مختارات - نشاز في زمن الكورونا
للكاتبة : لطيفة الحياة - باحثة وكاتبة مغربية
من موقع الحوار المتمدن يوم 5-3-2021
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
--- نص المقال :
خرجت أنا وزوجي مساء أمس الأربعاء من أجل تبضع بعض الأغراض من السوق. نزلنا من السيارة متجهين نحو مدخل أحد أسواق سبرينغفييلد ماساشوست.
الغريب هو أنه كلما مر بي أحد، نظر إلي. تجاهلت الأمر في البداية واكتفيت بأن فسرته بتفسير يرضي غرور كل أنثى: طبعا لطيفة جميلة ورشيقة وملفتة للنظر. ربما هذا هو سحر الجمال المغربي الذي يتحدثون عنه في بلدنا كلما اردنا أن نستعرض عضلاتنا على بقية الجنسيات. يقولون ان المغربيات لهن تأثير على العالم بأسره. ويضيفون أن للمغربيات جاذبية حيثما حللن. اذن، مادام تأثيرنا وسحرنا بلغ هذه الدرجة، فيحق لي أن أردد معهن العبارة الفيسبوكية (مغربية وافتخر).
واصلت تبضعي وانا مزهوة بنفسي ومفتخرة بمغربيتي وسحري، إلا أنه مع تزايد عدد الناظرين المبحلقين، لم يعد عقلي مقتنعا بتفسيري الانثوي القومي الجغرافي. تساءلت في قرارة نفسي عن السبب الحقيقي.
هل فعلا لهذه الدرجة انا جميلة وجذابة حتى اشد انتباه الناظرين؟؟؟؟
الهذه الدرجة ابدو مختلفة عن زبناء المحل ؟؟؟؟
هل انا هي جميلة السوق هذا المساء؟؟
وهل وهل ؟؟؟؟
تابعت تبضعي محاولة تجاهل الأمر ، لكن هيهات هيهات مازالت النظرات تلاحقني. فما أن اتجهت جهة الأسماك، حتى انتبهت أن المغربية الجميلة والرشيقة نسيت وضع الكمامة.وأن سر سحرها وجاذبيتها هو انها الوحيدة وسط هذا السوق من تمردت سهوا وليس عمدا على كورونا. ما كان من الساحرة إلا أن سارعت باخراج الكمامة من جيب معطفها ثم ارتدتها.
المضحك أن زوجي الذي يرافقني كان يضع كمامة ولم ينتبه أنني أرافقه دون كمامة على الرغم من أنه لا يتوانى عن تذكيري بلبسها قبل النزول من السيارة.
هكذا إذن، ما ان ارتديت الكمامة حتى فقدت المغربية الجميلة جمهور المعجبين بمنظر فتاة تتجول بوجه مكشوف، تضع كحلا وأحمر شفاه.... فمن كان منا يتوقع أن يحدث هذا كله؟؟؟
من كان منا يتوقع ان يصبح الوجه المكشوف الملامح نشازا عند الناس في حين تصبح الكمامة هي المنظر الطبيعي؟؟؟؟
من كان منا يتوقع ان نتطبع مع الكمامة في ظرف سنتين في مقابل ان نتنكر لعمر طويل من دون كمامة؟؟؟؟
انه الخوف يا سادة...
الخوف الذي هو أشد خطورة من كورونا...
الخوف الذي جعلنا نتطبع مع الكمامات رغم أننا غير مقتنعين بها.
----- تعليق إدارة المدونة : والخوف له ما يبرره . ليس مجرد وهم . فمنجل الموت يحصد بالآلاف . من مختلف دول العالم - من أغناها وأكثر تقدماً , كما من أفقرها وأكثرها تخلفاً . بدون تقريق ..
--------------
تعليقات
إرسال تعليق