ثابتة يحميها الدستور وتراقبه السلطات المتعددة داخلها، وهي ليست بأي مقياس جمهورية موازٍ يتم التلاعب بها من قبل هذا الطرف أو ذاك، ولذلك فسيكون انتقال السلطة فيها سلسلاً مثلما كان دائماً.
الانقسام التاريخي الذي تشهده أميركا منذ سنوات يثير شكوكاً متصاعدة عن إمكانية حدوث ما يعكر صفو الأمن هناك، إنْ لأسباب داخلية أو خارجية، وفي كلتا الحالتين فسيظل الأمر مثيراً وجديراً بالمتابعة.
مرحلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحاجة لإعادة نظرٍ وتأملٍ وهي ستبقى مرحلة للدراسات والبحوث القادرة على الإحاطة بكل أبعادها. فهو في أربع سنواتٍ تمثل ولاية واحدة استطاع تحقيق إنجازات داخلية وخارجية لم يكن ممكناً لغيره تحقيقها. وهو وإن هاجمه الإعلام وعاداه اليسار وأقر بقسوة تعاملاته الكثير، فإنه استطاع التقليل بشكل ظاهرٍ من الانحراف الذي قاده سلفه في سياسات وتوجهات أميركا.
أوباما كان رئيساً مهماً لأميركا، وقد أراد عن وعي تغيير وجه أميركا في العالم إلى الأبد، فترك حلفاءها ودعم أعداءها وأراد تغيير جلدها وهويتها ومكانتها في العالم، وكان من منطق التاريخ وطبيعة الأشياء أن تأتي أميركا برئيس قوي يواجه تلك الانحرافات فكان الرئيس ترمب.
يمكن هنا استعراض شيء قليل من إنجازات الرئيس ترمب، التي يقف على رأسها استعادة مكانة أميركا وقوتها وصورتها حول العالم مع إصلاح ما أمكن إصلاحه.
من منجزات ترمب في منطقة الشرق الأوسط أنه عمل ضمن خطة استراتيجية واضحة سعت لمواجهة خصوم أميركا وإعادة ترتيب الأوراق، فهو فرض عقوباتٍ قاسية ضد النظام الإيراني الذي يمثل الداعم الأكبر للإرهاب في العالم، وقد ظهرت آثارها على هذا النظام ضعفاً وتفككاً وخسائر لا تعد ولا تحصى، وقد أصبحت الاختراقات الأمنية وتنفيذ الاغتيالات داخل إيران حديث العالم وحديث الإيرانيين أنفسهم الذين بدأوا بإظهار التبرم والغضب من الضعف الطارئ على هذه الأجهزة التي يفترض بها حماية النظام، كما أن ترمب نجح في خلق مسارٍ للسلام بين إسرائيل والدول العربية بدأ بالإمارات والبحرين وامتد للسودان والمغرب، بمعنى أن ترمب صنع تاريخياً جديداً في منطقة شديدة الاضطراب في العالم، ومسار السلام مسارٌ سيواصل فيه من دون شك الرئيس المنتخب جو بايدن، فهو نجاح لأميركا كدولة، وليس نجاحاً لفردٍ معين أو لحزب لوحده.
طوى الرئيس ترمب المراحل وسعى لتصفير العديد من المشكلات الكبرى، ودعم حرب التحالف العربي في اليمن، وأقنع بعض الأطراف في التخلي عن دعم الحوثيين، كما رفع السودان الجديد من قائمة الإرهاب، واعترف بالصحراء المغربية خالصة للمملكة المغربية، وقد سبقه لهذا عدد من الدول العربية، وكذلك فقد قضى على قوة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وفكك التنظيم وقام بتصفية زعيمه أبو بكر البغدادي، كما قام بتصفية أكثر رجال الشرق الأوسط شراً وهو الإيراني قاسم سليماني، وسيبقى التاريخ شاهداً وحاكماً على الجميع.
-----------------
تعليقات
إرسال تعليق