في مثل هذا اليوم منذ 4 سنوات ماذا كتبنا ؟ - بدون قطع يد السارق

 
ذكرنا أدمن الفيسبوك . بمقال كنا قد أضفناه منذ 4 سنوات . في مثل هذا اليوم من ابريل  عام 2012 :
ويومها كنا قد نشرناه بموقع الحوار المتمدن . كالآتي :

                             مذكراتي في كندا 17 – بدون قطع يد السارق ! -
صلاح الدين محسن الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22

ببلادنا العربسلامية . رأيت كثيرا صناديق تبرعات للمساجد . ولكنها تكون مغلقة ولا يوجد بها سوي فتحة صغيرة بأعلي الصندوق تسمح فقط باسقاط التبرعات , والصناديق تكون مقفولة بالأقفال . وأحيانا تتعرض تلك الصناديق للسرقة .. وهي بداخل المساجد ..! .
لا أظن أن البلاد التي تقيم حد قطع يد السارق – كالسعودية والسودان والصومال وأفغانستان وايران – فيها من الأمان . ما يشجع علي امكانية أن يضعوا في مكان عام . صندوقا للتبرعات . بدون سقف وبلا قفل ..!
ولكن هذا ما رأيته في مونتريال بكندا . حيث لا تقطع يد السارق , ولا يطبقون شريعة قطع يد السارق
في متحف الفنون الجميلة في مونتريال ( المتحف في حد ذاته . يستحق حديثا خاصا به . سيكون في حلقة ) ..
زرت المتحف بصحبة صديقة من أصل أوروبي . و في ذاك اليوم , كان مزدحما , لوجود معرض كبير لفنانين عالميين ..
بعدما قضينا وقتا طويلا , نتنقل بين الأدوار والقاعات .. عند خروجنا للانصراف . وجدت في باحة الطابق الأرضي . صندوقا زجاجيا شفافا . مساحته تزيد قليلا عن المتر ونصف المتر . وليس له غطاء اطلاقا .. علي بعد حوالي 6 أمتار من موظفات وموظفي الاستعلامات الشابات والشبان , و لا أحد يراقب الصندوق .. وهو مملؤ بالعملات النقدية من فئات مختلفة ..
لو أن أحد زوار المتحف مد يده وأخذ قبضة نقود , أو اكثر , مما بالصندوق , لما اعترضه أحد . ولكن لا أحد يفعل ..
أمان .. أمان .. . وبدون تطبيق عقوبة قطع يد السارق ..
مازحت صديقتي وقلت لها " أفكر في أن آخذ لي قبضة من تلك الأوراق المالية " فضحكت .. فكرت أن أعملها تجربة لأعرف رد الفعل .. ثم عدلت عن الفكرة , اذ تذكرت واقعة حدثت أمامي من قبل – قام بها شاب شرقي - . فعرفت أن من قد يرونني لن يفعلوا أكثر من الابتسام المستنكر برقة , والمندهش بلطف , دونما كلام , ولو تدخل أحد الموظفين , فسيكون تدخله بأدب شديد . قائلا برفق " مسيو .. مسيو ( يا سيد ) من فضلك هذه تبرعات للمتحف , وسيمد يده برقة ليأخذ ما معي , دونما نظرة جارحة وبلا لفظ مهين .... " .
----
وفي حديقة " بوتنك جاردن" في مونتريال ( هي حديقة شاسعة للغاية , و تضم عدة حدائق بداخلها ) سرنا طويلا أنا وصديقة لي , ووصلنا الي منعطف خالي من الناس , ويوجد فيه مجري مائي صغير وسط الأشجار والزهور . عمق الماء فيه لا يزيد عن 25سم - فوقه جسر قصير جدا 3 أمتار فقط - توقفنا فوق الجسر لنتأمل جمال الأشجار حوله , ورقة جريان الماء. فوجدت الزوار . قد ألقوا فيه بقطع نقود معدنية من فئات مختلفة . تقدر بعشرات الدولارات .. ولكن لا أحد يمد يده . لما هو مشاع . ألقاه الناس , ويمكن لأية يد أن تطوله , خاصة وأن المكان في أغلب الوقت يكون بعيدا عن الأعين .
أمان .. أمان .. أمان .. وبدون تطبيق عقوبة قطع يد السارق ....
---
وفي " بلاز فيرتي " ( مجمع أسواق , ومحلات ومطاعم ) كنت ذاهبا لشراء بعض احتياجاتي . وقفت لأتأمل نافورة جميلة بأحد ي الساحات الموجودة بالمجمع . فوجدت المارة قد ألقوا في الماء بقطع من النقود المعدنية كلها من " السنت " - أقل وحدة في الدولار الكندي - . ولكنها كمية كبيرة . يمكن تقدرها بخمسين دولارا .. ( يبدو أن الكنديين يلقون بتلك العملات النقدية جلبا للحظ أو للتوفيق والسعادة في الحب - اعتقاد - ) و يمكن لمن يريد , أن يمد يده ويجمعها وفي دقائق قليلة .. ولكن لا أحد يفعل ذلك .
عفة .. أمان .. أمان ... وبدون تطبيق عقوبة قطع يد السارق ..
---
عندما تتحقق العدالة الاجتماعية والأمن الغذائي .. فما هي الحاجة لقطع يد السارق ؟!
فنسبة السرقة والسارقين حينئذ . ستكون أضأل من أن تقام لأجلها عقوبة فظة خالية من الرحمة كمثل تلك العقوبة ..
وحتي لوغابت العدالة الاجتماعية . وافتقد الناس الأمن الغذائي .. فمن الظلم تطبيق مثل تلك العقوبة البشعة - قطع يد السارق - . فللسارق عذر.. في ظل غياب العدالة الاجتماعية , وافتقاد الأمن الغذائي .
أي : في كل الحالات لا يوجد مبرر لتطبيق عقوبة فاقدة للرحمة وللانسانية.. اسمها " قطع يد السارق " .

ومن الغريب العجيب انه لا تعلو أصوات للمطالبة بقطع يد السارق , سوي بالبلاد التي يحدث فيها ما قاله " جبران خليل جبران " :
" وسارق الزهرة مزموم ومحتقر *** وسارق الحقل .. يدعي الباسل , الخطر ! " .
**************   منظر من حديقة " بوتنك جاردن " - مونتريال :                                 

 

تعليقات