المهدي المنتظر في الزراذشتية
عقيدة المهدي المنتظر في الزراذشتية ( مثلما فيها أيضاً : الاسراء والمعراج - معراج ناما ) .
من الفيسبوك - موقع : ليلى حسن ,الأديان, الميثولوجيا و التاريخ.
====
عقيدة المهدي المنتظر في الزرادشتية.
سوشيانت: الخلاص الزرادشتي!
بحث: نبيل فياض وغسان حمدان
صور: ليلى حسن
..............................................................
ثمة طريقان إلى النهاية ضمن الزرادشتية: نهاية الإنسان كفرد ونهاية العالم ككل. والإثنان مترابطان عبر الدينونة: الدينونة الفردية للنفس وحدها، والدينونة الشاملة بعد القيامة للنفس والجسد معاً. الفرد يُدان اعتماداً على أعماله أو أعمالها، فينتهي أو تنتهي في الجنة أو الجحيم بحسب تلك الأعمال. لكن ثمة دينونة شاملة نهائيّة يقرر عبرها مصير العالم.
بحث: نبيل فياض وغسان حمدان
صور: ليلى حسن
..............................................................
ثمة طريقان إلى النهاية ضمن الزرادشتية: نهاية الإنسان كفرد ونهاية العالم ككل. والإثنان مترابطان عبر الدينونة: الدينونة الفردية للنفس وحدها، والدينونة الشاملة بعد القيامة للنفس والجسد معاً. الفرد يُدان اعتماداً على أعماله أو أعمالها، فينتهي أو تنتهي في الجنة أو الجحيم بحسب تلك الأعمال. لكن ثمة دينونة شاملة نهائيّة يقرر عبرها مصير العالم.
يؤمن الزرادشتيون أن العالم سيستمر 12 ألف سنة، تنقسم إلى أربع حقب متمايزة عن بعضها. في الحقبة الأولى يكون الخير والشر منفصلين، في الحقبة الثانية يغزو الشر العالم الخيّر، أما في الثالثة فتستعر أوار الحرب بين القوتين. يعتقد الزرادشتيون أن الحقبة الأخيرة بدأت بولادة زرادشت وما تزال مستمرة. في السنوات الثلاثة آلاف الأخيرة يتوقع الزرادشتيون ظهور ثلاثة مخلصين بين المخلص والمخلّص الآخر ألف سنة. يدعى الأول أوشيدار، أي “الخيّر”. وهذا سيولد من عذراء وهو أيضاً من نسل زرادشت الذي تحفظ نطفته في إحدى البحيرات؛ وحين تأتي عذراء بعمر الخامسة عشرة للإستحمام تتلقح من تلك النطفة ويولد بالتالي المخلّص الأول.
فبحسب اليشت الثالثة عشرة، المقطع 62، من الأفستا؛ نقرأ: « لم يمت زرادشت وبقيت نطفته، إذ يحرسها 999999 من الأخيار والصالحين . وذات يوم، عند نهاية الزمان، ستحبل فتاة عذراء من هذه النطفة وسيولد شخص من هذه العملية ينتصر على الشرور وينقذ العالم». واسم هذه الفتاة العذراء “إِرِدَت فِذري”. وتذكر الأفستا اسمي فتاتين ثانيتين؛ هما “سروتَت فِذري” و“وَنغهوفِذري”. تحبل هذه الصبايا بنطفة زرادشت ويولد ثلاثة موعودين من هذا الحمل الإعجازي. أما اسم آخر مخلوق فهو“أَستوَت إرِتَه” حيث تبدأ قيامة الأموات بظهوره وينتهي العالم المادي. ويكون هذا المخلوق المخلوق الأخير لأهورا مزدا إله الخير عند الفرس.
لقد جاء في كتاب بندهش أحد الكتب الزرادشتية المكتوبة في القرون الإسلامية الأولى والذي يمتلئ بالقصص والروايات الأسطورية - منذ بدء الخليقة حتى قيامة العالم- من وجهة نظر الديانة الزرادشتية، أنه كان للنبي زرادشت ثلاث نساء. وأنه ذهب ثلاث مرات إلى نسائه وضاجعهن ولكن حيواناته المنوية كانت تسقط على الأرض لأنه هناك اعتقاد بولادة ثلاثة أطفال من هذه الحيوانات المنوية عند قيامة العالم. وكما أشرنا، فإنه في نهاية الإثني عشر ألف سنة من عمر العالم ستغتسل عذراء باسم “أَرِدَدبد” [ نلاحظ تغيّر الأسماء هنا] في بحيرة “كيانسه” وستحبل من نطف زرادشت ومن ثم سيولد سوشيانت المنقذ.
ويقول ابراهيم پور داود حول ظهور الموعودين في المذهب الزرادشتي: « ونقول الآن إن ايزد نريوسنك (رسول اهورا مزدا) سيحمل نطف زرادشت من على الأرض ويسلم أمانته لناهيد ملاك الماء لكي تحفظها في بحيرة كيانسو (هامون) ويحرس (99 ألف و999) شخص من الأخيار والصالحين هذه النطف لكي لا تقع بيد قوى الشر (الغيلان) الذين ينوون إزالة هذه النطف».
حين يصل المخلّص الأول إلى عمر الثلاثين، تتوقف الشمس في وضعية الظهيرة عشرة أيام. هذا يحصل قبل أن تهاجم الشمس عالم الكمال. مع مجيء المخلّص تسود بعض أفعال الخير وسوف يعيش الناس ثلاث سنوات بانسجام وسوف تتحسن الظروف ويبدأ إصلاح الكون. وسوف تفنى بعض المخلوقات المؤذية التي تنتمي لقوى الشر، مثل الذباب.
المخلص الثاني يدعى أوشيدار- ماه ويولد بالطريقة ذاتها. ستقف الشمس عشرين يوماً هذه المرة وسوف يستمر الإصلاح ست سنوات ويفنى المزيد من الكائنات الشريرة. سيزداد اقتراب الجنة الأصليّة وحالة الكمال التي كانت للعالم في البداية. يتوقف الناس عن أكل اللحم ويصبحون نباتيين ولا يشربون غير الماء. لكن هذا لن ينهي الشر، فسوف يعاود الظهور بشكل أزهي داهاكا ( أو زاهاك = ضحاك)، وهو وحش كان البطل ثرايتاونا ( تهمورِث ) قد انتصر عليه وسجنه على قمة جبل دَماوَند. لكن الوحش ينجو، فيغزو العالم ويؤذي العناصر المقدّسة، أي النار والهواء والخضرة. يقوم بطل آخر هو كيريسابا (جمشيد) ويخلّص العالم من هذا الوحش وتتناقص من ثم قوة الشر. مع ذلك يخطط أزهي داهاكا للنجاة.
في المرحلة الثالثة والأخيرة، يتم تخيل المخلّص الأخير سوشيانت بالطريقة ذاتها حيث نراه يهزم في نهاية الأمر كل قوى الشر. ويصل العالم إلى حالة كمال مع هزيمة نهائية للمرض والموت وكل قوى الشر والفوضى. ويقيم سوشيانت الموتى من حيث ماتوا. ويساق الناس جميعاً إلى مكان الدينونة حيث يشهدون أفعالهم الخيرة والشريرة. سيذهب الأشرار إلى جهنم والأخيار إلى الجنة ثلاثة أيام وثلاث ليال. الدينونة الأخيرة للفرد لا تتضمن غير النفس، في حين أن الدينونة العامة تتعلق بالنفس والجسد، أي أنها تتضمن قيامة الجسد. والبشر ككائنات كاملة يجتازون اختبارات عديدة، مثل العبور في معدن منصهر. ينسكب المعدن الحار على الأرض منقيّاً إياها ومعيداً إياها إلى حالة كمال وتوحد. ويجتاح جدول المعدن المصهور الأرض حاصداً الناس ومحولهم أطهاراً ومتناسقين أيضاً. أما منحة الخلود فتعطى حين يحتفل سوسشيانت، بوصفه كاهناً، بالذبيحة النهائية حين يموت الحيوان الأخير، الثور، لخدمة الإنسان. ومن شحم الثور والهَوما (مشروب الزرادشتيين المقدّس) الميثولوجيّة من البحر الكوني يتم تحضير أكسير الأبديّة. سيركض أهريمن وأزهي إلى جهنم كي ينجوا وسيدمّر المعدن المصهور جهنم وأزهي. أما أهريمن فيضحي عاجزاً ومن ثم يمحق. مع استواء الأرض واسترداد البشر وحدتهم الأمثوليّة للجسد والنفس تصبح البشريّة من جديد الوحدة التامة للروح والمادة التي نواها الله أصلاً.
وقرب البحيرة إياها، ثمة جبل باسم جبل الرب، يعيش في سفوحه قوم من الموحدين والأتقياء. وفي كل ربيع وبالأخص في عيد النيروز يرسلون بناتهم كي يستحممن في البحيرة. وعندما يقترب وقت ظهور الموعود هوشيدر، ثلاثون سنة قبل شروع ألفيته يعني ثلاثين عاماً قبل انتهاء الألفية العاشرة ، ستستحم عذراء ذات 15 ربيعاً من عائلة وَهوروتش أو بهروز بن فريان والذي تعود أصوله إلى ايسدواستر، ابن زرادشت، في البحيرة، وستتجرع رشفة من الماء وتحبل فورا.
سوشيانت: المعنى وتفاصيل أخرى
لقد تم تعريف المنجي الموعود في الأفستا، كتاب الزرادشتيين المقدّس، المسمى بسوشيانس عادة، على أنه «المخلص والمنقذ». وقد وردت هذه المفردة في اللغة البهلوية بلفظ سوشيانت وسيوسوش المشتقتين من كلمة “سود” بمعنى الفائدة والانتفاع.
وردت هذه الكلمة في الأفستا، بلفظ سئوشيانت (Saoshyant) ؛ أما في البهلوية، اللغة الفارسية القديمة، فنجدها بأشكال مختلفة نذكر منها: سوشيانت، سوشيانس، سوشانس، سوشيوس أو سيوشوس.
وقد وردت كلمة سوشيانس بصيغتي المفرد والجمع في «الجات» أو أناشيد زرادشت النبي. وفي عدد من آيات “الجات”، يطالعنا لقب لزرادشت، في صيغة المفرد، سوشيانت، بمعنى المنقذ أو المنجي. ويمكننا أن نشير إلى هذا المثال:
«متى سندرك، يا مزدا ويا أشاكه، يا من أنت ماهر وقادر على من يبغي قتلي؛ فإن جزاء امرؤ طيب القلب، يجب أن نطلع عليه جيداً؛ لذلك يأمل المنجي (سوشيانت) أن يطلع على قدره».
وقد ذكر سوشيانت ثلاث مرات بصيغة الجمع، في إحداها: «يا أهورا مزدا! إن طريق الحُسن الذي أريتني إياه، لهو طريق المنقذين (السوشيانتيين)».
يبّين من هذه المقاطع أن الاعتقاد بموعود آخر الزمان والذي سينقذ العالم من براثن أهريمن ويعود على البشر بحياة آمنة، كان متجذراً عند الإيرانيين القدماء وربما ينسب إلى مؤسس دين مزديسنا نفسه.
وفي أجزاء أخرى من الجات، حيث ترد كلمة سوشيانت بصيغة الجمع، يكون المقصود بالأمر أصحاب الدين. بعبارة أخرى، إن قادة الدين وخلفاء زرادشت والأبرار والزهاد الذين ينفعون الناس ويهدونهم إلى الطريق القويم ويمسون عاملا للفلاح والسعادة ويزيلون الشوائب عن الدين، يسمون بالسوشيانيين.
وفي أجزاء أخرى حيث ترد المفردة أيضاً بصيغة الجمع، يكون القصد هو الموعودين الثلاثة في مذهب مزديسنا (الزرادشتية) أو أبناء زرادشت المستقبليين، والذين سيظهرون أخيرا ويقومون بإحياء المذهب الزرادشتي وتحديثه ويعمّرون العالم المتلف والمدمر، ويجعلونه جديدا نشطاً .
على كلٍ فإن التفسير الأدق لسوشيانس موجود في أجزاء أخرى من الأفستا، حيث يكون المنقذون ثلاثة أشخاص: 1. اوخشيت ارته، وهومن ينمي القانون المقدس 2. اوخشيت نمنغه، وهو من يقيم الصلاة 3. استوت ارته، وهو الشخص الذي يصل الناس من شعاع نوره إلى الحياة الفانية. ولكن في كتب الروائية البهلوية الأخرى هناك أسماء أخرى للموعود الأول والثاني والثالث.
وجاء بعض من تنبؤات زرادشت حول ظهور وعلائم سوشيانس في كتاب «بهمن يشت». وفي الجزء الأخير من كتاب «زندبهمن يَسن» والذي هو شرح وتفسير للأفستا، تمت الإشارة إلى ظهور مصلح عالمي ونهاية حكومته بفعل يوم الحساب: «إذاً سيطهر سوشيانس الخلق مرة أخرى ويكون آخر شخص ليوم الآخر.» ويقول إن القصد من سوشيانس هنا، هو آخر منقذ لمذهب الزرادشتي.
وبتصريح الأفستا فإن زرادشت ليس أكبر سوشيانس وآخر المنقذين، بل استناداً على هذا الجزء، هم أشخاص يقومون بتحديث العالم ويجعلون البشر خالدون. في ذلك الوقت ينبعث الأموات مرة أخرى وينقشع الموت عن الأرض؛ يظهر سوشيانت ويجدد العالم كما يحلو له.
عندما يسأل گشتاسب الملك عن كيفية ظهور سوشيانس وإداره العالم، يشرح جاماسب الحكيم، تلميذ زرادشت أن: «سوشيانس سيروج الدين في العالم، ويزيل الفقر والشظف، وينقذ الآلهة من جور أهريمن، ويوحد فكر وكلام وعمل شعوب العالم».
وفي كتاب «الزند»، الذي يعتبر من كتب الزرادشتين المقدسة، وبعدما يتم الكلام حول شيوع الفساد في آخر الزمان ويتم التذكير بأن القوة والمجد سيكونان مع أتباع أهريمن الشرير، نقرأ:
عندها ينجد أهورا مزدا الآلهة، وسيكون الانتصار العظيم للآلهة وينقرض الأهريمنيون... وبعد انتصار الآلهة ودحر نسل أهريمن، سيصل العالم إلى سعادته الأساسية، وسيجلس البشر على أريكة السعادة ...
من الفيسبوك - موقع : ليلى حسن ,الأديان, الميثولوجيا و التاريخ.
====
تعليقات
إرسال تعليق